الموضوع: ++ صاحب ابنتي ++
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2010, 07:40 PM
المشاركة 2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الجزء الثالث
* قسوة القدر *

*آه أيها القدر . . لقد غلبتني هذه المرة . . واستفردت بي . . وأنا الضعيفة . . كانت ضربتك قاصمة . . ولم تترك لي مجالاً للوقوف . . ما أصعبك أيتها الحياة . .
في اليوم الثالث . . بدأت سعاد تدريجياً بالسيطرة على شعورها وتصرفاتها . . واستطاعت بصعوبة أن تشرح لجارتها أنها مضطرة للاختفاء . .
*لا سبيل أمامي سوى ذلك . . سأغادركم خلال أيام . . وأذهب إلى مكان مجهول . .
*لاداعي لذلك . . عزيزتي . . أنت لا تزعجيننا . . يمكنك البقاء قدر ما تشائين . . ولن نخبر أحداً بشيء . . ولن نسألك عن شيء . . فقط حافظي على صحتك . . وتمسكي بالدعاء . .
أما مي الابنة التي خانت زوجها على نفس فراش الزوجية . . فقد انقلبت حياتها . . وأدركت حجم ما وقعت فيه من إثم . . ولن تسامح نفسها إلا بتحقيق شيئين . . هما أقل مايمكن حتى تقبل يوماً أن تفكر بمسامحة نفسها . . الشيء الأول هو التوبة الحقيقية . . التي بدأتها منذ لحظة التقاء ناظريها بناظري والدتها ، يوم كشفت خيانتها . . والشيء الثاني . . *لن يهنأ لي عيش . . ولن أكون في مهرب من العذاب . . إلا لو سامحتني أمي . .
آه يا رب . ! كيف طاوعتني نفسي . . هل تتقبلني يا رب . . ! كيف أعيش حياتي . . الموت لا شك أسهل علي . . يا الله ماذا أفعل . .
إني مخطئة . . وإني آثمة . . إلهي . . هل تتقبل توبتي . . أقسم بك إلهي . . إن توبتي هي توبة من القلب . .
اللهم أرجع إلي أمي . . وأوح إلى روحها أن تعفو عني وتتقبلني . . اللهم . . إنا عبادك . . خطاؤون ضعفاء . . ما نحن إن لم تعف عنا . .
اللهم ربي . . لا تتركني لهواجس نفسي . . إني بحاجة إليك . . اللهم لا تتخل عني . . اللهم لا تجعلني من أهل النار . . اللهم أعد إلي أمي . . واجعلها تعفو عني . .
اللهم إن ذنبي كبير . . ولكن مغفرتك عظيمة . . هل أطمع بغفرانك . . اللهم يا سامع النداء . . أجب ذلي وضعفي إليك . .
وباتت الابنة تقضي الليل بالصلاة والدعاء . . وأخذت من عملها إجازة طويلة . . وقد استغرب زوجها ذلك . . وهي التي تبالغ في الحرص على عملها ولو على حساب بيتها . . ولكنه عزا ذلك إلى اختفاء أمها بشكل غامض . . وخوفها أن يكون قد حصل لها مكروه . .
أما الوالدة . . فقد كانت تكابد الأمرين . . فهي في غرفة متواضعة في بيت جيرانها . . وشوقها إلى أولادها قد بلغ مداه . . والأيام تجري بها. .ولا تدري ماذا تفعل.. وقد قررت اليوم بعيد استيقاظها..أن تعود إلى بيتها.
*أرجو أن تعذروا تطفلي عليكم . . لقد قررت أن أعود إلى بيتي . . ولن أنسى طيلة حياتي وقوفكم إلى جانبي ..


الجزء الرابع والأخير
* المغفرة *

اتصلت سعاد بطليقها . .
*اسمع يا وليد . . أنا ذاهبة إلى البيت . . أرجو أن تعيد المفتاح في الغد . .
*اسمعي يا سعاد . .لن أسألك عن شيء . . ولكن هنالك مشكلة مع مي ابنتنا. . ظننت في البداية أنها متأثرة بسبب غيابك . . ولكن أظن بأن هنالك شيء عظيم تأبى أن تقوله لي ، أو لزوجها . . هي لم تغادر بيتها منذ غيابك . .وقد أخذت من عملها إجازة مفتوحة . . ووزنها قد نقص إلى النصف . . لو ترينها الآن فلن تعرفينها . . لا أعرف لو تتمكنين من معرفة محنتها . . وتساعدينها على تجاوزها . .
*- - - - -
وأغلقت سعاد السماعة . . تكاد أن تسقط على الأرض . . وقدعاودتها الذكرى المريرة . . فأثرت فيها تأثيراً بليغاً . .
فوجىء الأولاد بعودة والدتهم . . واستغربوا مدى تغير سحنتها وصحتها . . وحزنها اللامتناهي . . وظهرت وكأنها قد كبرت عشرة أعوام مرة واحدة . . وهي لا تعطي لأحد أي تبرير لما يحصل . .
أخبرالوالد ابنته بعودة والدتها إلى البيت . . فسكتت ولم ترد . . ثم تهدج صوتها . . ولم يصدر عنها سوى همهمات متتالية . . لم يفهم منها سوى . . "حسناً يا والدي" . .
في الصباح الباكر . . أسرعت مي إلى والدتها . .فليس هنالك بد من المواجهة . . دعت ربها . . وتشبثت برحمته . . ولم تقطع المسافة القصيرة التي تفصل مابين شقتها وشقة والدتها إلا بخطى متعثرة . . ونظرات زائغة . . وتخشى كل لحظة من السقوط . . حبات من العرق تجمعت على الجبين . . الدمع يذرف لا تستطيع كبحه . . وهي لا ترى طريقها . . ولا ترى نظرات الناس إليها . .
*هل تسامحني . . ! إلهي لقد لجأت إليك . . هل تسامحني أمي . . إلهي لا تتخل عني . .
طرقت الباب . . ففتحت الوالدة. . وتوقف الزمن . .
في هذه اللحظة . . كانت الإمرأتان متشابهتين . . نفس الملامح . . نفس الحزن . . نفس الاضطراب . . ونفس الدموع . .
*أمي . . . . واختنقت الكلمات . . ولم تستطع سوى البكاء . . والنظر إلى الأرض . .
لم تستطع سعاد الإتيان بشيء . . تمكنت فقط أن تبكي كثيراً . . وعلمت في قرارة نفسها أنها قد سامحت ابنتها . . فهي تتبع حدسها . . الذي لم يخيب ظنها أبداً . .
*كانت خيانة ابنتي نزوة . . وقد تابت عنها . . لقد غفر الله لها زلتها . . وعلي أن أكون إلى جانبها . .
فوجئت الابنة بموقف أمها . . ولم تسعها الفرحة . . فارتمت في أحضانها . . وهي تتمتم . . الحمد لله . . الحمد لله . . لقد عادت إلي حياتي . . ولن أفرط فيها بعد اليوم أبداً . .


** أحمد فؤاد صوفي **