الموضوع: بعث - قصة قصيرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2011, 03:03 PM
المشاركة 7
د. محمد حسن السمان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
سلام الله عليكم
الأخ الفاضل الأديب الكبير أيوب صابر

هكذا قرأت قصة " بعث "
" بعث" عمل أدبي رفيع المستوى , كتب بقلم أديب كبير , ولقد مررت على هذا العمل , ثم عدت إليه , وقد وقعت في إشكالية تصنيف النص , فقد رأيت في النص , مقالة أدبية راقية , استخدمت روح القصة وأدواتها , فابتداء من انتقاء العنوان , الذي جاء وفق تقنية سيميائية موفقة , ليمثّل نجم الهداية , الذي بدأ بتحريض الرؤى , وفتح آفاق التفكير , ولكنه بقي شيفرة لاتكشف مدلولاتها ببساطة , ولم تشي بسرها إلآ مع إكتمال الصورة , وتسلسل الأحداث , لتشكل رفدا تكامليا ناجحا , ثم جاء المدخل للقصة , بشكل تمهيدي , مقدما لوحة أدبية راقية , في وصف مسرح الأحداث , الذي سمّاه القاص " نخلة " في حركة كودية , فالنخلة شجرة مباركة , قوية معطاءة , ذات هوية عربية , ومسرح الحدث " نخلة " جنة من جنان الأرض , وقد حاقت بها الويلات , واصابها الجدب والقحف والصراعات , إلى أن جاءها الحاكم " صهيب " , في حركة كودية أخرى , باستحضار شخصية تراثية , من التاريخ العربي الاسلامي , فصهيب العلم تاريخيا , ينتمي إلى أصول عربية يمنية , وعاش في أعمال الموصل من أرض العراق , وكان عذّبا في الأرض , فقد كان مولى , وأعتق في مكة , ودخل الاسلام مع عمّار بن ياسر , وكان من أول البدريين , وأمّ المسلمين بعد عمر بن الخطّاب , وقبل عثمان بن عفّان , ويقودنا الكاتب إلى صورة مشرقة لأرض نخلة , بفضل الحاكم " صهيب " البطل المحوري للقصة , , الذي ينتقل بالبلاد إلى مرحلة من الرخاء , وعودة الازدهار والعطاء , وجعل من أرض " نخلة " , بلدا منيعا قويا مزدهرا , ثم ينقلنا الكاتب إلى صورة مختلفة مغايرة , عندما تتكالب قوى الشر والذئاب الغادرة ( كما سمّاها الكاتب ) , وتتآمر على أرض نخلة , وعلى الحاكم صهيب , ويرسم لنا الكاتب صورة تراجيدية محزنة , عندما تسقط قوى الشر , الحاكم صهيب , ثم يقوم الكاتب بتصوير مدى الحقد , الذي تحمله قوى الشر , تجاه " نخلة " أرض الخير والقوة , وتجاه الحاكم " صهيب " , حيث يتم إعدام هذا الحاكم , صبيحة يوم العيد , الذي هو رمز أمة , في إشارة إلى الأبعاد الشريرة , لإعدام الحاكم " صهيب " , التي تتناول الرمز , وبالتالي تتناول ما يمثله هذا الرمز , ثم يرسم الكاتب لنا مشهدا مأسويا لأرض " نخلة " بعد غياب صهيب , ثم يبعث الكاتب الأمل بأرض نخلة , عندما يعيد صهيب بطل القصة المحوري , في قفلة قوية الوقع , شبحا على شكل كائن اسطوري " ولادة لكائن أسطوري ضخم لا مرئي، يبدو أن له سبعة رؤوس، وسبعون قدم، وسبعمائة يد، وعدة أوجه وسبعة آلاف عين...رأسه في السماء...وأقدامه في القارات السبع، وربما إن هذه الهيئة هي إحدى هيئاته المتعددة التي شوهد بها في أماكن كثيرة وفي أوقات متعددة...فعرفوا حينها انه هو الذي يبطش بهم، وأن أصابعه المتعددة هي التي تضغط على الزناد، وهي التي تشعل الحرائق، و، و،و...فتيقنوا حينها أن الفرسان المقاتلون في سبيل الحرية والكرامة يبعثون حين يسقطون...وأما هم فلا بد أنهم جميعا هالكون...ولكن ما أغاظهم بحق وأثار حنقهم وغضبهم هو خشيتهم أن يعود صهيب، وقد تحول إلى كائن أسطوري خالد، ليتجسد على هيئة فارس يمتطي صهوة حصان ابيض ويحكم ارض نخله من جديد... ", قفلة موفقة , على شكل رسالة خطابية .
وقصة بعث " التي رأيت فيها مقالة أدبية راقية , عمل أدبي متميّز , كتب بلغة قوية , ذات جرس نحاسي , تتماشى مع الرسالة التي يتضمنها العمل .

تقبل تقديري وحترامي
د. محمد حسن السمان