عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2015, 07:24 PM
المشاركة 2
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي تابع : التجنيس في اللغة
تايع ... التجنيس في اللغة :

وذلكم أن ذل الجار حالفكم ... وأن أنفسكم لا يعرف الأنفا
فاتفقت الأنف مع الأنف في جميع حرفها دون البناء، ورجعا إلى أصل واحد، هذا عند قدامة أفضل تجنيس وقع، ومثله في الاشتقاق قول جرير والجرجاني يسميه التجنيس المطلق، قال: وهو أشهر أوصافه:
وما زال معقولاً عقال من الندى ... وما زال محبوسا عن الخير حابس
وقال جرير أيضاً، وفيه المضارعة والمماثلة والاشتقاق، وأنشده ابن المعتز:
تقاعس حتى فاته المجد فقعس ... وأعيا بنو أعيا وضل المضلل
وقال خلف بن خليفة الأقطع:
فإن يشغلونا عن أذان فاننا ... شغلنا وليداً عن غناء الولائد
يعني الوليد بن زياد بن عبد الملك. وقال أبو تمام فأحكم المجانسة بالاشتقاق:
بحوافر حفر وصلب صلب ... وأشاعر شعر وخلق أخلق
فجنس بثلاث لفظات. ومثله قول البحتري:
صدق الغراب، لقد رأيت شموسهم ... بالأمس تغرب عن جوانب غرب
ويقرب من هذا النوع قول ذي الرمة واسترجعت هامها الهيم الشعاميم فالهيم والهام قريبان في اللفظ بعيدان في الاشتقاق، وربما جعلهما بعض الناس من أصل واحد، وكذلك قوله:
كأن البرى والعاج عيجت متونها ... على عشر نهى به السيل أبطح
قال ابن المعتز " نهى به السيل " أي: بلغ به إليه فهو أنعم له وأكثر لدونةً.
وأنا أقول: معناه ترك به السيل نهياً، وهو الغدير، وذلك أتم لما أراد ابن المعتز، اللهم إلا أن يكون معناه جعل نهايته هناك فإنه أتم وأجود، أي: لم يجد منصرفاً فأقام. وقال البحتري:
وذكرنيك والذكرى عناء ... مشابه منك بينه الشكول
نسيم الروض في ريح شمالٍ ... وصوب المزن في راح شمول
وقال أبو تمام:
مليتك الأحساب، أي حياة ... وحيا أزمةٍ وحية واد
ويقرب من هذا النوع نوع يسمونه المضارعة، وهو على ضروب كثيرة: منها أن تزيد الحروف وتنقص، نحو قول أبي تمام والجرجاني يسميه التجنيس الناقص : يمدون من أيدٍ عواص عواصم وهما سواء لولا الميم الزائدة. وكذلك قوله قواض قواضب سواء لولا الباء، ومع ذلك فإن الباء والميم أختان. ومثله قول البحتري:
فيا لك من حزم وعزم طواهما ... جديد البلى تحت الصفا والصفائح
ومنها أن تتقدم الحروف وتتأخر، كقول الطائي:
بيض الصفائح لا سود الصحائف، في ... متونهن جلاء الشك والريب
فقوله " الصفائح، لا سود الصحائف " هو الذي أردت. وقال البحتري:
شواجر أرماح تقطع بينهم ... شواجر أرحامٍ ملوم قطوعها
ومثله قول أبي الطيب:
ممنعة منعمة رداح ... يكلف لفظها الطير الوقوعا
وحكى ابن دريد أن أعرابياً شتم رجلاً فقال: لمج أمه، فقدم إلى السلطان فقال: إنما قلت: ملج أمه، فدرأ عنه..
قال أبو بكر: لمجها: أتاها، وملجها: رضعها.
وأصل المضارعة أن تتقارب مخارج الحروف، وفي كلام العرب منه كثير غير متكلف، والمحدثون إنما تكلفوه؛ فمن المعجز قول الله عز وجل: " وهم ينهون عنه وينأون عنه " وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سمعه وهو ينشد على سبيل الافتخار وقيل: بل سأله عن نسبه فقال:
إني امرؤ حميري حين تنسبني ... لا من ربيعة آبائي ولا مضر
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ذلك والله ألأم لجدك، وأضرع لخدك، وأفل لحدك، وأقل لعدك، وأبعد لك عن الله ورسوله " وقوله عليه الصلاة والسلام: " نعوذ بالله من الأيمة والعيمة والغيمة والكزم والقزم " الأيمة: الخلو من النساء، والعيمة: شهوة اللبن، والغيمة: العطش، والكزم: قصر اللبان خلقة أو من بخل، ويقال: الكزم شدة الأكل، والقزم: شهوة اللحم.
وهذا النوع يسميه الرماني المشاكلة، وهي عنده ضروب: هذا أحدها، وهي المشاكلة في اللفظ خاصة، وأما المشاكلة في المعنى فننبه عليها في أماكنها إن شاء الله تعالى..

يتبع....