عرض مشاركة واحدة
قديم 08-23-2010, 12:47 PM
المشاركة 256
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحطيئة


600-678 م



شاعر عاش وحيداً منفرداً بأحزانه لا يُعرف له أهل أو أصل أو نسب، مقطوع الجذور مرفوضاً من القبائل الأخرى، يعاني الحرمان، فاتخذ الشعر سلاحاً يغتصب به أعراض الناس ويدفع عدوان الآخرين عليه.


اسمه أبو بكر مليكة جرول بن أوس العبسي. لقب بالحطيئة لقربه من الأرض. أدرك الجاهلية والإسلام وشارك في حرب الردة. شعره قوي العبارة بديع البناء غزير المعاني.


أتقن الحطيئة الهجاء حتى خافه الناس واضطر كل فرد إلى بذل ما في طاقته لتجنب هجائه حتى أن الخليفة عمر بن الخطاب قرر أن يشتري منه أعراض الناس جميعاً بثلاثة آلاف درهم. وأغرب ما في هذا الشاعر أنه لم يجد مرة من وما يهجوه فصادف أن شاهد وجهه في بئر فقال:


أبت شفتاي اليوم ألا تكلما بشر فما أرى لمن أنا قائله


أرى لي وجها شوه الله خلقه فقبح من وجه وقبح حامله


لم يتوقف عند هجاء نفسه بل تجاوز ذلك إلى أمه مما يؤكد تحلله من القيم والروابط الأخلاقية والاجتماعية فيقول:


جزاك الله شراً من عجوز ولقاك العقوق من البنينا


أغربالاً إذا استودعت سراً وكانوناً على المتحدثينا؟


تنحي، فاجلسي مني بعيداً أراح الله منك العالمينا


حيا بك ما علمت حياة سوء وموتك قد تسر الصالحينا


ومن الجائز أن تكون هذه المرأة التي اعتنت به وقامت على تربيته لم تكن أمه الحقيقية لأنه لم يعرف له أصلاً أو قبيلة. وهذا سر توحشه وإقباله على تصوير واقعه بالشعر اللاذع والهجاء الفظيع.


ومن أشعاره في الهجاء:


جارٌ لقومٍ أطالوا هون منزله وغادروه مقيماً بين أرماس


ملوا قراه وهرته كلابهم وجرحوه بأنياب وأضراس

وورد في "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني: الحطيئة لقبٌ لقب به، واسمه جرول بن أوس بن مالك بن جؤية بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار. وهو من فحول الشعراء ومتقدميهم وفصحائهم، متصرفٌ في جميع فنون الشعر من المديح والهجاء والفخر والنسيب، مجيدٌ في ذلك أجمع، وكان ذا شر وسفهٍ، ونسبه متدافعٌ بين قبائل العرب، وكان ينتمي إلى كل واحدة منها إذا غضب على الآخرين وهو مخضرمٌ أدرك الجاهلية والإسلام فأسلم ثم ارتد وقال في ذلك.
إسلامه وارتداده وشعره في ذلك

أطعنا رسول الله إذ كان بيننـا

فيا أحباد الله ما لأبي بـكـر
أيورثها بكراً إذا مات بـعـده

وتلك لعمر الله قاصمة الظهر



سبب لقبه الحطيئة
ويكنى الحطيئة أبا مليكة، وقيل: إن الحطيئة غلب عليه ولقب به لقصره وقربه من الأرض وقال حمادٌ الراوية قال أبو نصر الأعرابي: سمي الحطيئة لأنه ضرط ضرطةً بين قوم، فقيل له: ما هذا؟ فقال: إنما هو حطيئةٌ، فسمي الحطيئة. وقال المدائني قال أبو اليقظان: كان الحطيئة يدعي أنه ابن عمرو بن علقمة أحد بني الحارث ابن سدوس، قال: وسمي الحطيئة لقربه من الأرض.
انتماؤه إلى بني ذهل ابن ثعلبة
أخبرني الفضل بن الحباب الجمحي أبو خليفة في كتابه إلي بإجازته لي يذكر عن محمد بن سلام: أن الحطيئة كان ينتمي إلى بني ذهل بن ثعلبة فقال:

إن اليمامة خير ساكنهـا

أهل القرية من بني ذهل



قال: والقرية: منازلهم، ولم ينبت الحطيئة في هؤلاء.
تلونه وانتسابه إلى عدة قبائل وأخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدثني عمي عن ابن الكلبي قال: سمعت خراش بن إسماعيل وخالد بن سعيد يقولان: كان الحطيئة إذا غضب على بني عبس يقول: أنا من بني ذهلٍ، وإذا غضب على بني ذهل قال: أنا من بني عبس.
أخبرني الحسين بن يحيى المرداسي قال قال حماد بن إسحاق قال أبي قال ابن الكلبي: كان الحطيئة مغموز النسب، وكان من أولاد الزنا الذين شرفوا. قال إسحاق وقال الأصمعي: كان الحطيئة يضرب بنسبه إلى بكر بن وائل فقال في ذلك.

قومي بنو عوف بن عمرٍو

إن أراد العلـم عـالـم
قومٌ إذا ذهبـت خـضـا

رم منهم خلفت خضـارم
لا يفشلون ولا تبيت علـى

أنوفهـم الـمـخـاطـم



قال الأصمعي وقدم الحطيئة الكوفة فنزل في بني عوف بن عامر بن ذهلٍ يسألهم وكان يزعم أنه منهم وقال في ذلك:

سيري أمام فإن المال يجـمـعـه

سيب الإله وإقبـالـي وإدبـاري
إلى معاشر منـهـم ياأمـام أبـي

من آل عوف بدوءٍ غير أشـرار
نمشي على ضوء أحسابٍ أضأن لنا

ما ضوأت ليلة القمراء للسـاري



خبره مع أخويه من أوس بن مالك
وقال ابن دريد في خبره عن عمه عن ابن الكلبي عن أبيه، وحماد بن إسحاق عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال: كان أوس بن مالك بن جؤية بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس تزوج بنت رياح بن عمرو بن عوف بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة، وكان له أمةٌ يقال لها الضراء فأعلقها بالحطيئة ورحل عنها. وكان لبنت رياح أخٌ يقال له: الأفقم، وكان طويلاً أفقم، صغير العينين، مضغوط اللحيين، فولدت الضراء الحطيئة فجاءت به شبيها بالأفقم، فقالت لها مولاتها: من أين هذا الصبي؟ فقالت لها: من أخيك، وهابت أن تقول لها من زوجك، فشبهته بأخيها؛ فقالت لها: صدقت. ثم مات أوسٌ وترك ابنين من الحرة، وتزوج الضراء رجلٌ من بني عبس فولدت له رجلين فكانا أخوي الحطيئة من أمه. فأعتقت بنت رياحٍ الحطيئة وربته فكان كأنه أحدهما. وترك الأفقم نخلا باليمامة. فأتى الحطيئة أخويه من أوس بن مالكٍ وقد كانت أمه لما أعتقتها بنت رياح اعترفت أنها اعتلقت من أوس بن مالك، فقال لهم: أفردوا إلي من مالكم قطعةً فقالا: لا، ولكن أقم معنا فنحن نواسيك فقال:

أأمرتماني أن أقيم عليكمـا

كلا لعمر أبيكما الحـبـاق
عبدان خيرهما يشل بضبعه

شل الأجير قلائص الوراق



خبره وقد سأل أمه من أبوه
قال: وسأل الحطيئة أمه: من أبوه فخلطت عليه فقال:

تقول لي الضراء لست لـواحـدٍ

ولا اثنين فانظر كيف شرك أولئكا
وأنت امرؤ تبغي أباً قد ضللـتـه

هبلت ألما تستفق من ضلالـكـا