عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-2024, 02:39 AM
المشاركة 10
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: كيف نفهم قضية فلسطين (القصة الكاملة)

*ظهور نبي الصهيونية (تيودور هيرتزل)

لئن كان المشروع الصهيوني وصل لبريطانيا عن طريق الوحي اليهودي والبروتستانتي المتمثل في (روتشيلد) و(بالمرستون)، فنستطيع أن نقول بأن رسول الشيطان الذي تم تكليفه بالرسالة الصهيونية حان وقت بعثته
حيث ظهرت-في تلك الفترة -واحدة من أكثر الشخصيات تأثيرا في المشروع الصهيوني وهو (تيودور هيرتزل) الصحفي النمساوي الذي يوصف بأنه الأب الروحي للصهيونية، ثم تأسست (الوكالة اليهودية) بزعامته.
وأصبح (هرتزل) ومجموعته هم الوكلاء الرسميون للمشروع وامتلكوا النفوذ الساحق ليس في بريطانيا في سائر أوربا الغربية الراعية للمشروع.
وقد كانت خطوة بالغة الخطورة في الواقع.
فالمشروع قبل ظهور (هرتزل) كان مشروعا سياسيا غربيا تُمْسك بريطانيا بخيوطه كلها بالتعاون مع الماليين الكبار لليهود
أما ما بعد ظهور (هرتزل) فقد أصبحت قيادة المشروع سياسيا لبريطانيا والغرب والقيادة العملية لهرتزل والوكالة اليهودية.
وهو ما تسبب في تطور الأفكار في الصهيونية وصياغتها بحيث تصبح أوربا التي تختلف فيما بينها عسكريا وسياسيا لا تتفق إلا على ضرورة وأهمية دعم المشروع الصهيوني.

لذلك تطور التمهيد الذي بدأ إعداده للفكر الصهيوني في عهد أصحاب الفكرة الأولى ليهدف إلى بلورة الفكر الصهيوني المسيحي للسيطرة على الفكرة الصهيونية اليهودية التي تخالف هدف الصهيونية المسيحية في دفعهم إلى فلسطين قبل ظهور (المسيح) وفق معتقد التوراة.
ومن الغريب أن الصهيونية اليهودية كانت هي الأصل عند المسيحيين واليهود في أوربا لدرجة أن (تيودور هرتزل) مؤسس الوكالة اليهودية عندما ذهب ليقابل ملك ألمانيا «فلهلم الثاني» ويعرض عليه مشروعه، اعتقدوا أنه مُبشِّر مسيحي بين اليهود، يحاول تنصيرهم لأنه يحاول توطينهم في فلسطين.
وكان هذا أمرا طبيعيا لأنه ما من أحد في أوربا من المسيحيين أو اليهود كان يؤمن أو يتفاعل مع فكرة العودة لفلسطين قبل ظهور المسيح.
والفئة الوحيدة التي تؤمن بهذا الأمر هم (المسيحيون الإنجيليون) أصحاب المذهب البروتستانتي الذي انتشر في بريطانيا معاكسا للفكر المسيحي الكاثوليكي.
لكن الدعم البريطاني للفكر الصهيوني هو الذي وقف خلف اصطناع الرجال لترويجه مثل (تيودور هرتزل) و(ناحوم سوكولوف) بالإضافة إلى الدعم المالي الهائل الذي وفرته أسرة روتشيلد بنفوذها الساحق في أوربا.
وبدأ بعض المفكرين اليهود في الاستجابة لفكرة «دولة صهيون»، من منطلق أن هذا الشعب (الشعب اليهودي) مرتبط بأرض فلسطين ارتباطاً عضوياً، وسيظل منبوذاً وطُفيلياً ما بقي في الشتات، ومن هذه الفكرة ظهرت انتشرت مقولة شافتسبري التي روجها في مقالاته لوصف فلسطين بأنها
«أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»،
في تجاهل تام لحقيقة وجود شعب عربي يعيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين.
ثم طوَّر هرتزل الفكرة الاسترجاعية المسيحية التي كانت تدعو لتوظيف اليهود في فلسطين لصالح الغرب، وذلك إلى خطاب صهيوني مراوغ يخاطب القوى العظمى بأن اقتطاع فلسطين سوف يوفر لهم 10 ملايين عميل في المشرق العربي، ويخاطب يهود العالم بأن ذلك هو حلم العودة المذكور في الكتاب المقدس، وأن الشعب اليهودي مرتبط بهذه الأرض ارتباطاً عضوياً، وسيظل مكروهاً من كل الشعوب في المنفى بسبب قداسته لذا، لا بد له من العودة إلى الأرض الوحيدة التي تصلح للخلاص.

وطريقة الخطاب التي استعملها هرتزل للمشروع الصهيوني كانت تخاطب أوربا من منطلق المصلحة السياسية والاقتصادية، كما أنها كانت تخاطب اليهود المتدينين بالفكرة الدينية القائمة على نبذ فكرة الانتظار السلبي للمسيح، وأن الواقع يقتضي ضرورة التعجيل بالعودة لانتظار المسيح في الأرض المقدسة.
وفوق ذلك لم ينس هرتزل فئة اليهود العلمانيين أصحاب الحركة العمالية الذين كانوا يخالفون أو يتجاهلون الخطاب التوراتي، فخاطبهم هرتزل بالخطاب المناسب لعقليتهم كي ينجح في استمالتهم للمشروع أن الهجرة إلى أرض فلسطين هي الحل الوحيد لحل الأزمة الطبقية التي تواجههم في أوروبا، ولتكوين مجتمع متساوٍ في فلسطين ومتجانس فيما بينه.
وعلى نفس المنوال يشرح مفكرنا الكبير (عبد الوهاب المسيري) كيف صاغت الحركات الصهيونية -على اختلاف توجهاتها من اليسار إلى اليمين-مثل هذه الاعتذارات، من أجل استيطان فلسطين، فهذا الاستيطان لم يكن عن طريق الاستعمار والعنف وإنما عن طريق القانون الدولي العام متمثلاً في وعد بلفور (في الصياغة الصهيونية السياسية)، أو تنفيذا للوعد الإلهي (في الصياغة الصهيونية الدينية)، أو بسبب قوة اليهود الذاتية (في الصياغة الصهيونية القومية).
وبهذا تنوعت التبريرات والديباجات داخل الحركة الصهيونية بين الديني والعلماني واليساري، ولكنها اتفقت جميعاً حسب قول المسيري على «ارتباط الشعب اليهودي عضوياً بالأرض»، أما القوى الإمبريالية الغربية فقد اتفقت على عودة اليهود للعب دور الجماعة الوظيفية كما كانوا في زمن الإقطاع، ولكن هذا الدور الوظيفي سوف يكون على شكل دولة إسرائيل.
ومأساة العالم أجمع كلها تركزت في تلك اللحظة.
فالصهيونية تطورت بعد ذلك لتصبح أشبه بتنظيم سياسي خارق انضم إليه كبار السياسيين في الغرب فضلا على إمبراطوريات المال والأعمال وأصبحوا بالفعل هم القوة الأكثر تأثير على القرار الغربي.
لتتعملق الصهيونية من فكرة إنشاء كيان وظيفي يتمثل في دولة اليهود، ليصبح فيما بعد هو المنهج الذي أشرف على تحويل دول العالم النامية كلها إلى كيانات وظيفية، تهدف إلى تحويل البشر إلى مادة استعمالية محضة – حسب تعبير الدكتور المسيري-وبالتالي خرجت الصهيونية تماما من عباءة الأديان كلها حتى اليهودية وأصبحت هي المرجعية الدنيوية التي لا تهتم إلا بالمادية البحتة في عصرنا الحالي بغض النظر عن قانون الأخلاق وفلسفة الدين وأدبيات الحضارة.

وكما أسلفنا.
كان ظهور شخصية (تيودور هيرتزل) ورفاقه، وإنشاء الوكالة اليهودية وإقامة المؤتمر الأول للصهيونية في (بازل) بسويسرا، إيذانا بالخروج من شرنقة السرية إلى إظهار القوة والعين الحمراء بشكل علني.
حيث رأي هيرتزل أن زمن التخفي قد انتهى وأنه الأوان للفكرة الصهيونية – بعد بدء الاستيطان-أن تعلن عن أفكارها وتتعامل – كما يقول – بالدخول مباشرة إلى عالم الحقائق السياسية.
ومن اللافت للنظر أن تلك النظرية التي عمل عليها هيرتزل لم تكن تحظى بالإجماع بين نشطاء المشروع الذين تكاثروا غربا وشرقا.
فبينما كان هرتزل ورفاقه يرون أن العثمانيين والعرب –حتى من سكان فلسطين-مجرد هواء غير محسوس لدرجة أنهم تعاملوا مع أراضيهم على أنها (أرض بلا شعب)، ظهر من بين اليهود أنفسهم من لفت النظر إلى حقائق الواقع في فلسطين بعد أن انتشر اليهود فيها وانتشرت مستعمراتهم.
حيث بدأت بالفعل بوادر الاشتباك والاحتكاك بين المهاجرين والعرب الأصليين بالشكل الذي لفت نظر مفكري اليهود ومنهم (آشر زفي جينزبرج)
الذي كتب عن انطباعه الشخصي عما يجري شارحا أن مُنَظّري ورعاة المشروع الصهيوني يتعاملون مع العرب على أنهم مجرد قوم بدائيون من الهمج يعيشون في الصحراء ويخضعون دوما لسيطرة القوة.
فضلا على أنهم يجهلون تماما ما يجري حولهم وأن عقولهم لن ترتقي لإدراك التخطيط الجاري على أراضيهم.
بينما يرى (جينزبرج) أن هذه وجهة نظر بعيدة تماما عن الصحة وأن العرب يعرفون تماما بمجرى الحوادث ويتجاهلونها مؤقتا باعتبارها لا تمثل خطورة على مستقبلهم، أما إن تم إبرار العلانية على المشروع ووضحت أهدافه فإنهم لن يتخلوا عن مواقعهم بسهولة لا سيما مع تعامل المستوطنين باستبداد وعنجهية وغرور استنادا إلى القوى العظمى التي تحميهم.
ونستطيع أن نقول بأن (جينزبرج) كان على حق تماما، وأنه قام بنفس الدور الذي لعبه المفكر الفرنسي (روسبي) عندما عارض خطة نابليون التي كان يتوقع منها قُدْرته على خداع المصريين بالورقة الإسلامية وبإعلانه أنه جاء لإنقاذ المصريين من المماليك.
وقال روسبي وقتها تعليقا على الخطة:
(إن أكثر الأفكار شذوذا هي التي يظن السياسي فيها أنه قادر على خداع الجماهير لمجرد حمله للسلاح وَتَمَلّكه للقوة)

والنقطة الخطيرة التي ينبغي الالتفات لها هنا.
أن التخطيط الاستراتيجي البريطاني والأوربي والتنفيذ الإسرائيلي منذ بدايته يتميز ببراعة منقطعة النظير بلا شك.
لكن ليس معنى هذا أنه كان تخطيطا كاملا ومعصوما.
بل على العكس.
فقد وقع الإسرائيليون والغرب عدة مرات عبر تاريخ الصراع بينا وبينهم في خطأ استراتيجي جسيم، هذا الخطأ هو الاعتماد في التخطيط على ما يُسَمى بالانطباع الشخصي وبناء المستقبل على ما تقوله الوقائع المجردة دون حساب القوة المعنوية أو العقيدة التي تحرك الشعوب بشكل مفاجئ تجاه قضاياهم.
كما أنهم فسروا سكوت ورضوخ العرب لأنظمة الحكم الاستبدادية سيجعلهم يمتلكون مصير الشعوب بمجرد سيطرتهم الواقعة فعلا على الحكومات العربية!
وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه نابليون عندما تصور إمكانية وقوف المصريين معه ضد المماليك.
لهذا.
فإن بريطانيا وحلفاؤها والمنظمة اليهودية فَسّروا مشهد النجاح البريطاني في احتلال مصر وفي تركيع الخليفة العثماني وإجباره على القبول بالمستوطنات، فسروا هذا على أنه دليل قاطع على الموت الإكلينيكي الذي يحكم شعوب المنطقة بسبب تقلبها بين حكم ديكتاتوري صارخ أيام المماليك أو حكم احتلال أجنبي وحشي في العصر الحديث.
فلم يتوقع البريطانيون ورعاة المشروع الصهيوني أن الشعوب نفسها –وبانعزال تام عن الحكومات العميلة-سيكون لها دور كاسح في مقاومة الوجود اليهودي في فلسطين.
كما فشل البريطانيون والغرب في توقع الثورات الشعبية الكاسحة التي قادتها الجماهير ضد الاحتلال وحكومة القصر.
كما توقع الإسرائيليون بعد حرب 1948م أن الحرب انتهت للأبد وأنهم سيغدون آمنين مطمئنين بعد تحطيم معنويات العرب، وفوجئوا بعد بأن الحرب زادت الشعوب ضراوة وأن الحركة القومية ستنفجر من جديد.
وتوقع الأمريكيون والإسرائيليون أن العرب بعد حرب النكسة عام 1967م، قد انكسرت قوائمهم وأنه لا بديل لهم عن الخضوع والاستسلام، فجاءت حرب أكتوبر بالاشتراك بين مصر والشام –مرة أخرى-لتنسف توقعاتهم نسفا.
وتوقع الغرب أيضا أن القضية الفلسطينية قد انتهت للأبد بعد معاهدة (كامب ديفيد)، ورغم ذلك تفجرت الانتفاضة عدة مرات في عقد السبعينيات والألفينات بشكل مفاجئ ومدمر.
وكانت آخر الأخطاء أن الإسرائيليون غفلوا عن (غزة) وفرق المقاومة فيها تماما باعتبار أن العرب في العصر الحالي قد تم تسجيل وفاتهم سياسيا بهرولة الحكومات العربية للتطبيع، وبانسحاق السلطة الفلسطينية حتى رأسها في مستنقع العمالة.
فإذا بطوفان الأقصى يُحْدث زلزالا نفسيا – أكثر منه عسكريا – لتتلقى فيه إسرائيل أقوى مفاجأة استراتيجية لها منذ أربعين عاما!

فقوة الشعوب لا يمكن حساب موعد انطلاقها أو مسبباته.
لكن هيرتزل لم يكن مقتنعا بهذه النظرية ولذلك سعى لتنفيذ خطته بأن يمضي قُدَما في الإعلان عن المشروع وتنفيذه بشكل صريح باستخدام القوة المتوفرة لهم على المنطقة.
وبدأ التنفيذ من خلال خطوتين متلازمتين.
الأولى:
خطة تطوير لأفكار الصهيونية وهي محاولة إيجاد تاريخ للمطالبة اليهودية بالقدس عن طريق استخدام علم الآثار، حتى لو تم هذا بالتعسف في الأدلة.
الثاني:
خطة سياسية تقتضي بمخاطبة السلطان العثماني علنا بشراء فلسطين منه بشكل مباشر وصريح.
أما بالنسبة للعنصر الثاني الذي قرره هرتزل لتطوير خطة العمل في المشروع، فقد بدأه هيرتزل بإصدار كتابه (الدولة اليهودية) والكتاب كان صريحا في شرح أفكاره للدرجة التي أثارت استغراب بعض اليهود ووصفوه بأنه نوع من الخيال السياسي الطموح على حد تعبير هيكل!
لكنه مضى في تنفيذ خطة كتابه على ثلاث محاور.
• محور يتجه للسلطان العثماني مباشرة باعتباره صاحب الولاية نظريا على فلسطين ويطلب منه مباشرة شراء فلسطين بسعر 20 مليون جنيه إسترليني لكي يتمكن السلطان من سداد الديون الأوربية البالغة نحو 18 مليون جنيه، ويتبقى 2 مليون جنيه كثمن لفلسطين
ويعلق هيرتزل في مذكراته بأن السلطان اعترض على الصيغة الصريحة للبيع، لكن من الممكن إتمام الصفقة بصيغة أخرى مناسبة!

• محور يتجه لبريطانيا باعتبارها الراعي الرسمي للمشروع والوريث الأكبر للعثمانيين في الشرق
وهو محور لا يحتاج جهدا كبيرا لأن بريطانيا هي أصل المشروع، لكن هيرتزل كان يرجو منها الإسراع في التوطين واستغلال أزمات اليهود في أوربا لدعم هجرتهم لفلسطين

• محور يتجه لمصر لاعتبارات استراتيجية غنية عن الذكر والتعريف
وعلى المحور المصري بدأه هيرتزل أولا بعقد مؤتمر (بازل) بسويسرا عام 1897م، وخلص إلى نتائج هامة هي وضع خطة تنفيذية لاستعمار فلسطين من اليهود زراعيا وصناعيا، وفي نفس الوقت العمل على ربط المهاجرين اليهود ثقافيا بالمشروع الصهيوني عن طريق تعليمهم اللغة العبرية والتاريخ اليهودي وعناصر النظرية الصهيونية.
ويشرح لنا هيكل بعد ذلك رحلته إلى مصر واطلاعه على الأوضاع فيها، مما حداه للتفكير في خطة أخرى وهي استغلال سيناء" " في المشروع الصهيوني عن طريق فتح الهجرة إليها أيضا عن طريق استئجارها من الخديو (عباس حلمي) لمدة 99 سنة على غرار قناة السويس
والنكتة الحقيقية أن الفكرة ماتت في مهدها –ليس بسبب رفض الخديو-بل بسبب رفض اللورد (كرومر) المندوب البريطاني للاحتلال، والذي رفض تماما فكرة التوطين الزراعي في سيناء لكونها ستؤثر بشدة على كمية المياه المتوفرة للزراعة في الوادي، حيث لا تملك مصر من حصتها في النيل ما يغطي زراعة سيناء إلى جوار الأراضي الزراعية في العمق.
وكان البريطانيون يحرصون على الزراعة المصرية نظرا لأن محصول القطن المصري طويل التيلة كان هو المصدر الخام الرئيسي لمصانع (لانكشاير) البريطانية
كذلك كان حرصهم التقليدي على تنمية موارد البلاد، والتعمير، وإنشاء السكك الحديدية والجسور ووسائل المواصلات، وغير ذلك كلها كانت لأجل خدمة الإمبراطورية البريطانية التي استنزفت سائر مستعمراتها وعلى رأسها مصر والهند، دون أن ينل الشعوب من خيرات بلادهم شيئا.
ورغم أن هذا أمر بديهي ومعلوم من العقل بالضرورة، إلا أننا في زمن عجيب حقا، جعلنا نرى أذناب التغريبيين والمنسحقين للغرب يرددون فرية أن الحملات الأوربية الوحشية والاستعمار كانت هي التي نقلت الحضارة والتكنولوجيا لنا!

على أية حال.
ورغم أن بعض خطط هيرتزل لم يتم الاستجابة لها، مثل أفكاره حول توطين سيناء، إلا أن الخطة الرئيسية كانت تجري على قدم وساق.
وكما جهزت المسرح في مصر والشام تجهيزا سياسيا واقتصاديا، قامت بريطانيا أيضا بدورها التقليدي الذي تبرع فيه وهو تأسيس ودعم وخلق حركة تغريب واسعة النطاق لكسر أي توحد بين أطياف الشعب ضدها، فضلا على خلق الفتن الداخلية التي تجعل التيارات المتصارعة تخوض حربا ضد بعضها البعض وتنشغل عن قضية الاستقلال.
وليس هذا فقط.
بل مهدت أيضا لخلق دعم واسع للصهيونية من خلال حركة التغريب نفسها.
وهي حقيقة تاريخية بازغة يتم تجاهلها كثيرا، لأن حركة التغريب ومذاهب العلمانية ومهازل من يطلقون على أنفسهم أهل التجديد الديني، هؤلاء جميعا لم يكن نشاطهم مركزا فقط على هدم قواعد الدين ومهاجمة التراث والحضارة الإسلامية وفقط.
بل كان من أهم أدوارهم دعم المحتل في سائر قضاياه السياسية بما يمثل خيانة عظمى مكتملة الأركان.
وهذه قصة تستحق أن تُرْوى

يتبع ان شاء الله