عرض مشاركة واحدة
قديم 03-18-2012, 12:28 AM
المشاركة 7
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الرد على فتوى قبول الدية فى قتل المتظاهرين

الكارثة ليست فى الفتوى العجيبة بقبول الدية فى جريمة لا تجوز فيها الدية أصلا ,
بل الكارثة المحققة أن القانون المصري لا يوجد فيه بند يسمح بذلك
والحل الوحيد لتطبيق حل التعويضات هو أن ينكر المصابون والشهداء أقوالهم ويغيروا شهادتهم ويشهدوا شهادة زور بأن هؤلاء الضابط لم يتسببوا فى عملية القتل والإصابة !
ووافق تيار المهادنة المنتمى زورا للسلفية وشجع أهالى الضحايا على هذا الفعل الآثم .. والله المستعان !
يناصرون ضباط وزارة الداخلية ويشجعون على عدم القصاص من الجريمة الحقيرة التى هى أشد عند الله من هدم الكعبة وفق الحديث الشريف ( لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من قتل إمرئ مسلم )
ولا يكتفون بذلك بل يكيفون الأمر تكييفا شرعيا ويلوون عنق النصوص ويحرضون أهالى الشهداء على أبشع إثم حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام ألا هو شهادة الزور لكى يغيروا أقوالهم فى صالح الضباط القتلة أمام النيابة العامة نظرا لأن القانون الوضعي لا يعترف بالدية كفعل يُسقط العقوبة ..

هذا فضلا على أن الفتوى ذاتها فتوى فاسدة فقهيا فقد اعتمدت الفتوى على أننا أمام جريمة قتل عمد يجوز فيها الدية وفق حالات معينة والأمر ليس كذلك كما بين علماء الأزهر الشريف مثل الدكتور نصر فريد واصل والشيخ محمود عاشور , فنحن أمام جريمة إفساد فى الأرض مكتملة الأركان تستوجب حد الحرابة بلا خلاف وهو حد لا تجوز فيه الدية بل فيه القصاص بأحد ثلاث عقوبات تضمنها قوله تعالى ..
[إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ] {المائدة:33}
والجريمة ــ جريمة الإفساد فى الأرض ــ كما أسلفنا متكاملة الأركان لأن وزارة الداخلية خانت أمانتها ثلاث مرات :
مرة بأن جعلت نفسها فى خدمة النظام ومارست القتل والترويع وتعمدت إحداث النفلات الأمنى وأطلقت البلطجية على الشعب الآمن ونهبت وسرقت وقتلت بلا أى وازع من ضمير ولا أى مبرر سوى أن تعاقب الشعب على تصديه الباسل لجرائمها وجرائم النظام ..
والمرة الثانية وهى الأهم عندما خانت القسم الذى أقسمته بممارسة وظيفتها فى حفظ الأمن وانسحبت خائنة مخذولة وتركت البلاد وعباد نهبا لعصابات الشوارع فضلا على أنها مارست القتل والإفساد بيدها عبر ضباطها وقناصتها بل وعطلت حتى مرفق الإسعاف ومرفق الإتصالات حتى تضيع على المصابين أى فرصة للنجاة , وهو ما نجحت فيه بالفعل فمات الآلاف متأثرين بجراحهم وكان من الممكن إنقاذهم لو كان مرفق الإسعاف قائما بوظيفته وتمكن من إسعاف المصابين , وكانت هناك فرصة أيضا لإنقاذ بعض الجرحى لو كانت الإتصالات تعمل بصورة طبيعية ليستنجد المصابون بأهلهم وذويهم ..
والمرة الثالثة : فى التسبب المباشر فى إحداث الإنفلات الأمنى وتخليهم عن وظيفتهم بعد الثورة وحتى اليوم رغم قدرتهم الكاملة ومعرفتهم المتكاملة بأسماء وأماكن البلطجية الذين يروعون الناس فى الطرقات العامة وفى أشهر الميادين فى وضح النهار فى ظل تواطؤ وتقاعس شهدته الملايين فى الشوارع حتى اضطر كل فرد للدفاع عن نفسه وشكل الشعب من شبابه الوثاب لجانا شعبية حمت الديار فى ظل انسحاب الشرطة المخزى
هذا بخلاف جريمة عظمى وهى تبديد أموال وزارة الداخلية التى هى أموال الشعب فى مكافأة وترقية قيادات الداخلية المتورطة فى الأحداث وهذا ثابت بالوثائق التى تم تسريبها عن الترقيات التى نالها القياديون والزيادة الملحوظة فى مرتبات الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين فى عهد وزير الداخلية السابق منصور عيسوى تحت بند رفع معنويات هؤلاء الضباط عد الهجمات الإعلامية عليهم !!

هذا بالإضافة لمدى الوقاحة فى اختيار توقيت الفتوى ,
فليت أنهم قدموا دعوتهم تلك بعد صدور أحكام الإعدام الواجبة ضد هؤلاء السفاحين الذين ترصدوا الثوار ببنادق القناصة وقتلوهم بدم بارد مباشرة فى القلب والصدر والرأس , وليت أنهم تقدموا بها بعد أن مثل كل المتهمين وكل القناصة للمحاكمة ,
بل تقدموا بها فى ظل تواطؤ حكومى أشعل غضب الجماهير للذروة عندما ماطلت المحاكم فى تلك المحاكمات ولم تقدم النيابة المصرية حتى اليوم عُشر المتهمين الحقيقيين من وزارة الداخلية , ولم تقدم قناصا واحدا من بين ثلثمائة قناص يتبعون وزارة الداخلية مارسوا عملهم ضد المتظاهرين بشهادة الشهود وبتوثيق ملفات الفيديو المصورة , وليس هذا فقط بل إن كافة القيادات التى تم تقديمها للمحاكمة خضعت لها وهى فى مناصبها الرسمية بجهاز الشرطة ؟!
وفى ظل هذا الجو المحتقن والشعور الكاسح بالظلم لدى أهالى الشهداء يخرج هؤلاء ليقترحوا عليهم الدية !!
ونعود للتأصيل الشرعى لهذه الفتوى بعد أن بينا الدليل الصحيح على أنها جريمة إفساد فى الأرض
فالدية فى هذا الموقف لا تجوز لا بالشرع ولا حتى بالقانون الوضعى ,
ونبدأ بالقانون الوضعى لسهولة القاعدة فيه , حيث أن القوانين الوضعية تأخذ بنظرية العقد الإجتماعى التى ألفها المفكر الفرنسي جان جاك روسو ومنها استقت أوربا نظرية القانون وعملت به , وتقوم هذه النظرية على أن الدولة تتكون من شعب يقطن وطنا معينا وسلطة توافقيه جاءت بإرادة هذا الشعب وتمثل الدولة أمامه ,
ووصف جان جاك روسو طبيعة العلاقة بين الدولة والمواطن الطبيعى أنها علاقة عقد إجتماعى يؤدى فيه المواطن حق الدولة فى الضرائب وفى الإلتزام بالقوانين التى تقرها الحكومة فى مقابل أن تضمن له الدولة حق المعيشة بأمان ,
ومن لوازم هذا العقد فى الجانب الجنائي ـ وهو موضوعنا ـ أن عقاب المجرم على أى جريمة تجاه أى مواطن فى الدولة هو حق أصيل للدولة وليس للفرد ,
بمعنى أن الفرد هنا لا يملك العفو عن مرتكب الجريمة حتى لو كان هذا الفرد هو المجنى عليه وحتى لو أبدى استعدادا للتنازل عن حقه ,
وقد رتب القانون الوضعى الحق فى الجريمة الجنائية إلى شقين ,
حق للفرد يتمثل فى إمكانية حصوله على التعويض المدنى نتيجة الجريمة , وفى حالة القتل يكون حق التعويض ثابتا لورثته , وذلك فى إثر حكم قضائي نهائي بات فى الشق الجنائي
وحق للدولة يتمثل فى احتفاظها وحدها بمعاقبة القاتل بحكم قضائي لا يتأثر بتنازل أهل المجنى عليه عن حقهم المدنى ,
والتطبيق المباشر لهذا الكلام معناه أن القانون الوضعى لا يقر مبدأ الدية من الأساس فى أى جريمة من الجرائم , لأنه يحتفظ للدولة بحق محاكمة وإدانة المجرم أو القاتل وتطبيق هذا الحكم بغض النظر عن موقف المجنى عليه .. ويقر فقط حالات التنازل عن القضية فى الجنح وليس فى الجنايات ,

أما فى الشريعة الإسلامية ,
فقد أقرت مبدأ الدية فى ظروف معينة كحكم على سبيل الإستثناء يشمل جريمة القتل بالخطأ أو الجريمة شبه العمدية والعمدية بشرط أن يكون تكييفها الشرعي جريمة قتل , وهذه هى النقطة الفارقة ..
وفى غير ذلك فالقصاص واجب لا شك فى ذلك يقوم به القاضي ــ ممثل الدولة ـ إلا أن يعفو ولى الدم أو يقبل بأخذ الدية , لأن الشريعة الإسلامية جعلت لولى الدم حقا أصيلا فى تطبيق القصاص وذلك فى قوله تعالى :
[وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا] {الإسراء:33}
هذا كما سبق القول فى خصوص جريمة القتل ..
ولكن السؤال هنا ..
هل ما حدث من قتل للمتظاهرين السلميين على يد سفاحى وزارة الداخلية عمدا ومع سبق الإصرار يمكن أن يتم تكييفه فى إطار جريمة قتل ؟!
كلا بالطبع ..
فجريمة القتل كما عرفها الشرع وعرفتها أيضا القوانين الوضعية هى جريمة شخصية .. نكرر جريمة شخصية سواء كانت جريمة عمدية أو شبه عمدية أو على سبيل الخطأ ..
ومعنى أنها جريمة شخصية أنها تتمتع بنوع ما من التوصيف بين القاتل والمقتول , ويمثل هذا التوصيف دافعا للقتل أو الشروع فيه حسب التكييف القانونى للجريمة ,
أما قتل المتظاهرين من قناصة الداخلية بالعشرات , وبلا أدنى مبرر أو سبب أو سابق معرفة أو وجود أدنى عذر ـ قد لا يكون سببا للبراءة ـ لكنه يصلح كدافع للقتل , فهذه ليست جريمة قتل بل هى فى عرف الشريعة الإسلامية ( إفساد فى الأرض ) وهو تطبيق مباشر يستحق حد ( الحرابة ) لا حد القتل قصاصا
ويسميه القانون الحديث ( البلطجة والإرهاب )
والفارق الدقيق بين جريمة القتل العادية ـ التى توجب حد القتل ـ وبين الإفساد فى الأرض ـ الذى يوجب حد الحرابة ـ هو توافر الدافع للقتل من عدمه
فإن توافر دافع للقتل عند القاتل أيا كانت ملابسات هذا الدافع , فهى جريمة قتل تجوز فيها الدية بشروطها ..
أما عدم توافر الدافع فهو يخرج بالجريمة من جريمة قتل عادية إلى إفساد فى الأرض يستوجب إحدى العقوبات الثلاث التى حددتها الشريعة ويصبح القصاص فيه واجبا على الإمام أو من يقوم مقامه وهنا لا يمكن تطبيق نظرية الدية بأى حال من الأحوال وتحت أى مبرر ..
هذا فضلا على أن الدية فى شأن قضية قتل المتظاهرين بالذات , غير مسموح بها لأسباب واقعية تعود إلى طبيعة الجريمة فضلا على موانعها الشرعية
فالدية تستوجب قبول ولى الدم وهو ما يتعذر فعله أصلا لكثرة الضحايا وعدم اتفاقهم , وحتى لو حدث المستحيل وتم تجميع كافة أولياء الدم وقبوا الدية فى القتلي ,فهناك القتلى مجهولى الهوية , وهناك القتلى الذين ليس لهم ولى للدم وبالتالى تعود الولاية لولى الأمر فى الدولة وهنا لا يكون من حق الحاكم ( ولى الأمر ) قبول الدية لأنه ليس وليا أصيلا وبالتالى يستوجب القصاص بلا بديل
وهذا هو ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام مع الدهماء الذين قتلوا الراعى ونهبوا ماله فأمر بهم فسُملت أعينهم وقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ثم نبذوا أى تركوا فى الشمس حتى ماتوا .. تطبيقا لحد الحرابة
ولما سبق يكون الحديث عن الدية فى معرض هذه الجريمة حديث خرافة يمكن القول به نظريا مع استحالة تطبيقه عمليا ..

ولهذا عندما جاء أئمة الإسلام لتفسير آية الإفساد فى الأرض .. وهى قوله تعالى ..
[مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ] {المائدة:32}
وهذه الآية توضح الفارق بين جريمة القتل كفعل فردى وبين القتل إفسادا وإلحادا وإستحلالا للدم بلا مبرر
وهى قرينة الآية الكريمة ..
[إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ] {المائدة:33}
فى تفسير تلك الآيات لم يذكر المفسرون حرفا واحدا عن الدية , ولا تناولها الفقهاء فى معرض أحكام الإفساد فى الأرض إطلاقا وهى الجريمة الثابتة فى شأن قتل المتظاهرين حيث أنه قتل عمد لسفح الدماء بلا مبرر وبلا أدنى وازع واقترن هذا بنهب الأموال وترويع الآمنين لتصبح الجريمة مكتملة الأركان فى هذا الشأن
ولنعرض لما قاله بن كثير مثلا فى تفسيره ولنركز على المثال الذى ساقه هذا المفسر العظيم فى شرح تلك الآيات ..
يقول فيها بن كثير فى تفسيره ..
( والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات ، كما رواه البخاريومسلم من حديث أبي قلابة - واسمهعبد الله بن زيد الجرمي البصري- عن أنس بن مالك : أن نفرا من عكل ثمانية ، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبوا من أبوالها وألبانها؟ " فقالوا : بلى . فخرجوا ، فشربوا من أبوالها وألبانها ، فصحوا فقتلوا الراعي وطردوا الإبل . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم ، فأدركوا ، فجيء بهم ، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسُملت أعينهم ، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا .)

والمتأمل فى المثال السابق يجد أن النبي عليه الصلاة والسلام طبق حد الإفساد فى الأرض ولم يطبق حد القتل لأن الجريمة كانت بلا مبرر حيث أن هؤلاء الدهماء قتلوا الراعى بلا أى مبرر ثم سلبوا ماله وطردوا إبله وأفسدوا فى الأرض لمجرد الرغبة فى ذلك دون أدنى دافع
وجريمة قتل المتظاهرين هنا تشبه تماما حادثة مقتل عبد الله بن خباب رضي الله عنهما على يد الخوارج فى زمان على بن أبي طالب رضي الله عنه , فلما قتل الخوارج بن خباب أشعلها علىّ رضي الله عنه حربا ضروسا عليهم حتى استأصل شأفتهم وانتقم لما فعلوه بالرعية , ولم يطرح أحد فى زمانه قولا فى دية أو حتى اقتراحا بها , إنما كان حكم علىّ على الخوارج أن يسلموا إليه قتلة عبد الله بن خباب فيقتص منهم أو هى الحرب وكانت الحرب الشهيرة فى موقعة النهروان والتى لم يتردد فيها علىّ رغم الظروف التى كانت تمر بها الأمة الإسلامية فى ذلك الوقت
فما بالنا بالله عليكم عندما نقارن هذه الجريمة بجريمة قتل الآلاف لا جريمة لهم إلا أنهم ضجوا من النهب المنظم لمواردهم المسلوبة وهتفوا لنيل حقوقهم بلا أدنى سلاح فكان جزاؤهم على أيدى عصابة نظام مبارك أن قتلهم بدم بارد وبأسلحة فتاكة قاصدا إلى ترويعهم وإلى مد شريان الحياة لنظامه الناهب واستمراره فى الحكم بلا أدنى شرعية
ناهيكم عن توافر أركان جريمة ( الإفساد فى الأرض ) على نظام مبارك وزبانية الداخلية أنفسهم قبل حتى أن يقتلوا متظاهرا واحدا من متظاهرى ثورة يناير المجيدة , وذلك يتضح من خلال استرجاع سياستهم الأمنية التى جعلت من الإسلام والتدين هدفا لها ,
فأى إفساد فى الأرض عند الله أعتى من أن يكون صاحب اللحية أو مؤدى الصلاة غير آمن فى سربه ولا على أهله , ويمارس شعائر دينه فى الخفاء كمان لو كان يرتكب الموبقات , وذلك خوفا من بطش الأنظمة التى تترصد المساجد وتترك حانات الخمور وأوكار الدعارة بل وتمنحها تراخيص رسمية أيضا .. وتعتبرهم من فنانى الدولة ووجوهها الإعلامية الرائدة !
وأى إفساد فى الأرض عند الله أكثر من أن تكون إسرائيل حليفة استراتيجية لنظام سياسي يدعى أن دينه الرسمى هو الإسلام , وتشترك سياسات نظام مبارك مع نظام أولمرت ونتياهو فى حصار وتجويع أطفال وعجائز المسلمين فى غزة باعتبارهم إرهابيين ومفسدين فى الأرض؟!
ليس هذا فقط ,
بل تصدر أحكام الإفراج عن الجواسيس الإسرائيليين والذين كانوا يُعاملون فى السجون معاملة الأشقاء , فى نفس الوقت الذى تمتلئ به معتقلات الداخلية بعشرين ألف معتقل لا ذنب لهم إلا أن قالوا ( ربنا الله ) !
ولم يشأ مبارك فى أواخر أيام حكمه أن يترك أدنى فارق بينه وبين إسرائيل ففتح المعتقلات والمحاكم الإستثنائية لرجال المقاومة الإسلامية ( حماس ) واعتبرهم من الإرهابيين المطلوبين ولفق لهم التهم المفتعلة لخدمة السياسة الإسرائيلية ولم يعد باقيا له إلا استبدال النسر فى العلم المصري بنجمة داوود حتى يتم تغيير اسم مصره إلى مصرائيل !

أفبعد هذا كله ..
وبعد ما فعله هامان وفرعون وجنودهما ..
يأتى إلينا شخص يدعى الإسلام ويدعى الإنتساب للسلف الصالح لكى يفتى أو يدعو للعفو عن قتلة الشهداء , ولقبول دية يعلم هو وغيره أنها من أموال الشعب المنهوبة لا من أموال هؤلاء السفاحين ..
وكم صدقت نبوءة نبي الرحمة عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال :
( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من الناس , بل يقبضه بقبض العلماء , حتى إذا لم يعد عالم اتخذ الناس رءوسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا .. )
والله المستعان