عرض مشاركة واحدة
قديم 05-07-2014, 01:42 AM
المشاركة 46
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لعل السبب الأبرز لأزمة الهوية في روايات روان عبد الكريم هو جو الإستبداد السائد في الحيز الجغرافي المستهدف ، و لعل الاحتلال هو أبرز عناوين الاستبداد ، فهو قمة القهر و العنف الممارس على الهوية في فلسطين وجوارها ، فعندما نتأمل حضور الشخصية الفلسطينية في أحلام المطر و كذلك في حافية على جسر طبرية ، نستشف مركزية هذه القضية في دول الجوار ومدى الأثر الجبار لهذه المأساة الإنسانية و مدى الغبن الذي تحس به الذات و هي تعايش حالات التشرد و الضياع و هول الإبعاد و حجم العنف الممارس على المستضعفين ، مما أنتج عقدة التقصير و الإحساس بالغبن و التقاعس في بنية الهوية المحيطة بفلسطين . عقدة الذنب هذه تؤسس لتمرد و تمزق المجتمع وهو يحس حالة الحصار من استبداد آخر يحول بينه وبين تقديم يد المساعدة ، لتحرير الذات من عقدها المستحكمة التي تفتك بها .
تتناول روان عبد الكريم الإستبداد كعقبة لتعافي أزمة الهوية ، وتسقطه على شخصيات كثيرة في نصوصها ، ضابط المخابرات في حافية على جسر طبرية الذي لا يتوانى في كنس كل ما يمكن أن يقف أمامه ، جد نتالي المهووس بحب المال والسلطان والجاه و الذي يمارس أبشع جرائم التعذيب في رواية أحلام المطر ، زرد وابنته وما مارسه المجتمع عليهما من اقصاء كمنشأ للعنة الهوية . كل بطلات روان كان لهن نصيب من اكتساب الشخصية الاستبدادية كرد فعل و كتعبير عن أزمة الهوية .
روان لا تؤرخ في رواياتها هنا لثورات الربيع و لو كان هذا يظهر بشكل من الأشكال في حافية على جسر طبرية و لكن تتناول ظاهرة أزمة الهوية و افرازاتها و تشكلاتها وتطوراتها ، فهي لا تؤرخ لحدث ولا لفصيل كما يوجد في بعض الروايات التاريخية التي تأتي في سياق إديولوجي معين و مواكبة لفصيل ثائر و إبرازا للشخصيات التاريخية . مما يجعل أدب روان يبتعد ما أمكن عن التأريخ الحقيقي و أيضا عن السجال السياسي ، بل تتناول ظاهرة أوحدثا من زاويا مختلفة لعلها تظهر الصورة العملاقة و المشهد الصحيح ليس بجزئياته البسيطة بل ككل يعطي فكرة شاملة عن أزمة الهوية .


يتبع