عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2019, 10:37 AM
المشاركة 14
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم

إن الغرق في الحب نجاة و إن البقاء على شطه ضياع.... صدق لسانك يا سيدي بما قال ..... خير لنا أن نحب ونتألم من ألا نحب أبدا ....
الحب همسة سرقها العقل من الروح وزفها إلى حروف الأبجدية عروسا وبكي على غيابها لما فقدها .... غار القلم من سعادة الحروف وحتى يخرب عليها فرحها تآمر مع سبع سطور والعروس من حفل زفافها خطفها ونزفها من الحبر كلمة سخية وعشق معناها بعد ما كتبها .......
الحب كلمة جاءت إلينا من الجنة لذلك لا يوجد على كوكب الأرض من يناصبها العداء ..... البغض لا يعتبر خصمها والكره ليس عكسا لها ونقيض الحب هو اللا حب إنه الفراغ حيث تتساوى المشاعر قوة وضعفا ويناقض بعضها بعضا .....
أحيانا لا نستطيع التصديق بأننا وقعنا في الحب حتى نخسر هذا الحب وكثيرا ما يكون الحب موجودا في حياتنا ولكننا لا نشعر بقيمته ولا نقدر أهمية وجوده ونتصور أو نتوهم بأننا نستطيع أن نكون بخير في غيابه ..... لا وألف لا وبعد اللا الأخيرة ألف لا ....... لن تستمر الحياة كما كانت ...... هناك نقص حاد وقاتل يبحث الجسد عن أسبابه ولن يجد رغما عن كل محاولاته ما يسد به هذا النقص .....
وهذا ما يدفع الجسد إلى الدخول في مرحلة انعدام نطاق الجاذبية ما بين الحواس ..... تتقلص لدينا الرغبة في الطعام أو الشراب حتى تبلغ مستوياتها الدنيا ...... جفوننا ترفض الإطباق ويجافي النوم عيوننا و يحتلنا الأرق والإرهاق ..... اللسان يعجز عن الكلام وتخون العقل حروف الأبجدية وأثناء التفكير تغزوه كلمات لم يناديها وتهاجمه عبارات لم يدعيها ..... الأذن لا تريد أن تسمع وكل الأغاني لم تعد تعنيها ..... الأنف في عالم أخر يسبح في رائحة عطر عالقة ضمن خلاياه ويخشى تبديلها ........ يدنا اليمني تفقد تدرجيا شعور اللمس لقد غادر من كان يؤنس وحدتها وخسرت الأصابع من كان يسليها ....
وبالمختصر العلاقة ما بين الروح والجسد تنهار ...... الروح بحاجة إلى الطعام وغذاؤها الحب ...... حتى الألم الذي يصاحب بعض تجارب الحب يبقى إحساس جميل وصادق تحتاجه الروح بشدة ....... الحب رحمة سقطت من السماء والتقطتها قلوب البشر ولولا الرحمة ليبست الأجساد عطشا إليها ولولا الأمل بوجود الرحمة لكانت الروح لفظت أنفاسها الأخيرة خنقا .....
الحب صوت حسون يحمله الصدى لمسامع حسونة كي تبادله شعورا منتظر .... الحب رابطة فطرية تجمع ما بين جميع الكائنات الحية على سطح الأرض تلك الرابطة متى زالت زلنا وخسرنا البصيرة والبصر ..... الحب لغة ساحرة ترسلها العيون إلى العيون ولا تحتاج مفردات ....... تلك اللغة خالية من الكلمات ولا ندرسها في مدرسة .... الحب معجزة تقف في وجه القدر في زمن غابت عن الأرض المعجزات تغرق الذات ضمن الذات وتعشق الغرق كلما غاصت إلى أعماق الذات أكثر فأكثر ....
الحب تجربة خطيرة تحتاج إلى المعرفة المسبقة بالإيجابيات والسلبيات المرافقة لها ..... ولكن هذه المعرفة لا نأخذها من الكتب ولا من الحكايات ولا حتى من المورثات تلك المعرفة شخصية جدا وخاصة جدا ومؤلمة جدا ويجب أن نعرف العوم في البداية قبل الإبحار في عرض البحر .........
الحذر واجب ربما تخدعنا الأمواج وقد تخوننا مشاعرنا وربما تغدر بنا مشاعرهم ..... لذا لا بد لنا قبل الوقوع في الحب أن نتعلم كيف نحب الألم المرافق لهذا الحب لأن الألم الناتج عن الفقدان او الهجران له آثار لا تزول من الروح وإن زالت تلك الآثار مع مرور الزمن سوف يبقى تأثيرها أقوى من الأثر .... وبرغم آلام الحب وعذابه وأوجاعه يبقى أفضل من اللا حب لأن العشق هو الوسيلة الوحيدة لتهذيب الروح وترويض الجسد ......

أخي الفاضل محمد أبو الفضل سحبان

كما ذكرت يا سيدي من الصعب أن نختزل معنى الحب في سطور ...... لأنه أقوى العواطف تركيبا وأكثرها تعقيدا وأشدها وجعا وأعلاها شأنا .... إنه أفعال قبل أن يكون أقوال ...... فالحب تضحية وتفاني من أجل الآخر ووعود تُمنح ليُوّفى بها ........ ويا ليتنا نوفي بها ......
أشكر مرورك يا سيدي وانتظر عودتك الثانية
دمت يا صديقي بألف خير