عرض مشاركة واحدة
قديم 07-16-2013, 12:28 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الاستاذ علي مدحت

موضوع مثير ومهم ويثير حوارا حول تيمة شغلت علماء النفس منذ ولادته... فرويد مثلا يقول ان العبقرية والجنون لهما نفس المصدر...فحسب نظريته كل عظيم فيه شيء من الجنون... او ان العقل الباطن الذي يكبت التجارب الصعبة يقذف احيانا بالابداع واحيانا اخرى يقذف بالجنون.

ولو انك وضعت مقياس لقياس العظمة من حيث مثلا التأثير في الاحداث كما فعل مايكل هارث صاحب كتاب اعظم 100 شخصية في التاريخ ومن حيث مجموعة من السمات الشخصية كالكرزما والقدرة على الخطابة المؤثرة والقدرة على التحشيد والتنظيم وما الى ذلك من صفات القائد المؤثر لقلت ان هتلر امتلك مثل هذه الصفات حتما فهو عظيم كقائد ....فقد ترك بصمة قوية في التاريخ ولو ان تلك البصمة كانت سلبية ودموية.

ولا شك ان هذه الصفات والسمات تتوفر عند البعض لسبب معين وحسب نظريتي في تفسير الطاقة الابداعية تتوفر هذه الصفات عند البعض نتيجة لارتفاع نسبة الطاقة الذهنية وذلك ناتج بدوره عن مرور الشخص في ظروف مأساوية traumatic experiences وعلى رأسها اليتم...وهتلر يتيم الاب والام قبل سن النضوج.

واحيانا تكون نسبة الطاقة المتولدة هائلة ولا يمكن تفريغها من خلال اعمال ابداعية لتحقيق التوازن النفسي لتظل تصرفات هذه الشخص ضمن ما هو مقبول اجتماعيا فينظر اليه على انه مجنون بالمقياس المجتمعي...

ولا شك ان وفرة الطاقة ينعكس على الشخصية وقد يتصرف مثل هذا الشخص تصرفات توصف بالجنونية لانها تتجاوز قدرة الانسان العادي على الاستيعاب والفهم وتكون خارجة عن الاطر المتعارف عليها اجتماعيا...ومن ذلك جنون العظمة وهي حالة نفسية يصبح الانسان المصاب بها يرى الامور بمنظار ذاته المتعالية والمتفردة في النظر الى الامور ولسان حاله (ما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد) على شاكلة فرعون..وهو لا يدرك انه لا يسمع ولا يرى الا بمنظار ذاته...

ولا شك ان هتلر كان مصابا بمرض جنون العظمة وهو في تصوري حالة نفسية تحدث نتيجة لارتفاع حاد في نسبة الطاقة الذهنية بحيث تصبح نظرة الانسان المريض بجنون العظمة الى الاشياء مختلفة عن نظرة الانسان العادي ..

واذا ما اقترن وفرة الطاقة بذكريات سلبية مؤلمة حول ظروف النشأة فقد يؤدي ذلك الى تصرفات حادة وانتقامية ضد المجتمع..anti social ومنها الدموية المفرطة عند القائد اليتيم...فتكون تصرفات جنونية بالمقياس المجتمعي.

وقد وجدت ان معظم القادة الدمويين امثال هتلر وستالين ولينيين ونابليون والاكسندر كانوا ايتام في سن المراهقة؟!... ولا يمكن الا ان يكون هناك ارتباط بين الامريين...

وربما ان حدوث صدمة اليتم في تلك السن يؤدي الى حدوث اثر على اركان معينة من الدماغ مما يدفع اليتيم خلال هذه السن الى التصرف ضمن نمط معين من السلوك غير الاجتماعي او خارج الاطر المتعارف عليها وغير المقبولة اجتماعيا...فيكون تصرفه جنوني بمنظار المجتمع.

ومن ناحية هتلر فلا شك انه كان يمتلك طاقات هائلة ومن مذكراته يعرف المهتم انه جرب نفسه في الفن ( الرسم ) لكنه كان فنانا فاشلا وربما ان ذلك كان سببا في عدم تمكنه من تحقيق مستوى معين من التوازن وتفريغ الطاقة مما جعله يحاول تحقيق ذاتة المصابة بجنون العظمة من وفرة الطاقة التي تعتمل في ذهنه من خلال القيادة المتطرفة...ومن هنا تحول الى شخصية دموية عنصرية وارتكب فظاعات وجرائم ضد الانسانية لانه لم يكن يرى الامور الا بمقياس ذاته...

وخلاصة القول..هتلر كان يتيم في سن المراهقة وحتما امتلك طاقات ذهنية هائلة..ولو انه استثمر تلك الطاقات بصورة ايجابية لحقق منجزات عظيمة...وقد ترك بصمة لا تمحى في التاريخ وعلى الرغم انها سبلية وشديدة القتامة لكنها مؤشر على عبقريته في مجال القيادة....لكن مجموع ظروف النشأة وربما توقيت اليتم جعلته انسان حاقد على المجتمع ، في الغالب دون ان يدري، وقد اصابته وفرة الطاقة الذهنية بجنون العظمة ...فكان سلوكه غير اجتماعي وخارج اطر السلوك الانساني المقبول اجتماعيا وانسانيا وعليه يمكن القول بأنه كان مجنونا ايضا.