عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
1132
 
عبد الكريم الزين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الرابعة الألفية الثالثة وسام الإبداع الألفية الثانية التواصل الحضور المميز الألفية الأولى 
مجموع الاوسمة: 8


عبد الكريم الزين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
14,144

+التقييم
11.32

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
16516
04-16-2021, 01:56 PM
المشاركة 1
04-16-2021, 01:56 PM
المشاركة 1
افتراضي هل الصوم مقتصر على المسلمين؟
يلاحظ الباحثون في تاريخ الحضارات القديمة أن ظاهرة الصوم كانت حاضرة بقوة بين مختلف الشعوب، وفي القرآن الكريم نجد أن الصوم كان مكتوبا على الأمم من قبل أمة الإسلام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة البقرة الآية 183.
وقد عرفت الحضارة الفرعونية ظاهرة الإمساك عن الطعام مدة شهر كامل من السنة كمعطى أساسي من مقومات الصحة، لأنها أولت اهتماما خاصا لكل ما يزيد من مناعة الأجسام بالإضافة لحضور البعد الروحي المتصل بالآلهة، وكان للفراعنة يوم يعرف بالعيد الأكبر يخلدونه بعد انتهاء شهر القطيعة مع الطعام. ويزيد الرهبان على الصيام الذي تمارسه العامة، فيواصلون أسبوعا أو أكثر دون مشاركة في مراسيم العيد الأكبر.
وقد عرفت الحضارة الإغريقية عادة الصيام، نتيجة لسجالات أخرجت علاج الأمراض من دائرة التعاويذ إلى نظريات فلسفية تتجسد في معالجة الجسم والروح بالابتعاد عن الطعام فترة معينة. وكان للإغريق آلهة متعددة فيصومون لكل رب أياما، ويعتبر الفلاسفة أكثر الناس فعلا لهذه الظاهرة. وقد نصح أبقراط المرضى باتخاذه وسيلة للعلاج من الأمراض لأن فيه الصحة الجسدية والنفسية والفكرية.
وغير بعيد عن نظرة الفلاسفة اليونانيين لفوائد القطيعة مع الطعام، تنظر الحضارة الهندية إليه نظرة تعطي للجانب الصحي أولوية، فتعتبر أنه يمنح القوة والقدرة على المقاومة. وتُصنِّفُ الحضارة البوذية الصوم بأنه جوهر التعبد، وقد اشتهر به بوذا وكان يقول "إذا أردت لروحك أن ترتقي فابتعد عن متعة الجسد"، وعلى الإنسان أن يمكث سبعة أيام في المعبد عندما يريد ممارسة شعيرة الارتقاء بالروح إلى المقامات العليا.
ورغم أن الصوم موجود في الحضارات القديمة فإنه ليس هنالك زمان محدد لبداية نشوئه . ويتفق الباحثون والمؤرخون على أن الصوم ظاهرة متجذرة في الحضارات القديمة، مما يدل على الأصل الديني المشترك للشعوب والتحريف الذي طال الديانات السماوية عبر العصور.
تتقارب الأديان الإسلامية واليهودية والمسيحية في الإقرار بعبادة الصوم وتصنيفه وسيلة للتقرب إلى الله عز وجل، واتخاذه مطية للترفع عن شهوات الجسد من أجل الرقي بالروح إلى ذروة الإيمان، لكنها تختلف في ماهيته وحقيقته وكيفيته.
يَعتبر اليهود أن ممارسة الطقوس الدينية المتعلقة بالصوم بدأت أيام نبي الله موسى عليه السلام، وفي التوراة يوجد يوم مخصص للامتناع عن الطعام والاشتغال بالصلوات وهو العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الذي يسمونه اليوم الأكبر.
في حين يَعتبر المسيحيون أن الصوم وصية إلهية ينبغي التقيد بها، ويقوم به الإنسان عندما تكون له رغبة في التقرب من الله، ولا يعني الانقطاع الكامل عن الطعام طيلة النهار، وإنما تجنب اللحوم ومشتقات الحليب. وعلى من شعر بالحاجة للغذاء أن يتناول الأعشاب وقوت الفقراء الذي يجعل الإنسان يشعر بحاجة الآخرين فيزيد ذلك من تواضعه.
ويقسم المسيحيون شعيرة الصيام إلى أربعة أنواع، صوم الحَواريين والكاريم وكلاهما في شهر يونيو/حزيران، والعذراء في شهر أغسطس/آب، وإمساك قبل الاحتفالات المخلدة لعيد الميلاد. لكن هذه الأنواع اختفت من ثقافة أتباع المسيحية بفعل المذهب الكاثوليكي الذي يخلد صوم الكاريم فقط.
يُعتبر المسلمون أكثر الشعوب أداء لعبادة الصوم في الوقت الراهن، ولا تزال طقوسه حاضرة يتبعها المسلمون منذ أن فُرِضَ عليهم أيام الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وله فترة محددة بشهر كامل.
أثبتت النصوص الدينية والكتابات التاريخية أن ظاهرة الصوم متجذرة في الحضارات القديمة منذ أن عرف الإنسان للحياة سبيلا.
ويعتقد اليهود أن غاية الإمساك عن شهوة الطعام تجسيد للعلاقة بين الذات والله وذوي القربى.
وتتجلى حاجته عند المسيحيين في أنه سمو للإنسان بجسده إلى خالقه، ويساعد على مصالحة الإنسان مع إخوته لأنه يشعر معهم بالتعب والحاجة.
ويتميز الإسلام بأنه يَعتبر المقصد الأساسي للصوم هو التقوى كما يقول القرآن الكريم "لعلكم تتقون"، لأن اتقاء الخالق يترتب عليه تغيير في السلوك النفسي والاجتماعي.
وينْظُر الإسلام لهذه العبادة على أنها عمل متصل بالله عز وجل، كما في الحديث القدسي "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي".
وفي نصوص الدين الإسلامي تُعتبر هذه العبادة وسيلة للنجاة من الجحيم كما في الحديث الشريف "الصوم جُنة من النار".
واستنادا لمعتقدات الشعوب المختلفة وحضاراتهم المتباينة يُصنف الصوم على أنه قيمة إنسانية وكونية ينتزع القوة من الضعف، ويرسم معانيَ من التواضع والتعاطف، فتعيش منه الشعوب الدواء والعطاء والارتقاء.
- منقول بتصرف -



التعديل الأخير تم بواسطة ثريا نبوي ; 05-08-2021 الساعة 07:29 AM سبب آخر: تصويب كلمة(معانٍ) لتكون: (معانيَ) فلا تُحذفُ ياءُ المنقوص مع النصب