عرض مشاركة واحدة
قديم 02-17-2015, 11:52 PM
المشاركة 4
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الغرفة ..الجزء الثانى
____________

ما زالت الفتاة تواصل سردها لأحداث قصتها الغريبة على مسامعى ..و ما زلت أعتقد أنه خيال فتاة تمر بفترة المراهقة المتأخرة و تبيت لأول مرة فى حياتها فى مكان غريب عليها وتُحرم من أحضان أمها الدافئة وحماية أبيها والأمان التى تشعر به فى وجوده .. دعونا من معتقداتى التى هزتها بشدة حكاية هذه الفتاة ومقاومة عقلى المستميتة فى عدم تصديقها ..ولنسمع باقى قصتها ..
- عندما فتحت لى أمى الباب ..أرتميت فى أحضانها وشعرت أمى بى وصرخت عندما وجدتنى أرتعد وجسدى ينتفض بشدة بين يديها..رفعت رأسى بين يديها ..تكررت صرختها عندما رأت أصفرار وجهى ..وكادت أن تفقد وعيها فزعا ..عندما رأت خصلات الشعر الأبيض قد تخللت شعرى الأسود كسواد الليل...
هنا قاطعتها ونظرت إلى شعرها ..أنقبض قلبى وشعرت بخوف شديد يتسلل بداخلى ..
بدأت أفكارى ترتبك عند رؤيتى لخصلات الشعر الأبيض المنتشرة فى شعرها الأسود الداكن ..فمن المؤكد ان الفتاة تعرضت لفزع رهيب ..هدأتها وقلت لها وأنا أبتسم إبتسامة كاذبة ..
- اهدأى يا ابنتى فأنا أعرف باقى ما حدث لك من غياب عن الوعى ..ودخولك مستشفى الأمراض النفسية والعصبيه ..وتناولك المستمر للمهدئات ..حاولى أن تنسى وتواصلى حياتك كأن شيئا لم يحدث ..
هزت رأسها بالموافقة فهى تعتبرنى فى منزلة أبيها .. دخل أبوها ضاحكا.
- هه.. هل شعرتى بالراحة الآن .. فأنت المنافس اللدود لى ..رددت عليه ضاحكا..
- أهذه غيرة ..
ضحكنا جميعا وشاركتنا الضحك ..حتى أقتحمت علينا أمها وعلامات الإستغراب بادية على وجهها ..قائلة ..
- هناك امرأتان جاءا لزيارتك ..تساءل الأب..
- أهما من جيراننا ..
- لا ليسوا من الجيران ..لم أراهما من قبل ..
- أدخليهم إذن حتى نعرف مرامهما..ربما يكونا جيران جدد ..
خرجت وسمعت عبارات الترحيب من الأم وهم يقتربون من باب الغرفة ..
دخلت سيدتان مسنتان تستند أحداهما على يد الأخرى و يتحركا بصعوبة بالغة ..
ساعدت الأم فى أجلاسها وجلست الأخرى بجانبها تمسح وجهها بمنديل ..كانت تتنفس بصعوبة بالغة وترمى بوجهها للخلف محاولة إلتقاط أنفاسها ..عندما رفعت رأسها ونظرت فى إتجاه الفتاة فى حب ورجاء ..
تلاقت أعينهما ..فوجئنا جميعا ..بصراخ الفتاة المتواصل واضعة وجهها فى صدر أبيها قابضة على يدى وأخذت تضغط عليها بقوة وهى تواصل الصراخ
- أبعدوها عنى ..أبعدوها عنى ..هى ..هى ..أبعدوها ..
كادت أصابع يدى تتكسر من ضغطها الشديد عليها ..نقلت الخوف والرعب الذى شعرت به إلى من خلال أصابعها الضاغطة ..أخذ أبيها يربت عليها لتهدئتها ..وأتجهت الأم إلى المرأتان غاضبة ..
- من أنتم ..وماذا تريدان من ابنتى ..
فوجئنا جميعا بالمرأة العجوز تخطف يد الأم وتقبلها والدموع تنهمر من عينيها بغزارة ..و تستعطفها ..
- أقبل يدك ..دعيها تسمعنى .. ردت الأم فى غضب .
- ألا ترى حالتها عندما رأتكى ..كيف تسمعك ؟ وهى على تلك الحالة من الرعب والفزع ..أنتم مجانين ..
أرجوكم أتركوا المكان فورا ..لقد أضعتم علاج شهرا كامل ..
أخذت الأم تدفعهم بقسوة ليغادروا ..
فجأة أحسست بيد الفتاة التى كادت تعصر يدى ترتخى ..وتترك حضن أبيها ..تقف وتتجه ناحيه المرأة العجوز وأختها ..وقد أرتسمت على وجهها أبتسامة خفيفة ..تتحرك وكأنها منومة مغناطيسيا ..وبكل الود والحب أخذت المرأة العجوز فى أحضانها..أخذت المرأة تتشمها في حب ثم أحتضنت أختها فى حب وعادت وجلست بجانبنا وقد عاد الدم إلى وجهها وعادت إشراقته مع أبتسامة ودودة للمرأتين ...
أرتمت أمها فى ذهول على أقرب كرسى ..وجلست المرأتان وهم يتبادلون مع الفتاة نظرات كلها ود وحب ..وأنا وأبيها نفغر أفواهنا فى ذهول تام ونجلس دون حراك ..
وفجأتنا الفتاة بموافقتها على السفر ودخول الغرفة ..وبعد مجادلات ورفض من الأب والأم ..وبالطبع منى ..صممت الفتاة وأصرت أصرارا غريبا على السفرودخول الغرفة ..إنصاعت الأم خوفا أن تنتكس حالتها وأصرت على السفر معها ورضخ الأب ..رغم محاولاتى المستميتة معه ليرفض ..تركتهم وأنا فى حالة من الغضب والأرتباك الشديد فى معتقداتى وأيمانى بعدم وجود عالم ما وراء الطبيعة ..وأن هناك عالم آخر يشاركنا أرضنا...
مر شهران وأنا أعيش فى تلك المتاهة والأرتباك الذى حدث فى عقلى ومعتقداتى ..أقاوم فضولى فى الذهاب إلى صديقى و أسرته لأعرف ماذا حدث..أنتابتنى الكوابيس في منامى ..
قررت المواجهة لأعرف الحقيقة مهما كان تأثيرها على حياتى
ومعتقداتى ..قادتنى قدمان مترددتان فى الذهاب ..أقدم قدم وأرجع الأخرى ..فجأة وجدتنى وجها لوجه مع الفتاة ..نظرت إلى وجهها وقد أرتدت إليه نضارتة وشبابة . وابتسامته الرقيقة ..نظرت إلى وعلامات التعجب على وجهها..
- ما بك يا عماه أمريضا أنت ..وجهك مصفر ..ونحل جسدك ..وما هذا السوادالمحيط بعينيك ..
ماذا حدث أوصلك لتلك الحالة ؟!
ظهر أبيها وأمها وهم يلقون بعبارات الترحيب .. يرددون نفس سؤالها ..صرخت بهم ..
- أنتم سبب ما أنا فيه ..ويجب أن أعرف الآن ما حدث فى سفركم ..
وهل دخلت الغرفة ..؟!
إبتسموا جميعا وهدأونى ..بدأت الفتاة تكمل قصتها..منذ أن شعرت بنسمة تمرعلى وجهها ..تنفستها بعمق وتغير إحساسها تماما من الرعب الشديد إلى شعور بالهدوء والسكينة ..وأنها تعرف هاتين المرأتين منذ ولادتها .ووافقت على السفر ..وعلمت من الأم وأختها ..أنهم أتهموا زوج الأم فى النيابة بأنه هو الذى أعتدى عليها بعد أن أثبت تشريح جثتها بأنها كانت تحمل جنينا وفى شهرها الثانى ..برأته النيابة لعدم ثبوت الأدلة ..
وأن روح الفتاة لن تصعد إلى بارئها ..ألا بعد الأخذ بثأرها وعقاب الجانى على فعلته البشعة ..وأن فتاة الغرفة لم تظهر لأحد قبلها أو كلمته ..والفتيات السابقات لها فى الغرفة ..كانت تشعل النار فى ملابسهم ..حتى يتركوا الغرفة ..
والأم متأكدة أنها ستكشف لى عن الجانى ..وأننى الوحيدة القادرة على أن أهدى روحها إلى طريق الخلاص ..
وصلنا إلى سكن الطالبات ..والعجيب يا عمى بأننى لم أشعر بأى خوف أو تردد ..بل أنتابنى شعور باللهفة على لقائها ..تناولت المفتاح من يد المشرفة المرتعشة ..بيد ثابتة ..هنا سمعت صوت المؤذن يؤذن لصلاة العشاء مما زاد الطمأنينة والسكون لروحى ..وأتجهت بخطوات ثابتة إلى الغرفة وفتحت بابها و أغلقته خلفى ... .
وجدتها جالسة على سريرها وكأنها كانت تنتظرنى ..على وجهها نفس الإبتسامة التى استقبلتنى بها أول مرة ..جلست على سريرى أبادلها نفس الإبتسامة ..كالمرة السابقة ..أخذنا نتبادل الأحاديث الودية ..
فجأة ..
تغيرت ملامح وجهها صارخة ..
- زوج أمى برئ .. زوج خالتى المجرم هو من فعلها..
وجدت نفسى وحيدة فى الغرفة ..أخذت أبحث عنها فى أرجاء الغرفة ولكنها أختفت تماما ..حتى رائحة هواء الغرفة تغير فى أنفى ..تيقنت أن روحها قد صعدت الى بارئها بعد أن حملتنى أمانتها الثقيلة..
ووقعت فى حيرة شديدة فخالتها التى ساهمت فى تربيتها ..ماذا سيحدث لها بعد أن تعرف الحقيقة ..وماذا سيحدث بينها وبين أختها التى كانت تأتمنها على أبنتها وتتركها تبيت عندها ..كأم ثانية لها ..
قررت أن أخفى الحقيقة عنهما ..فضررها أكثر من نفعها ..خرجت من الغرفة وقد قررت على إخفاء حقيقة ما حدث..عندما خرجت سألتنى أمها بلهفة ..
- هل قابلتيها يا بنيتى ..أكشفت لكى عن المجرم؟ ..
نظرت إلى خالتها تسألنى بإلحاح ..
- أٌقبل يدك يا بنيتى ..صارحينا بالحقيقة ..
كنت مصممة على إخفاء الحقيقة عنهما ..وأدعى عدم ظهورها ..
لكنى عندما نطقت وجدتنى أنطق بالحقيقة كاملة دون أى أرادة منى..وكأن شخصا آخر يتحدث بلسانى..
لست أدرى بعد ذلك ماذا حدث بينهما.. وعدت أنا وأمى وأبى ..دون أن ننتظر لنرى ماذا سيحدث بين الأختين وزوج الخاله ...
بعد أن أنهت قصتها وعلى وجهها تلك الأبتسامة البريئة ..
وقفت وخرجت مهرولا خارجا من هذا المكان قبل أن أفقد عقلى ..
وأجن .