الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
12-24-2011, 11:58 AM
المشاركة
182
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,766
تابع ،،،
بعيدًا عن الاستشراق....الطيب صالح
ولكن هناك من يرصد أن المتلقي الغربي أبدى إعجابه بعالم الطيب صالح القصصي, لأنه أرضى نظرته الاستشراقية, وأشعره بأن هذا العالم مطابق للصورة التي يحملها عن العرب (الشرق) أو للوضعية التي ينبغي أن تكون عليها تلك المنطقة, وهذه أيضًا رؤية الروائي عبدالرحمن منيف في كتابه (الكاتب والمنفى).
-
هذا ظلم فعلا.. لأن (موسم الهجرة إلى الشمال) كانت تحديًا صارخًا
للنظرة الاستشراقية, ولي صديق اسمه د.محمد شاهين أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة عمان
كتب بأن إدوارد سعيد رحمه الله - وهذا رجل عظيم - ذكر بأن رواية (موسم الهجرة إلى
الشمال) كانت من المؤثرات القوية التي اعتمد عليها في كتابه (الاستشراق), والذي
تحدى به هذه النظرة الاستشراقية
.
وعبدالرحمن منيف - رحمه الله - إذا كان قال هذا الكلام فهو (غلطان
جدا), و(موسم الهجرة إلى الشمال) لا تحتاج إلى أن يعترف بها أحد, فالرواية اعترف
بها منذ زمن وترجمت الآن إلى 21 لغة على وجه التحديد, وآخر لغة هي اللغة البرتغالية
وقبلت عالميًا على أنها من أقوى الحجج الفنية ضد الاستعمار, فالرواية كلها تتحدى
الأوهام الاستعمارية, فكيف يقال عنها وعني إنني أرضيت الاستشراق
.
وأعتذر عن الانفعال الزائد لأن هناك بعض الكلام و(التعابير) المجحفة
التي تجعل الإنسان يغتز بنفسه (شوية أكثر
).
أما بالنسبة للعالم العربي, فهناك أناس كثيرون من العرب أحبوها وأناس
آخرون ينكرونها, لأنها واجهتهم بأشياء ما كانوا يحبون أن يواجهوا بها
!!
ولكن أظن أن من أسباب رواج هذه الرواية في العالم العربي أنها صدرت في
وقت له دلالة فقد صدرت في سبتمبر 1966, والعرب كانوا في بلبلة, ويبدو أنهم وجدوا في
هذه الرواية انعكاسا وصدى لما يشعرون به. ثم إن الأعمال الأدبية ظلم لها
تسطيحها
.
إنسان غير عادي
ذكرت كيف تأثر الكاتب والمفكر إدوارد سعيد بروايتك (موسم الهجرة إلى الشمال) بكتابته حول الاستشراق ووصفته بأنه رجل عظيم وقلت عنه: (إن إدوارد منح الجغرافيا والمكان دورًا أساسيًا, وهذه إضافة أساسية أدخلها بشكل مهم على نظرية الرواية)... وضح لنا ذلك?
-
إدوارد سعيد نفسه كان إنسانًا غير عادي, كان رجلاً بشخصه, مهذبًا
غاية التهذيب, كان شاملاً في معرفته, كان إدوارد سعيد يعرف لغات, يعرف أدبًا, يعرف
موسيقى, كان موسيقيًا محترفًا
.
وهو نتاج ثقافات أوربية وعربية, وبالرغم من أنه كان مسيحيًا, فإنه كان
أيضًا يعتبر الإسلام جزءًا من ثقافته, وكان إذا كتب أو تكلم يجذب إليه المتلقي
فورًا, وكان محاضرًا (فاخرًا), فكان إذا حاضر يأسر الحاضرين والجمهور, وعندما كان
يأتي إلى لندن يحاضر, يزدحم الناس على محاضراته, ويصبح المكان صعبًا, ويحسب له
أعمال وإنجازات عظيمة, وطبعًا كان مهتمًا بالإنسانيات, ولكن أهم دور - في اعتقادي
-
أنه قدم نفسه للغرب بالمعنى الواسع (أمريكا وأوربا) على أنه إنسان عربي بلغ درجة
عالية من التحضّر أعلى من التي وصل إليها كثيرون منهم , وأصبح داعية قويًا جدًا
للقضايا العربية كلها تتقدمها طبعًا القضية الفلسطينية. وكانت طريقته في طرح
القضايا غير عدوانية نهائيًا, حيث كان يفترض العقلانية في الآخر, ويوقظ فيه إحساس
العدالة, والرغبة في الفهم, وأعتقد أن إدوارد سعيد قام بدور لا تقوى عليه كتائب من
الدعاة, وسوف ننتظر كثيرًا حتى يظهر عربي آخر في قامته وعلمه, فأناس كثيرون تحوّلوا
في مواقفهم بعد أن فهموا القضايا العربية منه لأنهم أحبّوه واحترموه
.
الطيب والقضية الفلسطينية
على ذكر القضية الفلسطينية...الطيب صالح ماذا كتب عنها سواء من خلال أدبك أو دورك العام, ماذا قدمت للقضية الفلسطينية?
-
لا...(معرفش) والله, وأصل حكاية قدمت إيه? دي صعبة!!...لكن أعتقد
مثلا أن رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) كلها مرتبطة بالصراع الذي من أعراضه القضية
الفلسطينية, وأتصور أن المطلوب جهد كبير, لابد وأن يكون جماعيًا, فكلنا يجب عليه
المساهمة بالجهد إزاء هذه القضية, وأنا دائمًا أقول: إذا كان الأوربيون استطاعوا أن
يفهموا المتنبي, فسوف يفهمون القضية الفلسطينية, فهم إما غير قادرين أو لا يريدون
أن يفهموها, ولكن يبقى دورنا في تسليط أكبر كمّ من الأضواء حول القضية لأن هناك
ظلامًا كبيرًا, وتعتيمًا كاملاً حولها, وأنا أقدم جهدًا متواضعًا حين أشارك في
ندوات أو مؤتمرات للقضية الفلسطينية
.
والمشكلة بالنسبة للكاتب من أين يبدأ, فالأمور مترابطة, فإذا كتبت عن
معاناة الإنسان السوداني, فهذا مرتبط بمعاناة الإنسان الفلسطيني, وقد كتبت مقالات
كثيرة عن فلسطين وقضايا سياسية أخرى, ولكن لما (الواحد يكتب أدب, دي حكاية ثانية
خالص), لأنه حتى محمود درويش ينبغي النظر إليه على أنه شاعر فقط, وليس بوصفه شاعرًا
فلسطينيًا, لأن الفن له منطق آخر, وليس ذلك راجعًا إلى مسألة (الفن للفن) ولكن
لموقف آخر يخص آلية الإبداع
.
وماذا عن (النوستالجيا) أو الحنين إلى الوطن واعترافك ذات مرة بأن هناك عنصرًا طاغيًا على كتاباتك وهو (النوستالجيا) حيث قلت إنه الحنين إلى عالم أحسن?
-
والله يقال... نعم هناك بعض الناس يقولون إن الأدب كله (نوستالجيا
)
ينبع من حال حنين غامض لما مضى حتى مع أول لحظة لولادة الطفل, بعض الناس يذهبون إلى
أن الطفل حين ولادته ينتابه إحساس أنه يريد العودة إلى الرحم مرة أخرى, وخائف من
الدنيا, والله أعلم...ولكن هذا الإحساس قوي جدًا عندي, فأنا أحن إلى الأشياء لأني
آلف الأشياء وآلف الناس والأماكن, فإذا بعدت عنها وافتقدتها أحن إليها
.
والشعر العربي القديم مليء بالحنين ومشاعر الافتقاد لدرجة تدمع العين
,
ولا أستطيع أن أنفي إعجابي بأبي نواس, وأبي العلاء, والمتنبي, فهؤلاء قمم في الشعر
العربي
.
... قلت: (إن الحداثة تستمد أصالتها من اعتمادها على التراث خاصة أن هذا التراث شديد الثراء, ويمثل جزءًا كبيرًا من المعطيات الثقافية التي تعد من أهم الروافد الثقافية) كيف تفسر لنا ذلك?
-
أظن هذا صحيحًا, فنحن يهمنا أن نحتفظ بميزاتنا التي تميّزنا عن باقي
الأمم, فإذا استعرنا صفات أناس آخرين نصبح مسوخًا, إذن لابد وأن نتطور في إطار ما
عندنا من سياق تاريخي, وحضاري وتراثنا تراث خصب (مش لعبة
)!!
عمومًا أنا لا أشغل نفسي بهذه الأنماط (حداثة...أو ما بعد
حداثة...إلخ), أنا أكتب (وخلاص) وطبعًا النقاد والأكاديميون من وظائفهم أن يقرأوا
النصوص ويقدروها ويجدوا لها تسميات, أما أنا فلا أشغل نفسي بهذا
...
ولكن نصية (بندر شاه) تؤكد أن الطيب صالح جعل سمات الحكي التراثي الشعبي تضطلع بوظائف مصاحبة للوظائف التي اضطلعت بها الخصائص الروائية في ذلك النص السردي نظرًا لتعلقك بالجنس الروائي.
وهذا يشهد بأنك لوّنته بلون مخصوص لتؤكد من ناحية على تميّزك عن النصوص الروائية الكلاسيكية في الأدب الغربي وعن النصوص الروائية السائدة في الأدب العربي, وذلك يثبت من ناحية أخرى إسهامك في دعم نزعة تأصيل الرواية العربية...ما رأيك?
-
أشكرك بشدة, وإن صح قولك هذا, وعمومًا أنا أحاول أن أصنع ذلك, ولكن
لا أريد أن أبدو مزهوًا بنفسي
.
وإيجاد شكل جديد - في رأيي - من المطالب التي لا قيمة لها في الأدب
,
لأن هناك بعض الروائيين يقول: (أنا هطلع شكل جديد) فنجده يتكلم أكثر مما يبدع
,
فأشكال الرواية يمكن أن تعد على أصابع اليد, المهم هو المحتوى والأفكار
.
والسودان عمومًا بلد إلى حد كبير مجهول حتى بالنسبة لكم في مصر, رغم
أنكم أقرب الناس إلينا, إن هذا يحزنني, ولكن يبدو أن ما أفعله جديد, لأنه بالنسبة
للقارئ المصري أو السوري أو العراقي, البيئة كلها جديدة عليهم, وهذا حسن, فأنا نجحت
في أن أقدم نمطا وجوديا ومعيشيا في كتلة بشرية مرتبطة بالكتلة البشرية الكبيرة التي
نقول عنها الأمة العربية, وهذا حسن
.
ويبدو لي أن أهم شيء صنعته في الرواية العربية أنني أضأت مناطق مظلمة
في الوعي العربي, ولأن القارئ إذا بذل جهدًا وقرأ فهذا أفضل من التصور, فهنا كتّاب
كتبوا على النهج نفسه مثل (البشير خير) الذي كتب عن الجنوب التونسي وغلاب من
المغرب, وطاهر وطار من الجزائر, وغالب هلسا من الأردن وسورية ومصر, وهكذا فالأماكن
المظلمة في المخيلة العربية بدأت تضاء, وهذا مهم جدًا حتى ترتبط هذه الأضواء في ذهن
القارئ العربي, ونحس فعلاً أننا أمة واحدة وليس مجرد كلام
.
رد مع الإقتباس