عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3345
 
عمر الطراونه
من آل منابر ثقافية

عمر الطراونه is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
11

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
10436
09-22-2011, 08:11 AM
المشاركة 1
09-22-2011, 08:11 AM
المشاركة 1
افتراضي أفكارٌ تثرثر, كوجوهٍ تتهامسُ حولَ جُثةٍ مُلقاة
جلستُ أراقِبُ كاللصِّ كُلّ النّساءِ اللواتي توافدنَ نحويْ
أمَحّصُهُنّ بدونِ حياءٍ,
وأسألُهُنّ بصمتٍ -ولا أدرِي إن كان يخرُجُ صوتي- إذا كُنّ أنتِ!


قبل أن يمُرّ الرّبعُ الأوّل, كُنتُ قد جلستُ على طاولةٍ أعجبتني بكونها مُستديرةً تتوافَقُ تماماً مع رؤيتي بالحُب, فلا أنا ولا أنتِ, بل دائماً نحن! تأتي فتاةٌ تُشبهكِ قليلاً, أنهضُ كأني لأولِ مرّةٍ أقابِلُ أنثى, وأرحّبُ بها بابتسامةٍ تُقابلُ تلقائيّاً باستهجانٍ وسُخريةٍ تدورُ فِطريّاً في رأسِ أنثى : "من هذا المُتخلّف؟"...
أشربُ ما تبقّى من فُنجان "الإسبرسو" المغشوش -ككُلّ مفاهيمنا العصرية- فلا مذاقَ لهُ ولا قوة خارِقة في إخمادِ الصّدعِ الأعظم في رأسي, وأُغادرُ صامتاً لم تمنحني الطّاوِلة إلّا الدّوار؛ فقد كانتْ مُطلّةً كجارةٍ فُضوليّة على كُلّ المارّة وكُلّ العُشاق...
|||

هربتُ أُطوفُ بعينيّ كُلّ الشوارِعِ, كُلُّ الزّقاقِ
أمَسّدُهنّ بِخُطواتي المُتعبة,
وأنشِدُهنّ بِصمتٍ -ولا أدري إن كان يخرُجُ صوتي- إذا كُنتِ جئتِ؟


الثالِثة, تغزوني كبِدايةِ شتاءٍ, أو كغريبٍ لا ندرِ شيئاً عنه! تمُرُّ امرأةٌ في العقدِ الرابِعِ تُحاوِرُ فتاةً قلِقة, استمَرّتا بالنّقاشِ قُرابةَ خمسِ دقائق, تمضيانِ بعيداً, وأُذني تتبعُ الصّوت الذي بدأ بالتّلاشي قليلاً قليلاً كما تضمَرُ الأمنيات, تتوقّفُ سيارةُ أجرة, تأخُذُ الفتاةَ إلى وجهةٍ أُخرى -حتماً لستُ بها- فأنا هُنا, أتوجّهُ إلى السيّدة بسؤالٍ عنكِ إنتِ, تومئ برأسها وعيناها تجحظانِ -استِغراباً واستهجاناً وربّما غيظاً- تقولُ كما يقولُ معظمُ الأردنيين في حالة النفي: "نْـتء!", أدارت ظهرَها بُغيةَ التخلُّصِ منّي, وأدرتُ ظهري أيضاً بُغيةَ إخفاءِ ملامِحي التي كانت تُردّد أيضاً كما نقولُ في حالةِ التّحسُّر: "نْتء-تء-تء"...

مرت نِصفُ ساعةٍ هُزمتُ بها أشدّ هزائم العُمر!!!

أمضي إلى ساحةٍ بمُحاذاةِ الدّوارِ الأوّل, أنتَظِرُ اقتراب النساءِ المُنبَعِثات من خاصرةِ شارِع "الرينبو" يبدون كأنّهُنّ قِطعُ حلوى مُلونة, متناثِرةٌ على كُلّ أطرافِ الشارِعِ السّاخن, يمشينَ بتثاقُلٍ جرّاء التعب, أو يختلن بِبُطئٍ أمامَ مُعجب...
تارةً أسألُني أيّ الألوانِ سترتدين؟ وأيُّهُنّ أنتِ؟

وأردد:
"أيا كرمتي!
كؤوسي عطشى!"

وتارةً أسألُني ماذا -بحق الله- أنتَظِر؟
|||

ينتَظِرُ أمامي سائقُ سيّارةٍ صفراء, يبدو أنهُ لاحظني مُنذُ مجيئي, ينتَظِرُ أن أموت للمرةِ الأولى معكِ, كأنهُ يعرِفُ منذُ البداية أنكِ لن تأتي, يرقُبُ بِكُلّ برودةِ أعصابٍ أن أموت لأقبَل بالرّحيلِ معهُ إلى أقربِ مرفئٍ للهروب, لأنسَحِب من ذاكرة الشارِعِ والمارّة, لأعثُرَ على مكانٍ أبكي فيه...


أبحثُ عني!
أجِدُني قد تسلّلتُ إلى فجوةِ الضياع, ألتفتُ إلى جِهاتِ الوعي الألف لأتأكّد من غفلتها عن هُروبي العظيم!
أركُضُ بعيداً عنّي...
بعيداً حيثُ لا أستَطيعُ المُضي!


وأفاجأ بي,
على لوحةٍ سوداء,
أرتسمُ بِلونٍ أسود!

عمر الطراونة - الأردن
18/9/2011