عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2011, 07:38 PM
المشاركة 185
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (19)


رَمْيُ الجِمَارِ



بمناسبة حرب تشرين التحريرية




اِرمِ الجمارَ ضحىً كفراً وإيمانا
واتلُ المثانِيَ إسراراً وإعلانا

كُفراً بشهرِ حزيرانٍ ونكستهِ
وجدِّدِ اليومَ في تشرينَ إيمانا

* * *

كم من دعيٍّ بمحرابِ الهوى سقطتْ
عنهُ المسوحُ فعاشَ الدهرَ عُريانا

سوءاتُه لم تزلْ للكونِ باديةً
قد ضاقَ سِتراً بها وانهارَ كتمانا

وزأرةُ الليثِ تُنبي عن توثُّبهِ
وتصعقَ الخصمَ حملاناً وذؤبانا

* * *

يا أمَّةً لم تزلْ للكونِ هاديةً
تزهو بحاضرها فكراً ووجدانا

كم أرضعوكِ الأسى وهناً وقد وهنوا
وحمَّلوكِ الونى زوراً وبُهتانا

كم أشعلَ الحاقدونَ النارَ فانطفؤوا
غداةَ ثرنا بوجهِ الظُّلمِ بُركانا

* * *

تنفَّسَ الصبحُ عن تشرين مؤتلقاً
يلفُّ بالغارِ آذاراً ونيسانا

فأورقَ الأرزُ واخضلَّتْ منابتُهُ
وعانقتْ راسياتُ الشامِ لُبنانا

* * *

أهواكَ يا ملعبَ الأبطالِ يا وطني
أَلهمتَني الشعرَ أفكاراً وأوزانا

علَّمتني كيف أجلو الحسنَ مُنتضياً
له القريضَ تراتيلاً وألحانا

علَّمتني كيف أُزجي الحبَّ قافيةً
عذراء تنهلُّ أشواقاً وتَحنانا

أهواكَ في رفَّةِ الأهدابِ تسحرُني
أهواكَ في ضحكةِ الأطفالِ نشوانا

أهواكَ في الحرب إقداماً وتضحيةً
أهواكَ في السِّلمِ أزهاراً وألوانا

أهوى النواعيرَ والعاصي يغازلُها
وينثني للرياضِ الخضرِ سكرانا

لَكَمْ أَذبتُ بها قلبي وقافيتي
متيَّماً بالجمالِ البكرِ ولهانا

أهواكَ .. أهواكَ .. أهوى كلَّ بارقةٍ
نلقاكَ في أُفْقِها تسمو وتلقانا

إنِّي أُباهي بكَ الدنيا وزُخْرُفها
كما تباهي شَذا عَدْنٍ ضحايانا

* * *

يا شهرَ تشرين هذي الأرضُ ما فَتِئتْ
تَسْتسهِلُ الشوكَ حتى صارَ رَيحانا

تستلُّ من رحم الأحزانِ فرحتَها
فينظرُ الكونُ مذهولاً وغَيرانا

لا يُشعلُ الشَّمسَ إلا زَندُ قادحِنا
ولا يشقُّ الدُّجى إلا سرايانا

* * *

قالوا السلامَ : فقلنا : نحنُ أمَّتُه
وقد وضعنا لحكمِ العدلِ ميزانا

فكم أضلُّوا وضَلُّوا في تَثَعْلُبِهمْ
حتى غدوا من لَظى تشرين فِئرانا

ويطلبون سلاماً في مساومةٍ
ويُضمرون بهذا السلمِ عدوانا

فلْيَعلموا أنَّنا أهلُ السلامِ وقد
صُغنا ملامحَهُ في الساحِ شُجعانا

أوابدُ الحقِّ ما تنفكُّ ماثلةً
تُغري الخلودَ بنا علماً وعُمرانا

هذي الشآمُ وحيَّا اللهُ قائدَها
مُحصَّناً بكتابِ اللهِ إيمانا

سِفرٌ من المجدِ وضَّاحُ السنا عَبِقٌ
تجري العصورُ وتبقى الشامُ عنوانا

* * *

يا غابةَ الليثِ والأشبالِ يا وطني
إنِّي عشقتكَ ميداناً وفُرسانا

من كلِّ أسمرَ وكرُ النَّسرِ ملعبُهُ
ينقضُّ إما تراءى الصِّلُّ عَجلانا

إنَّا بترنا يدَ التوراةِ من كَتِفٍ
لما وصلناكَ إنجيلاً وقُرآنا

غفرانُهُمْ يملأُ الآفاقَ زَنْدقةً
فليسألوا السامريَّ الوغْدَ غُفرانا

من كوثرِ الجرحِ صُغْنا ألفَ ملحمةٍ
فيلسمعوا زمجراتِ الجُرحِ في قانا

فَشُمُّ لبنان لم تبرحْ مسيَّجةً
طرنا لها من راوبي الشامِ عُقبانا

ما زالَ تشرينُ في أحداقنا غضباً
وما لوى عَزْمَنا العنقودُ غضبانا*

* * *

هذي القيامةُ والأقصى وصخرتُه
أهلَّةً تَرقَبُ البشرى وصُلبانا

فليقتلوني على أعتابِ حُرمتِهم
وليصلبوني ببابِ القدسِ عُريانا

ولتكتبوا بدمي رَفْضَ السَّلامِ إذا
كان السلامُ لنا ذُلاً وإذعانا




1996


* إشارةً لعملية عناقيد الغضب
الصهيونية في لبنان