عرض مشاركة واحدة
قديم 06-01-2012, 03:25 PM
المشاركة 773
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
4- 2007 - 26: 2 (نشرها: )
ليلى عسيران الأرستقراطية التي صارت فدائيّة في الأدب والحياة
هيا زراقط

الصفحة السابقة
آنذاك لم تكن ليلى عسيران انتسبت بعد إلى حزب «البعث العربي الاشتراكي»، ولا بادرت إلى طرق باب مؤسسه «الأستاذ» في مقرّ إقامته الصيفية في برمانا، لتشكو له همومها الإنسانية والوطنية. لكن «بقدر ما كان دخولي إلى الحزب محطةً مهمةً كإحدى أهم ذروات مسيرتي في الحياة، بقدر ما كان قراري بترك الحزب تافهاً وعادياً».
مأساة فلسطين
إحباطها القومي الأول كان مأساة فلسطين التي عاشت قضيتها بكلّ وجدانها، حتى إنها التحقت بالفدائيين في أغوار الأردن ولُقّبت يومها بـ«الأخ ليلى»... وتركت روايتين عن «مقاومي» تلك المرحلة: «عصافير الفجر» التي كتبتها بعد «هزيمة» الـ67 ــــ إذ كانت من القلائل الذين اعتبروا «النكسة» هزيمة! ــــ ثم «خط الأفعى» (1972). وقد سردت فيهما يوميات المقاومة الفلسطينية في الأردن. وكتبت باسم «خضرة» في مجلة «الأرض المحتلة». وتابعت كتابتها عن المقاومة في «جسر الحجر» (1986) الذي أرّخت فيه قصة الجنوبيين من خلال شخصية أم قاسم المرأة التي أحبتها ليلى عسيران، إلى حد أنّها سألت زوجها عنها بعد جولة قتالية «ماذا حلّ بأم قاسم؟»، فأجابها بأن أم قاسم شخصية روائية غير موجودة في الحياة.
تركت الحرب الأهلية اللبنانية أثراً كبيراً في عسيران، ولا سيما بعد وفاة الطباخ السوداني الذي كان يعمل لديها إثر تعرّض منزلها في جسر الباشا للقصف.... فكتبت في «قلعة الأسطة» قصة حبها له ولبيتها الذي «كنت أظن أن مجرد وجودي فيه كاف لحمايته... كان بيتي مثل أبي الذي توفاه القدر». وكتبت في تلك الفترة رواية «الاستراحة» التي تساءلت فيها إن كانت ذكريات الحرب تضمحل بمجرد ركوب الطائرة؟ وهذا ما لم تنجح فيه. إذ تقول البطلة مريم التي سافرت من لبنان إلى روما: «لقد حاولت أن أنزع من نفسي جذور مدينتي التي عشقتها، لكن أجواءها تحولت إلى خيوط من العنكبوت راحت تشد على أنفاسي». لذلك كانت روايتها الأولى بعد انتهاء الحرب الأهلية عن بيروت التي شبّهتها بـ«طائر من القمر» وروت فيها قصة حبّها لهذه «المدينة العجائبية» ولإنسانها «الفريد» الذي يعيش فيها ويصرّ على الاستمرار والحياة.
ليلى عسيران هي زوجة الرئيس السابق أمين الحافظ. الرجل الذي أحبته كثيراً وانتقدت نفسها علناً أكثر من مرة لأنّها ربما لم تحقق له الحياة الزوجية المفترضة بسبب حساسيتها المفرطة وانشغالها بالقضايا القومية. تعرّضت عام 1996 لأزمة قلبية حادة أدخلتها في غيبوبة طويلة، كتبت بعدها معاناتها مع المرض وتجربة مواجهة الموت في «حوار بلا كلمات في الغيبوبة» (1998). وكانت تحلم بكتابة رواية عن «معتقل الخيام»، كما صرّحت في أكثر من مناسبة، لكنّ المرض لم يمهلها الوقت الكافي لإنجاز ذلك المشروع. حتى اللحظة الأخيرة من حياتها بقيت ليلى عسيران وفيّة للصورة التي رسمتها ذات يوم عن نفسها: الإنسانة التي «اتخذت موقفاً من الحياة ولم أمرّ بها مروراً سطحياً، ولم أقبلها على عواهنها، بل حاولت التدخل فيها».