عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2011, 02:41 PM
المشاركة 156
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هاني الراهب
بعد إلحاح مطول من أخي السليم في كتابة سيرة حياةهاني الراهب حاولت جمع أشتات هذه الرجل في هذه الأسطر، ولكن ما إن بدأت حتى تحدرتدموع محرقة من عيني ذهبت كل محاولات قمعها سدى .
ربما لايحسنبي بوصفي "مشروع ناقد أدبي" إطلاق أحكام القيمة، ولكن بعيداً عن هذه الاعتباراتكلها سأقول: إن هاني الراهب هو سيد الرواية السورية بدون منازع، هو السيد الذيحاولت مسح اسمه وحضوه عقول قاصرة ونفوس متقزمة لن تظهر للعين إذا ما قيستبه.
في "مشقيتا" التي تبعد عن اللاذقية 20 كم ولد هاني الراهب عام 1939 وأنهى دراسته ما قبل الجامعيةفيها ثم انتقل إلى جامعة دمشق طالباً في قسم الأدب الإنجليزي، وفي سنته الرابعةتعلن دار الآداب البيروتية عن مسابقة للرواية العربية شارك فيها أكثر من 150 كاتباًمن أهم الكتاب العرب وقرر هاني ابن الـ 22 عاماً المشاركة فيها، وكتب رواية خلال 30يوماً وأعلنت النتائج 1961، وكان هاني بمحاولته الجنونية "المهزومون" الفائز الأولىفي المسابقة.
في العام نفسه فاز بالجائزة الثانية لمسابقة القصة القصيرة في كليةالآداب بجامعة دمشق. أنهى هاني دراسة الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق ودبلوم التأهيلالتربوي ثم حصل على بعثة للماجستير في الجامعة الأمريكية ببيروت بين عامي 1963 – 1965 ثم فاز بمنحة حكومية لمتابعة الدراسات العليا في جامعة إكستر ببريطانيا وهناكحصل على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي عن بحثه "الشخصية الصهيونية في الأدبالإنجليزي" بين عامي 1971 – 1973، عاد بعدها للتدريسفي جامعة دمشق وبدأت رواياتهفي التتالي فأصدر مجموعته القصصية الأولى عام 1969، بعنوان "المدينة الفاضلة" ثمرواية "شرخ في تاريخ طويل" 1970، ثم رواية "ألف ليلة وليلتان" 1977، ثم مجموعتهالقصصية الثانية "جرائم دون كيشوت" 1978، فـ "الوباء" 1982 التي فازت في العام نفسهبجائزة اتحاد الكتاب العرب كأفضل رواية عربية، و "بلد واحد هو العالم" 1985، و "التلال" 1989، وفي عام 1990 فاز بمنحة روكفلر من جامعة "آن أربر" لتقديمه دراسة عنصورة المرأة في الرواية العربية خلال العام الجامعي 1991 – 1992.

بدأ مشروعاًلكتابة رواية نهرية "أي رواية من عدة أجزاء" أراد تسميتها "كل نساء المدينة" وأرادها من خمسة أجزاء ولكن ذلك لم يتحقق فأصدر منها: "خضراء كالحقول" 1991، و "خضراء كالمستنقعات" 1992، و "خضراء كالبحار" 1999 وتوقف المشروع. ثم أصدر روايتهالأخيرة: رسمت خطاً في الرمال" 5 حزيران 1999، وتوفاه الله في دمشق بعد معاناةطويلة مع مرض السرطان في 6 شباط 2000 ودفن في مسقط رأسه بمشقيتا، وبعيد وفاته ظهرتمجموعته القصصية الثالثة "خضراء كالعلقم" 2000.
كما ترجم عدداً من الكتب عن الإنجليزية منها: ثلاثةروائيين فلسفيين: جويس - جيد - مان، تأليف: جوزيف برينان - 1975، الرمزية والأدبالأمريكي، تاليف: تشارلز فيدلسون - 1976، مدخل إلى الرواية الإنجليزية، تأليف: أرنولد كيتل - 1977، ييتس، تاليف: هارولد بلوم - 1979، الكاتب الأمريكي الأسود،تحرير: كريستوفر بيغزني - 1982، عنف، تأليف: فيستس إيابي - 1984، صورة سيدة، تأليف: هنري جيمس - 1989.

وسنردد معالكاتب والباحث محمد جمال باروت: هاني الراهب كاتب إشكالي ويعتبر أنموذجاً للروائيالمجدد والمتجدد, عمل على تطوير الرواية السورية من خلال اشتغاله وبحثه الدؤوب عنالتعبير الروائي والتقنية الروائية واقتصاد اللغة, وكان لكتاباته تأثير مميز علىالرواية العربية شكلاً ومضموناً وشكلت علامة بارزة في مسيرة الرواية العربيةالمعاصرة وتطورها.

ويمكن القول: إنه ما من عمل روائي أصدره الراهب إلا وأثار جدلثقافياً وفكرياً كثيفاً، وهذا يعود إلى طبيعة كتابة الراهب الإشكالية، بالمعنىالفني، وبالمعنى السياسي.
عمل الراهب فيعدة جامعات منها اليمن والكويت التي درس فيها عشر سنوات من 1988 إلى 1998.
في بداية السبعينات ترجم هاني الراهب إلى العربية رواية "غبار" ليائيل دايان الكاتبة الإسرائيلية والرواية تصور العربي بصورة "الأهبل، اللاحضاري، الجبان، سلاحه خنجر الغدر لا سيف المواجهة" وكانت هذه الترجمة من منطلق: "علينا أن نعرف كل شيء عن عدونا حتى في الثقافة, فهذا العدو كان وما يزال متفوقاً علينا في كل المجالات حتى في الإبداع وإن لم نكن على الأقل في مستواه فإننا لن ننتصر عليه" ولكن هذه الخطوة كانت كفيلة بفتح بوابات الجحيم عليه،فاتهم بالدعوة إلى التطبيع مع إسرائيل الأمر الذي نفاه مراراً وتكراراً ولكن دونفائدة، فطرد من اتحاد الكتاب العرب كما كان قد طرد قبله أدونيس ونزار قباني والماغوط ومعظم الأسماء الكبيرة لأسباب تافهة، ثم طرد من جامعة دمشق وامتنعت معظم الدوريات عن نشر كتاباته وسحب جواز سفره منه في مطار دمشق، حتى كاد يهلك جوعاً كما يصور في روايته الأخيرة.
والجدير بالذكرأنه وبعد رحيله بحوالي 10 سنوات ما يزال هذا الاسم محارباً على صعدين، الأول: الدراسات الأكاديمية العليا فهاني الراهب اسم غير مرغوب فيه لأنه سيسبب "وجع راس"،والثاني: هو "منطقة الخليج" التي عرى الراهب كثيراً من زيفها وإفلاسها الحضاري فيروايته الأخيرة "رسمت خطاً في الرمال".
هاني الراهب أيها الوباء الذي أخاف الأقزام المهزومينوما يزال أهلاً بك بيننا هنا كاتباً كبيراً وعملاقاً سورياً نريد منه أن يرسم شرخاًفي تاريخنا الطويل المتكدس تلالاً من البؤس كاتباً لن ندخر جهداً في تقديمه لمتصفحيالشبكة الإلكترونية عبر تقديم رواياته وقصصه ودراساته وربما ترجماته مستقبلاً وكلما كتب عنه حتى يستحيل هذا القسم جزيرة خضراءكالحب.