الموضوع: صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-11-2013, 09:30 PM
المشاركة 6
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل وجه الطبيب بشاشة وهو يتلقى خبر نجاح مجهوداته ، فجاءني على أصابع قدميه وقد ازداد طوله و انشرحت ملامحه و دبت حياة جديدة في حركته قائلا ، متعني بتلك الوقفة ، أعلن انتصارك على هذا الشلل ، يأمرني ليتأكد أن كل شيء ذهب أدراج الماضي : " ارفع يدك اليمنى ، اليسرى ، استدر ، اركع ، .." كلما أطعته ازدادت أوامره بماذا تحس الآن ؟ فأجبته " أظن أني بخير ، فبالي تمتلكه نشوة الفرح ، وجسمي يزداد نشاطا ، لكني رغم ذلك ، أحس بالتعب " فقال : " طبيعي ، التعب لا يهم ، ستكون أقوى مما كنت ."
غابا لفترة قصيرة ثم رجعا بأدوية جديدة ، يشرح لسناء ، "لاحظي المقادير مهمة جدا ملعقتان من هذا الشروب ، واحدة صباحا على الصوم وأخرى بعد اثنتي عشرة ساعة . أما هذه الحقنة فسأتكلف بها شخصيا ، وانتبهي إلى الأقراص نفس الكمية و دون انقطاع ."
خرج الطبيب وهو ممتلئ حيوية ، وأنا أتمتم كلمات شكر لا تريد الخروج بمرونة من حلقي وهو يضحك قائلا : لا عليك أنا أقوم بواجبي . فتبسمت سناء وأسرعت إلى غلق باب الغرفة وراء الطبيب ، موعد مغدرتها يقترب شيئا فشيئا ، ومع اقترابه أحس بالاضطراب ، ، كيف سأمضي الليل كله منتظرا عودتها صباحا ، أحس أنني لا أستطيع مفارقتها ، بت متعلقا بها أكثر ، زاغ قلبي و بدأ الشرود يجذبني إليه ، قلبي يتمزق و تزداد ضرباته ، وأنا جالس على السرير ، أخذت نفسا عميقا ، لكن حالي تزداد سوءا ، لم أتمالك نفسي ، قمت إليها و يداي تلفان جسدها ، فأصابتها رهبة ، و انقباض وهي تحاول التخلص من قبضتي ، أرخيت لها السبيل فغادرت الغرفة و لم تتفوه بكلمة ، صحا ضميري فبات يؤنبني على فعلتي ، وصرت أخشى من فقدانها بصفة نهائية ، أنفاسي عند الحلقوم ، وعزتي عند أرنبة أنفي ، اشتعلت كل جوارحي غيظا ، تضايقني صورتها التي ترتسم أمام عيني ، وهي محمرة الوجه ، تقاوم بندية رجل كابحة صوت الأنثى ، صمتها الرهيب وهي تغادر الغرفة ، عدم استدارتها ، ربما عيونها كانت حاملة لدموع تنتظر الفرج .اهتز جسدي حين سمعت خطواتها تقتحم الغرفة : " سامحيني سناء ..فقط " أجابت مغتاظة : " فقط ماذا ..؟ فلم أجد جوابا إلا الحقيقة لينطلق لساني فجأة : " أحبك يا سناء ، و لا أريد أن تفكري في مغادرة حياتي و هجري ، لا تتسرعي في هذا القرار ." فردت بحزم " لا تعد لفعلتك مرة أخرى ، الأجدر بك أن تبقى مشلولا ، لم أكن أعلم أنك وقح إلى هذا الحد ، كنت أعتبرك إنسانا طيبا ، إنسانا رصينا ، إنسانا متحضرا ، لكن ما فعلته يظهر طيشا و تهورا واعتداء وانتهاكا لكل القيم والأعراف ، أنت ..." فسقطت دمعة من عينها ، أصابتني خيبة و كسرت فؤادي فقلت لها : " اغفري خطيئتي سناء ، لم أفكر بهذا الشكل ، إنه الحب أعمى بصيرتي ، لا أريد أن تكون هذه صورتي في بالك و لا أريد أن تظني بي سوءا ، فأنا إنسان محب ، امنحيني فرصة لأبين لك مدى إخلاصي ." فقالت: " غدا يوم عطلتي أتمنى أن أنسى فيها ما حدث " احسست أنها استرجعت هدوءها فابتسمت قائلا : " سأفتقدك كثيرا ، استريحي وامرحي ، ربما كان أسبوعك متعبا ، عطلة سعيدة " فقالت :" أتمنى أن تقضي أنت أيضا يوما ممتعا " فأجبتها " قد لا يكون كذلك في غيابك ، هل تسامحينني ؟"
لم تجب على سؤالي بل اتجهت صوب الباب ثم رمقتني بنظرة تحمل ابتسامتها الغالية وأغلقت الباب في وجهي .