عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
14

المشاهدات
7138
 
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي


ساره الودعاني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,905

+التقييم
0.33

تاريخ التسجيل
Sep 2008

الاقامة

رقم العضوية
5654
10-17-2010, 04:16 PM
المشاركة 1
10-17-2010, 04:16 PM
المشاركة 1
افتراضي << مشــــــــاعــــــر موؤدة >>>
[ مشاعر موؤدة ]

راشد ، الإنسان الجاد الهادئ ، ذو الأخلاق الجمة

والتعامل اللطيف مع كل البشر ، بدءاً من أسرته وأصدقائه، حتى

زملائه في العمل ، فهو يعمل في المحكمة سكرتيرا لدى كبير القضاة ،

واليد اليمنى له ..

كان باراً بوالديه وناجحاً في كل مجالات عمله ، ما عدا حياته الأسرية

والعاطفية ، فلم يكن يحظى بشيءٍ من الاستقرار والدفء العائلي ، ومع

ذلك فهو لا يكاد يلحظ من حوله شيئاً مما يعاني، فهو كتوم على

أسراره ولم يشكِ همه لأحد قط ..

لم يعد راشد يطيق الجلوس كثيراً في مكتبه الموجود في بيته!! كثيراً ما جمع

أوراقه وملفاته وخرج بها إلى الصالة ونشرها هناك ، فبعد ترك زوجته

البيت ، وأخذها البنات والولد معهاإلى بيت أهلها بدون رجعة، أصبح

كالمشرد حتى وهو في بيته .. ولم يكن وجود مريم في البيت هو ما يشعره

بوجود كيان له ، بل هو شعور بالأمان لأجل بناته اللاتي لم يزلن في سن

المراهقة !لم يكن يجدر بمريم ترك البيت بهذه السهولة لمجرد أن راشد زل

لسانه ذات يوم بأنه لم يحبها قط وأن الوداد وصلة الرحم هما أكثر ما

يقيم له وزناً .

زوجته هي ابنة خال أمه , وبحكم عمله في المحكمة الشرعية سكرتيراً

للقاضي الذي يتولى أمور الطلاق والخلع والحضانة،ويرى ما يؤول إليه

حال الأبناء بعد الانفصال، كل هذا يجعله أكثر تحكما بأعصابه وهدوئه !

تذكر كيف حصل ذلك وهي تسرح شعر ابنتهم،حيث قالت مريم موجهة

الكلام لابنتها : سأدعو ربي أن تحظين بزوج يحبك كما أحبني والدك !

كان راشد حينها يسمع الحديث حيث صرخ قائلا : لا.. أريد زوجها أن

يحبها فعلا ..وأن تتعلم كيف تزرع الحب والمودة . .وكيف تقدر من

يقدمها لها سواء كان زوجاً أو أولاداً.. لا أريدها أن تكون نسخة

مكررة منك !!

لم تدعي للحب نفساً ينمو فيه،أو يولد بيننا،كنت بارعة جداً في

تقويضه ومحو أثاره في بيتنا !!









وكأن مريم تبحث عن جنازة تشبع فيها لطما وهذا أفضل ما تجيده في

حياتها معه ! لم تكد تمضي ساعة على هذا الحوار الخاطف حتى كان احد

إخوتها بسيارته أمام البيت كالعادة تستدعيهم كسيارات المطافئ في كل

جدال بينها وبين راشد !...

تنفس بعمق ورمى الأوراق على الأرض وذهب إلى المطبخ وأحضر شايا

أعده سلفا ..

الفراغ العاطفي والحنان الأسري هو ما يفتقده راشد حتى بوجود مريم !

لم يكن يألو جهدا ولا يمن بوقته عليها كثيرا ما نصحها ورجاها وحاول

إصلاحها ! لكن لا حياة لمن تنادي وترجو !

أخذ راشد يفرز أوراقه ويدبسها ويضعها في الملفات ..

أطال النظر في ورقة بيده ما هذا ؟

الجازي محمد علي !! من ؟ أمعقول؟

أهذه الجازي أمل الصبا وأحلام اليقظة فيه ؟

يبدو أنها هي الجازي من توقفت مشاعري عن النمو بعد تلاشي وجودها

كحقيقة في حياتي !!

قاوم راشد تنهدة حارة خرجت من جمرة تحت فؤاده من سنين مضت

حيث كانت الجازي بمثابة الحلم المخبوء تحت جوانحه حيث ينتظر

الفرصة للتعبير عنه حين يكون الوقت مناسبا ولم يعلم حينها أن الفرص

لا تتكرر وأنها كالطائر في السماء إذا لم تكن صائدا ماهرا فلن تحصل

عليه ! وهكذا طارت الجازي منه في لحظات حيث سمع والدها يخبر

أبيه عن موعد زواجها من ابن صديق له.. بعد أن ألمح لأمه أنه يريدها


زوجة له إذ لم يتبقى له سوى سنة دراسية في معهد القضاء !

في هذه اللحظة حس راشد بضعفه وهشاشة قلبه وحاول بشتى الأفكار

أن يتناسى مشاعره التي وأدها في صباه واستطاع كبحها وهو يخاف

الآن أن تفضحه في كهولته وتسيطر عليه بعد أن ضعفت نفسه !! عجبا

أكل ما نكبر نظن أننا ننضج ونعقل بينما الحقيقة أننا نضعف حتى أمام

أنفسنا!

كانت الوسيلة الوحيدة التي أمام راشد كي يقاوم بها هوى النفس وأحلام

الماضي هو أن يتصل بمريم ويحاول استعادتها وهذا ما فعله ولسوء

ما حصل أنها وإخوتها رفضوا المحاولة وطالبوا بإتمام الطلاق !

ما أتعسك يا راشد لم تتزوج حمقاء واحده بل تزوجت عائله كاملة

من الحمقى ! ألم تكن تحسن معاملتها وتتحمل حماقاتها وصلفها ؟

ألم تكن دموع الرجل العسيرة التي تستعصي على أرق الرجال

تنزل على خدك في ظلمة الليل ووحشة المشاعر منها ؟

ماذا دهاك يا رجل ؟

يبدو أن هاجس وجود البنات معها باستمرار يخيفك يا راشد من أن

يتصفن بصفاتها ..

كان بوده لو يهمس بأذان بناته بأن الحب إذا لم يكن موجود بين الزوجين

يمكن زراعته وتربيته ! أسهل المشاعر زرع وإنماء هو شعور المحبة

بين الناس !

..
في هذا المساء ذهب راشد إلى بيت أم علي أخته التي هي بمنزلة أمه

وصارحها ..

برغبته بخطبة الجازي وأخبرها أنه تم طلاقها بعد أن تزوج عليها زوجها

رغبة في الإنجاب وطلب منها أن ينفصلا فهو لا يستطيع أن يقوم بفتح بيتين

معاً !

وبعد تحريات قامت بها الأخت علمت أن الجازي تزوجت فور تمام العدة !

لم يكن إخبار راشد بالأمر السهل على أخته ولكنها فعلت !

حين عاد إلى البيت رمى نفسه بكل أسى وضعف على سريره ووضع

رأسه على وسادة كادت أن تغوص في رأسه بدل أن تحضنه !

اختلط الأمر على راشد فهو لم يعد يدري هل الوسادة فوق رأسه أم أن رأسه

فوق الوسادة ..




هذه هي حاله

حين يضع رأسه على الوساده ما تلبث تلك

أن تبدأبنبش أعماقه حيث يوجد..

ما طمره النسيان!

وما يخفيه الخوف!!

وما يأس الرجاء منه!

شبيهة بعربات القطار

التي اكل عليها الدهر!!

تبدو متماسكه في الظاهر!

ولكل منهاحال..

تتداعى فوق رأسه..كصخور منحدرة

من قمةجبل ..

بعضها مؤلم وجارح!

منها ما يثير الغبار!

إحداها..لها دوي..يصم أذنيه!

ويهز كيانه!

يصبح رأسه..كبالون

مملوء بالهواء الساخن

يكاد ينفجر!

ينازع رأسه !

ويضعه تحت الوساده!!

حينها..يهدأ الضجيج!

وتهدأ.. الحركه..

حين..يصحو..يعاهد نفسه..

أن يضع رأسه تحت الوساده..

حين يبدأ..مالا يوده!

ليتم..وأده..

في..مهده!!













خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!