عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
4279
 
فارس كمال محمد
من آل منابر ثقافية

فارس كمال محمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
65

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Apr 2014

الاقامة

رقم العضوية
12850
10-14-2014, 08:36 PM
المشاركة 1
10-14-2014, 08:36 PM
المشاركة 1
افتراضي نقل وانشاء .. اتباع وابداع - بقلم فارس كمال محمد
نقل وانشاء .. اتباع وابداع
فارس كمال محمد


"من الذين عرفوا انفسهم فاعربوا عن رغبتهم بتولي منصب عالٍ في الحكم ، ذاك الذي وصفه احد المارين عليه في بلدته ( دون ان يعرفه ) فقال انه رأى رجلا قبيحا ، ذا وجه كئيب كوجه كلب ضال ، فقد كان قبيحا حقا ، له شفاه كشفاه الثور، وفم واسع كسعة البحر ، انه (( كونفوشيوس )) ذاك الرجل العظيم والمربي الكبير الذي اخفى روحه السامية وعقله الكبير وحكمته البالغة خلف قناع الجسد .. وكانّه يلقننا درساً بان لا يوهمنا المظهر يوما فنوقر السافل الدنيء الجبان ، ونهين ابيَّ النفس ، كريم الأصل عالي الاخلاق ...
لقد اعلن على الملأ يوماً ، ان لو أولاه الامراء منصبا لقدم للناس والبلد من الأعمال الجليلة ما يرقى بهم الى مستوى متقدم وبلغ بهم الكمال في فترة لا تتجاوز النيّف من السنين .. وقد تحقق له الحلم ، وأُسند اليه منصب كبير قضاة احدى المدن ، فاصدق وعده واثبت للعالم جدارته لدرجة ان شاع في وقته الشرف والامانة بين الناس حتى بلغ الحال ان لو سقط من احدهم شيء بقي في مكانه حتى يعاد اليه .. وأصبح الوفاء والإخلاص شيمة الرجال .
(( يذكرنا هذا بحال اسلافنا المسلمين أيام الخليفة عمر بن الخطاب والخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما فقد نام الاول تحت ظل شجرة في العراء دون حارس ولا مانع من وصول احد اليه ، اما الثاني فلشدة ورعه وعدله وللأثر الحسن على رعيته قالوا ان الذئب كان يرعى الغنم في أيامه – رضي الله عنهما ))
وترك للصين تراثا ، وفكرا، ومدرسة للأخلاق ، تتناقلها الاسلاف جيلا بعد جيل، ولم ينضب ماء النبع بل فار وساح وتشعب في مساربه حتى غطى عموم الصين اجمع ، واضحت الكنفوشية الدين الرسمي للدولة ، وبقيت أفكاره على حيويتها وقوة نشاطها الفي عام من بعده .
ورغم كل هذه الهمة العالية والنفس الابيّة المتشوّفة الى ذرى المجد ، فقد كان متواضعا في عظمته ، ولم يدّع ان الذي جاء به أمر مستحدث وفكر مبتدع واخلاق صيغت من جديد بل هو النقل عن الاولين والاباطرة المعظمين ..
كان ينصح تلاميذه بالوضوح في الطرح والتفكير ، والصراحة في الإجابة عّما يوجه اليهم من سؤال ، فان كان يعلم فليتمسك بقوله انه عالم ، اما ان جهل فليقر بذلك دون خجل .
وصف نفسه بانه ناقل وليس بمنشئ ، وكل الذي عمله لا يعدو نقل ما تعلمه من الغير اليهم ..
والسؤال الذي يعنينا من كل هذا .. الم يكن كونفوشيوس مبدعا في الفكر الذي تركه من بعده .. ؟
وهل الصحيح انه لم يقم الا بجمع كل التراث الخلقي للأسلاف وان الكتاب الذي جُمعت فيه أقواله ونصائحه لم يخرج عن الدعوة الى الالتزام بقوانين الاخلاق التي سادت والالتزام بقيمها .. ؟
لو كان الذي صاغه نقلا عن ما هو سائد قبله ، لخرج عمله صورة مطابقة للمنقول ، ولسادت الافكار القديمة بأسماء حامليها .. وليس من مبرر لأن تعيش المدرسة المسماة باسمه ( المدرسة الكونفوشية ) آلاف السنين ، وتندثر أسماء أصحابها الاولين ..
ان ما تميز به هذا الرجل هو حبه الشديد للتفرد ولا فرق عنده إن تبوّء مكانة اجتماعية بين الناس وعرفوه او ظل نكرةً بينهم دون ان يلتفتوا اليه ، بل الأهم هو ان يكون جديرا باحترام الناس له وخليقا بان يعرف بينهم .
فما أروع هذا الخُلق وما احوجنا اليه ، ونرى ان في شيوعه بيننا إشاعة للمحبة والتسامح ، ولكُبح جماحُ العدوانية بيننا ولصار التنافس شريفا عندنا ، ولصار الكل اصيلا في سلوكه وتفكيره ، متفردا بشخصيته .
وكان حريصا على ان يعلم تلاميذه الّا يهاجموا غيرهم من المفكرين ويهدروا اوقاتهم بنقض أفكارهم .. ولعمري ان هذا ما يفتقده البعض من أصحاب القلم ، من الادباء والمفكرين الاعلام ، ومن كتاب المقالات في منتديات الانترنيت ، وان كنا نرى ان في شيوعه بين بعض الاعلام ، حدة في الطبع وتعصب في التفكير واعتزاز بما عندهم من فكر، منهم على سبيل المثال ( العقاد ) و ( د . عبد الرحمن بدوي ) .. اما كتاب المقالات في المنتديات ، فلأحاسيس العجز عن الملاحقة والتنافس نصيب كبير يأتي بعده دافع الانتقاص من مخالفي مبادئهم وانتماءاتهم . ونحمد الله ان كتاب منتدانا ، كبار على جميع الصُعد في الفكر والمنزلة والدور الذي يمثلونه ، ولهم إحساس بالواجب الإنساني المطلوب في رعاية المستوى الفكري المطروح .
وكان يحرص كل الحرص على ان يُعمل الطالب لديه عقله ويتجاوب مع أمور الفكر ومستجداته بذهن متفتح وعقل متفرد وشخصية لها كيان مستقل .. وتلك من مقومات الابداع وصفات المبتكرين .

المقالة خاطرة ثانية في سلسلة صغيرة من الخواطر التي يجمعها العنوان ( المقالة بين الاستنساخ والابداع ) دعاني الى الاخذ بهذا الاسلوب صعوبة جمع مادة المقالة في عرض واحد بالرغم من ان الفكرة العامة حاضرة واقتباسات الموضوع متوفرة ، ولايماني بنصيحة الفيلسوف ( هنري برجسون ) لاحد تلاميذ الفلسفة ، حينما طلب منه الاخر النصح في معالجة مشكلته اذ جمع مادة كبيرة جدا من المعلومات المتعلقة بالموضوع الذي يريد الكتابة عنه ورغم ذلك فهو عاجز عن الكتابة وعن البداية فيه ، فكان جواب برجسون بلزوم دوام المطالعة واعمال العقل فيها حتى تاتي اللحظة التي يرى فيها ان كل الافكار تدور حول محور او مركز يضفي عليها الوحدة والتجانس . امنت بالنصحية وان انا على بينة بالفرق فلست فيلسوفا ولا طالب فلسفة بل دائر حول اروقتها ولم استطع الدخول .
للحديث بقية ارجو ان يوفقني الله تعالى في تناول موضوع الابداع واقوال فلاسفتنا فيه