عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2016, 11:18 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحباً استاذ صالح
حتما نفس سردي رائع وهو في تقديري اقرب الي الرواية وربما تمل هذه القصة جزء من رواية قادمة.

طبعا هناك بعض الملاحظات :
.
- كنت افضل ان يبدأ النص بجملة تعبر عن الحركة وليس القول كما هو الحال فالحركة تبعث الحياة في اوجعلهاجعله اكثر حيوية.

- في الفقرة الثانية " كان عليه أن يبتسم وأن تنتاب فضاء أحلامه فرحة عارمة بل وأن ينعم بِكُلّيته ولو بمثقال ذرة من انفراج ،كما طائر يندفع مُنْسلاًّ من قفصه حرا طليقا ،لكن امتقعت ملامح وجهه وأبدى استياءً وأحس بانقباض في أحشائه.." كيف يمكن له ان يبتسم كما طائر يندفع من قفصه حرا طليقا ولكن في نفس الوقت يكون وجهه ممتقع ومستاء؟ كان يمكن الاكتفاء بالحديث عن الانقباض في الأحشاء لتجنب التناقض. هنا بحاجة لجعل النص اكثر مصداقية ومنطقية .

- في هذه الفقرة " أغلب الظن أن نازعا من نوازع التملي بطلعة المقتادين الى المقصلة، وإرواء لغلة وإشباع لحاجة من جز الرقاب،لا تزال تجتاح مخيلته وتُسيل لعابه..حنين لحاجة تراوده جبرا لا اختيارا، وتسري في أوصاله فلا يستطيع منها خلاصا كما المتعطش اللهفان.." هذا تصوير جميل لما كان يدور في نفس البطل( الشخصية الرئيسية ) وهذه ميزة ان يتمكن الكاتب من هذا التصوير النفسي مما يجعل النص من النمط النفسي، وهذا التصوير يؤشر الي نجاح القاص في رسم شخصيته الرئيسية الذي جعلها نامية متحركة دائرية وليست مسطحة.

- جميل ان يتحدث القاص عن نفس امارة بالحسنى " تحركت النفس الأمارة بالحسنى في دخيلته تسدي له النصح " وهو طبعا يقصد الضمير الذي يلعب مثل هذا الدور في الشخصية الانسانية ونحن نعرف النفس هي الامارة بالسوء فقط ، وهذا تعبير بكر لم يسبق ان قراته في اي مكان اخر، ويحسب للكاتب.

- الحوار الداخلي " :"على رسلك يارجل.. ها قد أرحت واسترحت.. لا بد لكل شيء من نهاية..هل كنت تروم الى جلد الذوات وخنق الأنفاس أبد الآبدين..عُدْ الى رشدك ..ودَعْ أحلامك وأمانيك ترحل لما هو آت ؟؟.. عنصر مهم من عناصر التأثير المهمة حيث نجح القاص هنا في تسخيره .

- هذا تصوير جميل لحالة البطل النفسية " السيف والنطع والجلاد والضحية رباعي متلازم يستحيل الفصل بينها..تناهى الى بؤرة اعتقاده أنه بخروجه من دائرة هذا الرباعي قد أضاع هذا التكتل انسجامه فأضحى هو بذاته كنشاز ملفوظ .. " واسلوب بليغ للغاية غاية في التكثيف والتأثير .

- يعود القاص بنا من خلال استثارة الذكريات بصورة ذكية وباسلوب سلس شيق لا يكاد يلحظه المتلقي " وبالرغم من توالي السنين..يسرح بعيدا فتحمله صهوة الذكرى في اتجاه الميدان العام الفسيح،حيث الحشود الجماهيرية المتلهفة للمشهد المرعب،وفي دواخلها تتوقد جذوة غريزة حب الاستطلاع مترقبةً.. بضع سيارة لرجال الأمن المتلألئة الأضواء تطوق المكان.." وهذا يؤشر انه أتقن تسخير ادواته وهنا الزمكانية فجعل الأمكنة المتعددة والأزمنة المتعددة تخدم مكان وزمن القصة اللحظي المناسب وذلك احد عناصر القصة الرئيسئة.

- هنا يتقن القاص وصف المشهد وتصويره وكاننا ننظر الي احداث سيناريو من فلم رعب "عجوز متهالكة الأوصال بالكاد تخطو بخطى وئيدة .. تكبو ثم تستقيم بصعوبة بالغة.. موثقة اليدين يقودها حارسا أمن نحو النطع الرهيب.. في ذهول،تلتفت وراءها بين حين وآخر محاولة التنصل من بين ذراعيهما والرجوع القهقرى مقاومةً شواظ الموت بآخر فرصة مما تبقى لها من الحياة..تستغيث وتصرخ..تبتلع الثمالة الباقية من ريقها..تنهار متهاوية على الأرض.. " وقد فعل ذلك باحتراف.

- تثمل هذه اشخصية في هذه الفقرة وهي شخصية العجوز المتهمة بقتل حفيدتها نقيض البطل " تستجديه متوسلة.. تنوح نواح الصبايا : "والله العظيم أنا بريئة... بريئة..!! لست أنا القاتلة لحفيدتي الصغيرة..كيف يحدث ذلك بالله عليكم..؟ هذا ظلم..ياناس حرام " وهذا تكتيك بارع في جعل النص عظيم التأثير.

- هذه الفقرة تؤكد على تطور شخصية البطل ".وفي نهاية الأمر،تحرك بداخله نزر من إشفاق ولم يجد بدا من تهدئة روعها فقال :" يا امرأة استغفري ربك.. إنه القصاص.. ! وانا لست سوى عبد مأمور".. قال ذلك وهوى بلا تردد بسيفه على العجوز بضربة قاضية سُمع لها صخب ودوي في كل شبر من أرجاء المكان.." ...وهو ما يؤكد عل نجاح القاص في بناء الشخصيات في القصة باحتراف.

- هذه الفقرة تصوير جميل لآثار ما بعد الصدمة وهي ما يشعر به المحارب او من يعمل في مهنة كمهنة الجلاد " كلما أشرق فجر يوم جديد،هب من كوابيسه المزعجة مدعورا وتمثلت له ضحاياه أبدانا بلا رؤوس..تعدو من ورائه وقد تضخم منها البدن وازداد طوله تمددا.. تطارده في حله وترحاله... ترعب كيانه وتهز وجدانه بصيحاتها ونواحها في غور المساءات البهيمة...يسابقه ظله بخطى رهيبة نحو غياهب المجهول. ما أن يركن إلى بعض الراحة قليلا حتى تشرع في مصارعته من جديد لتملأ سحائب أيامه رعبا وكَمَداً، فيهرع الناس والأحباب والرفقاء منه نافرين..يعدو في كل المتجهات صارخا مستنجدا :" رحماك ربي..الغوث..الغوث..".وكأن الكاتب لديه دراية عميقة بالشخصية الانسانية والتحليل النفسي وأتقن تسخير معرفته تلك ببناء الشمسية الرئيسية هنا.

- في هذه الفقر تسخير للأضداد وذلك من خلال الحديث عن الذكريات والحاضر وهذا اسلوب غاية في التأثير على المتلقي" هو ذا اليوم منكب على نفسه مدحورا يشقى بلهيب ذكراه ،ولم يدخر حاضره جهدا بالإمساك بتلابيبه وبخناقه ليرديه صريعا يتلوى ويتخبط تخبط ضحاياه في ساحة الموت.. يلتمس خانعا من ربه المغفرة واللطف.. "

- هذه الفقرة تصوير بديع جدا وبكر ايضا وفيها تشخيص حيث يشبه الأقدار بالأفراس " يتمنى لو تنأى به أفراس أقداره هناك بعيدا إلى ما وراء السديم.. هناك حيث جلال السكينة.. سكينة الأبد الكبير...!!" ...ولهذه الفقرة النهائية التصويرة المكثفة اثر مزلزل على المتلقي، واستخدام تعبير " الكبير" في وصف الأبد تعبير بكر ولا اظن ان احدا سبقه اليه ، وينم عن وعي مطلق بما يخطه قلم القاص فهو لا يريد ان يترك مجال الا ويسخره للتأثير على المتلقي حتى في التنقيط الاخير الذي استخدم فيه علامتي تعجب ليبقي المتلقي في حالة التعجب من حالة بطل النص واحداثه حتى بعد انتهاء القراءة بزمن بعيد .

- لا شك ان هناك عناصر جمال اخرى متعددة في النص ولكنها تحتاج الي قراءة اعمق.

- اتصور كان يمكن حشد مزيد من الكلمات التي تثير حواس المتلقي وبعض الألوان والنقائص كعناصر تأثير إضافية ولو ان النص على حاله جميل بما فيه الكفاية.

اصفق لك استاذ صالح .