الموضوع: ما يحصل في مصر؟
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
47

المشاهدات
17132
 
د نبيل أكبر
من آل منابر ثقافية

د نبيل أكبر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
42

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Oct 2011

الاقامة

رقم العضوية
10530
08-23-2013, 06:47 AM
المشاركة 1
08-23-2013, 06:47 AM
المشاركة 1
افتراضي ما يحصل في مصر؟


بسم الله الرحمن الرحيم

نترحم على أرواح الشهداء من كل الأطراف ونسأله تعالى الشفاء للمصابين منهم والصبر والسلوان لأهليهم.



ما حصل في مصر أكبر تأثيرا من الناحية الفكرية من جميع حروب المنطقة في التاريخ المعاصر وكان نتيجة طبيعية كان لابد من وقوعها. في الخلاصة:

المعركة أبعد ما تكون عن الدين. هي ببساطة بين الذين يملكون والذين لايملكون، بين الذين يأملون بالحياة والبناء والذين يحلمون بالموت والدمار.


المجتمعات كما هو حال كل خلق من حولنا تتكون من قطبين متناقضيين اثنين. طبقات فقيرة أميّة كادحة وأخرى غنية متعلمة. يزداد الاستقطاب بسوء الإدارة إلى أن تصبح الطبقة المعدومة الكارهة للحياة قنبلة موقوتة بحاجة فقط لغطاء عقدي أو فكري يعمل كصاعق لتبرير ثورتها.
في العالم الإسلامي يقوم دعاة الفتنة بتوفير الغطاء الفكري العقدي وهو تكفير الخصوم وخصوصا الحكومات.

أعرف شخصيا من بكى لي من الشباب المغرر بهم بعد أن دمر مستقبله ومستقبل أهله نتيجة اتباع الفتاوى التحريضية من دعاة فتنة لا يهمهم إلا المكاسب السياسية والمالية. وبعد أن تورط هؤلاء الشباب تبرأ منهم الدعاة بكل بساطة.



الصدام بين الطبقتين أمر طبيعي تاريخي متكرر الحدوث ولكن أن يزج بالدين لتأجيج النعرات وتقديم التبريرات وصكوك الجنات فأمر مرفوض منكر.

الأخوان "المسلمون" هم زبدة الحركات "الإسلامية" من حيثية التنظيم والثقافة وسقوطهم المدوي الشنيع في حكم مصر أصاب ما دونها من حركات في مقتل فلن تقوم "للإسلام السياسي" قائمة في المسقبل المنظور.


الأمة على ضلالة وفي جهل تام ومضحوك عليهم بالدين وهو منهم بريء. وبالتالي جميع الجماعات "الإسلامية" وبلا استثناء جانبت الصواب لأن منبتهم أصلا كذلك، ولو ظهروا على الحكم فالنتيجة ما نرى من تخبط بين الماضي والحاضر، بين القريب والبعيد، وبين الحق والأوهام والأحلام.
فلا أمل باستخراج حزب على حق من فكر متخلف مبني أصلا على التخلف والاختلاف وتقديس الأسلاف منذ قرون طوال.


عندما يعالج الأطباء مرضى سرطان الدم فإنهم يقتلون جميع خلايا الدم البيضاء (السرطانية والسليمة) بالأشعة في عملية طويلة مؤلمة يقتلون فيها كل نخاع حي في العظام وبعد ذلك يزرعون نخاعا سليما من جسد آخر سليم لاستخرج كريات دم بيضاء خالية من السرطان في الجسم المريض من جديد.



وهذا بالضبط الذي يحصل هذه الأيام. فالحركات "الإسلامية" كالقاعدة وأمثالها نالت شعبية عظيمة منذ 10 سنوات ولكن سرعان ما افتضح جهلهم وظهرت دمويتهم. ثم علقت الآمال على الإخوان الذين فشَّلوا الأصدقاء قبل الأعداء بتخبطهم وبعدهم عن الواقع.


فظهر فشل الفكر "الإسلامي" في الإدارة والسبب بسيط وهو أننا أصلا لا نفقه من إسلامنا غير القشور والتكفير وتفريق الناس والمجتمعات إلى أهل جنة وأهل نار.
خسارة الإخوان التاريخية ليست شرا أبدا بل هي خير إذ يجب على الجهل أن ينكشف قبل زراعة الحق من جديد.


رجال الجيش وطنيون شرفاء لكن دورهم حماية الأوطان وحسب والتدخل في الأزمات الكبرى لحماية الأمن القومي متى ما تطلب الأمر، فهم الأمناء على الشعوب. فعليهم إعادة السلطة للشعب بمجرد استتباب الأمن وخصوصا للشباب فالأرض أرضهم والمستقبل مستقبلهم.




ونأتي للتفصيل:


العامل المشترك بين جميع المنتمين للجماعات "الإسلامية" شيء واحد لا غير: عودة الخلافة الإسلامية الراشدة في غضون أعوام. بهذا يبدؤون يومهم وأعمالهم وبهذا ينتهون وهم يعلنون هذا ولا ينكرون. لهذا لم يكترث الإخوان بمشاكل مصر إذ إن همهم أكبر من ذلك.


ما أجمل حلم "الخلافة الإسلامية" والمدينة "الفاضلة" لمن عاش الفقر وذاق الأمرين. ما أعذب الماء البارد في القيظ. ما أجمل فكرة الذهاب للجنة وترك هذه الحياة "الفاشلة" بضغطة زر الصاعق.


أحلام يقظة تثير لعاب شعوب إسلامية مطحونة قهرا وتخلفا وتتوق للانتقام من كل ما هو أحسن منها حالا كالطبقات الغنية أو الشعوب الأخرى "الكافرة".

لكن الحق أن لو الخلافة قامت على هذا الفكر المتاجر بالدين فعلى الأرض السلام إذ يعتمد هذا الفكر الإقصاء والقتل والتخلف والقسوة باسم الإسلام ومحاربة كل شيء ... كل شيء ... تكره الدنيا وتحسبها كافرة من خلق إله غير الله تعالى وتحارب كل جديد. العودة للقرون الحجرية بكل بساطة. ألم نشاهد كيف يحاول بعضهم صنع المنجنيق؟ والخطورة من هذا الفكر أن شيوخهم من دعاة الفتنة أعطوهم صكوك الجنة مقدما، فما أسهل الوصول إليها إذن.

ولأن هذه الفئة عادة ما تكون أميّة معدمة يسهل التحكم بها واستخدامها لخدمة مصالح أعداء الأمة.


كنت في العيد المنصرم مع دكتور تجاوز الستين فقال عاش آدم عليه السلام قبل 3000 عام!
فقال دكتور آخر لا يصغره سنا نعم علينا بترك البحث في الآثار والحفريات والأخذ بما نجده في كتب الأقدمين في الأمور الدينية وكفى إضاعة الوقت والمجهود في أمور لم نؤمر بها أصلا!

فقلت مصدوما للأول ما الأدلة على هذا فقال هكذا وجدته في كتاب فقلت وجدت أنا في كتاب أن الأرض ترتكز على قرن ثور، فهل تأخذ به؟

وقلت للآخر أولم يأمرنا تعالى بالنص الصريح عدة مرات بالسير في الأرض والنظر والبحث عن كيفية بدء الخلق؟

تذكرت قصة لا تقل طرافة قبل أكثر من 20 عاما في أمريكا مع عربي جامعي ملحد قلت له ما دليلك قال بكل ثقة إذهب للمكتبة تجد كتابا ينكر وجود الله!

هكذا ببساطة. فلو كان هذا حال المتعلمين فما حال غيرهم؟

بمجرد أن الأمر مكتوب (وخاصة لو كان قديما) أو بمجرد سماع فتوى من "شيخ يطلع" على التلفاز فقد أصبح مقدسا لا ينبغي مجادلته مهما بلغ من السطاحة والجهل والتناقض.

هذه القدسية هي سلاح دعاة الفتنة وحصنهم الأخير وهي خط أحمر عندهم لا يتورعون عن سحق كل من يتجرأ عليه إذ به يقودون طبقات الشعوب المطحونة إلى حيث ما تمليه عليه أحقادهم وأهوائهم.


فكر الخلافة الإسلامية عند المؤمنين به مبني على أساس نقل المعركة إلى طرف الهاوية إذ لا ينزل النصر الإلهي إلا هناك كما حدث لفرعون وقوم نوح ولوط وعاد. لذا فهم دوما في تصعيد واستفزاز للآخرين إعتقادا أن النصر آت في آخر لحظة.


انتظروا ضربة من السماء تقسم ظهر أمريكا فحلت بهم الضربة على جبال أفغانستان. انتظروها في الجزائر والصومال والباكستان والعراق وسوريا وأخيرا في ميدان رابعة، ولكنها أصابتهم هم أنفسهم!
في الحقيقة هذا يذكرنا بالرؤساء الأمريكين الأسبقين (ريغان، بوش الأب والأبن) الذين كانوا يعتقدون بنزول عيسى من السماء على أجنحة ملائكة "تنصرهم" على أعدائهم، وما كان غزو العراق كما هو معروف ومثبت إلا من قبيل استعجال نزوله!


إن الله تعالى لا ينصر من يستخف به وبرسوله وبدينه وشرائعه كائنا من كان، مهما ادعى ومهما فعل. هذا الضحك بالذقون ينفع مع الطبقات المطحونة الأمية ولا ينفع معه، سبحانه وتعالى.


أقول لهم بدلا من الغضب ممن يهزأ بالإسلام من الأوربيين اغضبوا من كتب أسلافكم التي تسخر من الله تعالى ورسوله ودينه ونقحوها فيقولون وجدنا آبآنا كذلك ونحن على آثارهم سائرون! أولو كانوا يهزئون بالله تعالى وآياته؟ ولكن الحق:

وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (يوسف:106)

فالقرآن أنزل لنا ونحن لا غيرنا المقصودون بهذا الشرك.

كل من يستخدم الإسلام في السياسة وحتى في المسمى والدعوة فقد جاء ببدعة. وكل من تسمى باسم اسلامي فقد أدخل على الإسلام ما ليس منه.



في الستينيات هرب الإخوان "المسلمون" من دول القوميات العربية باتجاه دول الخليج التي كانت بينها وبين دول القوميات عداوة فاستضافتهم ووفرت لهم المنابر لينشروا فكرهم "الإسلامي" لمحاربة الفكر القومي.


الإخوان "المسلمون" تنظيم دولي سياسي برغماتي سري وضعت لوائحه في السر خوفا من الأنظمة القمعية. وفي نفس الوقت يفتقد الغطاء الشرعي والشعبي في العالم الإسلامي.

في المقابل السلفية تملك الغطاء الشرعي والشعبي ولكنها تفتقد التنظيم والإدارة والسياسة.
اقترن الفكران في الخليج وكان شهر العسل بروابي أفغانستان في الثمانيات فولدت سلالة فكرية جديدة لا نظير لها تتميز بصلابة وجمود السلفية وسرية التنظيم الإخواني الذي يصعب على أعتى أجهزة الأمن كشفه أحيانا. من إفرازات هذا الفكر ابن لادن والزرقاوي ومن على طريقتهم. قسوة ورجعية وتنظيم سري وبرغماتية في بوتقة واحدة، وهو الفكر السائد الآن في معظم الحركات "الإسلامية". فتاوى تكفيرية بيد، وكلاشنكوف بالأخرى.


على الأمة أن تتصالح مع ربها ونبيها الكريم عليه الصلاة والسلام وأن تعود إليه تعالى وإلى كتابه الحي المجيد وتترك تقديس الأسلاف وأقوالهم التي لا تزيدنا إلا تخلفا وخلافا. علينا بالتوحيد بنبذ الخلافات المذهبية والفكرية بيننا بالفعل لا بالقول، فالفعل أصدق الأقوال.


وإلا فالناس سيتعبون أنفسهم بالبكاء والدعاء بالنصر والتمكين بينماكتبهم التي يقدسون تسخر من آياته تعالى ومن نبيه ... فأنى يستجاب لهم؟!


وأخيرا ما قلنا ما قلناه إلا لتجنب المزيد من الدماء المحرمة وخوفا على وحدة الصف المصري وبالتالي العالم الإسلامي قاطبة.


اللهم احفظ مصر وأهلها من شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن ... آمين


للمزيد:
http://www.alraqeem3.net/