عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2015, 11:15 AM
المشاركة 1305
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع ...العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 84- الخماسية إسماعيل فهد إسماعيل الكويت

-ساهم في ترسيخ فن الرواية في الكويت ومنطقة الخليج العربية.

- لا يختلف اثنان على أن إسماعيل فهد إسماعيل هو المؤسس الحقيقي لفن الرواية في الكويت،

- و هو من الروائيين الذين وضعوا بصمتهم الواضحة في مسيرة الرواية العربية منذ أن أصدر روايته الأولى “كانت سماء زرقاء” في القاهرة في العام 1970. وإن كانت مجموعته القصصية الأولى “البقعة الداكنة” قد صدرت في العام ،1965 إلا انه انطلق في عالم الرواية، حيث توالت رواياته والتي بلغت أكثر من عشرين عملا الى جانب مجموعاته القصصية ودراساته التي تناولت القصة والرواية.

- ومن أهم رواياته “الاقفاص واللغة المشتركة”، و”المستنقعات الضوئية” و”الحبل” و”الشياح” و”الطيور والأصدقاء” و”النيل يجري شمالاً”، و”أحداثيات زمن العزلة” وهي سباعية تشمل عدة روايات “الشمس في برج الحوت” و”الحياة وجه آخر”، و”قيد الأشياء” و”دوائر الاستمالة” و”ذاكرة الحضور” و”العصف”،

- وقد نال جوائز عدة من أهمها جائزة الدولة التشجيعية في مجال الرواية في العام ،1989 وأيضا جائزة الدولة التشجيعية في مجال الدراسات النقدية في العام ،2002 الى جانب انه واحد من افضل 100 روائي عربي خلال المائة عام الفائتة.

- ولم يكتف إسماعيل فهد إسماعيل بذلك، وهو يرسخ مكانته الأدبية كقامة متميزة في المسيرة الإبداعية، ولكنه استكمل دوره الحضاري كمبدع له بعده الإنساني في ذاكرة المكان والوطن، فقام بدعم وتشجيع الأجيال الشابة الجديدة من كتّاب القصة والرواية في الكويت، وأسهم في بروز العديد من المواهب الأدبية الشابة التي يرى أن المستقبل في الخليج العربي عموماً والكويت خصوصا هو للرواية لأنها الجنس الأدبي الأقدر على تصور المتغيرات التي حدثت وأثرت في البعد الاجتماعي والفكري للمجتمع والإنسان الخليجي.

- عاش إسماعيل فهد إسماعيل مسافرا لا يستقر في مكان فقد مر بتجربة حياتية عمقت من انتمائه للمكان والوطن، حيث عاش فترة صباه في العراق وكتب فيها “الحبل” وانطلق بروايته الاولى “كانت سماء زرقاء” من القاهرة، ثم استقر في وطنه الكويت ليستكمل مسيرته الإبداعية، التي تناول في مجملها قضايا أمته العربية ومعاناة الإنسان العربي، وليظل هذا الارتحال يسكن إسماعيل فهد إسماعيل ويستنطق من خلاله عذابات المكان وكوابيسه وهواجسه، وهو يصور فيه الصراع واختناق شخصياته (المكان) المتناقضة والمتداخلة الأحاسيس والمشاعر والأفكار، والتي صنعت بدورها المكان في عالمه الروائي والذي تحول الى حلبة تتصارع فيها أفكار إسماعيل نفسه والتي استرجع من خلالها الكثير من حوادث الزمان في المكان نفسه ليكون حالات التأزم وانفراج العقدة.

- يقول عنه الكاتب والناقد فهد توفيق الهندالي في دراسة عالمه الروائي “لقد نجح إسماعيل فهد إسماعيل في أن يجعل لغته حبلاً سميكاً يخطو فوقه الإنسان عبر الحلم والارتحال في رواياته وقصصه التي يتجاوز فيها الواقع وأحداثياته الى ما هو أبعد،

- وكأن الكاتب لم يكتف بواقعية وجوده في هذه الأمكنة، وإنما استعار الارتحال النفسي لشخصياته وأيضا لنفسه لكي يهيئ المتلقي للقبول بوجوده في غير هذه الأمكنة”.

- لذا يستطيع المطلع على أدب إسماعيل فهد إسماعيل ان يلحظ ارتباط المكان في أعماله بذلك الوجود النفسي الذي يستظل به الكاتب في رحلته الأدبية، والفكرية، وهو يبحث عن ذلك الوجود اللاوجود اي الوجود الخالص، في ذلك المنفى الذي يقصي الإنسان عن وطنه او الذي يهرب اليه من نفسه، بعيدا عن الصراع الذي يحاول ان يحطم كل ما هو جديد او جميل.

- ويرصد الراحل صلاح عبدالصبور الذي قدم له روايته الأولى، وتحديدا عن المكان وعلاقته بشخصيات الرواية “عندما تقرأ تلك المضامين التي يحملها النص، والرؤى التي حبلت بها، ستجد مأساة الثوار الذين تأكلهم الثورة بعد تصفية الحسابات والمصالح بينهم، دون أن يشفع لهم كفاحهم الثوري او ان يفسح لهم المجال لإثبات حقيقة ما كانوا يؤمنون به، فالمكان الذي كان مشتعلا بثورتهم، بات جحيماً يهربون منه، وهنا تكمن سخرية الزمن في تبدل وجه المكان وهروب الإنسان منه وإليه، وإن كان قابعا بين زواياه المترامية وسمائه الزرقاء.

- وفي روايته “مستنقعات ضوئية” تأتي صورة المكان على شكل مغاير ومختلف، إذ يصبح السجن الموقع المغلق على من فيه أكثر رحابة عندما يرحل إسماعيل فهد إسماعيل شخصياته الى فضاء اوسع خارج السجن وأسواره وزنازينه، وأصبح الظل في فترات الراحة، مرحلة للخروج من تلك الأمكنة إلى الانسان، الذي نجح إسماعيل في استدعاء من هم خارج السجن ليتبادل معهم المكان (هنا وهناك)

- أما روايته “الشياح” فقد جمع في المكان المظلم والمعتم كل هؤلاء الناس الذين يتناقضون في فكرهم وانتمائهم وثقافتهم في هذا الملجأ أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، لا ليكون ملاذاً من ويلات الحرب وحسب، بل ليصبح ملاذاً للجميع من حياتهم في خارج المكان.

- إن ترحال إسماعيل فهد إسماعيل الانسان وحياته في العراق ولبنان ومصر والمغرب وسوريا ودول الخليج ليستقر في الكويت والتي في الحقيقة لم يغادرها لأنها استقرت في جل تداعيات الروح الساكنة فيه، فقد كتب بعض رواياته الأخيرة عن الكويت وهو يعيش في الفلبين، وقدم فيها عدة نماذج عن الانتماء والهوية والوطن الذي يظل مصدراً للالهام والمكان سواء في حالة العزلة أو الارتحال أو الاستقرار.

- لم يتشكل عالم إسماعيل فهد إسماعيل الأدبي إلا عبر جهد كبير وتضحية ومواقف حياتية وفكرية جادة وملتزمة بدأت مع محاولاته الكتابية الأولى في العام 1952 واستمرت لتكتمل مع مرحلة نضوجه الأدبي في العام ،1961 وصدور عمله الأول “البقعة الداكنة” حيث قرأ وتأثر بجيل الرواد من نجيب محفوظ وكاتب ياسين ومولود فرعون وحنا مينا وتوفيق عواد وفؤاد التكرلي، وصولاً إلى روايته الأولى “كانت سماء زرقاء” والتي أدهشت وقتذاك الشاعر الراحل صلاح عبدالصبور، لتولد بعدها بقية أعماله الأدبية.

- وهو من الأدباء العرب الملتزمين لأنه يعتبر الأدب ومن ضمنه الرواية وظيفة اجتماعية مسؤولة عن رصد الواقع وعكسه فنياً، والمحاولة دائماً لتغيير هذا الواقع، وبالتالي فهي إذن فعل سياسي، لأنها تنحو إلى توظيف القضايا والمفاهيم والمواقف التي يؤمن بها الكاتب والمبدع. وأن الأدب في حصيلته أو في خلاصته، هو صدى لموقف المبدع من الحياة بصيغها العامة، ومن ضمنها رؤياه أو فهمه السياسي لأحداث عصره وحركة مجتمعه.

- لذا صور في سباعيته “إحداثيات زمن العزلة” معاناة الشعب الكويتي إثر الغزو في العام ،1990 والواقع الذي عاشه الانسان الكويتي بكل ما فيه من مآسٍ اقتصادية واجتماعية ووطنية وسياسية ونفسية.

- يقول سلامة موسى “كاتب بلا قلق ولا توتر لا يعادل أدبه ثمن الحبر الذي يستهلكه” وإذا كان هذا القول ينطبق على أحد، فأول من سيخطر على البال من كتابنا وشعرائنا العرب كتيبة متقدمة على رأسها إسماعيل فهد اسماعيل إلى جوار أمل دنقل وأحمد فؤاد نجم وحيدر حيدر ومحمد شكري وغيرهم،

- ومجمل أعماله تبرز مدى انغماس قلمه وفكره بالمعاناة التي عاشها في ارتحاله عن وطنه الكويت، بعد أن ظل مسافراً لا يستقر في مكان.