عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2011, 04:29 PM
المشاركة 204
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (38)





رَجْعُ الصَّدَى





تهنئةٌ لأستاذي الكريم الأديب
الكبير عبد الرزاق الأصفر
بمناسبة وصوله سنّ المعاش
أطالَ الله عمره






من الأزهارِ أقتطفُ المعاني
ومن قلبي أزفُّ لك التهني


وأرجو اللهَ أن يُبقيكَ ذُخراً
لأصحابِ البلاغةِ والبيانِ


فأنتَ أريبُنا في كلِّ رأيٍ
وأنتَ أديبُنا في كلِّ آنِ


وأنتَ الدُّرُّ في بحرِ المعاني
عليهِ نغوصُ في لُجَجِ الجمانِ


يراعُك مُسكِرُ النفَحاتِ ثرٌّ
كينبوعٍ تفجَّرَ في المغاني


جرى يهبُ الحياةَ فكانَ رُوحاً
وريحاناً تضوَّعَ من جنانِ


فأبدعَ في مغازلةِ القوافي
وأدهشَ في مُساجلةِ الكمانِ


وحلَّقَ بالعقولِ على جناحٍ
فأغرى الناسَ من قاصٍ ودانِ


وزوَّدني بآلافِ الدَّراري
فأجرى المُعجزاتِ على لساني


* * *

" أبا حَسَنٍ " أهنِّئُ فيكَ نفسي
فكرمُكَ قد تعتَّقَ في دناني


فمنكَ أضأتُ قنديلَ القوافي
وعنكَ قَبستُ أسرارَ المعاني


وبين يديكَ كم صلَّيتُ حتى
تجلَّى الشعرُ في ثوبِ افتتانِ


فكم أصغيتُ في لَهَفٍ وشوقٍ
إليكَ وأنتَ تنقشُ في جَناني


عرفتُ بكَ المعلِّمَ والمُربِّي
ونابغةَ الزمانِ على الزمانِ


زمانَ حَضَنْتَنا طُلَّابَ علمٍ
نسيرُ على هُداكَ إلى الأماني


وها أنا ذا أصوغُ لك القوافي
مُتوَّجةً بتاجِ العنفوانِ


ترقُّ حروفُها وتهيمُ نشوى
إذا أجرى جداولَها بَناني


وإنْ عزَّتْ عليَّ نذرتُ روحي
لأجعلَها تَفجَّرُ في كياني


لقد علَّمتني معنى التحدي
إذا ما الدهرُ أمعنَ بالحرانِ


أموتُ ببردِ أحلامي وأحيا
إذا سعَّرتُها في مِهرجانِ


وأجفو الموبِقاتِ لعلَّ نَحْسي
يُجافيني ولكنْ ما جفاني


يريشُ ليَ السهامَ فأتَّقيها
بآمالي وأسخرُ من زماني


* * *

" أبا حَسَنٍ " وتقفزُ في خيالي
ألوفُ الذكرياتِ بلا عنانِ


فألمحُ بارقاً في كلِّ ذكرى
يَرُدُّ الروحَ يَخطُرُ في ثواني


يُذكِّرُني بما أغنى شبابي
وأورثني الشجاعةَ في الطِّعانِ


ولقَّنني فنونَ القولِ حتى
سموتُ على البلابلِ بامتحانِ


أَصولُ بمُرهفِ الحدَّينِ عُجباً
وأخطرُ بالمُثقَّفِ واليَماني


أُفرِّقُ جمعَ أعدائي بشعري
وأَجذبُهم إليَّ بصَولجاني


وأتركُهم ورائي لا أُبالي
بمن أثنى عليَّ ومن هجاني


تَرصَّدني الظَّلومُ لصبِّ حقدٍ
ولم يَعن الأذلَّةَ بل عناني


وحمَّلني المُخاتلُ وِزرَ غيري
فلم أرقدْ على سُرُرِ الهوانِ


تحدَّيتُ المخاطرَ والمنايا
وهدَّمتُ المغاورَ والمباني


وأرهفتُ اليراعَ وذُدْتُ فيهِ
فكانَ الشعرُ أنفذَ من سِنانِ


* * *

" أبا حَسَنٍ " برغمِ سموِّ نفسي
أعاني من زمانيَ ما أُعاني


شجوتُ العاشقينَ بنايِ شعري
ونايُ الحِبِّ أخرسَ من شجاني


فكم دغدغتُ أحلامَ العذارى
بما أبدعتُ من غُرَرٍ حِسانِ


وترجمتُ المواسمَ في بلادي
فكانَ الشعرُ أصدقَ ترجمانِ


فلي نايٌ يُذيبُ الصخرَ وجداً
ببُحَّتِهِ ويغدقُ بالحنانِ


أراهُ لديَّ مِطواعاً عصيَّاً
ولكنْ في الملاحمِ ما عصاني


أُقلِّبُه على شفتيَّ حُبَّاً
فينطقُ والعيونُ له روانِ


فشعري منكَ رَجْعُ صدىً وما لي
بما نضَّدتُ من دُرَرٍ يدانِ




9-8-1995