عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2010, 12:44 PM
المشاركة 36
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هـ- البطل التراجيدي وعقدة الملك :
نفس المصدر السابق
في معرض الحديث عن التناقض الحاد الذي كان يعتلج في صدر الشاعر، حيث أنه كان يعتقد سموه وأهميته، في حين أن الملوك عاملوه معاملة مداح مرتزق إلا قليلا منهم، ستطفو إلى السطح عقدة غريبة دعاها اليوسف " عقدة الملك " ومفادها " أن أبا الطيب من الملوك وان كان لسانه من الشعراء ". ومن أجل تحقيق هذا الاعتقاد أشهر السلاح وقاتل لمدة سنتين. لقد توصل اليوسف إلى استجلاء هذه العقدة من خلال منطوق شعر المتنبي، إذ صرح الشاعر غيرما مرة بهذه الرغبة في الملك وتسيير شؤون الدولة ، وأحيانا ألمح لهذه الرغبة بانتقاده للأمراء والخلفاء العجم ، إن هذه العقدة ليست مرضية بقدرما أنها تعكس انخراط المتنبي في هموم العصر، وذلك أن السؤال الجوهري الذي طرح في عصر المتنبي هو سؤال الوحدة السياسية.
فالأمر أساسا يتعلق بقضية التوحيد، فبالرغم من أن اغلب شعر المتنبي خصص للمدح، فانه تضمن رؤى سياسية عميقة، تجلت في إصراره على الدعوة إلى التوحيد، وقد انعكست هذه الدعوة في تصوره لبناء القصيدة التي جاءت ، بمثابة إطار تركيبي يوجد ما بين القول الشعري التخييلي والقول الحكمي الفلسفة، وقد قام بمثل هذا الصنيع الفيلسوف الفارابي المعاصر له حين ذهب إلى التوفيق بين رأي الحكيمين وبين الفلسفة والدين. وقد نحى نحوهما بديع الزمان الهمداني في نفس العصر إلى التوحيد بين الشعر والنثر في مقاماته. لهذا فإن الإمساك بسؤال المرحلة، والوقوف على الإجابة المقدمة شعريا من طرف المتنبي تعتبر السبيل السالك لفهم هذه الرغبة الملحاحة للانخراط في الهم السياسي.
لقد تعززت لدى المتنبي عقدة الملوك، حين اصبح لا يرى المجد إلا في تضريب أعناق الملوك، سواء كانوا عربا أو عجما، لاسيما العجم الذين نظر إليهم بأنهم من أسباب انحطاط الإمبراطورية الإسلامية.
إن عقدة الملك هاته تقرب شخصية المتنبي من شخصية امرئ القيس، إذ يمكننا أن نرصد التشابه بينهما في اكثر من مستوى، فكلاهما من اصل واحد، من اليمن، وكل منهما راح يبحث عن الملك فاخفق ، إلا انهما عادا ملكين في مملكة الشعر، حتى قيل في حقهما " فتح الشعر بكندي وانتهى بكندي " ، وكلاهما ماتا موتا تراجيديا حيث قتلا في طريق العودة الأول مات بحلة مسموما في أنقرة ، والثاني قتل من طرف الأعراب بدير العاقول