عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2014, 10:41 PM
المشاركة 58
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أحمد الدويحي
هو أبو إياد أحمد بن سعيد بن حسن الدويحي ، أديب و قاص و روائي سعودي ،من مواليد تا1372هـ الموافق لعام 1954م في قرية العسلة في أعالي جبال السروات بمنطقة الباحة الكائنة بالجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية
تلقى تعليمه الأولي في مدرسة قرية العسلة ، ثم أنتقل إلى عاصمة المملكة العربية السعودية في وسط نجد في سن مبكرة ، ليكمل مسيرة تعليمة وعمله وحياته في مدنية الرياض إلى الآن ، متزوج وله خمسة من الأبناء / ثلاثة أولاد / وبنتين / وحفيدة وحيدة .


بدأت أولى إرهاصاته الكتابية في بداية التسعينات من القرن الهجري المنصرم ، وشهدت صفحات جريدة ( عكاظ ) أولى خطوات ركض حروفه ، وقد التحق بمكتبها في مدينة الرياض متعاوناً ، ظل مدة سنتين ( محرراً ) يكتب التحقيقات والأخبار المحلية والدولية .
- شهدت جريدة ( الرياض ) أوسع وأطول تجاربه الصحفية ، وبقي ثمانية عشر عاماً ما بين التعاون والتفرغ في السنتين الأخيرتين ، حرر وأشرف على كثير من الصفحات الاقتصادية والسياسية والأدبية .
- ختم مشواره الصحفي بمجلة ( اليمامة ) ، وبقي ستة أشهر فقط ، ليهجر الوسط الصحفي نهائياً دون رجعة .
- كتب العديد من المقالات السياسية والثقافية ( إبداعية ونقدية ) في الصحف السعودية المختلفة . ومطبوعات عربية أدبية .
- كتب زاوية أدبية ( للغاية ) ، ظلت مستمرة ثلاث سنوات بلا انقطاع في ملحق( روافد ) الأدبي بجريدة البلاد السعودية .
- يواصل الآن كتابة زاوية أدبية ( وجوه وزوايا ) بـ ملحق جريدة الجزيرة الأسبوعي ( الثقافية ) مستمرة لسنتين كل يوم أثنين .

* الحياة الثقافية والفعاليات :
- عضو ( نادي القصة ) – جمعية الثقافة والفنون السعودية .
- عضو مؤسس وفاعل في جماعة السرد بالرياض . وأول من تولي سكرتارية جماعة السرد بالرياض ، وتنظيم وإخراج فعالياتها إلى الوجود ، كجماعة رائدة في عالم السرد المحلي ، فصارت نموذجاً فيما بعد لجماعات سردية أخرى .
- أمسية قصصية بــ ( نادي القصة ) بالرياض ، ومشاركة كلاً من القاصين / خليل الفزيع / محمود تراوري / وتقديم الشاعر والناقد الأستاذ / عبد الله الزيد .
- أمسية قصصية بــ ( نادي جدة الأدبي ) ، مشاركة القاص عبد الله التعزي / تقديم القاص / محمد علي قدس .
- أمسية قصصية بـــ( بالإحساء ) جمعية الثقافة والفنون ، ومشاركة كلاً من القاصين عبد العزيز الصقعبي / سعود الجراد / تقديم الأستاذ / أحمد الملا .
- أمسية قصصية بــ ( نادي الباحة الأدبي ) ، ومشاركة كلاً من القاصين / محمد منصور الشقحاء / فالح الصغير / وتقديم القاص جمعان الكرت .
- أمسية أدبية بــ ( نادي أبها الأدبي ) ، حيث شارك الكاتب جماعة السرد عصرا في لفاءاتها الدورية بدعوة خاصة . . وتحدث الكاتب مساءاً لرواد النادي ومنسوبيه في مسامرة أدبية حول تجربته الكتابية ، وتناول الحوار تفاصيل من كتابته الروائية . .
- شهادة لـلكاتب ــ( ملتقى الرواية الأول ) الذي نظمه نادي الباحة الأدبي ، حيث كان الكاتب من أوائل كتاب الرواية الذين قدموا ( شهادات ) حول تجاربهم الروائية لملتقى الرواية الأول .

* - الإصدارات السردية :
القصص :
- البديل - مجموعة قصصية – 1986 م
- قالت فجرها – مجموعة قصصية – نادي القصة – 2000م
الروايات :
- ريحانة – القاهرة – دار شعر – عام 1991م
- أواني الورد – دمشق – دار علاء الدين عام 2001 م
- الحدود – الرواية الأولى من ثلاثية المكتوب مرة أخرى – بيروت – الكنوز الأدبية - عام 2002 م
- ثلاثية المكتوب مرة أخرى – بيروت - دار الكنوز الأدبية – عام 2004م
- مدن الدخان – بيروت – دار الكنوز – عام 2007 م
- وحي الآخرة – بيروت – الانتشار العربي ، النادي الأدبي بحائل: عام 2010م

من أعماله:

- قصة قصيرة ( رفعة )



يتبع غنمه ، يسوقها إلى مشارف القرية، كانت خيوط الشمس تهوي فوق رؤؤس الجبال ، يتراءى له وجه يتأرجح فوق صفحة ماء الغدير ، تتصاعد إلى خياشيمه بعد رحلة شاقة رائحة رَوَث البهائم والحبق والنعناع ، كأنه يشمها لأول وهلة ، القطيع يقودنا إلى طريق
( جحوشة) ونعتاد أن نسير خلفه ويمضي بنا إلى غايته ...
نصمت أحياناً لأحدنا ، يحلو له الغناء ، امتعاضا فيعطي للريح صوته ، يطفئ شواطئ الجبال عند ارتداد الصدى، نلهو نعبث نردد مواويل ونتف قصص ونطعمها بما يسعفنا به خيالنا الغض ، ونضيف عليها شيئاً من الحال ليتسرب الزمن كالهواء نحس به ولا نراه.

قالوا : جاء مغربي للحج ، يحمل معه أوراقاً قديمة ، لتدله على موقع (جحوشة) وفيها غلة لبني هلال ، تلوح كما لاحت أطلال خولة لطرفة في ظاهر يده .
كان جدي يركب حمارته الرمادية اللون في طريق
(جحوشة) يروي قصة ذلك المخبول المسمى زين العابدين قائلا :
- قال : سيأتي زمن يخرج فيه حمار الشيطان وينقر بعصاه من فوق ظهر حمارته وأشتار إلى جانبي الطريق ويفعل هكذا ...
فاجأتنا !! وخرجت من تحت كوة صخرة ، تحمل حبيبات سكر بين يديها ، ذقناه بتمعن ، وفعل بنا موجة عارمة !
اجتحنا الغار ، وأفرغنا كل ما فيه في بطوننا ، خرج كلب من الغار يحمل في فمه دجاجة مستوردة كاملة ! هالنا طمع الكلب ، لم نتعود من كلب القرية أن يأكل دجاجها ، ماذا حدث له ؟
نادت عليه ولكن هيهات !؟ نبح ولاحظنا ملامح آتية من بعيد ، تضرب أقدامها الثقيلة الأرض ، اقتربت من فوهة البئر ، وكأنها تنتزع سراً من جوفه .
أصابتنا رجفة ... إنها هي قادمة ... فكوها ...
(رفعة جاءت) ... كيف قدر لها أن تغادر شهار ؟
استقبلها باشا ً مرحباً ، احتضنها ، سعى ينادي أمه :
- رفعة جاءت ... فكوها ... فكوها ...
خرج أهل البيت الدهشة تعلو وجوههم ، ارتفع صوت مرزوق :
- محمد قم .
فهمت إشارته المقصودة بتدبير عشاء دسم يليق بالضيفة ،اندفعوا إلى المجلس الكبير يرحبون رجالاً ونساءً برفعة ، التفوا حول النار وتناقلت القرية الخبر :
رفعة جاءت !!!
تتسع حلقة السمر ، نظرات فاحصة ، كلمات بلا معنى ، أبناء القرية يتوافدون ، السؤال يضرب بالأعماق ...
رفعة جاءت !!
لا أحد يجرؤ على نبش الماضي ، ترحب سعدى ، مرزوق يغافل زوجته سعدى ويسترق نظرات قاتلة ، ويعود بذاكرته إلى زمن بعيد ... ثلاثة وعشرون عاماً تنهش سر هذه الليلة ،تنتصب حاجزاً بين رفعة وهذه العيون المتفحصة ، تغوص لتنتزع الآهات ، مرزوق يتنحى جانباً يحبس هم << السنين >> في صدورهم ، لا يقوى على نبش ما دفنته .
يتذكرونها ، ثلاثة وعشرون عاماً ، يتذكرون قصائدها ، ويرددون قصة ليلة زفافها ، هربت ليلتها ولم تجد ملاذاً يحتضن خوفها غير جوف البئر ... ها هي اللحظات تمر بطيئة ... ثقيلة ... قاتلة ... تجتاح العاصفة فجأة كل شئ تهتك مساحة الجمود ، يبتلع صوت رفعة سر هذه الليلة ، يملأه دفئاً وحناناً :
- ( يا ليت لك – يالعافية – في السوق جلاب يشتريها كل طلاب ) .
تتوحد الهموم ، تلاقت العيون ، سرت همهمة ، رج البيت ، صرخ مرزوق وكان صوته حاداً متجرداً :
- اسكتوا ... اسكتوا ...
توقفت رفعة ، وضحكت :
- والله ما عاد أطيق ،
يعلو الضجيج ، يرفع مرزوق صوته بذات الحب راجياً :
- يا جماعة خلوها ... بتغني ...
انزوت سعدى خلفه ، قالت :
- لا ... ما عادت تطيق
صاح بشدة مستنكراً :
- اسكتي أنت ،
تتفحص رفعة أبناء القرية ، تضحك قائلة :
- هذا ولد فلان ... وهذه بنت فلانة (حليلها) تشبه أمها الله يرحمها .
ها هي تعرف أخبارهم ، تعرف صغارهم بأشباه أهلهم ، يشاغل نفسه بتعبئة ( الأتريك) بالغاز ، ينثني فوق جدار النافذة ، يتوسد ذراعه بهدوء ، يرقب ساكناً :
- مرزوق
تناديه ، تبحث عنه رفعة بالتفاتة فاحصة :
- وين مرزوق ؟
- أنا هنا ...!
صوت متجحرش يأتيها من بعيد ، يرد مرزوق :
- (وش عليك منه خليه هنا ...؟ )
يعلق أحدهم مازحاً تحتج رفعة بنبرة صادقة صارخة :
- لا... كل شيء إلا مرزوق
تخرج الماضي ، تعمر بنت اللحظة ، تنقل بصرها بين الصغار ، يتفحصونها بدورهم ، تبتسم لهم ، تبدو مختلفة عما سمعوه ، ونما في أذهانهم ، تحرك سعدى النار ، تسحب الجمر ، تتنحنح رفعة :
- (غبني على روحي وياما زل منها

ليت لي آخذ ما يكفي الحال منها
ما مضى لي ... لو يكون غالي ثمنها
- فرج الله قريب
جاء صوته خفياً هامساً حزيناً ،
- صوتي ضاع ... تقطع
وضحكت ، توقفت ، وجالت ببصرها في سماء البيت ، بدأت تبحث عن سرها ، وواصلت فجأة :
- (يا شايل الهم كيف ترضى وأنت مهموم
اللهم اللي علق بقلب إنسان فضه
دم دمه وأبدى جروحه)
قيثارة أصيلة ، هكذا رآها مرزوق ، وهكذا يعرفها منذ زمن بعيد ، امتدت يده إلى طرف غترته ، ومسح دمعة أثيرة ساخنة فاضت عنوة فوق خده :
- هاك
تجاهلته ووضعت سعدى عينين مكتئبتين في عيني مرزوق :
- خلها
- الليل طويل ...!
تسحب رفعة خيوط الماضي بكل مآسيه
- " لا ... لا... يا قتالي أخطيت
ما بعد أني خنت وأعطيت "
يتقطع صوت مرزوق ، ينتحب ، وها هي رفعة تعطي لكلّ حقة ، وليحتمل كلّ همه .
ليست رفعة وحدها .
وشهار لم تبن من أجلها .
كانت رفعة منتشية تكشف سر ليلها الطويل :
" تعبت ... تعبت ... غداً العيد ، والله يعيدكم " .


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا