عرض مشاركة واحدة
قديم 12-27-2011, 02:05 PM
المشاركة 190
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
أحلام مستغانمى

أنا إمرأة ساذجة جدّا.. و أمنيتى أن أختفى عن الجميع

10-25-2008 05:32 PM
إنها إمرأة من الزمن الجميل، تشعر وأنت تتحدث إليها أنها بسيطة وتكاد تقول ساذجة وربما إشتركنا مع رأى زوجها الصحفى جورج الراسى فى القول: إنها غبية فى الحياة ذكية فى الكتابة...

أحب أحلام مستغانمى منذ حرفها الأول " فى ذاكرة الجسد " تلك الرواية الفظيعة التى هزت القارئ العربى فإنبرى منتصرا لما تكتبه هذه الجزائرية / التونسية من لذة قل أن تجد لها نظيرًا بين نظيراتها فى الوطن العربى هذا الوطن المنخور بسكين القهر و الخوف والإختفاء خلف جدران الصّمت...

لم يكن ذلك المساء عاديا فقد هزتنى أبو ظبى بناطحات السحاب والضباب والبحر الذى يفرش اليابسة والجمال الأخاذ الذى قل أن عثرت عليه فى حياتى ورحلاتى مشرقًا و مغربًا... كانت أحلام جميلة جدّا ذلك المساء إلى الحد الذى أغرتنى فيه... بإجراء حوار... وياله من حوار... أولا لأننا اتفقنا على ربع ساعة تسجيل وثانيا لأن أحلام طلبت منى سلفا أن لا أوقظ فيها كثيرًا من المواجع...

ثمة أشياء كثيرة أردت أن اقولها لأحلام لكن حاجزًا من الخجل منعني، و لكن الأهم من كل ذلك أن هذا اللقاء المطوّل مع أحلام مستغانمى جرى فى لحظة صدق أبعد ما تكون عن ميزة هذا الواقع العربى المتقلب....

* أحلام مستغانمى فى أبو ظبي... ماذا بينك وبين الإمارات والحال أننا نعرف أنك مقيمة فى لبنان منذ سنوات ؟
بينى وبين الإمارات العربية المتحدة صفحة اسبوعية فى مجلة هذا أولا، أما ثانيًا فأنا أحب طيبة الناس هنا فى هذا البلد وجمالهم، و رغم أننى فى الواقع أتعامل مع الإعلام هنا فإن حضورى المادى نادر جدًّا لأننى غير متوفرة دائما فى كل مكان بإستمرار لأننى عندما أكون مجنونة أختفى ... وأنا أحسن هذه اللعبة العاطفية التى أمارسها مع نفسى أولا ومع الناس فى مرحلة ثانية، لا أحب أن أكون فى المتناول...

جئت إلى أبو ظبى فى إطار مشروع أقوم بإعداده وهو المتمثل فى تحويل" ذاكرة الجسد "إلى مسلسل تلفزيونى ستعده قناة أبو ظبى الفضائية لرمضان المقبل فى بيروت... والآن نحن بصدد دراسة قضية الإختيارات : الممثلون، المخرج وقد تم منحى حرية المساهمة فى الإعداد والتفكير والإشراف على السيناريو والأشراف على مختلف المراحل...

* المتابعون لمسيرة أحلام مستغانمى التى ظهرت بقوة يقرون بأنك فى كتابك الأخير " عابر سرير " بقيت محافظة على نفس الرّوح التى كتبت بها كتابك الأول " ذاكرة الجسد "... هل أنت مقتنعة بهذا الرأى ؟
ربما كان لهؤلاء المتابعين نصيب من الحقيقة... والحقيقة أننى عندما كتبت "عابر سرير " كنت تحت تأثير الحملة الشرسة التى شنت عليّ... فى اللاشعور ومع سبق إصرار وترصّد أردت أن أؤكد لكل المشككين فى إبداع أحلام مستغانمى أننى كتبت " ذاكرة الجسد " إلى حد أننى كتبت فقرات تعّمدت دمجها فى النص..."عابر سرير" كان تتمة للثلاثية لذلك لا بد أن يكون فيه روح العمل الأول والعودة إلى خالد من جديد فتعود لغته وجمله... البطل عندما إلتقى فى عابر سرير مع حياة يتماهى مع خالد... قلت ما كنت قلت فى ذاكرة الجسدّ : " الذين قالوا وحدها الجبال لا تلتقى أخطؤوا... إلخ ".

كان هنالك إستحضار لجمل واحيانًا لفقرة كاملة لكن أعتقد أن" عابر سرير "كان عملاً أعمق من أعمالى الأولى ففيه عمق فلسفى وفكرى أتمنى أن يكون القارى الحصيف قد إنتبه له...

* إذا كنت مقتنعة بأن الحملة التى شنت ضدك هى حملة مبيته وتؤكد على أن بعضهم أراد أن يستنقص من قيمتك بعد أن أصبحت بكتاب " ذاكرة الجسد " معبودة كثير من القراء العرب، إن صحت العبارة... فلماذا تعمدت أنت إثارة اللاشعور وإعادة ماكنت كتبت مرّة أخرى ؟
تعرف أخى ساسى أن ثمة أشياء كثيرة بصدد التراكم... تلك الحملة آلمتنى كثيرًا ولكنها خدمتنى الآن أكثر... كنت أحتاج إلى مثل تلك الحملة، الأعمال الكبيرة تهاجم دائمًا والعمل يكبر بأعدائه...

* إذا خانك قلمك هل تقرين بأن فى الحبر سحرًا ؟
أنا كائن حبرى ولا أدرى إن كان فى الحبر سحر... أنا كائن حبرى وربّما من هذا المنطلق بالذات يأتى سحري... لا أظن أن الحبر سيخوننى ككاتبة أو كأنثي... أنا أحيانا أكون عصية الحبر شيمتى الصّبر... أحيانًا لكن بعد الثلاثية التى أصدرت الحقيقة أن تعود إلى الكتابة بعد كل تلك الطعنات يصبح الأمر نوعا من التحدى ولكنه إذ إستطعت أن يكون أرقى وأنقى لغة... ما أظن أنه تحقق لى رغم كل ما قيل وما يقال يؤكد أننى نجحت...
 خوضك فى المسكوت عنه مما لم تطرحه كثير من الروايات العربية سابقًا جعلك كاتبة قريبة جدًا من القارئ تعيشين معه، تسكنينه، تمشين معه، يتابع أحداث كتابك بشغف يسرع فى الوصول إلى السطر الأخير... هل فى ذلك تعمد التحيل الإبداعى على القارئ...؟
لا أدرى ما معنى المسكوت عنه، ... لا أدرى إن كنت مراوغة لكن ليس فى هذا، بالنسبة لى لا يوجد فى قاموسى مسكوت عنه... أنا أكتب كما أفكر، كما أتكلم... ليس هنالك إستقرار قطّ فى كتاباتي... لا وجود لحياء كاذب أو إباحية فجّة مؤذية فنصوصى تشبهنى تماما... ما لا أقوله فى الحياة لا أكتبه على ورق، وما لا أفعله أنا لا يفعله أبطالى وكل ما يفعله أبطالى أنا جاهزة لأفعله فى حياتي... ما لا أفعله أنا لا يفعله أبطالي...أنا لم اكتب إلا نفسى ولغتى تشبهنى وبالتالى لا أتحايل وبالتالى لا أدرى عندما أتكلم هل أفصحت ؟ هل بحت الحقيقة بما يجيش فى باطنى ؟ هل قلت ما سكت عنه الآخرون أم لا ؟ أنا جدّا شفافة... الكتابة تعرّينى والكلمات لا تغّطيني... أنا كلما تكلمت تعرّيت فأنا لا أعرف المسكوت عنه، وفى نفس الوقت لا أتعّمد ذلك، فأنا لا أملك ولا أبحث عن طرق لكسب القارئ وأكاد أقول أننى فى البداية لا أكتب إلا نفسي...

عندما أجلس لأكتب لا أفكر فى قارئ لأنه إذا بدأت أفكر فى قارئ لنّ أكتب شيئًا، لأن تشكيلة القراء كبيرة جدًا... من بين قرائى أناس أثرياء جدًّا جدًّا ومن بينهم مساجين وأسرى وفقراء ومساجين سياسيين وأطفال فى عمر أولادي... كتبى مبرمجة فى سنوات الباكالوريا الرسمية فى لبنان... ثمة مسنون كبار يحبون كل ما أكتب...

إذا فكرت كيف يقرؤنى هؤلاء جميعًا لا أستطيع الكتابة أصلاً... لذلك أنا عندما أكتب لا أفكر فى أحد... أنا لا أفكر إلا فى متعتى الخاصة... كيف أستمتع وأنا أكتب... فلاشئ يعنينى خارج النص... وأعتقد أنها الوصفة الوحيدة والأهم التى تجعلك تنجح فى كتابة عمل... إذا فكرت بكسب القراء الأجانب مثلك لمجرّد أنهم حاولوا كسب قارئ أجنبي... لأن الجهد الذى تقوم به لكسب قارئ يجعلك تخسر آخرًا...

كل الكتاب العرب المشهورين فى أوربا خسروا القارئ العربى لأنه ليس بإمكانهم كسب كل القراء... بينما لو كتبوا فقط عن أنفسهم ككتاب أمريكا اللاتينية كانوا حقيقيين، عندما للأسف نظرة تقول أن كل كاتب عربى مخير بين أن يكسب القارئ العربى أو القارئ الأجنبى الأوربى بالذات.
* أحلام، الرواية العربية اليوم سحبت البساط من أمام الشعر ديوان العرب، ولكنك تكاد تكونين من أعاد صياغة الأشياء بشكل مختلف فى رواياتك لتكونين الروائية الشعرية أو الروائية الشاعرة... هل يمكن القول أن كتابتك هى ضرب من النثر الشعرى السلس ؟
ربما لم أشف من الشعر، نحن جميعا لم نُشف من الشعر، أنا لا أتعدّى على الشعر، الشعر ليس صياغة كلمات جميلة او إنتقاء كلمات موزونة... الشعر هو أسلوب حياة أو نمط... أنا بالنسبة لى شاعرة فى الحياة، لا يعنينى أن أكون شاعرة فى نّص، ولأننى شاعرة فى الحياة من خلال المواقف، أنا لم أخن الشعر وهذا شيء جميل...

ونظرًا لأننى لم أخن الشعر أقول صراحة : أنا لست شاعرة لأن الشعر نتاج يصعب حمله... أنا كاتبة فقط وصريحة جدّا مع نفسي، صارمة فى محاسبة نفسى أخلاقيا بالمفاهيم التى أؤمن بها... وبالتالى هنالك مسائل لا أحب أن أقترفها... أنا أكتب عن أشخاص شرفاء جميلين أخشى عليهم من الإنقراض أصلا... حتى أننى أهديت عملى الأخير إلى من بقى من الشرفاء فى هذه الأمة...

أنا لا أقول إنه لم يبق فى هذه الأمة شرفاء... جميل أن نمجد هذا النموذج كقدوة ومأساتنا فى العالم العربى أنه ليس لنا قدوة فى أى شيء حتى بيننا نحن الكتاب... إننا نحتاج إلى كاتب يقول لا... يرفض أن يحضر مؤتمرا، يرفض أن يزور بعض الدّول البوليسية... نحن اليوم نستقوى ببعض... نحن نخون بعضنا البعض ...

الحملة التى تعرضت لها مثلا نسبت لى كثيرًا من الصفات الأخرى فكيف تريدون منا أن نبقى واقفين... الصعوبة الآن هى فى أن تبقى واقفًا.

* تقولين فى أحد نصوصك: كل إنسان عندما يموت يترك رؤوس أقلام على مسودّات... هل تفكرين الآن فى رؤوس أقلام لرواية قادمة بعد هذه الثلاثية الفظيعة؟
أنا أفكر، عندى رواية ماتزال موجودة فى ذهنى وكتبت نصفها ولكن إن شئت الحقيقة فأنا أفكر أيضا فى الموت...

* هل تفكرين فى الموت فعلا ؟
الموت لا بد أن يكون هاجسا إبداعيا ومادمت لست مسكونا بها حس الموت لا يمكنك أن تكتب... الموت كحالة، كتهديد، الموت كرافد إبداعي، الموت مصقلة قد تتحداك و تتحدى نصك فى أى لحظة و بالتالى عليك أن تظل فى لهاث دائم حتى لا تترك خلفك – وهذا شيء مرعب – نصّا غير مكتمل...أنا أحب الكتاب المذعورون دائما...

الكاتب المستقر والمستمتع بوقته كأنه يملك الخلود... الخلود نكته... عليك أن تشعر بأن التاريخ يحاسبك فى كل لحظة و عندما أقول التاريخ هو : " أنت أين تضع نفسك "... ثمة من ليسوا معنيين و يريدون أستهلاك النجاح الفوري، أنا أمنيتى أن أختفي... وأمنيتى الحقيقية هى أن أنسحب وأن لا تراني... أن يأتى يوم لا أعطى فيه حتى هذه المقابلة الصحفية... أريد أن أقول أنه لا أريد أن يرانى أحد و من أراد أن يرانى فليقرأ كتبي...

وبإمكانه أن يتحاور معى فعلا من خلالها... إن كل ما يقال خارج النصّ هو ثرثرة... لقد كتبت إلى حدّ الآن ألف صفحة عدا صفحات المقالات...بالتالى بعد ألف صفحة لا أريد أن أعلق، وحتى لو متّ بعد هذه الثلاثية أكون قد أنجزت وصيّة وأنا مطمئنة، يبقى دائما أن هنالك أشياء تريد أن تقولها ولا وقت لك... أعتقد أننى أصبحت عارية أمام القراء إلى درجة أن الكثيرين يحبوننى أو يكرهوننى أو يقيمون علاقة بى دون أن يلتقوني... فأنا إمرأة مفضوحة جدّا...
* ماذا يزعج أحلام مستغانمى الآن بالذات ؟
ما يزعجنى أن كتبى غالية الثمن، أنا ككاتبة وكناشرة مكسبى من الكتاب دولار ونصف ويؤلمنى أن القارئ " مهما كانت وضعيته الإجتماعية " يدفع ثمنا كبيرًا لقاء هذا الحب... إنها جريمة فى حق الكتاب... أتمنى أن أكون موجودة لكننى لا أريد أن يقرأنى القارئ العربى على حساب لقمة عيشه، لأن ذلك حرام وعيب عندي... أنا لا أصنع ثرائى من بؤس قرائى وبالمناسبة أؤكد لك أننى سأعود لنشر كتبى ضمن منشورات دار الآداب لأننى لا أريد أن أفهم أن بعثى دار نشر لأكسب...

هناك كتب مزورة تباع بـ 12 دولارًا " هى كتب مزورة فى رأيي" وتفاديا لهذا الإلتباس عدت إلى دور النشر من جديد حتى تفهم الحقيقة تماما واضحة المعالم...

* شخصيتك فى النص هى ليست شخصيّتك فى الواقع... يبدو أنك أصبحت تقرئين حسابا لكل كبيرة وصغيرة فى حياتك حتى أنك أصبحت تقرئين حسابا لكل شيء... حتى أصبح الأمر بمثابة الخيالات المزعجة التى تفكرين فيها... ماذا حصل لك بالضبط ؟
من فرط الطعنات... أنا إمرأة ساذجة... حتى أن زوجى يقول لى دائما : " أنت ذكية فى الروايات وغبية فى الحياة... أنا أطعن دائما لأننى لا أحتاط من شيء... أنا أمية فى كل شيء وخاصة فى الحسابات... أنا سعيدة بخساراتى لأنه بالخسارات تصنع أدبا لا بالمكاسب ....

أقول لأننى أردّ على ما سمعت... على قراء بسطاء يشترون كتبى بالتقسيط وهذا يؤلمنى جدًّا ولا يرفع من شأنى بقدر ما يؤذينى ككاتبة... ماذا سأكسب غدًا...؟ ماذا سأخذ معي...؟! إذا كان رفيق الحريرى نفسه ترك 8 مليار دولار وذهب... فكيف الحال إذا كنت أنا كاتبة، ماذا سآخذ معي؟ أنا سأترك خلفي...لأننى أعيش من إسمى لا من كتبي...

* كتب الشاعر العربى الكبير نزار قبانى على ظهر أحد كتبك كلاما جميلا ناعمًا...ما هى علاقتك بهذا الرّجل ؟
علاقتى به موجودة فى موقعى على الأنترنت... هذا الكلام كتبه بعد أن صدر كتابى وبالمناسبة توجد شهادة لسهيل إدريس... علاقتى بنزار قبانى علاقة جميلة قد أكتبها فى رواية وستكون رواية جميلة ولا أريد أن أستهلكها فى جملتين لأنه قد لا تفهم تماما... إن علاقتى بنزار قبانى علاقة جميلة جدًا، لقد أضعنا بعضنا ثم إلتقينا... إنها من تلك العلاقات الإنسانية الجميلة التى قد تغذّى عملا إبداعيا...