عرض مشاركة واحدة
قديم 10-19-2014, 02:12 PM
المشاركة 5
فارس كمال محمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شكرا لك استاذي الكريم .. وما بينتموه في مداخلتكم كان ثمينا ، لما لك من خبرة واسعة واطلاع شامل على فنون الكتابة والادب
ارجوان تغفر لي نهجي الذي سرت عليه .. فانا احس بصدق ان منابر منتدانا قد نصبت ليحس الذي اعتلاها بحريته في التعبير، وثقة بان من يستمع اليه اشخاص قد ارتقوا سلالم الابداع الى منتهاها ، وبلغوا من سمو النفس مراحل تغري لأن يقول الخطيب ما يريد قوله حتى ولو ان قواعد الادب والمقالة لم تعتمد .
انها منابر حرة حقا
.

واتماما لمقال كونفوشيوس كتبت هذه الاسطر على ان اعود الى ذكر بعض الذي قيل عن الابداع في الفكر والفلسفة وتقبل استاذي الكريم فائق الشكر والاحترام

(( عندما مر الحديث على ذكر (( كونفوشيوس )) لم يكن المعني به هو احياء ذكرى هذا الفيلسوف الحكيم والمربي العظيم والدعوة الى الاهتداء بتعاليمه وتثبيت القيم الروحية التي شاعت في مدرسته ، فلدينا من القيم الروحية والأخلاق السامية والنظرة المتكاملة ما يغنينا عن الحاجة الى نصيحة اي مربي وحكيم وفيلسوف مها كان الفكر الذي جاء به مستخلصا من دراسة واسعة وفهم عميق للنفس الإنسانية والفكر الجمعي بشكل عام (( ولا ينفي الحقيقة هذه ما يشيع بين الكثير من أبناء امتنا اليوم من تدنٍ خلقي وتخلف فكري وانهيار للمنظومة الأخلاقية المسؤولة عن تماسك مكونات المجتمع واحاسيسهم بالانتماء وحرصهم على تطويره ، فللانهيار أسباب خارجية ولا تعد في أي حال تصدعاً في البناء وقصوراً عن فهم النفس الانسانية او التوائم والتكيف مع الواقع المتطور للمجتمع .. ويكفي لتصديق هذه الحقيقة الاعداد الكبيرة من عامة أبناء الغرب و مفكريهم وهي تعلن انتسابها الى دين الإسلام وقيامهم بالدفاع عنه والدعوة اليه وهم يشاهدون بأم الاعين الوحل لذي غطى أجساد المسلمين ورؤوسهم ، والتدهور المهين الذي اعتراهم ، والواقع المقرف الذي اصبحوا فيه ، فقد امعنوا النظر وادركوا ان الدين سالم والأخلاق مكتملة .. وعرفوا اين يقع مكمن الخطأ . )) .
والمعني إذن هو اثارة السؤال عن الخيط الذي يرتبط بكل من طرفي النقل والانشاء ، والاتباع والابداع ، والماضي والمستقبل ، والذكرى والاستشراف ..
وان الفكر الذي تركه كونفوشيوس للصين لم يكن نقلاً لأخلاق الذين سبقوه وتاريخهم وحسب ، فلو كان الامر على هذه الصورة لم يتخلّد اسم كونفوشيوس حتى يعبد، وتصبح تعليماته مدرسة يتناقل افكارها الصينيون ويعلمونها أولادهم طوال الفي عام حتى حلّ النظام الشيوعي الحديث ، وكان الاجدر ان تخلد أسماء أصحاب أفكاره الأصليين ويخلدون .
لقد كان كتاب التاريخ الذي خلفه ، خلطا من احداث حقيقية عاشتها الصين في اعظم مراحلها وخطب واقاصيص وضعها من نفسه .. فكان عمله ابداعاً تفرد به لا صورة مستنسخة ، وقصصاً تاريخية وشاها بزخرفه وفنه ، وعملاً فنيا يحمل بصمته .
والمعني بعد هذا ان الابداع ، عمل تجتمع فيه ابعاد عديدة ، الخبرة والتجربة ، الإشكال والحل ، المأساة والامل ، العالم والعقل و ... و ... و ...
ولو اجلنا النظر في العمليات الفكرية ( الواعية ) وآلياتها عند الانسان بشكل عام لادركنا ان ما قيل عن التأثيرات المتشابكة ( المؤثرة ) في صميم العملية الإبداعية هي نفسها حاضرة في ديمومة الوعي وانتقاله عبر ابعاد الماضي والحاضر والمستقبل .. ولو اجتزأنا الصورة التي تمر أمام اعيننا في هذه اللحظة من فلم سينمائي نشاهده واخضعناها الى التحليل ، لن نجد ابعاداً أخرى خارجة عنها ، لا ذكرى للحظة الماضية ولا إحساس أو توقع لما سيحدث لاحقا .. اما عند الانسان فالأمر مختلف تماما .. اذ أن الوعي في كل لحظات مروره ، يتّكئ على ماضٍ مرّ به ويتطلع الى مستقبل آتيه لاحقا ، انه في حالة دائمة من الارتكاز على الماضي والانعطاف نحو المستقبل ، بحسب تعبير ( برجسون ) .
ففي لحظة الوعي الحاضرة عند كل انسان ، يجتمع الماضي بالمستقبل ، والاشكالات المستعصية بالحلول اللازمة ، والآلام التي عاناها بالآمال التي يرتجيها .. انها (البراديغم النفسي ) اوالبِنية التي تشكل عقل الانسان وتحدد نهج تفكيره ، وتنتظم وفقها افكاره ..
ويتساوى في هذا كل واعٍ مفكر ، العادي والمتميز والفنان والعالم والمتبع والمبدع و المتخلف والعبقري ..
وما قيل عن لحظات الوعي ، يقال عن تلك الاوقات التي يُنشئ فيها المبدع موضوعه المتميز ، فهو في كل الأحوال ابن بيئة يعيش فيها ، وارض يمشي عليها ، وامة او جماعة ينتمى اليهم ويعيش بينهم .. وله طفولة قضاها، وتربية استوعب مراميها ، واخلاق تشربها كما تتشرب الأرض ماء المطر ، تداخلت وتشابكت في أعماق نفسه وتركيبة ضميره ..
)) وللكلام بقية ارجو ان يوفقني الله لاتمامها