عرض مشاركة واحدة
قديم 04-25-2012, 02:52 PM
المشاركة 473
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ما صنع عبقرية العجيلي:
أحسن العجيلي في وصفه لنا اثر الأحداث التي يكتظ بها الصندوق الأسود للطفولة على الحياة اللاحقة للفرد.
فهو يرى بأن أعظم حدث احدث انفجارات بوزيترونية في ذهنه هو صورة ذلك الجسم اللامع في السماء والذي كان يسير ببط ويسقط منها أجسام لامعة وذلك حينما كان في الثالثة او الرابعة ليعرف لاحقا ان ذلك الجسم هو طائرة من الطائرات الاستعمارية التي جاءت لتقصف بيوت بلدته ولا احد يعرف تحديدا ما كانت النسوة تردد في تلك اللحظة دون أن تعير أي اهتمام لوقع تلك الكلمات على الطفل. ربما أن تلك الطائرة أسقطت قنابل لتدمير البيوت لكن الانفجارات حدثت في دماغ العجيلي في لا وعيه، في غفلة منه ومن الجميع حوله ولذلك كان هذا الحدث الأعظم أثرا في حياة العجيلي كما يقول هو، واصطبغت به حياته المقبلة في كثير من جوانبها وعلى رأسها الإبداع .
لم تكن تلك الحادثة هي الشيء الوحيد المهم في طفولة العجيلي المبكرة فلا شك حادثة المطحنة التي وقعت له وكادت تؤدي بحياته حينما علق طرف قنبازه في المروحة الخاصة بمطحنة والده لتلقي به في البئر ، ولولى سرعة بديهة العامل في المطحنة لقضى العجيلي في تلك الحادثة كما يقول هو وذلك يعني انه كان على شفا الموت في لحظة مبكرة من حياته، ولا شك أن تلك الحادثة تركت أثرا مزلزلا في ثنايا الدماغ لا يقل أثرا عن حادثة الطائرة .
أيضا لا احد يمكنه أن ينكر اثر زياراته المتكررة إلى مضارب أعمامه في البادية والتي كان يتردد عليها، كما يقول في الربيع، في العطل المدرسية وبعد الظهر من كل خميس ويوم الجمعةالتالي له ورعيه مع صبيانهم الخراف والتي كان يطاردها حافي القدمين معهم ، وينام تحت سماءالربيع المتألقة النجوم فمثل هذه التجربة تحفر عميقا في الوجدان.

أيضا نجد العجيلي قد مر في تجربة موت أخرى حينما مرض بعيدا عن البيت في حلب حيث استقر للدراسة وهو فتى صغير وذلك حينما أصيب في العطلة الصيفية بمرض ألجأ والده إلى نقله إلى حلب ليعالجه ليعالج في مستشفى طبيب سويسري لمدة عشرة أيام ثم ينقطع عن الدراسة لمدة عام ثم عامين آخرين ولا غرابة أن يعتبر العجيلي تلك الحادثة أهم منعطف في حياته ربما أن ذلك سببه يعود إلى انه اصحب فتيا ولكن ذلك لا يقلل من ضخامة اثر الأحداث الأخرى التي وقعت في طفولته المبكرة.

لقد اجتمعت عدة عناصر غاية في التأثير لتفجر طاقات ذهن العجيلي . الموت الذي كاد يخطفه في مناسبتين، حياة البادية ولك أن تتخيل صعوبة تلك الحياة على طفل يجوب البادية حافيا لرعي الأغنام. ثم انتقاله إلى حلب حيث أصبح يتيما اجتماعيا بحكم بعده الجغرافي عن القرية التي كان يسكنها الأهل.

هذه هي محتويات الصندوق الأسود الذي صنع عبقرية العجيلي. واطلاق صفة مأزوم عليه هو في الواقع اقل ما يمكن وصف طفولته.

مأزوم.