عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2011, 02:44 PM
المشاركة 158
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هانى الراهب
- من غيمة تُدعى مشقيتا، هطل هاني الرّاهب، مثل مطر نيسان في أيار عام 1939،
- حين شعرت أمّه «نزهة» بالمخاض، تركت الغرفة التي تسكنها عائلتها، المكوّنة من تسعة أشخاص، والتجأت إلى المطبخ الذي تشترك باستخدامه خمس عائلات، وأغلقت بابه من الدّاخل، ثم تمدّدت في إحدى زواياه منفردة، بآلامها وبالمخاطر التي تهدّد حياتها، إلى أن ولدت هاني محمّد علي الرّاهب، وذلك في عام 1939.
- والد هاني الراهب كان أبكم واصم، وكان عند ولادة هاني ذو لّحية بيضاء، مسترسلة على صدره، حتّى خصره النّاحل.
- عانى هاني الراهب في طفولته من ترحال عائلته بين قريته ومدينة اللاذقية، ومن آثار عواصف الحرب العالمية الثانية، التي كانت تهب من كل اتجاه وتنذر بتدمير العالم، وقد خزّن الكاتب في قبو ذاكرته مشاعر الخوف، الظلم، القلق والنّقمة لتنعكس صوراً في رواياته، وجراحاً لم تندمل حتّى وفاته.
- أمضى هاني طفولته في رعاية أمّه وأبيه وبعض أخوته، وبدأ دراسته في مدرسة القرية الابتدائية، إلى أن توفي أخوه عليّ، الذي كان يعمل في اللاذقية ويتولّى رعاية العائلة بكاملها، عن عمر لم يتجاوز الاثنين وعشرين عاماً.
- كان هانىالراهبكاتبا استثنائيا امتلك حدسابالمستقبل لم يرق إليه سواه، وقد ظل يتناول في كتاباته الشأن العربي العام، ولميقارب الأدب الذاتي قط، فقد ظل مأسورا للحالة العامة للناس.. لمآسي البشر في طولالوطن العربي وعرضه.
- ولد الأديبهانيالراهبعام 1939م في القريةالبديعة الجمال (مشقيتا) التي تبعد قرابة 20 كم عن مدينة اللاذقيةبسوريا.
- درس الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق ونال شهادة الماجستير من الجامعةالأمريكية في بيروت. نال شهادة الدكتوراه من بريطانيا. مارس التدريس لسنوات في جامعة دمشق.
- عاش فيالكويت وكان عضوا في الهيئة التدريسية في كلية الآداب لمدة عشر سنوات منذ 1988 وحتى 1998 .
ثم عاد إلى دمشق وتوفي فيها إثر مرض عضال أصابه في 6 شباط /فبراير2000م.
- كانت اول رواية له وعمره 22 سنة بعنوان " المهزومون".التى غلفتها نفحة منالسارترية والعبثية فى آن واحد، قدمهانيالراهبتصوراً عميقا للحالةالعربية التي تعاني التفكك والانعزال وتوقع سلسلة من الهزائم تبدأ بسقوط الشعاراتالواهية التي كانت تطلقها الأنظمة العربية آنذاك
- أخذ بعدها يطلق صرخاته المتمردة على الواقع المتردي، وبدأ مسيرتهالإبداعية الطويلة التى رصد خلالها هموم ملايين الناس فى هذا الوطنالكبير.
- بعد موت اخوه علي تولّى أخوه سليمان، رعايته ، حتّى حصل على الدرجة الثانية في الثانوية العامة، فمنح مقعداً مجانياً في جامعة دمشق، قسم اللغة الإنكليزية، كما منح راتباً شهرياً قدره 180 ليرة سورية. وفي أواخر عام 1957 سكن هاني الراهب مع اثنين من رفاقه في غرفة واحدة في حي الشعلان، ثم دعاه أخوه هلال الرّاهب للعيش معه.‏ وفي ذلك إشارة إلى غياب الأب طبعا إما بالموت الفعلي او بالعجز.
- الراهب ككاتب يمتلك رؤيا من نوع خاص، يمتلك حدساً بالمستقبل يقترب من النبوءة فى بعض ملامحه. ففي «المهزومون» التي غلفتها نفحة من السارترية والعبثية في آن واحد، قدم تصوراً عميقاً للحالة العربية التي تعانى التفكك والانعزال، وتوقع سلسلة من الهزائم تبدأ بسقوط الشعارات الواهية التي كانت تطلقها الأنظمة العربية آنذاك، هذه الشعارات التي جعلها غلافاً لروايته، ليخبرنا عن مدى هشاشة هذه الأنظمة وشعاراتها الزائفة، وهذا ما حدث فيما بعد حيث توالت الهزائم العربية داخلياً وخارجياً على نحو مأساوي مفجع.
- هاني الراهب روائي سوري من أصحاب الكلمة الممنوعة والمقموعة والمغيبة. اقتحم بوابة الرواية بثقة وجواز مرور واحتلت نصوصه موقعاً واضحاً في الأدب القصصي والروائي السوري والعربي المعاصر.
- عاش هاني الراهب في زمن الانقلابات والعواصف والصراعات الفكرية التي أعقبت نكسة حزيران، ومات في الرمال التي غطت أرض الوطن العربي بعد عاصفة الصحراء والهزيمة الكبرى في العراق، تاركاً ومخلفاً وراءه الصدق والوهج وألم الفقدان ووجع الغربة والأسئلة عن الذات والحالة العربية الراهنة.
- يعبر هاني الراهب عن حالة وبؤس الواقع العربي المأزوم والمهزوم على لسان «أسيان» بطل قصته «المعجزة» فيقول: «إن حياتنا اليومية مطبوعة بطابع النذالة والتفاهة والغيظ والمماحكة، وعلينا أن نتخلص من هذا الطابع لتصبح الحياة ممكنة.
- يحاول هاني الراهب في نصوصه رسم ونقل هموم وعذابات أبناء جيله ووصف حالة الانهزام والسقوط والتكيف في ظل الهزيمة، ونجده في قصة «الخامس الدائم من حزيران» يحكي عن مجموعة من الشباب المرح الذي يستسلم للهو والرقص للهروب من الواقع ونسيان ما يقلق البال وتنتهي حفلة الرقص بحادثة تقضي على الفرح الكاذب عندما تظهر لاجئة فلسطينية طالبة الخبز لأطفالها الجياع.
- يرى فيما كتبه ان الحياة نفسها حالة حرب «السلام حالة موت»..ومن هذه الحالة يولد الحب والفن وتولد الإنسانية...
- أقام بيننا هاني الراهب ليرحل، حاملاً بخفّة خيمته، بحثاً عن ماء بهي، يكون جديراً بعطشه، تاركاً آثار خطواته تغوص في ثلج الحقيقة، ممتثلاً لأوامر الرّيح، تحمله إلى أماكن بعيدة، واسمه ما يزال على طرف ألسنتنا، نريد أن نناديه، نودّعه، لنقول له: هاني الرّاهب، شكراً لقلمك، الذي بعث الشباب في وجه الرواية المعاصرة في سورية، موقظاً إيّاها من سباتها العميق، معيداً الألق والشّعلة لنظراتها، مطالباً بالديمقراطية والأمل على التغيير.
- ارتاح هاني الراهب في السادس من شباط عام 2000 من صخب الحياة وهمومها، ونام بجانب تلك الصّومعة التي كانت مصدر إلهامه، في لحدٍ نديّ التّربة، طاهر الجنبات، يحرسه ضريح رخامي أنيق التّكوين، يرتفع فوق تلةٍ عالية، قريباً من مزار قبر جدّ أبيه الشّيخ سليمان الراهب، ليطلّ إلى الأبد، على بحيرات، غابات وجبال قرية مشقيتا، الممتدّة حتّى الحدود التركيّة.‏
- في بداية السبعينات ترجم هانيالراهب إلى العربية رواية "غبار" ليائيل دايان الكاتبة الإسرائيلية والرواية تصورالعربي بصورة "الأهبل، اللاحضاري، الجبان، وكانت هذه الخطوة كفيلة بفتح بوابات الجحيم عليه.
- طرد من اتحاد الكتاب العرب ، ثم طرد من جامعة دمشق وامتنعت معظمالدوريات عن نشر كتاباته وسحب جواز سفره منه في مطار دمشق، حتى كاد يهلك جوعاً كمايصور في روايته الأخيرة.
- بعدروايته الأولى (المهزومون) يقول الراهب:خفت خوفاشديدا من الشهرة أن تؤثر علىإجادتي لكتابة النص فرحت أعمل على تكثيف النص لغويا و بنيويا إلى درجة أن الفصلالأول من روايتي الثانية(شرخ في تاريخ طويل) أخذ سبعة أشهر والرواية كلها استغرقتسبع سنين بدل شهر واحد,هذا هو قلق المبدع الحقيقي المسكون بالهواجس الحياتيةوالروائية والأسئلة الوجودية وحسب تعبيره (نحن سكان مدن الأسئل
-كان لدىهاني الراهب دائما شعور حاد بأنه ميت أو ربما يموت دون أن يتمكن من الإمساك علىالتغيرات العاصفة والعنيفة في شرقنا العربي .


ابن رجل أبكم واصم وأم تلده في مطبخ تشترك فيه خمس عائلات دون وجود احد على ما يبدو برفقتها، هو الابن الأخير على ما يبدو ( التاسع أو العاشر ) والده كان له لحية بيضاء عندما ولد، الأخ الأكبر ( على ) كان يقوم على رعايته حتى مات وهو في الحادية والعشرين من عمره وفي ذلك ما يشير إلى أن هاني كان طفلا صغيرا خاصة أن أخاه الثاني أصبح هو جهة الرعاية التي تقف معه إلى أن انهي الصف التوجيهي. وفي دمشق وخلال دراسته عاش بعيدا عن الأسرة ...واضح أن حياته كانت أشبه بحياة البؤس التي عاشها حنا مينه إن لم تكن اشد وطئا. لا نعرف تفاصيل عن متى فقد والديه لكن على الأرجح أن ذلك حصل وهو طفل وحتى وإن لم يحصل فقد اختبر الفقد بموت أخاه الأكبر وهو صغير، ولا شك أن لعجز والده الأبكم والأصم كان أثرا مزلزلا...فجر في ذهنه طاقات هائلة...جلعت منه كاتبا استثنائيا امتلك حدسا واستشرافا بالمستقبل لم يرق إليه سواه ولا عجب ان يظل مأسورا للحالة العامة للناس.. ولمآسي البشر في طول الوطن العربي وعرضه...وقد اختبر عن قرب اثر البؤس الذي أصابه شخصيا.


يتيم اجتماعي