الموضوع: مطرقة وإسفين
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
5363
 
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي


عبدالسلام حمزة is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,945

+التقييم
0.57

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8997
08-06-2010, 11:47 PM
المشاركة 1
08-06-2010, 11:47 PM
المشاركة 1
افتراضي مطرقة وإسفين
رزقه الله صورة حسنة محببة للناس , رجل يحمل في حناياه قلب طفل يحكم عليه , وله

فراسة , تكشف له عن معادن الناس إلى حد ٍ ما , ولد في أسرة تحب الخير وتحث ُّ

عليه , علَّمه أبوه أن لا يخون من يثق به ربّته أمه على قصص الأنبياء و تشبّع من قصة

يوسف , من تكرار سماعه لها , ويمتازبعقل ٍ جعله مرجعا ً للناس في استشارته لمشاكلهم

جاءت إليه , وهي تعرفه وتعرف سمتعه , لها من صفات الأنوثة كمالها , بشرة ً بيضاء

وطول فارع وشخصية مُهابة تجذب إليها الخواص من الرجال , ذات منصب يمنحها رصانة

ورزانة ويُضفي عليها سحرا ً وسورا ًمن المهابة ِ يذود عن حِماها من لا يستيطع مجاراتها

من الرجال .

قصدته ليعمل تصاميما ً لمسكنها ؟ ذهب معها بسيارتها , لم يكن يعلم أنهما بأنهما سيكونين

منفردين , دخل الفيلا وهو يظن بأن هناك أحدا ً غيرهما , فتوجس خوفا ً من صدى

المكان , حاول في شرح أفكاره , أن يهرب من التقاء عينيها , لأنه يخشى ضعفه

وضعفها و الخلوة , وأحسَّ بإن توتر ما في المكان , فاستحضر توصيات أبيه وأخذ زمام

نفسه بالوفاء لها , دار معها المنزل شارحا ً لها مبدأ التصاميم ومراحل العمل , صعدا إلى

الطابق العلوي حيث جناح المنامة وبدأت بغرفة نومها ؟ !

أخذ يرسم ويشرح لها , وفجأة التقت العينان , فأنكر نظراتها , وأيقن بأن الضعف سرى في

جسد الأنثى , أبقى مسافة بينه وبينها لتحميه منها ومن نفسه , لأنه في تلك اللحظة رآها

من أجمل النساء , وبدت له كأشهى أنثى . وتغيّر لون عينيها واضطرب نَفَسها ونسيت

مركزها ورصانتها , وأصبح قلبه كمرآة لما يدور في خلدها , فكسرت حاجزالمسافة ,

بخطوات بدا فيها التمايل والدلال , ومالت عليه لتنظر إلى الرسومات التي بين يديه , ثم

لفحته عن قصد ٍ بلهيب أنفاسها , وردَّت شعرها الهفهاف بيدها بحركة أنثوية ظاهرها براءة

مفتعلة , وكثير من الغرور .

وناداه صوت من داخله يستحثه على الرد ِّ على مبادرتها , فاستغاث بربّه بقلب خاشع ٍ

مضطر , أشفق على شرفه الذي إذا خسره خسر حياته معه ! فهو لا يمتلك في الدنيا سوى

شرفه , ورأى وجه أمّه وهي تُكبِر ُ في يوسف مخافة الله , وسمع توصيات أبيه تناديه

بالأمانة والثبات , تدافعت هذه الصور مع إغرائها وإلحاح نفسه , والشيطان الذي بدا منتشيا ً

بقرب انتصاره ؟

لحظات عصيبة كأنها الدهر , راجع فيها حياته بعد خسارة سمعته وشرفه , وسقوطه من

أعين الناس لو انكشف الأمر , وغضب الرحمن الذي طالما دعاه بالستر والعافية .

تماسك وتمكّنت نفسه الصالحة وتكلّم بعينيه ليعينها , بأنه يؤثر رضى ربه على لحظات

ضعفه , وأرسل لعينهيا بإنه غير راغب ؟ ! ولا يليق بها أن تضعف ,فاستيقظت عزتها

واستعادت مركزها وهيبتها , فأشاح بوجهه عنها , لكي لا تدينها عيناه ويعفيها من حرجها

العميق .

لأنه يوقن بأنها امرأة محترمة ولها من السمعة الحسنة ما جعله يأتي معها لوحده , دون

تفكير . ولكنها الخلوة والضعف البشري , آذنها بالرجوع , فاستجابت .

تجاهل الموقف كلّه وتناساه , وتكلّم معها وهي واجمة , بمواضيع تلهيها عن التفكير في

لحظة الضعف التي حصلت , نزل من سيارتها وودّعها .

وظلّت تنظر له بإكبار كلما رأته , وظلَّ يحمد الله من أعماقه كلما رأها .