عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2014, 02:51 AM
المشاركة 4
فاتحة الخير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله


قرأت القصة مرات، ووقفت حائرة أمام الحكم الذي سأصدره على المراة المسجاة على سريرها
نظرت إليها ووجدت الهدوء على وجهها والسكينة، راحة نفسية تظهر على أنها كانت تنتظر الموت بحب حتى الملاءة احتفظت بتجاعيد صغيرة مما يظهر انها لم تعاني كثيرا عند خروج الروح عنها.
موت رحيم طاف بها وأخذها من بين احبائها، هادئة راضية.
لكن القصة أخذت منحى آخر، وهي فتح دولاب الاسرار الذي جعل المعايير تتغير والمعادلات تتداخل فيما بينها، اسرار كسرت تمثال الفضيلة وحولته لشظايا، أغلقت أبواب العواطف لتفتح بوابات الخزي والعار، ضاربة عرض الحائط كل جميل عاشه ابنيها وعرفاه معها، رميا بعيدا كل تعب تعبته من أجلهما، نسيا ان تلك المسجاة هي من حضنتهما واحتضنتهما في غياب أب لم يعرفاه قط، ربتهما على فضائل وأوصلتهما لمراتب دنيوية ودينية جيدة، ومع ذلك أصدر القاضي عليها حكما رغم غياب المدعى عليه وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه
ورغم وجود دلائل يمكن الضرب في قوتها،فالرسائل وهي دليل قاطع على وجود رجل في حياة امهما، لكن القاضي والراهبة لم يتأكدا إن كانت تلك الرسائل قبل أم بعد الزواج من ابيهما، وحتى لو فرضنا أنها كانت على علاقة برجل آخر، هذا الرجل يظهر من خلال رسائله أنه يتوسل منها العودة، وهي طبعا ترفض هذا الحب او ترفض تلك النزوة أو الخطيئة التي أقدمت عليها يومأ، أقدمت عليها لأنها امرأة عانت من فراغ عاطفي بعد غياب الأب وهروبه من مسؤوليته اتجاه ابنائه، لحظة ضعف مرت بها في حياتها وحاولت التكفير عنها بتربية ابنيها التربية الصالحة وتعليمهما المبادئ التي جعلت منهما فاعلين في المجتمع.
ومع ذلك، بضع سطور فقط، كانت كفيلة أن تجفف الدمع من المآقي، بل وتحجر القلب وتغير النظرة لأعز إنسان كان لديهما.
فأصبح نكرة بسبب سطور كتبت في زمن مضى، دون معرفة الدوافع ودون الأخذ بالقرائن ودون سماع شهود ودون قبول التوبة
وهذا يحيلني للقول ورغم أن هذه مجرد قصة خيالية أو ربما هي قصة واقعية وقد تكون حدثت للكاتب نفسه، إلا أنني أرى فيها أنانية الإنسان الذي ينسى بسرعة المعروف الذي حضي به من إنسان ما، ينساه تحت تأثير تقلبات ظرفية أو معلومات خارجية، فيرمي المعروف على طول يديه
وكأنني أمام موضوع الاستاذ صابر حول صناعة المعروف بين الناس

رغم أن النهاية كانت شيئا ما غريبة، بالمقارنة مع التأثيث الذي قبلها، من نحيب الابنين وكذا شكل المرأة الهادئ عند الموت، إلا أن السر الذي فجر في النهاية كان بمثابة الموت الحقيقي للمرأة الام، يعني أن القصة تحكي قصة امراة ماتت مرتين، مرة عندما أسلمت الروح راضية ومرة عندما سقطت ورقة التوت عن ذكرياتها التي اعتبرها الابنين صدمة وإهانة لهما وكأن تلك الأم لا تستحق الحزن لما يحمله ماضيها من تشوهات، فكان الموت الثاني الأكثر إيلاما للمرأة والأكثر قوة وشدة وهوالسقوط من عين ابنيها اللذين كانا بقدر الحب الذي يحبانها كان التقدير والاحترام، لهذا أرى أن اختيار العنوان كان موفقا جدا، رغم أنه يبدو للوهلة الأولى عنوانا عاديا لهكذا أحداث.


شكرا على القصة مع تحياتي