عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2013, 03:40 PM
المشاركة 115
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
The Idiot



by Fyodor M Dostoyevsky, Russia, (1821-1881)



Fyodor Dostoyevsky's "The Idiot" is an immaculate portrait of innocence tainted by the brutal reality of human greed. This "Penguin Classics" edition is translated from the Russian by David McDuff, with an introduction by William Mills Todd III. Returning to St Petersburg from a Swiss sanatorium, the gentle and naive epileptic Prince Myshkin - the titular 'idiot' - pays a visit to his distant relative General Yepanchin and proceeds to charm the General, his wife, and his three daughters. But his life is thrown into turmoil when he chances on a photograph of the beautiful Nastasya Filippovna. Utterly infatuated with her, he soon finds himself caught up in a love triangle and drawn into a web of blackmail, betrayal, and finally, murder. Inspired by an image of Christ's suffering Dostoyevsky sought to portray in Prince Myshkin the purity of a 'truly beautiful soul' and explore the perils that innocence and goodness face in a corrupt world. David McDuff's new translation brilliantly captures the novel's idiosyncratic and dream-like language and the nervous, elliptic flow of the narrative.This edition also contains a new introduction by William Mills Todd III, which is a fascinating examination of the pressures on Dostoyevsky as he wrote the story of his Christ-like hero. Fyodor Mikhailovich Dostoyevsky (1821-1881) was born in Moscow. From 1849-54 he lived in a convict prison, and in later years his passion for gambling led him deeply into debt. His other works available in "Penguin Classics" include "Crime & Punishment", "The Idiot" and "Demons". If you enjoyed "The Idiot", you might like Anton Chekhov's "Ward No. 6 and Other Stories", also available in "Penguin Classics". "McDuff's language is rich and alive". ("The New York Times Book Review"). "[The Idiot's] ...narrative is so compelling". (Rowan Williams, Archbishop of Canterbury

==

رواية الأبله: لفيدور دوستويفسكي: خلاص الذات خلاص الآخر.

( .... هذا الرجل الثاني الذي يرتدي هذا الرداء هو أيضاً شاب في نحو السادسة والعشرين أو السابعة والعشرين من العمر. قامته أطول قليلاً من متوسط قامات الرجال, خداه خاسفتان, شعره كثيف أشقر, له لحية صغيرة مدببة تكاد تكون بيضاء اللون, عيناه واسعتان زرقاوان لهما نظرة ثابتة. في هذه النظرة شيء من رقة وعذوبة, ولكن فيها ثقلاً وتعبيراً غريباً, فإذا رآها خبير أدرك أن صاحبها رجل مريض بداء الصرع. ووجه الفتى بعد هذا محبب الى القلب لطيف رقيق دقيق, ولكنه شاحب اللون. بل إنه في هذه اللحظة قد إزرقّ من شدة البرد).

إن هذا الشاب الذي يقدمه إلينا دوستويفسكي منذ الفصل الأول لروايته (الأبله) على هذا النحو العادي, والذي يكاد ينطق, يتشابه بينه وبينه, في بعض السمات الخارجية كما في الإصابة بداء الصرع, سوف لن يكف الكاتب عن وصفه وتقديمه إلينا لاحقاً طوال مئات الصفحات التي تتألف منها هذه الرواية.

ولئن كان كثر شبّهوا شخصية ذلك الشاب, بمعظم الشخصيات الإشكالية في روايات دوستويفسكي الكبيرة الأخرى, من (الأخوة كارامازوف) إلى (الممسوسون) إلى (الجريمة والعقاب), فإن ما لا يمكن غض النظر عنه هو واقع أن شخصية الشاب, واسمه هنا ميوشكين, تكاد تكون مزيجاً, في نهاية الأمر, من شخصيتي المسيح ودون كيشوت. ذلك أن دوستويفسكي إنما حاول هنا أن يرسم, من خلال ملامحه الخاصة, واحدة من الشخصيات الأكثر طيبة في تأريخ الرواية...

والحال أنه نجح في محاولته, إلى حد كبير, حتى وإن كان المنطق الواقعي قد قاده إلى الإستنتاج الطبيعي في نهاية الرواية: ميوشكين لا يمكن أن ينتصر. أي لا يمكنه أن يحقق العالم الطيب الذي شاء أن يحققه بتصرفاته المنطلقة دائماً إلى ما فيه خير (الآخر): فالحقيقة أن ميوشكين على رغم أنه دائماً على إستعداد للتضحية بنفسه من أجل خلاص الآخرين وسعادتهم (أوليست تلك هي - على أي حال - رغبة المسيح ودون كيشوت مجتمعين?), فإنه أبداً لا يتمكن من تحقيق التضحية المتوخاة وجعلها مفيدة للآخرين, ذلك لأنه في الحقيقة يفتقر الى ما سماه أحد النقاد (قوة الفعل المحرِّر القادر على الحسم بالنسبة إلى التناقضات التي يتخبط فيها هؤلاء الآخرون), ومن هنا فإن (بلهه) الذي كان يفترض به أن يوصله, بفضل تضحياته, إلى القداسة, ينتهي به الأمر إلى أن يتبدى ما هو عليه بالفعل: نقيصة.

ومن هنا ما خلص إليه بعض كبار الباحثين في أدب دوستويفسكي, من أن رواية (الأبله) - مثلها في هذا مثل القسم الأكبر من روايات دوستويفسكي الكبرى - تصل إلى حد فرض نفسها بكل قوة على القارئ, لكنها تبدو عاجزة عن حل المعضلة الأخلاقية التي بدا على دوستويفسكي منذ البداية أنه يتنطح لطرحها, بل لحلها (وهنا, أوليست هذه غاية دون كيشوت الأساسية التي تنتهي بدورها إلى الإخفاق?).

هل يعبّر هذا عن عجز ما لدى دوستويفسكي - كما لدى تسربانتس, مثلاً في (دون كيشوت)? بالأحرى يعبر عن أن (الآخر) ومهما كان رأينا فيه ورغبتنا دائماً في خلاصه, هو في الحقيقة الصخرة التي تتحطم عندها كل نزعة (إرادوية) تسعى الى خلاص هذا الآخر. وربما إلى الخلاص الذاتي من طريق هذا الآخر.

* إذاً, منذ البداية يطرح دوستويفسكي أمامنا, سمات بطله الشاب ميوشكين, وذلك من خلال لقائه, في القطار العائد به إلى سانت بطرسبرغ, من سويسرا حيث كان يقيم نقاهة من مرضه العصبي - أو العضوي لن نتأكد أبداً - لقائه بالشاب روغوجين.

وعلى رغم إن الإثنين هما الملتقيان في القطار والمتبادلين الأحاديث في شكل يكشف لنا بالتدريج عن شخصيتيهما وعن مجرى الأحداث المقبلة, فإن محور هذه الأحداث هي الحسناء, ذات السمعة المثيرة لبعض الشكوك, ناستاسيا, التي لبؤسها تتخذ من ثري فعل الخير معها, حامياً لها. وهذا الثري يتحول إلى عشيق لها ويريد الآن تزويجها, حماية لسمعتها ولعلاقتهما, من شاب في مقابل مهر كبير.

وهكذا نتعرف, مع ميوشكين, على ناستاسيا من قبل ما نلتقي بها. وميوشكين الذي شعر فور سماعه بحكايتها وبحكاية رفيقه في القطار - عاشقها - معها, صارت ناستاسيا هاجساً له: هل أحبها? هل شعر بالشفقة إزاءها? هل رأى في خلاصها خلاصاً لذاته? كل هذا يمتزج لديه في بوتقة مشاعر واحد.

وهو حين يصل سانت بطرسبرغ يسعى الى اللقاء بها, (صدفة) أول الأمر, ثم قصداً بعد ذلك, حين يصل إلى إحتفال بها ومن حولها, فيجد نفسه مندفعاً إليها بصورة جدية, وسط زحام المعجبين بها والمحاولين نيل رضاها وودها.

إنها (مؤمثلة) هنا, غير أن هذه الأمثلة ليست إلا في الظاهر, أما في حقيقة الأمر فإن ناستاسيا تعامل معاملة ال*****: سينالها من يدفع الثمن. وحتى هذا الأمر لا يغضب ميوشكين... فهو لا يغضب أبداً, ذلك أنه قادر تماماً على فهم دوافع الآخرين, حتى ولو كانت, في الظاهر, دوافع شريرة أو سيئة.
فميوشكين هو, بعد كل شيء رجل الطيبة والتضحية. هكذا قدم إلينا منذ البداية وهكذا سوف يظل حتى النهاية. وهو في خضم التزاحم من حول ناستاسيا, سيتقدم مدافعاً عنها مبدياً إستعداده لكي يصبح لها في كليته: الحب دافعه أم الشفقة? الشفقة بالأحرى (والشفقة شعور لا يستنكره ميوشكين وكذلك لا يستنكره دوستويفسكي نفسه, هو الذي يرى - على لسان إحدى شخصيات الرواية - أن الشفقة هي القانون الوحيد الأساسي في الوجود الإنساني كله).

وهكذا يقترح ميوشكين الإقتران بناستاسيا لـ(إنقاذها). صحيح أن ناستاسيا ترى في ميوشكين الكائن القادر على إخراجها من وحدتها, لكنها - هي - لا تقبل هذا الحل الذي تقف الشفقة وحدها في خلفيته. وفي هذا الإطار يتدخل روغوجين, رفيق القطار وعاشق ناستاسيا, حاملاً مبلغاً كبيراً من المال عارضاً إياه على ناستاسيا في مقابل الإقتران به.

وفي وقت تبدي فيه الإبنة الصغرى للجنرال إيبانستين, مضيف ميوشكين, غرامها بهذا الأخير, تزداد حدة التعاطف بين ميوشكين وروغوجين, من حول (هيام) الاثنين - وكل على طريقته - بناستاسيا. غير أن التعاطف لا يحول دون نمو غيرة روغوجين الذي تغويه, للحظة, فكرة قتل ميوشكين... ولكن بعد سلسلة من الأحداث والتعقيدات الإضافية التي تنشأ عن دخول شخصيات إضافية الرواية, تنتهي تلك الأحداث بغرق ميوشكين في جنونه المطبق, وبقتل روغوجين لناستاسيا.

* تتوسط رواية (الأبله) مسار دوستويفسكي الأدبي, إذ أنه نشرها للمرة الأولى مسلسلة في مجلة (الرسول الروسي) في العام 1869 بعدما كان أنجز كتابتها في العام 1867, بمعنى أنها تلي رواية دوستويفسكي الكبرى (الجريمة والعقاب) (1866) وتسبق (الشياطين) (أو (الممسوسين)) و(المراهق) و(الأخوة كارامازوف) وهي كلها روايات كتبها دوستويفسكي ونشرها بين العامين 1872 و1880, أي في فترة الخصب الكبرى في حياته, والتي إمتدت طوال العقدين الأخيرين من حياته.

ولقد نُظر إلى (الأبله) دائماً على أنها الرواية الأقوى بين أعمال ذلك الكاتب الروسي الكبير, والذي عاش بين 1821 و1881, وكذلك نُظر إليها على أنها الأكثر ذاتية, في معنى, أنها كانت من أكثر رواياته بحثاً عن القيم الكبرى والمبادئ الأخلاقية, حتى وإن كانت النتيجة التي تصل إليها في نهاية الأمر تبدو سوداوية, سوداوية المصير البشري الذي لم يكف دوستويفسكي عن تصويره في أعماله التي تعتبر قمة ما توصل إليه فن الرواية في أية لغة وفي أية منطقة خلال القرن التاسع عشر, بل خلال العصور جمعاء.

إبراهيم العريس
جريدة الحياة اللبنانية