عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2015, 01:48 PM
المشاركة 1371
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع...

- للحديث عن الروائية ليلى عسيران نكهة خاصة، فهي الملتزمة بقضية الانسان، المشاركة في معاناته، وصاحبة الرؤية الخاصة تجاه قضية المرأة في زمن اختلطت فيه الامور وضاعت البوصلة، معها يتحول الحوار الى مشاركة، في صناعة الفكرة التي تسبق أي عمل أدبي.

- تقول "انطلقت في كتابة اول رواية لي من قناعتي بأن المرأة لا تتحرك في فراغ، فالمرأة تتحرر من خلالها اندماجها بالمجتمع وإثبات قدرتها على العطاء في مجالات معينة، وأنا لا اعتقد ان المرأة مثل الرجل، فهما كيانان يختلف كل منهما عن الآخر، أما ما يحكى عن التحرر الجنسي فهو كلام بدائي يفتقر الى النضج، والتحرر بالنسبة لي هو تحرر اقتصادي وفكري.

ـ وتقول عن الروايات التي تناولت فيها القضية الفلسطينية " هناك طبقة من الناس في لبنان تقول بأن هؤلاء النازحين هربوا من بلادهم، فأردت ان أذهب بنفسي لمعايشتهم، وبالفعل ذهبت الى "جسر اللبني" الشهير على نهر الاردن وعايشت النازحين، عندها فهمت لب المشكلة، ان الانسان لا يرتضي على نفسه الخروج من وطنه، الا اذا كان يتعرض الى اهانة لا تحتمل، وفي جولاتي في المخيمات التي أقيمت لاستيعاب هذا الدفق من النازحين، لمست مدى غضبهم على العرب، في البداية ظنوا اني أجنبية، ولكن بعد حديثي معهم ومجالستي لهم على الارض، رحبوا بي، وقد رأيت عيون الاطفال لونها رمادي من غبار الصحراء، أفلا يهزني ذلك.

- وقد كتبت رواية "عصافير الفجر" بسرعة، ثم عايشت المقاتلين في غور الاردن وكتبت رواية "خط الافعى"، وقد كانت هاتان التجربتان من أمتع ما قمت به في حياتي، فقد عشت التجربتين، ونمت معهم على الارض، وسمعت صوت الارض، وفي تلك الظروف لم يكن صوت الارض الا أنينا.

ـ وفي رد على سؤال عن رواية "المدينة الفارغة" حيث جاء السؤال : نجد ان الأحداث والوقائع تنبئ بحدث كبير، فهل توقعت فيها الحرب الاهلية في لبنان قبل وقوعها، ام ان ذلك جاء مصادفة؟ تقول " قبل كتابة هذه الرواية شعرت بشكل جدي بواقع جديد يحيط بنا، اشد وقعاً في نفسي، ومصدر هذا الشعور التفاوت الكبير في مستويات المعيشة في حياة المقيمين في بيروت، المدينة الصاخبة، التي تعيش حياة بذخ، وانعدام أي من مقومات الحياة الكريمة لأولئك القاطنين حول المدينة فيما عرف بأحزمة البؤس؟، وقد اعتبرت هذا الامر مؤشراً لوضع غير طبيعي قد لا يستمر طويلاً، فطريق الحرية الفوضوية التي لا هدف لها، ولا جذور وغير المنسجمة مع الواقع، لا بد ان تقود بنتائج وخيمة، وهذا ما أشعرني بأن بيروت ليست سوى مدينة فارغة، وعندما جاءت الحرب التي عانيت مرارتها في "حي القلعة" بمنطقة "سن الفيل" كتبت رواية "قلعة الاسطى" التي نقلت فيها معاناتي ضمن معاناة الناس في هذه المنطقة، قبل تهجيري منها مع ما حملته من معاناة كبيرة.

ـ وفي رد على سؤال "الملاحظ انه في كل رواية من رواياتك يمكن بسهولة ان نتلمس معاناة ليلى عسيران الذاتية، فهل كانت هذه المعاناة جزءاً اساسياً من الروايات، أم ان تداخلاً عفوياً يولد ذلك؟ تقول "عند الكتابة أنسى نفسي، فأنا عندما أتفاعل مع تجربة بشر معينين، التصق بهم وبمعاناتهم، وفي بعض المرات كنت ابكي لمعاناتهم وهم لا يبكون، فأجد انهم اصلب مني، وهم نموذجي، وهم من علموني، لأن الانسان البسيط المرتبط بالارض والمتمسك بالكرامة الانسانية، لا يمكن ان يقهره مخلوق، فالقهر الداخلي عنده ينفجر بغير الواقع، وأنا بشكل طبيعي لا أستطيع الفصل بين معاناتي ومعاناة الآخرين، وان كنت قد صورت تجربتي الشخصية مع المرض بكل تفاصيلها في رواية "رواية بلا كلمات في الغيبوبة" فهذا لم يكن الا نقل أمين للأحداث بكل تفاصيلها التي عايشتها اثناء الغيبوبة التي مررت بها.

ـ وفي رد عن سؤال " ولكن ورغم الواقعية البارزة في أعمالك الروائية، يحتل الخيال حيزاً مهماً، فما هو دور الخيال في الرواية الواقعية؟ تقول " معظم القراء لا سيما في منطقتنا يظنون ان الروائي عندما ينتقل الى موقع الحدث، يأخذ الصورة، وأنا أؤمن بأن التفاعل مع الحدث ومع بشر الحدث يتطلب اعادة نظر الى الحدث بعين ترى عدة أشخاص، معبر عنهم بشخصية واحدة، والتقاط المزايا في تلك المرحلة وغض النظر عن الاخطاء واجب وطني في حالات الكتابة عن قضية وطنية كبرى، ولكن لصعوبة الكتابة او الرسم بالكتابة لإظهار كل الشخصيات التي تلتقي بها، ولإيصال الفكرة المطلوبة عن مجموع البشر، لا بد من اللجوء الى الخيال، الذي يساعد على ايصال الفكرة ويسلط الضوء عليها من خلال بعض الشخصيات وعلاقتها بالاحداث المحيطة، وبخلاف ذلك تكون الرواية بحثا كلاسيكيا.

من حوار اجراه معها : بلال أحمد