الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-25-2019, 05:58 AM
المشاركة 2293
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مليون رد - كشكول منابر
(قصة ابن طولون و ابن بنان و الأسد)
أحمد بن طولون أمير على الشام و مصر للخليفة العباسي المأمون ،و كان في فترة إمارته كرجلين في رجل واحد ،فكان تارة كالملائكة الأطهار ،و تارة كالشياطين الأشرار ،فقد كان يحب الخير و ينفق على الفقراء و المساكين و يبني المساجد و المستشفيات و يعطي العلماء و طلاب العلم و يكثر من الصدقات و ينظر في مظالم الناس ،و مع ذلك فقد كان حاد الطبع و المزاج ظالماً ،إذا غضب طاش سهمه في كل اتجاه.
و لما اشتد ظلمه و بطشه شكاه الناس إلى أبي الحسن أحمد بن بنان ،الذي كان لا يخشى في الله لومة لائم ،فسارع إليه و دخل قصره ،و وقف بين يديه و جلساؤه من حوله و صرخ في وجهه(اتق الله في الرعية يا بن طولون ،فإنك مسؤول عنهم أمام رب العزة "يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم"و أعلم أن من غش رعيته فإنه لم يرح رائحة الجنة).
ساد جو القصر صمت رهيب ،و لم يصدق ابن طولون و الحاضرون ما سمعوه و رأوه،فكيف يجرؤ مثل هذا الرجل أن يتحدث بمثل هذا القول ؟
و اتجهت أنظارهم نحو الأمير لتنظر ماذا يصنع ؟و ماذا يصدر عنه من قول أو فعل ،و قد أذهلتهم المفاجأة جميعاً .
ارتجف ابن طولون و انتفخت أوداجه ،و تطاير الشرر من عينيه و صاح بالحرس من حوله :اقبضوا على هذا المجنون ،و أودعوه السجن .
و بسرعة البرق اجتمع الحراس و أخذوا أبا الحسن ،و ذهبوا به إلى السجن.
و تعكر المجلس لغضب الأمير ،فانفضوا من حوله .
و ذهب الأمير إلى فراشه ،و لكنه لم ينم ،فطلب ابن طولون مرة أخرى ،فقال له( يا أبا الحسن :كيف تجرؤ على أن تتكلم بما تكلمت به و كيف تفعل ما فعلت أمام الناس؟ و لكن لا بأس ،سأعفوا عنك إن اعتذرت أمام الناس عما بدر منك غداً أمامهم .
فقال أبو الحسن -برباطة جأش –( أنا لم أقترف ذنباً أيها الأمير ! و إنما قدمت إليك نصيحة .
صاح الأمير بالحرس :خذوه إلى السجن ،و جوعوا أسداً ثلاثة أيام ،كي لا تراه عيني مرة أخرى.
قال أبو الحسن(الأعمار بيد الله ،و أنت عبد من عباد الله لا تستطيع أن تقدم عمري أو تأخره لحظة واحدة.
فحمل الحراس ابن بنان إلى السجن مرة أخرى .
و كان ابن طولون مغرماً بتربية الأسود ،فجاء الحراس في اليوم الذي حدده ابن طولون له ،و جيء بالأسد بعد أن جوعوه ثلاثة أيام .
و وضع ابن بنان في ساحة عامة نثم جيء بالأسد و هو في قفصه ، و كان الشيخ يصلي و لم ينتبه للأسد ، ففتحوا باب القفص ،ليخرج الأسد ،فلا يرى أمامه إلا ابن بنان فيلتهمه ، فتمطى ذلك الأسد و بدأت عظامه تتقعقع و انطلق مزمجراً كالرعد القاصف ،.،فلمارأى ابن بنان أقعى هنيهة ،ثم قام و مشى نحو الشيخ و شمه و احتك به دون أن يمسه بأذى .
فسبحان من بيده مقادير كل شيء ،لقد ذهل الحاضرون من صنيع هذا الأسد ،و من عدم خوف ابن بنان .،و كان ابن طولون أشد ذهولاً منهم ،عند ذلك صاح ابن طولون بالحراس أرجعوا الأسد إلى قفصه ،و هاتوا ابا الحسن إلى هنا .
فقال الأمير (يا أبا الحسن قل بربك ما الذي كان بقلبك ؟و بما ذا كنت تفكر؟
قال ابو الحسن( لم يكن علي بأس فقد كنت أقرأ قوله تعالى((و اصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا)،و كنت أفكر بلعاب الأسد :هل هو طاهر أم نجس؟
عند ذلك قام الأمير إلى أبي الحسن و قبل رأسه و طلب منه العفو و أطلق سراحه.