عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2014, 01:27 AM
المشاركة 7
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله

بداية أرحب بعودتك إلى المنابر و منبر القصة والرواية والمسرح سعيد باحتضان إبداعاتك ، ثم أحييك على اختيارك لهذا الفن الرائع الذي يستوعب كل الفنون الأخرى ، فالمسرح يحتوي الكتابة والشعر والرسم والتصوير و الموسيقى والتمثيل و الغناء ، فلا يوجد فن لا يستوعبه المسرح وهذا يعطيه زخما قويا ، وأيضا يفرض على من يرتجي السكن في رحابه أن يكون متعدد المواهب و عميق الإلمام بمختلف الفنون .
إذا كان الشعر فنا سماعيا يعتمد على جودة الإلقاء و القدرة على النظم في سياق أوزان و بحور و توزيع موسيقي ، و الرواية و القصة موجهتان للقارءة فالمتلقي ينفرد بالنص و ويتفاعل معه بصمت ، فالمسرح فن تمثيلي تشخيصي بامتياز ، لذلك يجب توفير كل العناصر للممثل المشخص كي يستطيع تقديم دوره في أحسن وجه . وفي مقدمة ما يجب توفيره هو النص المسرحي و هنا تأتي أهمية التأليف المسرحي . فهي الخطوة الأولى لبناء عمل يشترك فيه الكثيرون قصد إنجازه .
طبيعة النص المسرحي حوارية صرفة ، لذلك فالتاليف المسرحي هو فن الحوار . من هذا المنطلق فالمقاطع الحوارية تقتضي اشتغالا خاصا فبها سيتم احترام البناء الدرامي بشكله التصاعدي و من ثم بلوغ الذروة ثم الحل . إذ لامجال فيه للتفسير أو الأخذ بيد المتفرج ، فالمكان في الغالب محدود جدا و الملابس تبقى نفسها و الزمان محاصر أيضا ، فيبقى المتغير هو الحوار ، ففيه ترتجى المتعة والشد و الإدهاش وفي نفس الوقت الرسالة .
في نصك هناك مقاطع حوارية جيدة و هناك كمقاطع مباشرة أرهقت النص من حيث جودة الحوار ، فلا يمكن أن نتصور يوما المسرح لإلقاء خطبة على سبيل المثال أو تقديم دروس مباشرة ، بل نتناول الموضوع في قالب درامي تراجيدي أو كوميدي بعيدا عن المباشرة ، بل يعتمدالمسرح التلميح أكثر من التصريح ، وهنا أعرج على البرولوج ، فهو تمهيد جيد أحيانا تفتتح به المسرحية و ليس عنصرا ضروريا للغاية ، فلربما في وقت من الأوقات كان المسرح بحاجة إلى تقديم استهلال يموضع المشاهد في الصورة ، لكن الآن ربما فأغلب المشاهدن لديهم ثقافة مقبولة ، والبرولوج ربما يستخدم لأغراض أخرى غير محاولة تقريب النص المسرحي لكن لا بأس في طريقة تناول البرولوج و لو أن تكراره بين المشاهد لكأنه يوحي بأن نص المسرحية معقد جدا ويحتاج إلى توضيحات ، و أيضا يشكك في ثقة الكاتب بمقاطعه الحوارية . هناك مقطع حواري جاء على سبيل إقامة الحجة على قصور الشباب ، وهوحين أقترح أحدهم على العم منصور أن يقله بسيارته إلى المسجد فاعتذر ، مستدركا فضل الماشي على الراكب في الذهاب إلى المسجد ، فطأطأ الجميع رؤوسهم ، فالأمر هنا لا يتعلق بقضية جوهرية تعلم الأخلاق ، بل القضية حتى عند المفسرين خلافية ، وهناك من يعتبر دوران العجلات بمثابة مشي . و لا تستوجب الإحساس بالحرج المبالغ فيه .

طبيعة النص" التربوية "، جعلته في اتجاه واحد وهذا ديدن المدرسة الكلاسيكية في المسرح أي أنها لا تسمح بتعدد العقد في النص وهي قضية متجاوزة في المدارس التي جاءت بعدها ، وأعتقد أن النص رغم أنه يظهر كمسرحية قصيرة جدا ، فهو لا يصل إلى درجة إدراجه كنص مسرحي ، فهو بمثابة وضعية تعلمية يمكن الإنطلاق منها لتعرف التجاوزات التي تطال العمال من رؤسائهم .
ربما يمكن الاستئناس بالنص في صنف المسرح المدرسي طبعا ، كمادة تربوية . لكن المسرحية تحتاج إلى عقدة أو فكرة يتم الاشتغال عليها عن طريق تناول العناصر المؤثرة في الموضوع على شكل عقد صغيرة تخدم في النهاية موضوع النص .


شكرا جزيلا على إتاحة الفرصة لتناول موضوع المسرح في هذا المنبر . عملك فيه اجتهاد و فيه رغبة ، و من يملك هاتين الخصلتين لابد يوما سيصل .

تقبلي مروري أستاذة عهد الزهراني .

و شكرا .