عرض مشاركة واحدة
قديم 05-31-2012, 08:21 AM
المشاركة 737
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
1. عبد الكريم غلاب والواقعية التاريخية والحياتية


محمد معتصم.
عبد الكريم غلاب والواقعية التاريخية والحياتية.

عبد الكريم غـلاب

كغيرها، استطاعت الرواية المغربية أن تحقق لنفسها تراكما كميا ونوعيا. واستطاعت أن تؤسس استمرارها وتحولها، أي تاريخها. فبعد محاولات الاقتباس والترجمة الخجولين والمتعثرين. وبعد محاولات الاستناد إلى الأشكال التعبيرية التقليدية كالمقامة والمقالة. خرجت الرواية المغربية إلى مرحلة التحقق الفعلي، متى كان ذلك؟ يرى الأستاذ أحمد اليابوري أن ذلك بدأ مع الرواية السيرة للتهامي الوزاني "الزاوية". إلا أن الرواية، في رأيي وهو لا يختلف عن آراء أخرى، قد بدأت خطواتها الثانية والناضجة مع تجربتين مختلفتين: الأولى لعبد المجيد بن جلون في سيرته "في الطفولة"، والثانية لعبد الكريم غلاب في روايته "دفنا الماضي".

أول صلة لي برواية "دفنا الماضي" تعود إلى مرحلة الدراسة الثانوية. وقتها كانت صلتنا –نحن الطلاب- متقطعة ومختزلة. لأن الدروس كانت تركز على بعض الجوانب وتهمل أخرى. ولأن المناهج المتبعة وقتها لم تكن بالغنى الذي تعرفه الدراسة النقدية اليوم –دراسة السرد عموما. ولأن المدرسة المغربية لم تكن قد انفتحت على الدرس النقدي الحديث كما في الجامعات وظلت في الغالب تقليدية.
وتباعدت صلتنا بها لأن بعض الدراسات الموازية لرواية "دفنا الماضي" ركزت على بعض الجوانب التي لا علاقة لها بجمالية السرد، ولا بالفتوحات التي ابتدرتها هذه الرواية.

لكن الصلة الحقيقية مع هذا العمل جاءت فيما بعد، عندما بدأ تفكيري في الرواية المغربية والبحث فيها ولها عن ثوابت وركائزتجنسها وتبحث في تربتها الأصلية، وعن جذور ممكنة. ولم يكن ممكنا إغفال روايتي المبدع عبد الكريم غلاب "دفنا الماضي" و "المعلم علي"، وروايات أخرى ك "الطيبون" لمبارك ربيع، وروايتي "الغربة واليتيم" لعبد الله العروي، و"الزاوية" للتهامي الوزاني، و"النار والاختيار" لخناثة بنونة، ورواية "جيل الظمأ" لمحمد عزيز الحبابي،،،. وروايات أخرى تختلف من حيث الشكل والهدف والأسلوب والمضامين. مثل روايات محمد زفزاف وأحمد المديني، ومحمد عز الدين التازي، ومحمد برادة، والميلودي شغموم، وإدريس بلمليح، ثم روايات أحمد التوفيق الذي ظهر مؤخرا وبزخم واسترسال.

أعلنت الرواية المغربية عن منطلقها الحقيقي والفعلي من خلال رواية "دفنا الماضي". ومن خلال الرواية نفسها أعلن المبدع عبد الكريم غلاب عن قدراته الإبداعية وطاقته التخييلية، وعن إمكانياته في رصد التحولات الاجتماعية وسبر أغوار الإنسان المغربي لفترة الاستقلال وما قبلها، وتحديد طبائعه وميوله.
ما يمكن الانتباه إليه في هذه التجربة والتي أراها شكلت خطوات المبدع عبد الكريم غلاب في درب الإبداع الواقعية التاريخية والحياتية. وتتجلى في رصد حركة الواقع العام واليومي المعيش. والقدرة على وصف الشخصيات والتحكم في طبائعها وميولاتها وغرائزها. والتحكم في تسلسل الأفعال والأحداث وتماسكها وترابطها.

إن واقعية الرواية التاريخية تظهر بمعنى آخر في اعتماد البناء على مفهومين نقديين وإجرائيين هما: الترابط والتطور.

= الترابــط:

يُقْصَدُ من الترابط إجلاء العلاقة القائمة بين الأفعال والأحداث سواء في تسلسلها المتعاقب من البسيط إلى المركب (المعقد) ثم العودة إلى البسيط. أي من البداية إلى الذروة إلى النهاية والحل. أو في تركيباتها المختلفة والمتعددة كالتراجع والتقدم المتعثر والبناءات المنكسرة. ولابدَّ في الترابط من تحقيق انسجام بين أجزاء الرواية وأحداثها. حتى لا يبدو أي أثر للتفكك والخلل. لأن في هذه الحالة إثبات لإمكانات المبدع وقدراته على خلق عوالم متخيلة أو محاكية للواقع. لأن الرواية تمثيل للحياة اليومية المعيشة.

= التطــور:

تحافظ رواية "دفنا الماضي" على البناء الأول للحكايات والرواية بحيث تتقدم الأحداث انطلاقا من مبدأ التطور والتنامي. من خلال تتبُّعِ الشخصية في مراحل متنوعة؛ مراحلها الحياتية وتطورها على مستوى الحالات النفسية والوضعية الاجتماعية.

تعتبر رواية "المعلم علي" نموذجا دالا على الواقعية الحياتية. فإذا كانت الرواية السابقة "دفنا الماضي" تتمثل "جيل القنطرة" باسترجاع الأحداث التاريخية وبناء القصة عليها. فإن رواية "المعلم علي" انتقلت إلى الواقعية الحياتية وعملية. فظهر بها مفهوم النقابة والعمل النقابي ومفهوم القانون والحقوق الخاصة بالعمال والحقوق العامة التي تشمل بقية الفئات في المجتمع. وظهرت مفاهيم أخرى كالربح والإنتاج والعامل ورب العمل/المعمل والإضراب والصراع. والدفاع عن العمال والخروج بالعمل النقابي إلى العمل السياسي المناهض للمستعمر والمستغِلِّ. وهو ما سيدفع عبد العزيز (شخصية الرواية) أن يشرح ويبين:" مهمة النقابة الدفاع عن مصالح العمال.. هكذا يفهمها زملاؤكم الأجانب، ولكنها عندكم رسالة لإنقاذ إنسانية الإنسان فيكم". ص (320، المعلم علي).

إلا أنه مفهوم النقابة يستأثر بالأحداث الصاخبة ويفرض تصوره المخالف لما هو عليه في الغرب وينخرط في عملية التحرير والمقاومة.

2/

في "شروخ في المرايا" نقف على نقط للائتلاف وأخرى للاختلاف بينها وبين ما جاء في الروايتين السابقتين. على مستوى البناء أو التقنية الكتابية فيبدو أن الائتلاف متحققٌ. أما على مستوى الموضوعات فهناك بعض الاختلاف.

للمرآة دلالة قوية الآن في الآداب تحليلا وإبداعا. والمعروف أنها تعكس حقيقة الشيء الظاهر. إذا ما توفرت لها الشروط الضرورية وهي الضوء والشيء المنظور إليه والمنعكس على المرآة والعين التي ترى إلى الشيء. وتعد المرآة في الأدب معادلا للذات فهي إمكانية وتقنية كتابية يلجأ إليها المبدع من أجل توليد آخَرِ الذات ومعادله. هاته الحالة تصادفنا في رواية "شروخ في المرايا" حيث تكتشف الشخصية في النهاية معادلها على صفحة ماء النهر الرقراق، من فوق الجسر الفاصل/الرابط بين المدينتين. فتتخلص منه. وما يمكن ملاحظته في هذه المقابلة؛ أن العمل ينبني على فكرة جوهرية متعلقة بالشخصية المحورية. تعلن تلك الفكرة عن تعدد وجود الإنسان، فهناك وجود ممكن مرغوب في تحقيقه وهناك وجود كائن مرفوض يطمح إلى تغييره وتجاوزه.

يقول النص في الصفحة الأخيرة، وبعد جرد الموضوعات التي انبنت عليها أجزاء الرواية: "تعاقبت المرايا على الصفحة الرقراقة في مجرى النهر العجوز المتكاسل، تجلت آخر المرايا ناصعة باهرة. تعاظمت ... اقتربت من عيني (...) تجلى فيها وجه لا أعرفه، لم يكن لي صديقا ولا رفيقا، خصما ولا عدوا".
" ... كان أشعث أغبر شاحبا بادي العياء والتعب والملل والاشمئزاز والإحباط".
" تسلحتُ بكل شجاعتي. جمعتُ كل ما عاش في ضميري من ماضٍ، ومن حاضر، من مستقبل ... تلاشت المرآة الصافية وأنا ألقي بين أمواج الوحل، ومياه النهر تجرفه بتؤدة نحو البحر ...". ص (159).

لعل في هذه الخاتمة ما يفسر معنى الشرخ. ذلك الذي يصيب النفس ويشعرها بالهبوط والإحباط تجاه كل ما يقع.

تتأسس الكتابة عند المبدع عبد الكريم غلاب على الفكر، التَّفَكُّرِ في الأشياء، في الإنسان ومصيره والتاريخ وتقلباته، ومفهوم الحرية، والقانون، والعدالة، والأخلاق. والتفكير في قضايا كبرى ومفاهيم ومقولات عليا غالبا ما تنحو جهة التراجيديا. خصوصا وأن المفكِّرَ لا يجد نفسه بعيدا عن الموضوعات التي يطرحها بل يتشَرَّبُها كيانهُ وتصبح قضيته الخصوصية ويتلخص في كيانه كل الوجود.
وما الشخصية المحورية إلاَّ مرآة تعكس لنا ما يجري وما يحدث في عالمنا من تحولات وكيف تؤثر في الإنسان. ولهذا نسأل في العمل الروائي عن الشخصيات التي استفادت إيجابا عن المرحلة والشخصيات التي انعكس عليها التحول سلبا فضمتها دروب التيه والضياع. فلا نجد إلا شخصية واحدة استطاعت أن تعلن سعادتها وفرحها بما وصلت إليه. وهي الطالبة ذات العينين الخضراوين. والتي ترفض أن ترتبط حياتها بحياة محامٍ. فصمدت إلى أن حصلت على شهادة دكتوراه كي تلقن الطلبة في الجامعة ما لا يفيدهم في شيء. لأن الجامعة عقيمة.
أما الشخصيات السالبة فمتعددة بدءا من الراوي الشخصية إلى ذات العينين السوداوين والطالب الشيوعي المتطرف والحقوقي الذي يحلم بالهجرة في سبيل الله وهو لا يملك جواز سفر. والمحامي الذي يقتات على مشاكل الناس وهفوات وفجوات القانون. والأب الذي يطمع في الاستمرار وتشعب غصون شجرة السلالة/العائلة. والأم الخضوع المستسلمة.

تبدأ الرواية بالحديث عن الولادتين:الطبيعية والحصول على شهادة الإجازة في الحقوق. وتنتهي بتلاشي المرآة الصافية، آخر المرايا. وهذا النوع من البداية والنهاية يحصر التفكير في الجانب المفجع، أي التفكير الوجودي القلِقِ. لهذا فالشخصيات الإيجابية تعلن عن تصالحها الذاتي مع المحيط، وتكيفها مع تحولات المرحلة. أما الشخصيات السالبة فهي تصارع من أجل أن تكون. إنها شخصيات جامعية اكتوت بلفح السهر والحفظ وبنء الأحلام الوردية الجميلة والرغبة في المساهمة في الحياة العامة لكنها تفاجأ بالنتيجة الصاعقة:غياب العمل وتحطم الأحلام على صخرة الواقع. بذلك تفقد الجامعة أو على الأصح الشهادة الجامعية كل قيمة. كيف ذلك؟ يتجسم هذا في الموقف الذي قررته الشخصية المحورية (الراوي) في لحظة إشراق أو لحظة يأس عارم. جاء في النص:" لم أترك النار تلسع أصابعي هذه المرة. كانت هي بين أصابع اليد اليمنى ورقة، مجرد ورقة، شَقِيتُ من أجلها سنوات، سهرت الليالي، حملت الهم بالنهار، حملت أخلاقا مزعجة بالليل. ها هي ذي بين إصبعي: ورقة، مجرد ورقة ستلامس وهج الوقيدة لتقبلها قُبْلةً حرى أبدية، وتستحيل، آه … استحالت؛ رمادا مورقا فاقعا في رماديته. تحول نفثه ذرات لا تقوى على الصمود في وجه هبة ريح ينفثها صدر ضاع فيه الأمل". ص (34.33).

هذا نموذج فقط على الإحباط لكن هناك موضوعات أخرى عالجها العمل الروائي واتخذها مرتكزا ودليلا على فساد الأمكنة والناس والأحلام والمقولات. كموضوعة الحب والزواج والعمل والانتماء، والتاريخ والقانون، والأخلاق، والعدالة. إنها بحق رواية حياة، رواية مرحلة حياتية صعبة وانعطاف خطير يتغذى على ضحاياه. أولئك المسكونين بالحلم والتغيير والمساهمة في البناء العام: بناء الذات والوجود الخاص.

البنــاء والموضوعات.

ليست الرواية رصدا لتحولات المرحلة فحسب ولا عرضٌ لحالة وجودية قلقة ومضطربة حائرة بين وجودها ومصيرها بين ما هي عليه وما تريد أن تكون عليه. بل الرواية بناء ولغة أيضا.

تنبني الرواية في مسارها العام على التراتبية الزمنية. لأنها تلتزم بالمقدمة/البداية وتصعد بالأحداث والحالات النفسية للشخصية نحو الذروة ثم تنتهي إلى حل. وذلك في تناسق وترابط وانسجام فلا يحس القارئ بالتفكك أو الانكسار.
ولهذا البناء العام أثر على البناءات الصغرى المتعلقة ببناء المحتوى في كل جزء من أجزاء الرواية وبناء الشخصيات، والبناء الخارجي للأجزاء.

على مستوى تراتبية الموضوعات والتي تتحول بعد التأمل والحوار إلى مقولات فكرية قد أفرغت من محتوياتها، حسب رؤية الراوي [وهو طالب مجازٌ في الحقوق، لم يعثر على ضالته فأصيب بالخيبة] ... أقول على مستوى ترتيب الموضوعات نجد الرواية تحتفي بما يلي:
موضوعة الحب. حيث يتحول الحب من مشاعر إنسانية متبادلة ومدعومة باتجاهات النزوع والميول الخاصة والمشتركة بين الطرفين المتحابين، إلى نوع من الاستلاب. لأن المُحِبَّ يفقد السيطرة على نزوعه ويفقد التحكم في رغباته وينقاد طواعية لما تمليه عليه استيهاماته. ويتحول عند بعض الشخصيات إلى قيمة اجتماعية مدروسة قبْلاً. وهو ما أثر في الراوي واسترجعه بمرارة خلال مسار الرواية. أقصد فتاة الكلية ذات العينين الخضراوين.
وعن هذه الموضوعة تتولد موضوعة الزواج. فإذا كانت المرأة سلطة فإن الزواج أكبر خطأ في ظل شروط المرحلة القلقة والمضطربة حيث أُفْرغتْ كل المقولات من محتوياتها. لأن في رفض الزواج رفض للاستمرار، ورفض للمشاركة في الإنجاب والتكاثر دون اختيار. واتباع نهج الآباء بشكل تقليدي بدون رأي أو رؤية خاصة ذاتية.

هناك أيضا موضوعة الاعتقاد، يطرح من خلالها الراوي-وعبر سجال فكري عابث حينا وجاد آخر- ما يهيمن على الفكر في المرحلة القلقة الحالية. وقد اختار لها نموذجين من طلاب الكلية: الأول كرس حياته للشيوعية، الدين الجديد الذي ينبغي أن يتحقق في العالم بأسره وألا ينحصر فقط في بعض البلاد الشرقية والغربية. والثاني كرس حياته للهجرة في سبيل الله لإحلال الإيمان محل الكفر في المعمور. لكنهما معا يصطدمان بالفشل. ولذلك يُرْجِعُ الأول فشله إلى ماركس الذي لم يفكر في تجاوز البحر. ويكتشف الثاني أن الهجرة لا يمكنها التحقق لأنه لا يملك جواز سفر. إلا أنهما يأبيان الاعتراف بذلك الفشل الذريع.

موضوعة الإعلام، السلطة الرابعة، تأخذ نصيبا من النقاش في الرواية، وطبعا فالراوي ينطلق من نقطة واحدة وينظر إلى الوجود والموجودات بعين واحدة فلا يرى في الجرائد غير الكلام المرتجل والخائف وكأن الرقيب ما يزال قيد الحياة يمارس سلطته بل تسلطه. وعن الإعلام تولَّدَتْ موضوعة السياسة والوطنية والتحرير. وكذلك موضوعة الهجرة إلى البلاد المتقدمة من أجل تحسين شروط العيش أو البحث عن عمل يسد رمق الجوع.

سيجرب الراوي الإيمان الصوفي لعل بارقة أمل تسطع على كتفيه. لكن لا أمل! والاطمئنان اللحظي الوحيد الذي شعر به الراوي يتمثل في عالم الأموات. في اليوم الذي قضاه في المقبرة. يقول مؤكدا شعوره :" وجودي بينهم؟ معهم؟ ". ص (139).

ينبني حكي الموضوعات على مستويين: مستوى عام ومهيمن، وهو السرد الذاتي. ومستوى ثان، وهو السرد الغيري.
يتكلف الراوي الشخصية بلملمة أطراف الحكاية ما دام هو محورها. وقد وظف لهذه الغاية تقنيات كتابية متعددةً ومتنوعة. كلها ساهمت في إبراز محتوى الأفكار المطروحة (للنقاش) والأحداث المرصودة في الحياة العامة للمرحلة. منها: البوح والتأمل والشرود والاستذكار والاسترجاع والاعتراف.
أما السرد الغيري، ونقصد به إشراك الشخصيات الأخرى في بناء النص بأصواتها الدالة عليها موقفا ورؤية فقد استعان المؤلِّفُ بالتقنيات الكتابية الأكثر انتشارا كالحوار. وهو يغطي مساحات مهمة من العمل الروائي. وكالسجال فيما يتعلق بمحتوى القضايا الكبرى المثارة أعلاه.

لا تختلف لغة "شروخ في المرايا" عن اللغة في الروايتين الهامتين السالفتي الذكر: "دفنا الماضي" و "المعلم علي". لأنها لغة فكر وبالتالي فهي تحاجج. ولغة المحاجة لغة تقريرية سليمة محور تركيزها الإفهام، وتوصيل المعلومات وتوضيح المعنى. كما أن لغة الرواية تستثمر ثقافة صاحبها –الراوي- فتطعِّمُ الأسلوب ببعض الآيات القرآنية وبعض الأمثال الشعبية والعربية الفصيحة، وببعض الأبيات الشعرية. وهذا الذي وقفنا عليه في موضع آخر خصصناه لمجموعة الكاتب القصصية "هذا الوجه أعرفه".

تلتزم رواية "شروخ في المرايا" بالنهج الذي اختطه المبدع عبد الكريم غلاب لنفسه منذ العمل الثاني "دفنا الماضي" في مساره الإبداعي. وهو بذلك يشكل البداية الحقيقية للرواية المغربية وجدعا تفرعت منه غصون أخرى تكتب وفق تصورات مختلفة سواء على مستوى الشكل (الخطاب) أو على مستوى المحتوى (القصة). وهي أشكال كتابية تتعايش فيما بينها من أجل تلميع سماء الرواية المغربية المعاصرة والحديثة.


محمد معتصم الناقد الأدبي.
الدار البيضاء. المغرب.
25/03/1996م.