عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2016, 07:00 PM
المشاركة 9
مؤيد عبد الله
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم

لا خلاف على ضرورة ان يتثقف الانسان ويتعلم القدر اللازم من المعلومات المختصة بالحياة الجنسية ، وان ما نعيشه اليوم من تحول عام دار على البشر وطال المجتمعات كلها، اللهم الا تلك التي تعيش في مناطق منعزلة ولم تصل اليها وسائل الاتصال بغيرها من المتحضرين ، فقد بات الكل يتابع الصور الحياتية اليومية للمجتمعات الانسانية الاتية اليه عبر وسائل الاعلام المتقدمة منها الانترنيت والفضائيات وافلام السينما والفديو والهاتف النقّال مما احدث اثرا بالغا على التركيبة النفسية والبنى الاجتماعية وقواعد السلوك ، يصاحبه جهل الكثيرين بالمعارف المهمة للعلاقات الجنسية ومنهم مثقفون ، مما يلزمنا بتبني منهج التثقيف الجنسي الهادف الى اجتناب الوقوع بالاخطاء السلوكية والحد من الاثار السلبية الناتجة عنه .
كل هذا متفق عليه ، ولاجدال فيه الا نوعية المناهج التي علينا الاخذ بها ، وهل من الاولى نسخ التجربة الغربية وتطبيقها على ارضنا ومجتماعاتنا ذات القيم الثقافية والروحية والقواعد الاخلاقية المتميزة ... من هنا يبدأ الجدال وتتعدد وجهات النظر وتفترق العقول ويذهب كل واحد منها الى اتجاه مغاير ..
الحضارة الغربية بصورة عامة تمنح الفرد حرية مفتوحة الى حد بعيد في مجال العلاقات الاجتماعية بين الجنسين وتزيل الاستار المقامة بينهما وتجيزالاختلاء بين الجنسين وتداول الافلام الاباحية ومشاهدتها على شاشات السينما وفي اماكن اللهو وتفشي العري بين الجنسين ، وكشف الصدور والبطون واليوم صرنا نرى ان الهمّ الاول للكثيرات منهن هو ان تكون مثيرة جنسيا ويفرحن اذا ما اطرى عليهن الاخرون ووصفوهن بذلك ، وقد خمدت جذوة روح الالتزام التي كانوا عليها الا من شعع نور ورجاء تبعثها قلوب اناسى شغفها حب الالتزام والاخلاص للمبادئ التي تربوا عليها وامنوا بها وصارت من صميم حياتهم وتقاليدهم وكثير منهم رجال الكنيسة .
اما الاجواء الاجتماعية والتركيبة النفسية لمجتمعاتنا فتتميز بالاحساس العميق للضمير المتكون فيها عبر الاف السنين التي عاشتها في ظل حضارتها الموسومة باسمها وفي ظل مباديء الدين السماوي الذي انزله الله تعالى على اراضيها ، ولا زال التاثير قائما ويفعل في النفوس فعله حتى عند الشرائح المتأثرة بالتيارت الغربية القائمة على اشاعة الروح الاباحية وتجاهل وصايا الدين واوامره ..
يرى المناوؤن - في المجتمعات الغربية - ان من الفقرات التي تضمنها المنهج ، تدريس الاطفال والمراهقين ممارسة العلاقة الجنسية بدون حمل وبدون انتقال للامراض التناسلية تحت مسمى ( الجنس الآمن ) ، وهم يوزعون على الطلبة المجتمعين في قاعات الدرس المختلطة واقيات ذكرية وانثوية مع حبوب منع الحمل .. ومن المفردات والمفاهيم التي يتناولونها بالشرح ( الوطء في الدبر ) ، ( السحاق ) ، ( الاجهاض تحت اسم الصحة الانجابية ) ، ( الجنس عن طريق الفم ) ، ( تزييت المهبل ) ، ( احساس الفرد ونزوعه لأن يكون جنسا آخر ) ... وهم يرون ( على خلاف ما يدعيه المشرعون ) ان ما تبغيه هذه المناهج ، تحرير الفرد من قيود الاعراف والتقاليد الاجتماعية والدينية ليمارس حياته منفتحا معتقدا بأن الغريزة الجنسية بريئة والعلاقات التي يمارسونها طبيعية ولا مانع من اشباعها ومن الاولى اتاحتها للاطفال ، ولا ضرر من الايلاج في اي من منافذ الجنس المقابل ، وبالامكان ان يتصرف الصبي كأنه فتاة اذا كان يشعر بالميل الى ذلك والعكس صحيح ايضا ( هوية الجندر ) ...
اما المهتمون والمختصون عندنا فقد شغلوا بموضوع تدريس الثقافة الجنسية منذ عشرات السنين وقد اباحتها دول وعارضتها أُخر ومن اواخر حلقات الجدال والنقاش تلك التي نشرها برنامج الاتجاه المعاكس على احدى الفضائيات سنة 2009م .. والمار على ما اباحوه وعارضوه وتناقشوا فيه يخلص الى الفكرة الذاهبة الى ان قبول ونجاح تدريس الثقافة الجنسية يستوجب ان تكون وصفية ومناسبة لطبيعتنا وقضايانا وتركيبتنا الاجتماعية وبنيتنا النفسية وان تكون هادفة وتحترم قيمنا ومباديء الدين الحنيف وان تتم بمشاركة اولياء امور الطلبة وتاخذ بنظر الاعتبار المراحل العمرية للطلاب ، وباعتماد اسلوب محتشم لايخدش حياء الطلبة ويهدف الى تزويدهم بالمعارف الضرورية اللازمة والمبادئ الاسلامية الصحيحة . ويحبذ الكثير تدريسها في اطار مادة التربية الاسلامية ، او الثقافة الاسرية او الجسمانية او العلوم ، متجنبين تخصيص مادة منفصلة باسم التربية الجنسية فالعنوان لوحده مثير ويشد الانتباه ويبعث على التفكير بالممارسات المتعلقة به .
يرى علماء الدين ان الثقافة الجنسية قديمة تمتد وتطول على طول تاريخ ديننا الحنيف ، لكنها مختلفة عن تلك التي عند الغرب ، وان من العبارات والمفاهيم المتداولة ( الطهارة ) ، ( غض البصر ) ،( قضاء الوطر ) ، ( الغسل) ، ( المحيض ) ، ( الحياء ) ،( مس المرأة ) ، ( الاتيان مما امر الله ) ، ( نساؤكم حرث لكم ... ) ، ( المواقعة ) ، ( العزل ) ، ( المني ) ، ( الوذي ) ... وليس في دروس التربية وسائل مرئية ولا مشاهد تمثيلية انما الكلمات المعبرة و العبارات اللطيفة التي لا تخدش الحياء ولا تثير الغريزة . وقد علّم نبينا امته حب المعرفة والتفقه في الدين ولم يمتنع عن اجابة الاسئلة المطروحة عليه حتى لو كانت من النساء ، ومن الاسئلة التي اجابها صلى الله عليه وسلم تلك التي قدمتها امرأة انصارية عن غسل المحيض فقد الحّت فيها وتمعّنت و الجواب كان واضحاً وختمه بالثناء على نساء الانصار اللاتي لا يمنعهن الحياء من التفقه في الدين ( هذا نقلا عن مقال منشور واعتذر ان كان فيه كلام يمس صحته ) ، اما عن التعاليم الجنسية الاخرى التي جائت عن الرسول الكريم ، وصيّته وهديه لمن اراد الاقدام على امرأته ليقضي حاجته فقد نهاه عن الارتماء عليها كما ترتمي البهائم بل ليكن بينه وبينها رسول يعني به الكلام المحبب والمقبول والتقبيل الممهد لاستجاجة المرأة وقبولها له ، وكذلك امهال الزوجة حتى تقضي حاجتها ووطرها وشهوتها اذا ما سبقها وقضى حاجته ... وفي هذين الهديين الكريمين دليل واضح على مدى احترام الدين للمرأة و المراعاة الكبيرة لمشاعرها والتقدير العالي لدورها وموقعها في المجتمع ومن التعاليم الدينية الاخرى (اعتزال النساء عند المحيض ) توخيا للنضافة والطهارة وتجنبا للاذى ومضاعفاته ، وكذلك اجاز الدين (العزل عند الرجال) اذا ما راى الواحد منهم ضرورة لذلك وقد اجاز المتأخرون استعمال الواقيات الحديثة ايضا بديلا عن العزل ( ولا علم لي فيما اذا اختلف في هذه المسألة) .. ومسائل العلاقة الجنسية في الاسلام كثيرة والمراجع عنها متوفرة وكلها تؤكد على ان تعاليمها معاصرة ولا يرفضها الا من استطاب رؤية الذي نراه في يومنا هذا وتعود على ممارسات باتت شبه مباحة اجتماعيا ..

وللقارئ الكريم نظر وراي وقلب عامر بالايمان

والف شكر لك استاذنا الكريم ايوب صابر المحترم ووفقكم الله لما فيه الخير