عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2014, 09:20 AM
المشاركة 191
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ابن عثيمين
ولد الشيخ محمد بن عبدالله بن سعد بن عثيمين ببلدة السلمية بالخرج سنة 1270هـ وفيها نشأ عند أخواله ودرس على الشيخ عبد اللّه بن محمد الخرجي ثم درس على الشيخ سعد بن حمد بن عتيق [بالأفلاج] ثم رحل إلى الخليج، وفي قطر درس على الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع ثم على أحمد الرجباني في عُمان.

وربطته صلات وثيقة بآل ثاني أمراء قطر، وآل خليفة أمراء البحرين. وفي آل خليفة نظم أقدم شعره الفصيح.

وحين فتح الملك عبد العزيز الأحساء وفد عليه ابن عثيمين ومدحه ببائيته المشهورة.

وحين استقرت الأحوال في نجد على يد الملك عبد العزيز رحمه الله عاد ابن عثيمين إليها واتخذ من حوطة بني تميم- موطن آبائه- مقرًا له تنطلق منه قصائده في

الملك عبد العزيز وابنه سعود فتصله الهبات، وفي سنة 1356هـ هجر ابن عثيمين قول الشعر وأقبل على العبادة إلى أن توفي رحمه اللّه سنة 1363 هـ.
يعد ابن عثيمين الرائد الأول للشعر الحديث في جزيرة العرب شأنه في ذلك شأن البارودي في مصر، وذلك أنه لم يقنع من الشعر بما في أيدي معاصريه بل رجع إلى الشعر القديم يستظهر عيونه ويحاكي فحوله حتى بلغ بشعره من التجويد ما جعله يشبه أشعار الأقدمين.

وإنك لتجد في شعره من غريب اللفظ مالا تجده إلا فيِ شعر الجاهليين وأمثالهم ولعل منشأ ذلك نوع الثقافة التي تثقف بها، حيث أقبل على كتب الأدب واللغة ككتَاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، وكتب الجاحظ، ودواوين الشعراء الأقدمين ونحو ذلك، تدل على ذلك ألفاظه وأساليبه ثم الشروح والتعليقات والمقدمات التي كتبها لقصائده.

أضف إلى ذلك الرسالتين اللتين رد بهما على من عاب شعره، ثم إن شعره يدل دلالة واضحة على اتساع ثقافته، وأنه كان ذا إلمام بعلوم اللغة والدين فأما علوم اللغة فشاهد ذلك ما أشرنا إليه إلى ما في شعره من دلائل الأصالة والفصاحة والرصانة. وأما علم الدين فشاهدها ما تضمنه شعره من إشارات إلى الكتاب والسنة وبعض المسائل الفقهية.

غير أن ثقافته العلمية الغزيرة لم تصبغ شعره بصبغة النظم التعليمي بل صهرتها بوتقة شاعريته في فنه فجاءت كالأزاهير في الرياض الغناء.


أغراض شعره:
توفي ابن عثيمين رحمه الله ولم يجمع شعره فبقي مبعثرًا حتى نشط له الشيخ سعد ابن رويشد فجمع ما جمع منه فصنفه في ستة فصول هي:
1- مدح الملك عبد العزيز.
2- مدح ولي العهد، الملك سعود.
3- مدح الأمير محمد بن عيسى آل خليفة.
4- مدح الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني.
5- متفرقات وفيه قصيدة واحدة.
6- الرثاء.


ثم وضع لكل قصيدة عنوانا وعلق على ما لم يعلق عليه الشاعر. مما يغلب على الذهن احتياجه لذلك، ثم أخرجه في مجموعة سماها [العقد الثمين من شعر ابن عثيمين].
وصدره بترجمة للشاعر ثم طبعه في 518 صفحة من القطع الكبيرعلى نفقة آل سليمان. ثم أعيدت طباعته مرتين آخرهما على نفقة آل سليمان ويوزع بالمجان. ويمكن أن يقسم الديوان إلى ثلاثة أغراض رئيسية:
1- المدح. 2- التهنئة. 3- الرثاء.
ولما كان بناء القصيدة عنده يسير على نمط الأقدمين، فإن أغراضاً كثيرة تتداخل في شعره كالوصف والحكمة والنصح والإرشاد ثم النسيب. وإليك تفصيل هذه ا لأغراض:


1- المدح:
ولم يمدح ابن عثيمين مرتزقاً بشعره، وإنما مدح لمكرمة أسديت إليه فكافأ عليها بالمدح، أو لخلال حميدة أعجب بها في الممدوح، ولذا نجد مدحه مقصوراً على أربعة رجال كما سبق.
وهو في مدحه يعنى بالصفات الحميدة والأخلاق الفاضلة، ويهتم بالنصح والإرشاد، وجل شعره في هذا الميدان.


2- التهنئة:
وهو فرع للمدح ومتمم له ولكن بعض القصائد تنمي إليها لكونها الباعث على النظم، كتهنئته للملك عبد العزيز بعودة ابنيه سعود ومحمد من الخارج.


3- الرثاء:
ولم يرث ابن عثيمين إلا عالماً أو أميراً صديقاً أو أديباً وذلك لأنه لم يكن من المرتزقين بشعره، وإنما تبعثه إلى الرثاء دوافع نفسية وشعورية وعلاقات علمية واجتماعية.


4- الوصف:
وهو فن كبر نصيبه في شعر ابن عثيمين حيث وصف فيه الإبل والخيل والسحاب والمطر والجبال والقفار والمفازات والأسفار.
وهو وصف فيه دقة وتقصٍّ وتصميم بديع لمدركات الحس والشعور فيما وصف.

5- النسيب:
وهو نوع من الغزل قد يكون صادقا وقد يكون ادعاءً غير أن ابن عثيمين نهج فيه- فيما يبدو- نهج السالفين في اتخاذهم إياه وسيلة إلى الغرض المقصود.
6- وهناك أغراض أخرى:
كالحكمة والنصح والإرشاد والفخر وتأتي مبثوثة في ثنايا شعره، ولعل ابن عثيمين نظم في غير هذه الأغراض لأن الذي وصلنا من شعره قليل جاء في النصف الأخير من حياته بل بعدما جاز الخمسين عاماً ومن غير المعقول أن يكون شاعر متمكن مثل ابن عثيمين ثم لا يقول في أكثر من نصف حياته شعرا،
أما الهجاء فقد ذكر الشيخ ابن رويشد نصا يفيد زهده فيه تورعا وترفعا لا عجزاً.


من قصائده

1. قصيدة في رثاء العالم العلامة الشيخ/ سعد بن حمد بن عتيق

أَهكَذا البَدرُ تُخفي نورَهُ الحَفرُ *** وَيُفقَدُ العِلمُ لا عَينٌ وَلا أَثَرُ
خَبَت مَصابيحُ كُنّا نَستَضيءُ بها *** وَطَوَّحَت لِلمَغيبِ الأَنجمُ الزُهُر
وَاِستَحكَمَت غُربَةُ الإِسلامِ وَاِنكَسَفَت *** شَمسُ العُلومِ التي يُهدى بها البَشرُ
تُخُرِّمَ الصالحونَ المُقتَدى بهمُ *** وَقامَ منهُم مقامَ المُبتَدا الخَبَرُ
فَلَستَ تَسمَعُ إِلّا كان ثمَّ مَضى *** وَيَلحَقُ الفارِطُ الباقي كما غَبَروا
وَالناسُ في سَكرَةٍ من خَمرِ جَهلِهِمُ *** وَالصَحوُ في عَسكَرِ الأَمواتِ لَو شَعَروا
نَلهو بِزُخرُفِ هذا العَيشِ من سَفهٍ *** لَهوَ المُنَبِّتِ عوداً ما لهُ ثَمَرُ
وَنَستَحثُّ منايانا رَواحِلُنا *** لِمَوقِفٍ ما لنا عَن دونهِ صَدَرُ
إِلّا إِلى مَوقِفٍ تَبدو سَرائِرُنا *** فيهِ وَيَظهَرُ لِلعاصينَ ما سَتَروا
فَيا لهُ مَصدراً ما كانَ أَعظَمَهُ *** الناسُ مِن هو لهِ سكرى وَما سَكِروا
فكُن أخي عابِراً لا عامِراً فَلَقد *** رَأَيتَ مَصرَعَ من شادوا وَمن عَمَروا
اِستُنزِلوا بَعد عزٍّ عن مَعاقِلِهم *** كَأَنَّهُم ما نَهَوى فيها وَلا أَمَروا
تُغَلُّ أَيديهِمُ يومَ القِيامةِ إن *** بَرّوا تُفَكُّ وفي الأَغلالِ إن فَجروا
وَنُح على العِلمِ نوحَ الثاكلاتِ وَقُل *** وَالهفَ نفسي على أَهلٍ لهُ قُبِروا
الثابتينَ على الإيمانِ جُهدَهُمُ *** وَالصادِقينَ فما مانوا وَلا خَتَروا
الصادِعينَ بِأَمرِ اللَهِ لَو سَخطوا *** أَهلُ البَسيطَةِ ما بالوا وَلو كثُروا
وَالسالِكينَ على نَهجِ الرَسولِ على *** ما قَرَّرَت مُحكَمُ الآياتِ وَالسوَرُ
وَالعادِلينَ عن الدُنيا وَزَهرَتِها *** وَالآمرينَ بخيرٍ بعدَ ما اِئتُمِروا
لَم يَجعَلوا سُلَّما لِلمالِ عِلمَهُم *** بَل نَزَّهوهُ فَلَم يَعلُق بهِ وَضَرُ
فَحيَّ أَهلاً بهِم أَهلاً بِذِكرهِمُ *** الطَيّبينَ ثَناءً أَينَما ذُكِروا
أَشخاصهُم تَحتَ أَطباقِ الثَرى وَهُمُ *** كَأَنَّهُم بَينَ أَهلِ العِلمِ قَد نُشِروا
هذي المَكارمُ لا تَزويقُ أَبنِيَةٍ *** وَلا الشُفوفُ التي تُكسى بها الجدُرُ
وابك على العَلَمِ الفَرد الذي حَسُنَت *** بِذِكرِ أَفعالِهِ الأَخبارُ وَالسِيَرُ
مَن لم يُبالِ بحقِّ اللَهِ لائِمَةً *** وَلا يُحابي امراءً في خدِّهِ صَعَرُ
بَحرٌ من العِلمِ قد فاضَت جداوِلهُ *** أَضحى وَقد ضَمَّهُ في بَطنهِ المَدرُ
فَلَيتَ شِعريَ مَن لِلمُشكِلات إِذا *** حارَت بِغامِضِها الأَفهامُ وَالفِكَرُ
مَن لِلمَدارس بِالتَعليمِ يَعمُرُها *** يَنتابُها زُمرٌ من بَعدِها زُمَرُ
هذي رُسومُ عُلومِ الدينِ تَندبهُ *** ثَكلى عَليهِ وَلكن عَزَّها القَدرُ
طَوَتكَ يا سَعدُ أَيّامٌ طَوت أُمَماً *** كانوا فَبانوا وَفي الماضينَ مُعتَبَرُ
إِن كان شَخصُكَ قد واراهُ مُلحِدهُ *** فَعِلمُكَ الجَمُّ في الآفاقِ مُنتَشِر
وَالأُسوَةُ المُصطَفى نَفسي الفِداءُ لهُ *** بِمَوتهِ يَتَأَسّى البَدرُ وَالحَضَرُ
بَنى لكُم حمدٌ يا لِلعَتيقِ عُلا *** لم يَبنِها لكمُ مالٌ وَلا خَطَرُ
لكنَّهُ العِلمُ يَسمو من يَسودُ بهِ *** عَلى الجهولِ وَلو من جدُّهُ مُضرُ
وَالعِلمُ إن كان أَقوالاً بلا عملٍ *** فَلَيتَ صاحبهُ بِالجَهل مُنغَمِرُ
يا حامِلَ العِلمِ وَالقُرآنِ إِنَّ لَنا *** يَوماً تُضَمُّ بهِ الماضونُ وَالأُخرُ
فَيَسأَلُ اللَهُ كلّاً عَن وَظيفَتهِ *** فَلَيتَ شِعري بماذا منهُ تَعتَذِرُ
وَما الجَوابُ إِذا قالَ العَليمُ أَذا *** قالَ الرَسولُ أَو الصَدّيقُ أَو عُمَرُ
وَالكُلُّ يَأتيهِ مَغلولَ اليَدينِ فمن *** ناجٍ وَمن هالكٍ قَد لَوَّحَت سَقَرُ
فَجَدِّدوا نِيَّةً لِلَّهِ خالِصَةً *** قوموا فُرادى وَمَثنى وَاِصبِروا وَمُروا
وَناصِحوا وَاِنصَحوا مَن وَليَ أَمرَكمُ *** فَالصَفوُ لا بُدَّ يَأتي بَعدهُ كَدرُ
وَاللَهُ يَلطُفُ في الدُنيا بِنا وَبكُم *** وَيومَ يَشخَصُ مِن أَهوالهِ البَصَرُ
وَصَفِّ رَبِّ على المُختارِ سَيِّدِنا *** شَفيعِنا يَومَ نارُ الكَربِ تَستَعِرُ
محمدٍ خيرِ مَبعوثٍ وَشيعَتِهِ *** وَصَحبِهِ ما بَدا من أُفقِهِ قَمَرُ



2. حين فتح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الأحساء مدحه ابن عثيمين ببائيته المشهورة:
عز والمجد في الهندية القضب = لا في الرسائل والتنميق للخطب
نقضي المواضي فيمضها حكمها أمما = إن خالج الشك رأى الحاذق الأرب
وليس يبنى العلا إلا ندى ووغى = هما المعارج للأسنى من الرتب
ومشمعل أخو عزم يشيعه = قلب صروم إذا ما هم لم يهب
لله طلاب أوتار أعدلها سيرا حثيثا بعزم غير مؤتشب
ذاك الإمام الذي كادت عزائمه تسمو به فوق هام النسر والقطب
عبد العزيز الذي ذلت لسطوته شوس الجبابر من عجم ومن عرب
ليث الليوث أخو الهيجاء معرها= السيد المنجب ابن السادة والنجب
قوم هم زينة الدنيا وبهجتها وهم لها عمد ممدودة الطنب
لكن شمس ملوك الأرض قاطبة عبد العزيز بلامين ولا كذب
قاد المكانب يكسو الجو عثيرها سماء مرتكم من نقع مرتكب
حتى إذا وردت ماء الصراة وقد صارت لواحق أقرب
من السغب
قال النزال لنا في الحرب شنشة تمشي إليها ولو جثيا على الركب
فسار من نفسه في جحفل حرد وسار من جيشه من عسكر لجب
حتى تسور حيطانا وأبنية لولا القضاء لما ادركن بالسبب
لكنها عزمة من فاتك بطل حمى بها حوزة الإسلام والحسب
فبيت القول صرعى خمر نومهم وآخرين سكارى بابنة العنب
في ليلة شاب قبل الصبح مفرقها لو كان تعقل لم تملك من الرعب
القحتها في هزبع الليل فامتخضت قبل الصباح فألقت بيضة الحقب
كانوا يصدونها نحسا مذممة والله قدرها مزاجة الكرب
صب الإله عليهم سوط منتقم من كف محتسب لله مرتقب
في أول الليل في لهو وفي لعب وآخر الليل في ويل وفي حرب
الله أكبر هذا الفتح قد فتحت به من الله أبواب بلا حجب
فتح تورج هذا الكون نفحته ويلبس الأرض زي المارح الطرب
فتح به أضحت الإحساء طاهرة من رجسها وهي فيما مركا لجنب
شكرا بني هجر للمقرني فقد من قبله كنتم في هوة العطب
قد كنتم قبله نهبا بمضيعة ما بين مفترس منكم ومستلب
روم تحكم فيكم رأى ذي سفه إحكام معتقد التثليث والصلب
وللأعاريب من أموالكم عبث يمرونكم مرى ذات الصفر في الحلب
وقبلكم حين نجد واستطير به فماذه بشفار البيض واليلب
شوارد قبيتها صدق عزمته فظللن يرفسن بعد ألوخذ والخبب
ملك يؤود الرواسي حمل همته لو كان يمكن أرقنه إلى الشهب
ويركب الخطب لا يدري نواجذه تفتر عن ظفر من ذاك أو شجب
إذا الملوك استلانوا الفرش وأتكئوا على الأرائك بين الخرد العرب
ففي المواضي وفي السمر اللدان وفي الجرد الجياد له شغل عن الطرب
يا أيها الملك الميمون طائره اسمع هديت مقال الناصح الحدب
اجعل مشيرك في أمر تحاوله مهذب الرأي ذا علم وذا أدب
وقدم الشرع ثم السيف أنهما قوام ذا الخلق في بدء وفي عقب
هما الدواء لأقوام إذا صعرت خدودهم واستحقوا صولة الغضب
واستعمل العفو عمن لا نصير له إلا الإله فذاك العز فاحتسب
واعقد مع الله عزما للجهاد فقد أوتيت نصر عزيزا فاستقم وثب
وأكرم العلماء العاملين وكن بهم رحيما تجده خير منقلب
واحذر أناسا أصاروا العلم مدرجة لما يرجون من جاه ومن نشب
هذا وفي علمك المكنون جوهره ما كان يغنيك عن تذكير محتسب
وخذ شوارد أبيات مثقفة كأنها درر فصلن بالذهب
زهت بمدحك حتى قال سامها الله أكبر كل الحسن في العرب
ثم الصلاة وتسليم الإله على من خصه الله بالأسنى من الكتب
المصطفى من أروم طاب عنصرها محمد الطاهر بن الطاهر النسب
والآل والصحب ما ناحت مطوقة وما حدا الرعد بالهامر من السحب

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا