عرض مشاركة واحدة
قديم 03-20-2011, 07:18 PM
المشاركة 210
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (44)




جَلَّ الشَّهِيْدُ



جلَّ الشَّهيدُ لقد وفَّى بما وعدا
وأرخصَ الغاليَيْنِ الروحَ والجسدا


فاسألْ ذُرا الشيخِ* يومَ الرَّوعِ كمْ سمعتْ
وكمْ أتاها من التَّزآرِ رجعُ صدى


قرآنهُ في فمِ الرشاشِ يقرؤه
والحقُّ والنصرُ في قرآنه اتَّحدا


تقحَّمَ الهولَ لم يخفلْ بلاهبةٍ
إذْ راحَ يخطرُ فيها ضيغماً حرِدا


لبَّى ذرا القدسِ إذْ ناداهُ مضطهَدٌ
فلم يُطِقْ أنْ يَرى في القدسِ مُضطَّهدا


وانقضَّ يحملُ في جنبيهِ ألفَ هوىً
لثأرِ يافا وللأعداءِ ألفَ رَدى


فلَّ الحديدَ وما فُلَّتْ عزيمتُه
كالرَّعدِ مُنفجراً كالشَّمسِ مُتَّقدا


وراح يَصلى ويُصلي الغادرين لظىً
لمَّا تصدَّى لهم حتى غَدوا بددا


واستقبلَ الموتَ وضَّاحَ الجبينِ كمنْ
يستقبلُ الفجرَ مخضلًَّ الرؤى غَرِدا


* * *

يا باذلَ النفسِ ما أغرتكَ فاتنةٌ
غير الشهادةِ حسناً آسراً وندى


دربُ الخلودِ بساحِ الحربِ أوَّلها
وافيتَها مؤمناً بالنصرِ مُعتقدا


كم وقفةٍ لك شرَّفتَ النضالَ بها
وكنتَ كالشمسِ تهدي النورَ والرَّأدا


غضبتَ للأرزِ يَدمى في مشاحنةٍ
إذْ أجمعوا الأمرَ واغتالوه منفرِدا


رأوا بلبنانَ منجاةً لما عَقدتْ
كفُّ الخيانةِ والغدرُ الذي احتشدا


لَئِنْ تنكَّرَ للتحريرِ خائنهُ
وراح يحشدُ في أوكارهِ العددا


فقد مَضيْنا إلى لبنانَ نرفدُه
بأبحُرِ الدَّمِ يا سعدَ الذي رفدا


* * *

فديتُ أرزَكَ يا لبنانُ كم سَهِرتْ
عليكَ عينُ الحِمى والجفنُ كم سهدا


جاؤوا إليكَ أساطيلاً محمَّلةً
بالحقدِ والموتِ يا ويحَ الذي حقدا


هبُّوا على وعدِ " أمريكا " لهم فمَضوا
يشدُّ ساعدَهم مَنْ أصلَهُ جَحَدا


وعدٌ على وعدِ " بلفورٍ " له هدفٌ
وقد وأدناهُ فيهم قبلَ أنْ ولدا


يمضي الطُّغاةُ ويبقى الشعبُ منتصِباً
كماردٍ لكنوزِ النصرِ قد رُصِدا


* * *

يا أرزَ لبنانَ في القُربى لنا رَحِمٌ
إني لأشفقُ أنْ ألقاكَ مضطَّهَدا


" أنطونُ " يا أرزُ يمضي في خيانتِهِ
فيحرقُ القلبَ يا لبنانُ والكبدا


يمشي على جُثَثِ الأطفالِ مرتدياً
ثوبَ المهانةِ مزهوَّاً بما عَقدا


وكلّ ما يبتغي الأوغادُ من وطني
أن يحصُدَ اليأسَ لا أن يزرعَ الشّهدا

* * *


وقفتُ شعريَ للأبطالِ أُبدعُهُ
أشتقُّ من كبدي الأوتارَ مجتهدا


إني لأبرأُ من نفسي وقافيتي
إنْ لم يذودا عن الأوطانِ يومَ فِدا


حسبُ الخلودِ دروبَ الموتِ تمنحُه
نمضي ركوباً لها يا ذلَّ من قعدا


قد صفَّقتْ جنباتُ الخُلدِ من فرحٍ
وسَلْسَلتْ وِردها الصَّافي لمن وَردا


عرائسُ الحورِ ترنو في مدارجِها
تستقبلُ البذلَ والإقدامَ والصَّيَدا


لم تعرفِ الأرضُ أوفى خافقاً ويداً
من الشهيدِ على حُصبانها رقدا


* * *

يا واهبَ النفسِ تَرقى في معارجِها
إلى السماءِ نعيماً خالداً أبدا


قلْ لي بربِّكَ ماذا أنتَ مدَّخِرٌ
غير الخلودِ يُعزِّي الأهلَ والولدا


النُّعْمَياتُ بدنيا الناسِ فانيةٌ
من عاشَ فيها يُعاني الهمَّ والنَّكدا


وعندَ ربِّكَ جناتُ الخلودِ زهتْ
عيشاً كريماً وإنعاماً ونورَ هُدى


ما ماتَ من خطَّ سِفرَ المجدِ من دمِهِ
لمَّا سقى التُّربَ يومَ الزحفِ بل وُلدا




1983


ذُرا الشيخ ... جبل الشيخ حيث
دارتْ معركة السادس من تشرين
عام 1973