عرض مشاركة واحدة
قديم 06-17-2011, 10:57 PM
المشاركة 850
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مصطفى كامل

يتمه: مات ابوه وعمره 20 سنه.
مجاله: قائد.


ولد مصطفى في (1 رجب 1291هـ = 14 من أغسطس 1874م)، وكان أبوه "علي محمد" من ضباط الجيش المصري، وقد رُزِقَ بابنه مصطفى وهو في الستين من عمره،ومات عام 1894 وعُرِف عن الابن النابه حبُّه للنضال والحرية منذ صغره؛ وهو الأمر الذي كان مفتاحشخصيته وصاحبه على مدى 34 عامًا، هي عمره القصير.

والمعروف عنه أنه تلقىتعليمه الابتدائي في ثلاث مدارس، أما التعليم الثانوي فقد التحق بالمدرسة الخديوية،أفضل مدارس مصر آنذاك، والوحيدة أيضًا، ولم يترك مدرسة من المدارس إلا بعد صدام لميمتلك فيه من السلاح إلا ثقته بنفسه وإيمانه بحقه.

وفي المدرسة الخديوية أسسجماعة أدبية وطنية كان يخطب من خلالها في زملائه، وحصل على الثانوية وهو في السادسةعشرة من عمره، ثم التحق بمدرسة الحقوق سنة (1309هـ = 1891م)، التي كانت تعد مدرسةالكتابة والخطابة في عصره، فأتقن اللغة الفرنسية، والتحق بجمعيتين وطنيتين، وأصبحيتنقل بين عدد من الجمعيات؛ وهو ما أدى إلى صقل وطنيته وقدراتهالخطابية.

وقد استطاع أن يتعرف على عدد من الشخصيات الوطنية والأدبية، منهم: "إسماعيل صبري" الشاعر الكبير ووكيل وزارة العدل، والشاعر الكبير "خليل مطران"،و"بشارة تكلا" مؤسس جريدة "الأهرام"، الذي نشر له بعض مقالاته في جريدته، ثم نشرمقالات في جريدة "المؤيد".

وفي سنة (1311هـ = 1893م) ترك مصطفى كامل مصرليلتحق بمدرسة الحقوق الفرنسية؛ ليكمل بقية سنوات دراسته، ثم التحق بعد عام بكليةحقوق "طولوز"، واستطاع أن يحصل منها على شهادة الحقوق، ووضع في تلك الفترة مسرحية "فتح الأندلس" التي تعتبر أول مسرحية مصرية، وبعد عودته إلى مصر سطع نجمه في سماءالصحافة، واستطاع أن يتعرف على بعض رجال الثقافة والفكر في فرنسا، وازدادت شهرته معهجوم الصحافة البريطانية عليه.

وسافر مصطفى كامل إلى برلين في نطاق حملتهالسياسية والدعائية ضد الاحتلال البريطاني، وأصبح اسمه من الأسماء المصرية اللامعةفي أوربا، وتعرَّف على الصحفية الفرنسية الشهيرة "جولييت آدم"، التي فتحت صفحاتمجلتها "لانوفيل ريفو" ليكتب فيها، وقدمته لكبار الشخصيات الفرنسية؛ فألقى بعضالمحاضرات في عدد من المحافل الفرنسية، وزار الدولة العثمانية وعددًا من الدولالأوربية.

وفي عام (1316هـ = 1898م) ظهر أول كتاب سياسي له بعنوان "كتابالمسألة الشرقية"، وهو من الكتب الهامة في تاريخ السياسة المصرية. وفي عام (1318هـ = 1900م) أصدر جريدة اللواء اليومية، واهتم بالتعليم، وجعله مقرونًا بالتربية، وكانيقول: "إني أعتقد أن التعليم بلا تربية عديم الفائدة".

عباس الثاني والحزبالوطني

تولَّى الخديوي عباس الثاني حكم مصر في (1310هـ = 1892م) وكان عمره 17 عاما، وكان مصطفى كامل يكبره بعام واحد، وقد أراد عباس أن يستقل بالسلطة عنالسيطرة الفعلية في البلاد، وهي الإنجليز؛ فبدأ عام (1313هـ = 1895م) في تأليف لجنةسرية للاتصال بالوطنيين المصريين من أجل الدعاية لقضية استقلال مصر، وفي فرنسا بصفةخاصة، وقد عُرفت باسم "جمعية أحباء الوطن السرية".

والتقى مصطفى كامل وأحمدلطفي السيد وعدد من الوطنيين بمنزل محمد فريد، وتم تأليف "جمعية الحزب الوطني" كجمعية سرية، رئيسها الخديوي عباس، وسافر أحمد لطفي السيد إلى أوربا، والتقى ببعضالمصريين هناك، وبعد عودته كتب تقريرا عن رحلته، قرر فيه أن مصر لا يمكن أن تتحررإلا بمجهود أبنائها، وأن المصلحة الوطنية تقضي أن يرأس الخديوي الحركة.

ويرىالبعض في ذلك أزمة خطيرة صاحبت الحزب الوطني منذ بداياته الأولى؛ إذ إن نشاطهالسياسي والدعائي بدأ تحت ولاية الخديوي عباس ورعايته المادية والمعنوية، والتيتأثرت بعوامل الشد والجذب بين الخديوي والإنجليز؛ فانعكست على علاقة الخديوي بالحزبالوطني، والتي انتقلت من الرعاية والصداقة إلى قطع الصلات بالحزب، بعد الفشل فيترويضه، ثم مطاردة قادته، وإغلاق صحفهم، وتعليق أنشطتهم، واتهامهم بمحاولاتاغتيال.

واتخذ أعضاء جمعية الحزب الوطني أسماء مستعارة لهم، فكان الاسمالمستعار للخديوي: "الشيخ"، أما الاسم المستعار لمصطفى كامل فهو: "أبوالفدا".

الخديوي ومصطفى كامل

كان مصطفى كامل لسان حال الجمعية؛ فسافرإلى بعض الدول للدعاية للقضية المصرية واستقلال مصر، غير أنه أدرك حقيقة هامة، وهيأن أسلوب الدعاية للقضية المصرية في أوربا لا يكفي لحدوث الاستقلال، وأن العبءالأكبر يجب أن يقع على عاتق المصريين.

أما الخديوي عباس؛ فقد أدرك أنمناصرته العلنية للحركة الوطنية ضد الإنجليز أدت إلى تقليص نفوذه أمام سلطة ونفوذالمعتمد البريطاني في مصر اللورد كرومر؛ فبدأ في فتح صفحات من التقارب مع الإنجليز،جاء بعضها على حساب الحركة الوطنية؛ حيث استدعى مصطفى كامل من أوربا حتى تتوقفحملاته الدعائية ضد الإنجليز، ولكن مصطفى كامل رفض؛ فبدأت العلاقات بينهما تأخذطابعًا غير مستقر، تحكمه مواقف الخديوي ومصالحه.

وقد اتخذ الخديوي سياسةالوفاق الظاهري مع الإنجليز والمقاومة السرية ضدهم، ولكن هذه السياسة لم تدم طويلاًليأس الخديوي من أي تعضيد يأتيه من أوربا، خاصة من فرنسا التي شكَّلت سياستها معمصر بما يتواءم مع مصالحها، وتحلَّى ذلك في الاتفاق الودي بفرنسا وبريطانيا سنة (1322هـ = 1904م)؛ حيث اتفق الطرفان على أن تطلق فرنسا يد بريطانيا في وادي النيل،وأن تطلق بريطانيا يد فرنسا في المغرب؛ فكان هذا الاتفاق ضربة شديدة للحركةالوطنية، فبدأت تبتعد عن الخديوي بعد أن كانت تتخذ منه أداة لصمودهاوقوتها.

وحسم مصطفى كامل أمره وكتب رسالة إلى الخديوي في (شعبان 1322هـ = أكتوبر 1904م) قال فيها: "رفعت إلى مقامكم السامي أن الحالة السياسية الحاضرة تقضيعليَّ أن أكون بعيدًا عن فخامتك، وأن أتحمل وحدي مسؤولية الخطة التي اتبعتها نحوالاحتلال والمحتلين".

على أن مصطفى كامل لم يكفّ عن توجيه النقد للخديويكلما أخطأ، ومن ذلك: نقده لوقوف الخديوي تحت العلم الإنجليزي، واستعراض جيشالاحتلال في ميدان عابدين، وتصريح الخديوي عباس عندما تولى "جورست" مندوبًا ساميًافي مصر بدلاً من "كرومر"، والذي قال فيه: "إن الاحتلال البريطاني أفضل من أي احتلالآخر"؛ فكتب مصطفى مقالاً في اللواء عام (1325هـ = 1907م) قال فيه: "إن كل مصري صادقلا يقبل أن يكون حكم مصر بيد سمو الخديوي بمفرده، أو بيد المعتمد البريطاني، أو بيدالاثنين معًا".