عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2017, 03:38 PM
المشاركة 25
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سلام وصدمة الرسوب

سلام صبية جميلة أمضت طفولتها ودراستها في بيئة محافظة تقدر التعليم وتعلي من شانه. وكانت سلام فتاة مجتهدة في سنوات المدرسة، لا تكاد تفارق الكتاب ، حريصة على النجاح ونيل علامات مرتفعة في الامتحانات ، وقد لاقت من أسرتها كل الدعم والمساندة. وما ان وصلت الى الصف التوجيهي حتى ضاعفت جهدها وعينيها على الجامعة والدراسة الجامعية وقد أنهت التوجيهي بنجاح وتفوق.

عاشت حياتها قبل الجامعة مثل قطة عمياء. لا تكاد تلتفت لشئ سوى لدراستها. حتى انها لم تحصل على جهاز جوال الا بعد ان أنهت دراستها المدرسية.

ظلت بعيدة عن وسائل الاتصال الجماهيري وعن كل امر يمكن ان يشوش على أفكارها ويوثر سلبا على علاماتها، وساهم الاسلوب التربوي المحافظ المتبع في مدرستها الخاصة في ابقاءها في الظل. فظلت غضة ساذجة منقطعة عن التفاعل مع اي بيئة خارج اطار الاسرة والمدرسة.

تلقت في سنتها الاخيرة في المدرسة إرشادات حول الحياة الجامعية، وكيف يجدر بالفتاة ان تتصرف في بيئة منفتحة ومختلطة، من خلال مجموعة نشاطات أقامتها المدرسة لهذا الغرض من بينها مسرحية هادفة ، دعيت اليها حتى بعد ان اعلنت نتائج التوجيهي وتبين انها واحدة من الناجحات في ذلك العام.

ولكونها حصلت على معدل عالي سارعت للتسجيل في الجامعة. والتحقت بعد مخاض عسير حول مجال التخصص في كلية إدارة الاعمال.

بدات سلام عامها الجامعي الاول بفرح عارم، على الرغم انها كانت في ايامها الاولى تشعر بغربة في ظل هذه الأجواء المختلفة عما الفته في المدرسة والبيت. كانت تذهب مباشرة الى المحاضرة الاولى وما تكاد تنهي سلسلة محاضراتها حتى تغادر ارض الجامعه. ظلت علاقتها محصورة بصديقتها الوحيدة سميرة زميلتها في المدرسة ذات النهج المحافظ. ولم تكد تتعرف على صديقات اخريات جدد، ناهيك عن الالتزام بالابتعاد عن الزملاء من الجنس الاخر بشكل شبه مطلق.

لكن هذا الحال لم يطل كثيرا. حيث بدات تزور الكفتيريا بإلحاح من صديقتها سميرة . وهناك صارت تمضي وقتا طويلا وهي تتبادل اطراف الحديث مع شلة من البنات أخذت تتسع شيئا فشئيا تجمعهم الطاولة رقم خمسة في زاوية الكفتيريا الخلفية.

ولم يطل الوقت حتى جربت سلام السجائر وغرقت حتى أذنيها في اللهو واللعب والاجواء الشبابية الحانعية ، وكادت تنسى تماماً متطلباتها الدراسية . كانت تتعمق في الانخراط في الحياة الجامعية وتبتعد اكثر فاكثر عن الكتب. مرت الايام سريعه وهي تكاد تكون في غيبوبة. انقطعت عن متابعة المراجعة اليومية. تراكمت المواد عليها وهي لا تدرك ان ساعة الزمن تدور بسرعة فائقة. جاءت نتيجة الفصل الاول مخيبة للامال وحصلت على انذار لتقصيرها. كان ذلك جرس إنذار صم أوذنيها، لكنها لم تصح من غفلتها. واستمر بها الحال على ما اصبحت عليه في الفصل الثاني. ومع نهاية الفصل قررت الجامعه فصلها نهائيا من الدراسة لتقصيرها.

لم تصدق سلام ما حل بها. أخذت تقلب كتاب الفصل الذي أستلمته من عمادة الكلية. وفجأة دار شريط سنتها الجامعية في ذهنها. تذكرت كم من الوقت أمضت وهي تلهو وتلعب. تذكرت حياة اللهو في الجامعة التي اختطفتها من الكتب. كانت صدمتها مزلزلة لما حل بها.
وضعت راسها بين يديها وشريط ما سبق من حياتها ماثل امام ناظريها وسالت نفسها اين كان عقلي؟
*