عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-2017, 01:56 PM
المشاركة 23
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحبا استاذ ياسر

اقتباس " أنا شخصيا أثق في العقل الإنساني و قدرته على إيجاد الكثير من الحلول للكثير من الأزمات ومنها أزمة اليوم المتمثلة في فقدان الثقة في العقل تحديدا.
لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية، وهذا تحديدا ما خلص إليه الجابري عند دراسته للعقل العربي، عندما وجد أن بنيته المعرفية تتنازعها ثلاثة أسس العقل البياني المستند على اللغة العربية و آليات اشتغال اللغة العربية و العقل العربي القديم المؤسس على نظرية الجوهر و الذرية، مما يجعله يستقيل بأريحية و ينتج في الوقت ذاته " الشعر" لما يتيحه الشعر من التجويز و ساد هذا النمط المجازي حتى عند فقهاء اللغة و البيان عموما فتسمع على سبيل الذكر يجوز الوجهان في كثير من الموضوعات. وهي نفسها العقلية العربية التي لا تميل إلى التعمق وتحب المعالجة المظهرية " السطحية"

والأساس الثاني هو العرفانية التي سادت بشكل من الأشكال بعد العقل البياني، والمستندة أساسا على أن المعرفة تأتي بواسطة إشراق أو حلول و غيرها من الأشكال اللا تجربية أو إن شئت اللاعقلية، وكانت نظرية الفيض سواء عند الفرابي أو ابن سينا أحد أوجه هذا المزج بين الثقافة الهرمسية و البيان العربي وبعض من العقلانية اليونانية، ويمثل أفلوطين عصب هذه الفلسفة ويعتبر في الأخير أبو حامد الغزالي أكثر من أصل لهذه الثقافة عربيا.

في حين الأساس الثالث هو العقل البرهاني الذي وجد الكثير من الصعوبات ليندمج مع المنظومة الثقافية العربية، ويعد ابن رشد من وصل إلى حقيقته الفعلية لكن هذه النهضة المتأخرة لم يكتب لها النجاح، ولم توفق في إنجاز ما هو مطلوب أي المرور إلى مرحلة العقلانية. بل انتشر التصوف بشكل رهيب في البنية العقلية العربية، أكثر حتى من البيان نفسه."

استاذ ياسر

لا اعرف مدى دقة هذه التصنيفات التي اوردتها وهل كان لدى الجابري او غيره ممن اجتهدوا لتنميط العقل العربي وتصنيفة ضمن هذه الاطر. لكني حتما اؤيد بقوة صحة ذلك الضرر التي اوقعته العقلية العرفانية والتي هاجمت العقل وقدمت عليه النقل ممثلة بالامام الغزالي.

ارى بأن الامام الغزالي بفكره الصوفي او تلك الاسس التي ادت الى ظهور التصوف وانتشاره كما تقول هي وللاسف تكرار لسيطرة العقلية اللاهوتية التي جعلت الكنيسة تسيطر على الامور بعد الميلاد بثلاث مائة عام تقريبا والتي حاربت الكنسية اثناهئا العقل فغرقت العالم بما اصطلح عليه ظلام العصور الوسطى، ولو قدر للتيار الذي قاده ابن رشد في الاستمرار واخذ دوره في المجتمع الاسلامي ولم يحارب لظلت شعلة النهضة بيد الامة العربية والاسلامية.

ولكن تاريخنا يقول ان الاسلام العقلاني الذي يرفع من شأن العقل انتهى بسيطرة المتصوفة مع مطلع القرن الحادي عشر ميلادي ونحن منذ ذلك الحين نراوح مكاننا ان لم نكن مستمرين في الانحدار نحو مزيد من الظلام.

لا بد من العقلانية حتى نهزم الظلام وننهض ولو ان مبطلات العقل اصبحت عديدة وقوية لكن كما تقول "لا يوجد الكثير من الحلول أمام الإنسان إلا التوظيف الأمثل لقدراته العقلية"...ولا بد ان يجعلنا هذا التوظيف نسأل باستمرار اين كان عقلي ؟ لعلنا نتمكن من الاستفادة القصوى من العقل والعقلانية.