عرض مشاركة واحدة
قديم 11-16-2020, 07:40 AM
المشاركة 2758
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... أَصَحُّ مِنْ عَيْرِ أَبِي سَيَّارَةَ ....

هو رجل من بني عَدْوَان اسمه عملية بن خالد بن
الأعزل ، وكان له حمار أسود أجازَ الناسَ خالد عليه
من المزدلفة إلى منًى أربعين سنةً ، وكان يقول : أَشْرِقْ
ثَبير كيما نُغِير ، ويقول :

لاهُمَّ إنِّي تَابِعٌ تَبَاعَهْ
إنْ كَانَ إثْمٌ فَعَلَى قُضَاعَهْ*

لاهم مَالِي في الحِمَارِ الأَسْوَدْ
أصْبَحْتُ بَيْنَ العَالَمِينَ أُحْسَدْ

هَلَّا يَكادُ ذُو البَعِيرِ الجَلْعَدْ
فَقِ أَبَا سَيَّارَةَ المُحَسَّدْ

مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ إذَا حَسَدْ
وَمِنْ أَذَاةِ النَّافِثَاتِ فِي العُقَدْ


اللهم حبب بين نسائنا ، وبَغِّضْ بين رِعائنا ، واجعل المال
في سُمَحَائِنا ، وفيه يقول الشاعر :


خَلُّوا الطَّرِيقَ عَنْ أَبِي سَيَّارَهْ
وَعَنْ مَوَالِيه بَنِي فَزَارَهْ

حَتَّى يُجِيزَ سَالمًا حِمَارَهْ
مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ يَدْعُو جَارَهْ


وكان خالد بن صَفْوَان والفضل بن عيس الرَّقَاشي يختاران
ركوبَ الحمير على ركوب البَرَاذين ، ويجعلان أبا سَيَّارة لهما
قُدْوَة .
فأما خالد فإن بعض الأشراف بالبصرة تلقَّاه فرآه على حمار
فقال : ما هذا المركب أبا صفوان ؟ فقال : عَيْر من نَسْل
الكداد ، أصْحَر السِّرْبال ، مفتول الأجلاد ، محملج القوائم ،
يحمل الرجلة ، ويبلُغ العقبة ، ويقل داؤه ، ويَخِفُّ دواؤه ،
ويمنعني أن أكو ن جَبَّارًا في الأرض أو أكون من المفسدين ،
ولولا ما في الحمار من المنفعة لما امتطى أبو سَيَّارة ظهر عَيْر
أربعين سنة . وأما الفضل بن عيس فإنه سئل أيضاً عن
ركوب الحمار ، فقال : لأنه أقل الدوابِّ مَؤُونة ، وأكثرها
مَعُونة ، وأسهلها جِمَاحا ، وأسلمها صريعا ، وأَخْفَضُها
مَهْوًى ، وأقربها مُرْتَقًى ، يزهى راكبه وقد تواضع بركوبه ،
ويسمى مقتصداً وقد أسرف في ثمنه ، ولو شاء عُمَلية بن
خالد أبو سَيَّارة أن يركب جملاً مَهْرِيًّا أو فرسًا عربيًا لَفَعَلَ ،
ولكنه امتطى عَيْرًا أربعين سنة ، فسمع أعرابي كلامه ،
فعارضه فقال : الحمار شَنَار ، والعَيْر عار ، مُنْكَر الصوت ،
بعيد الفَوْت ، متغرق في الوَحْل ، متلوث في الضَّحْل ، ليس
بركوبَةِ فَحْل ، ولا مطية رَحْل ، إن وقفته أَدْلى ، وإن تركته
وَلَّى ، كثير الرَّوْثِ ، قليل الغَوْث ، سريع إلى الفرارة ،
بطيء في الغارة ، لا تُرْقأُ به الدماء ، ولا تُمْهَر به النساء ،
ولا يحلب في إناء .
قال أبو اليقظان : أبو سَيَّارة أولُ من سَنَّ في الدِّيَة مئةً
من الإبل .

* في أصول هذا الكتاب " لا هم إني بائع بياعة "
تحريف ما أثبتناه عن سيرة ابن هشام .