عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2010, 02:01 PM
المشاركة 3
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الحلقة الثانية ..

حرب المخابرات كأحد نوابغ العمل الأمنى فى خطة التمويه الاستراتيجى


السلاح الوحيد الذى انتصر بالنكسة ..


من غرائب وعجائب الأمور فى شأن جهاز المخابرات المصري .. أنه كان الجهاز الوحيد الذى انتصر فى حرب يونيو ولم تناله الهزيمة .. !!
وكان وللمفارقة السوداء ..
هو الجهاز والسلاح الأكثر شعورا بصدمة يونيو .. !!

وتفسير هذا التضارب .. يتضح فى أن جهاز المخابرات المصري أتى بالمعلومات الكاملة لحرب يونيو بشتى تفاصيلها ووضع تلك المعلومات رهنا لقيادته السياسية بعد أن اخترق جهاز المخابرات الاسرائيلي اختراقا شبه تام
وهو بهذا أدى رسالته والمطلوب منه بالرغم من الفساد الذى كان قد استشري كنتيجة طبيعية لتسلط رئيسه الأسبق اللواء صلاح نصر ..
وبهذا يكون جهاز المخابرات المصري هو السلاح الوحيد الذى انتصر فى كلا الحربين ..
يونيو 1967م.. وأكتوبر 1973م ..

وقصة جهاز المخابرات المصري تحديدا ..
قصة ملحمة بطولة غيرعادية .. تعرضت للأسف الشديد لتشويه متعمد وظلم فاحش نتيجة لأفعال تم ارتكابها من بعض ضباطه .. أضاعت الكثير والكثير من انجازات هذا الجهاز الذى نبت فى ظروف شديدة الصعوبة ..
ولنا أن نتخيل صعوبة المواجهة مع مخابرات العدو .. عندما نعرف الفارق الضخم على جمع المستويات بين جهاز المخابرات المصري " م ـ ع ـ م " وبين نظيره الاسرائيلي " الموساد " أو مؤسسة الاستخبارات ..
وتوجد مقولة تاريخية توضح الفارق الضخم ملخصها
" أن الدولة المصرية أنشأت المخابرات المصرية .. بينما أسست المخابرات الاسسرائيلية الدولة اليهودية .. "
وتلك مقولة صادقة تماما .. لأن الموساد سابقة فى التأسيس على الدولة اليهودية ذاتها فى سابقة تاريخية غير قابلة للتكرار ..

فكل ضباط المخابرات الاسرائيلية كانوا من المحترفين والمتدربين على علوم المخابرات وعملياتها نتيجة لخبرتهم الكاسحه فى أجواء الحرب العالمية الثانية
ومع ذلك .. ومنذ أن صدرت الأوامر من الرئيس عبد الناصر الى السيد زكريا محيي الدين بضرورة العمل على انشاء جهاز مخابرات مصري يعمل على حماية الأمن القومى المصري فى مواجهة العدو المتفوق والمتنوع فى أجهزته الأمنية " الموساد ـ الشين بيت ـ أمان "

وعلى يد عدد من ضباط القوات الجوية المتمرسين بدأت نواة الجهاز وحفرت تلك المجموعه فى الصخر سعيا وراء المراجع المؤهلة لتلك العلوم الفريدة فى عالم الأمن وبدأت مكتبة جهاز المخابرات المصري تكتظ شيئا فشيئا بالمراجع المتخصصة والتى عكف عليها أوائل الضباط وكان أبرزهم

عبد المحسن فائق ـ محمد نسيم ـ شعراوى جمعه ـ حسن صقر ـ صلاح نصر ـ وغيرهم ..

وتمضي السنوات ويتشكل جهاز المخابرات على أحدث الأسس المعروفة لهذا العلم .. ويحقق عمليات ناجحه ومبشرة بمقاييس تلك الأيام ومقارنه بالظروف المتعسرة التى صاحبت انشاءه ..
ثم تأتى قضية الانحراف التى تسبب فيها صلاح نصر والذى يعد أول رئيس فعلى لهذا الجهاز الأمنى بالغ الحساسية وينتهى الأمر الى محاكمته هو ومجموعته فى قضية انحراف المخابرات الشهيرة ..

وتأتى اللحظة الفارقة فى تاريخ الجهاز ...
عندما يتم اسناد عملية تطهير واعادة الانضباط للجهاز الى محمد نسيم
" قلب الأسد " وهو البطل المصري الاستثنائي فى هذا المجال وواحد من الندرة الذين حفروا اسما شهيرا فى العالم أجمع بعملياته الفذة خاصة قبيل وأثناء الاعداد لحرب رمضان
ويتولى أمين هويدى رياسة الجهاز ..
وتبدأ عملية الاعداد والتمويه على العدو فى اطار الخطة الموضوعه للتحرير ..
اضافة الى تكثيف الجهود فى اطار عملية الجاسوسية والجاسوسية المضادة
والجاسوسية
هى عملية الحصول على أسرار العدو .. بينما الجاسوسية المضادة هى منع العدو من فعل العكس ..
وتتهاوى عشرات الشبكات التجسسية التى وقعت فى يد المخابرات المصرية ..
وتنشط شبكة العملاء والضباط خارج مصر لاجابة متطلبات القيادة السياسية فى خطة الاعداد للحرب
وكان دور المخابرات المصرية فاعلا على مرحلتين ..

الأولى ..
الاعداد طيلة السنوات الست ..
الثانية ..
البدء الفعلى لخطة الخداع الاستراتيجى فى بداية عام 1973 م ... بعد أن حددت القيادة السياسية هدفها فى تلك السنة لادراك النصر ..

المرحلة الأولى

الاعداد ..

وفى تلك المرحلة .. أسندت الى محمد نسيم قيادة عدد من العمليات بالغه الحساسية كان لها أكبر الأثر فى النصر فيما بعد حيث تولى اعادة تدريب وتأهيل العميل المصري الأشهر رفعت الجمال على أسلوب التخابر وفق متطلبات العصر وتم تدريبة على استخدام أجهزة الاتصال اللاسلكية بدلا من الأحبار السرية لسرعه انجاز المعلومات وزيادة فى الأمن له

وتمكن رفعت الجمال بعد تدريبه من محمد نسيم ومراقبة عبد العزيز الطورى ضابط الحالة المختص بعملية رفعت الجمال من الوصول بهذا الأخيرؤ الى مستوى رجل المخابرات المحترف
وتصاعدت مكانته فى المجتمع الاسرائيلي لتغرق المخابرات المصرية فى فيض رهيب وبالغ الثراء من المعلومات فائقة السرية كان أبرزها على الاطلاق

• خطوط وتحصينات ورسومات خط بارليف كاملة ..
• مواقع أنابيب النابالم الحارق والتى تم انشاؤها بطول القناة وقد تمت العملية بمعاونة رفعت الجمال لفريق المخابرات المصري القائم بالعملية ..
• تحركات القوات الاسرائيلية ودرجات استعدادها كاملة
• صفقات التسليح بتفاصيلها بالغه السرية
• الايقاع بضابط المخابرات الاسرائيلي " ايلي كوهين " الذى تمكنت المخابرات الاسرائيلية من زرعه فى قلب القيادة السورية كنائب لوزير الدفاع تحت اسم " كامل أمين ثابت " حيث تمكن الجمال من اكتشافه ليبلغ المخابرات المصرية ويطير محمد نسيم ومعه ملف ايلي كوهين كاملا الى الرئيس السورى فى ذلك الوقت ليتم اعدام ايلي كوهين فى أكبر ميادين دمشق وكانت ضربة صاعقة أدرات رؤوس الاسرائيليين طويلا ..

وقام محمد نسيم أيضا بتنفيذ عملية الحج والتى دمر فيها رجال الضفادع البشرية الحفار الكندى
" كينتنج " فى ميناء أبيدحان بساحل العاج مع نهايات عام 1968م ..
وكانت اسرائيل قد جلبت الحفار سعيا لقتل الروح المعنوية المصرية .. وكان تدمير الحفار دفعه معنوية هائلة للشعب العربي بأكمله

وتتواصل الجهود

وتكتشف المخابرات المصرية عميلا سوفيتيا فى قلب اسرائيل وهو الدكتور " اسرائيل بيير "
والذى كان يشغل عددا من المناصب الهامة فى المؤسسة العسكرية الأسرائيلية ويعمل أيضا كمعلق عسكرى فى جريدة " هامشمار " اضافة الى عمله كأستاذ متفرغ بجامعه تل أبيب "
وكان اكتشافا مذهلا أحسنت المخابرات المصرية استغلاله ببراعه فائقة حين تمكنت من تجنيد عشيقته الأوربية " ريناتا "
والتى كانت تتبعه وتنقل ما يقع تحت يدها من عمله أولا بأول الى المخابرات المصرية أى أن الرجل كان يعمل لحساب مصر دون أن يدرى واستمر هذا المسلسل المثير حتى تم اكتشاف أمره ..

وتنجح المخابرات المصرية أيضا فى زرع النقيب " عمرو طلبة "
فى قلب جيش الدفاع وهو الذى كانت له بطولة مشهودة فى أول أيام الحرب حين رفض رفضا باتا التخلى عن موقعه فى الجيش الاسرائيلي على الجبهه قبيل قيام الحرب
حيث كانت المخارات المصرية قد أرسلت اليه بضرورة مغادرة موقعه الى نقطة محددة مسبقا لتلتقطه قوات الجيش الثانى الميدانى
فرفض تماما بعد أن شعر أن تلك الأوامر تعنى بدون شك أن القوات على وشك بدء الهجوم واستمر فى موقعه يغذى الطائرات المصرية وقيادته بمعلومات من قلب الجيش الاسرائيلي أثناء الساعات الأولى للمعركة .. ليستشهد هناك تحت وابل القنابل الذى صبه الطيران المصري بطول الجبهه

ويتمكن ضباط المخابرات المصرية بمساعدة بدو سيناء وأطفالهم فى كشف مواقع ونقاط القوة والضعف للعدو فى قلب سيناء وكان نجم تلك المهمه طفل لم يتعد التاسعه من عمره وكان لدوره عظيم الفضل فى معركة التحرير ليستقبله الرئيس السادات بنفسه تكريما له

وترسل المخابرات المصرية عميلا فذا آخر فى عملية عرفت باسم العراف ويتمكن ضابط المخابرات المصري من زرع نفسه فى المجتمع الاسرائيلي كأحد العرافين الموهوبين ليتسلل شيئا فشيئا الى مجتمع جنرالات جيش الدفاع حتى يحوز الثقة المطلوبة فيتمكن من اختراق الهدف المطلوب ويعود به سالما الى قيادته بالقاهرة ..

وتأتى أيضا واحدة من أبرز العمليات قاطبة ..
حين تمكنت المخابرات المصرية من زرع عميلة أوربية نجحت فى التعرض لأحد العاملين بالمصانع المنتجة لمادة النابالم الحارقة وكان الحصول على عينه منها ضروريا لمعركة العبور لأن الجيش الاسرائيلي لم يكن يستخدم النابالم الصافي بل كان يستخدم تركيبا معقدا كان من الأهمية بمكان معرفة آثاره بالتحديد لايجاد حل للتعامل معه حين يتم البدء فى العمليات
وهكذا تعددت البطولات بلا حصر كلها فى خلال تلك الفترة الحافلة من أكتوبر 1973 الى بدايات عام 1973 م .. كمرحلة تمهيدية فى خطة الحرب والتمويه


ويتبقي لنا من معركة المخابرات خطة الخداع الاستراتيجى والتى بدأت مع بداية عام 1973 م ..

،،