عرض مشاركة واحدة
قديم 01-17-2012, 04:14 PM
المشاركة 203
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الروائي السوري عبد الكريم ناصيف
للوكالة: السياسة قاتلة للأدب.. والفقر سبب رئيسي للإبداع
الاربعاء, 2012.01.11 (gmt+3)
وكالة أنباء الشعر / سورية / زياد ميمان
أديب متعدد الأبعاد ..شرب من بئر السياسة حتى ارتوى لكنه خدم الأدب كثيرا بهذه الارتواء ..حلم كثيرا لكن أحلامه تحطمت مع هزيمة حزيران فقرر الهروب للأدب لأنه وجد فيه متنفساً لمشاعره وعواطفه ...كتب الشعر وأبدع فيه لكنه انشغل عن نشره ... عاش الرواية بتفاصيلها فخطها أدباً قرأه الناس وتعلقوا به ...ترجم بلغة عربية سليمة فعشق القراء ترجمته وهاهو يكتب لقارئ غربي عله يسمع صوتنا بدون شوائب، كتب الشعر والمسرح والرواية إنه الأديب السوري عبد الكريم ناصيف الذي كان لنا معه هذا الحوار
فضلت ديوان المتنبي على ساعة اليد
-سأبدأ معك سن المراهقة والشباب، وهناك حادثة وقصة للمتنبي مع ساعة اليد خاصتك هلاّ رويتها لنا؟
كان ذلك وأنا في سن الثانية عشرة وحصلت على الشهادة الابتدائية ونلت المرتبة الأولى على سورية بنسبة 99.5 % وأقامت لي المدرسة حفلاً تكريميا ً وألقيت كلمة في ذلك الحفل وهذه النتيجة أسعدت والدي كثيراً وقال لي سأهديك ساعة واذهب أنت واشتريها وأعطاني وقتها مبلغ 50 ليرة سورية، وذهبت إلى مدينة سلمية حيث تبعد قريتي عنها 30 كم وقبل أن اشتري الساعة مررت على المكتبة وشاهدت ديوان المتنبي وسألت عن ثمنه فقال 40 ليرة وفعلاً اشتريت الديوان وعدت للبيت وسألني والدي عن الساعة فقلت اشتريت ديوان المتنبي بدلا عنها ولا زلت احتفظ به إلى الآن، ومن يومها والمتنبي رفيقي فحفظت تقريبا نصف أشعاره وأعتقد أن أشعاره كانت الحافز الأساسي لدي لكتابة الشعر فكتبت الشعر وعمري 14 عاماً وأنا عندما أريد أن أخلو بنفسي تجدني مع المتنبي.
ولكن كان لي ظهور اجتماعي قبل ذلك وهو عندما تعلمنا عند شيخ الكتاب في القرية وأنا في عمر 6 سنوات حفظت قراءة القرآن وكانت ختم القرآن وقرر الشيخ أن يقيم لي حفلة لأن ذلك شيء قياسي أنني في 6 شهور وعمري ست سنوات وختمت القرآن وكانت الحفلة رائعة وألقيت كلمة فيها وكبار القرية إلى الآن يذكرونها.

لا أجد متنفساً سوى الشعر
-عرفك القراء من خلال رواياتك الكثيرة لكن لك تجربة شعرية لا تقل أهمية عن الرواية حدثني عنها..
بدأت بالشعر ولازلت أكتب الشعر إلى الآن ،فأي إنسان بحاجة إلى أن يفرغ الشحنة بلحظة معينة وبلحظة شاعرية معينة فلا يمكن أن يقوم بهذا الدور سوى الشعر ويخضع لتأثير مؤثر ما، فمرة كنت أستمع للإذاعة ويقول المتحدث إن الشعب الليبي مخطوف فهذه الكلمة جعلتني أكتب قصيدة عن هذا الموضوع وفيما بعد رواية، وأيضا يوم وقع انور السادات على كامب ديفيد ووقتها تم الاتفاق على إقامة سفارة لإسرائيل في مصر وعندما رفع العلم الإسرائيلي على السفارة قال المذيع إن أصوات صراخ وبكاء النساء العربيات صدح من الشرفات والمنازل المجاورة لمبنى السفارة ووقتها يوم رأت نساء القاهرة هذا العلم وما قمن به من بكاء وصراخ جعلني أكتب قصيدة وكان هذا مؤثراً كبيراً ودافعا لهذه القصيدة فأنا لا أنتظر أن يأتيني الإلهام لأكتب قصيدة أو رواية، لكن هناك محرك ومؤثر كبير يدفعني للكتابة وهي تعبر عن اللحظة وعن مشاعرك وأفكارك في تلك اللحظة وللشعر مكان هام في حياتي حيث أنني لم أنشر إلى الآن أية قصيدة لي إلا بالصحف والمجلات فأول ما نشرت كان عمري وقتها 17 سنة وكانت عن يافا بفلسطين وكان ذلك بمجلة الجندي والشعر رافقني وفي حياتي وخاصة عندما "أزنق" وأحشر في الزاوية لا أجد لي متنفسا سوى الشعر ولدي تجربة طويلة من الشعر وجمعته الآن وبنيتي أن أنشره.
أحد الشعراء السوريين خذلنا
-لماذا لم تنشره إلى الآن مع العلم أن نتاجك الشعري يضاهي نتاجك الروائي وهذا برأي النقاد؟
نعم النقاد وصفوا قصائدي بالمميزة ومن بعض المفارقات التي حدثت معي، كنا بزيارة للصين وفداً عن اتحاد الكتاب العرب فجلسنا معهم وتناقشنا بهمومنا وقضايانا وكان الحضور تقريباً 100 صيني فقام أحد الشعراء الصينيين وأسمعنا بعض القصائد طبعا ترجموها لنا وكان شعرا جميلا وعندما جاء دورنا كان يرافقنا شاعر وله ما يقارب 12ديواناً وطلبت منه ن يقدم قصيدة باسمنا فقال لي أنا لا أحفظ الشعر عندها دهشت مما قال وسبب لنا إحراجاً مع الإخوة الصينين وخذلنا خذلاناً شديداً حيث لم يكن بين الوفد سواه شاعر ولكنني في تلك الليلة لم أنم أبداً حتى كتبت قصيدة وفي اليوم التالي قلت لهم سنسمعكم قصيدة شعرية بلغتنا ثم ترجموها ونشروها في المجلة وشعرت أننا حفظنا ماء وجهنا بها.
شغلتني السياسة
لنعد إلى سؤالنا .. لماذا لم تنشر الشعر ؟
إن انشغالي بالسياسة جعلني لا أفكر بنشر الشعر وكنت أقول إنه لازال الوقت مبكرا على النشر ووقتها انشغلت بالحزب وتسلمت بعض المناصب فلم أستطع التفرغ لإبداع للشعر والأدب ولكن بعد أن تركت السياسة وقررت التفرغ للأدب كانت الرواية هي التي في ذهني وهذا الكلام في عام 1970 فكنت أحضر مواد حتى تكون أرضية للرواية وفعلا كتبت رواية الحلقة المفرغة وأصبحت جاهزة للطباعة حيث كان منضداً منها 80% ولكن حدثت ظروف معينة وأوقفوا الطباعة وسحبوها من المطبعة وبقيت حتى عام 1984 حتى طبعت
-هذه الرواية كان المؤثر الحقيقي لها هو امرأة فلسطينية، ما قصة هذه المرأة حتى جعلتك تكتب رواية ؟
كنت من خلال عملي على علاقة مع الوافدين العرب إلى سورية وهذه طبيعة عملنا آنذاك، وكانت في سورية امرأة فلسطينية وتحوم حولها بعض الشبهات وأوقفها الأمن وطُلب مني أن أقوم بمحاورتها حيث كانت تقيم بالفندق وكنت أتردد لعندها بشكل دائم حتى نأخذ منها المعلومات المطلوبة وهي كانت على علاقة بكبار المسؤولين. لكنها لم تتجاوب معي ولم تعطني معلومات كافية مستندة على علاقاتها رغم محاولاتهم بمنعي من استجوابها إلا أنني تمسكت بالقضية أكثر لأن الوطن يتطلب ذلك وعندها معلومات أمنية كثيرة ووقتها قلت لمديري إنها غير متجاوبة إما نعتقلها بشكل رسمي ونحقق معها تحقيقاً كاملاً أو نخرجها خارج البلد لأنها تتحفظ على المعلومات بشكل كبير وفعلا قررنا تسفيرها خارج البلد لكن قبل أن تسافر جلست معها وقلت لها أريد منك أن تقولي كل شي عن حياتك وأعدك أن لا يكون ذلك في ملفك طبعا لم تقل لي شيئا إلا بعد أن اطمأنت لي وتأكد سفرها خارج سوريا، وكتبت لي ما يقارب 30 صفحة عن كل شيء في حياتها وعلاقاتها وتعاملاتها وطلبت مني أن يبقى ما كتبت سرا بيننا وأن لاتصل لأي من الذين كانت على علاقة بهم وفعلا أنا احتفظت بهذه الأوراق ولكن عندما تركت السياسة فعلا خطرت لذهني هذه الصفحات وقلت هذه تصلح رواية عن الشعب الفلسطيني وعن الظروف التي مرت عليه، كيف تشتت واغتصبت أرضه وتشرد ثم لخصت الرواية مأساة شعبنا الفلسطيني.
-اعتمدت في روايتك "البحث عن نجم القطب" على وثائق كانت ركيزة أساسية في تلك الرواية، إلى أي مدى تشكل الوثائق مادة مهمة للكاتب ؟
باعتقادي أن الرواية يجب أن تعتمد بشكل دائم على شيء من الواقع، فلا توجد رواية من الخيال المطلق حتى هذا الخيال له أساس في الواقع وأهم ركائز الواقع هي الوثائق فأنا عندما أريد أن أتكلم عن حياة شعب وعن سيرة وطن فلابد لي أن أستند إلى وقائع ووثائق لها مصداقية كاملة والروائي ليس مؤرخاً ليعتمد على الوثائق من أجل التأريخ ولكن الروائي يأخذ هذه الوثائق ويضعها في بوتقة إبداعية وهذه الوثائق تنصهر مع عناصر الرواية وتصبح كلها بروح إبداعية واحدة فأعمالها جميعها تستند على الوثائق ولكنني لا أدع الوثيقة تظهر بل أصهرها مع مكونات الرواية ربما ظهرت الوثائق لدي في رواية الطريق إلى الشمس ووقتها بكلام أحد أبطال الثورة السورية الكبرى فالوثائق لدي تكون ضمن صيرورة الرواية
المخطوفون قفزة نوعية في تجربتي
-لننتقل إلى رواية "المخطوفون" حيث اعتبرها البعض نقلة نوعية في تجربتك الروائية، ما سر هذه الرواية ؟
انا أعتبرها قفزة نوعية في كتاباتي حيث انتقلت بها من الكلاسيكية التي اعتمدتها في رواياتي السابقة واتبعت فيها الإسلوب الااتباعي وأنا مؤمن بأن أدبنا العربي بحاجة إلى ترسيخ المذاهب ولكني في "المخطوفون" أردت أن أقفز خارج المذهب الاتباعي وتوجهت بها للفنتازيا، وهذه الرواية أخذت صدى كبيرا بسبب الفنتازيا وتغيير أسلوب الكتابة لأنه عالم جديدة متخيل تماما ومرمز بعيد عن المباشرة ثم أنها موضوع حساس جدا وهو حالة الشعوب العربية مع حكامها وليس فقط الشعب الفلسطيني مع المحتل الصهيوني وهذه الرواية طبعت ثلاث طبعات حتى أن أحد الناشرين قرأها واتصل بي وقال لي سأعيد طباعة هذه الرواية فحالة التجديد التي فيها جعلت الشعب هو البطل الذي يعاني ما يعاني من ظلم واستبداد
لايمكن لأي كاتب أن يتجرد عن ذاته
لنعد للرواية، نجد أن صوت الراوي في رواياتك يقارب صوت بعض الشخصيات ألا تجد أن هذه حالة فردية عند عبد الكريم ناصيف أم أنها تؤخذ سلبية عليه إظهار صوت الراوي في الروايات على حساب الشخصيات ؟
أنا أعتقد أن المبدع يجب أن يترك الحرية الكاملة لشخصياته دون ظهور المبدع وأنا أنطلق دائما من هذا المنطلق بترك الحياة في ساحة الرواية دون تدخل من الكاتب ولكن لاشك أن لكل قاعدة استثناء فكنت حريصا على الموضوعية ولكن مهما حاولت أن تكون موضوعيا وحياديا لايمكن أن تكون بالمطلق ولذلك تجد صوت الراوي أحياناً يطغى وعندما ألاحظ ذلك أكبته وأعود إلى القواعد وربما شدة تعلقك بالموضوع وشدة انفعالك تجعلك تظهر في الرواية و90 % من أعمالي الروائية تجدني موضوعيا فيها وأؤكد لك أنه لايمكن لأي كاتب أن يتجرد من ذاته مطلقاً
-اختلفت عن غيرك من الروائيين في أنك جعلت المرأة في رواياتك تتمتع بهالة من القدسية ولماذا لم تتناول جسد المرأة من باب الجنس لشد القارئ ؟
ربما انطلاقا من إيماني بأن المرأة هي كما الرجل لها حق بالحياة والمساواة ولمعرفتي أن المرأة في عالمنا مظلومة وليس ظلما شكلانيا وإنما ظلم داخلي وهي ضلع قاصر ونحن من صنع ضعف المرأة بعاداتنا وتقاليدنا وهذا المجتمع الذكوري حول المرأة إلى أمة وبالنهاية فهي أم وأخت وابنة وزوجة وحبيبة فلماذا نحولها إلى عبدة؟ ولرفضي لهذا الشيء وللحزب دور مهم في هذا الأمر حيث كنا مهتمين جدا بدور المرأة في المجتمع ومساواتها في الحقوق مع الرجل
-ولكنك لم تتناول جسدها وحافظت عليه بشكل قدسي..
لكوني أؤمن بأننا علينا أن نرفع من المرأة لا أن نخفضها فتناولت الجوانب المشرقة فيها وتناولتها كمناضلة وكوجه اجتماعي جميل وكطموحة وتعمل من أجل أهداف معينة ففي رواية الطريق إلى الشمس كانت شمس تمثل المرأة عند عبد الكريم ناصيف وهي تكره الظلم وتريد الحرية لها وللآخرين وفي بداية حياتها كانت ترتدي ثياب الفارس وتركب الخيل وتحارب بالسيف وقصتها واقعية ولم أصنعها من خيالي وأردت أن أستفيد من هذه القصة الواقعية وأوظفها خدمة للمرأة وهذه التي جسدت كل الجوانب المشرقة بالمرأة كانت بالنسبة لي شخصية تحقق حلمي بالكلام عن المرأة في رسم صورتها بأنها ليست عبدة بل مؤثرة بشكل مباشر بالمجتمع وهذا النموذج الجميل للمرأة في رواياتي هو الذي أبعدني عن الجوانب السلبية فيها وأردت ذلك لأن الكثيرين تناولوها جنسياً فقط دون الإشارة إلى دورها في المجتمع ولم تعنني المرأة كجسد ولكن ربما مرات قليلة ولكن ليس المقصود الجسد بل لنعطي الموضوع صبغته الحقيقية وهذا أبعدني عن الجانب الجسدي من المرأة وتناولت علاقة الحب مع الرجل فأبقيت على حب قدسي كما في العشق والثورة
ثم أنني اعتبرت أن الجنس علاقة خاصة جدا بين الرجل والمرأة لذلك ابتعدت عنها حتى لا نقصد إغراء القارئ وتشويقه
السياسة قاتلة للأدب
أنت كأديب مسكون بك السياسي كيف استطعت أن تخرج كل ذاك الأدب من داخلك مع العلم أن السياسة تقتل الأدب ؟
صحيح السياسة قاتلة للأدب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لأنها تشغل الإنسان وتشغل فراغه وتغرقه في وحلها ومع أني كنت أكتب الشعر في سن مبكرة وكان من السهل جدا جمع هذا الشعر ونشره لكن السياسة شغلتني عنه حتى لم أستطع أن أفكر بنشره ولكني عندما تركت العمل السياسي كان بوعي مطلق أن أتفرغ للأدب لأنني كنت واصلا لدرجة كبيرة من الشحن السياسي لمدة ست سنوات كانت هي الأغزر نشاطا في حياتي ولكنني قررت ترك السياسة بعد هذا العمل المضني ففي سن السادسة عشرة كنت أمينا للفرقة الحزبية ولدي 200 عضو عامل
وكانت أقصى أحلامي أن تصبح لدي شوارب وتظهر علامات الرجولة في وجهي فالذين أجتمع معهم كلهم رجال، والسياسة أغرقتني حتى سن الثلاثين فكانت لي لقاءات مع شخصيات كبيرة منهم أكرم الحوراني – صلاح بيطار – ميشيل عفلق وتجربتي الطويلة في السياسة هي التي شجعتني لأوظفها في خدمة الأدب وقلت إن هذه التجربة الغنية جدا والتي عشتها في قلب الأحداث لم لا أجسدها في الأدب فأنا لم أبحث عن السلطة لو كانت السلطة مرادي لما تركت السياسة في عز إنتاجي وعملي ولو عملت رواية أو كتابا أو دراسة أفضل لي من أي منصب>

يتبع،،