عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2019, 04:43 PM
المشاركة 8
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي الفصل الخامس عشر - السابع عشر
15- ليف

ليف متأكد أن قلبه سينفجر فى صدره.
سينفجر, و سيموت هنا فى ممر المدرسه, التسلل من الحمام ما أن رن الجرس كان محطم للأعصاب .. فتح باب حجيرته, و وضع يده على المقبض لمده عشر دقائق منتظرا صوت الجرس ليخفى صوت فتحه للباب, ثم عليه أن يمشى لمدخل الحمام دون أن يسمع الأخرون صوت حذائه الرياضى الجديد يصر على الأرض, لماذا أسموهم سنيكرز* إن كان من الصعب التسلل بهم؟! ليس بإمكانه فتح ذاك الباب المزعج و الخروج بنفسه, سيكون مثير للشبهات جدا, لذلك, انتظر,حتى فتحت له الباب فتاه متجهه للحمام, بما أن الجرس قد رن للتو, فهو سينتظر فقط بضع ثوان, فتحت الباب و عبر بجوارها, آملا ألا تكون قالت أى شئ سيكشفه, لو علقت عن وجود فتى فى حمام الفتيات, كونر و ريسا سيعلمان, (المره القادمه ارتدى فستان) قالت له الفتاه بينما يُسرع بعيدا. و ضحكت صديقتها.. هل كان هذا كافى ليحذر كونر و ريسا بهروبه؟, لم يلتفت ليعرف, و استمر فى التقدم.

الآن, هو تائه فى ممرات مدرسه ثانويه هائله, و قلبه يهدد بالانفجار فى أى ثانيه. جمهور هائج من الأولاد المسارعون لفصلهم يحاوطون به, يرتطمون به, يربكونه, أغلب الأولاد هنا أكبر من ليف, مهيبين, مخيفون..

هكذا دائما تخيل المدرسه الثانويه, مكان خطير ملئ بالأولاد الغامضين و الشرسين. لم يقلق بشأنها قط, لأنه علم أنه لن يضطر للذهاب أبدا. فى الواقع, كان عليه القلق فقط بالنجاح حتى منتصف الصف الثامن !
“معذرة, أيمكنك أن تخبرنى أين يوجد المكتب؟” يسأل أحد التلاميذ يتحرك ببطئ عن البقيه. ينظر الفتى له بدونيه, كما لو أن ليف من المريخ !,ويقول,"كيف لك ألا تعلم ذلك؟”, و يمشى مبتعدا بينما يحرك رأسه.
فتى آخر ,أكثر لطافه, يوجهه للاتجاه الصحيح.

ليف يعلم أن الأشياء يجب إعادتها لمسارها الصحيح. هذا المكان المثالى لفعل ذلك, مدرسه, لو كان هناك خطط سريه لقتل كونر و ريسا فلا يمكن أن تحدث هنا بوجود كل هؤلاء الطلبه !, و إن فعلها بالطريقه الصحيحه, فثلاثتهم سيكونوا بأمان فى طريقهم لتفكيكهم, كما من المفترض .
كما تم ترتيبه.

تلك الفكره مازالت ترعبه, لكن تلك الأيام التى لا يمكنك معرفه ما ستجلبه الساعه القادمه, هذا مرعب حقا !, نزعه من هدف حياته كان أكثر شئ مثير للأعصاب قد حدث له, لكنه الآن يفهم لماذا الرب جعل هذا يحدث, إنه درس, ليُرى ليف ماذا يحدث لمن يتهرب من قدره.. يصبح تائه بكل شكل ممكن.

يدخل مكتب المدرسه, و يقف أمام المنضده, منتظرا أن يتم ملاحظته, لكن السكرتيره مشغوله بتقليب الأوراق..” معذره..”
أخيرا ترفع نظرها,” هل أستطيع مساعدتك عزيزى؟”
يبلع ريقه, “اسمى ليفى كالدر, و قد تم اختطافى من قبل متفككان هاربان.”
الامرأه التى لم تكن منتبهه حقا ,فجأه تركز انتباهها كليا عليه ,”ماذا قلت؟!”
“لقد تم اختطافى, كنا مختبئون فى الحمام, لكنى هربت, هما مازالا هناك, و لديهم طفل أيضا.”
تقف المرأه و تنادى, بصوت مرتعد, كأنها تنظر لشبح !, و تنادى المدير الذى بدوره ينادى الأمن.

بعد دقيقه, يجلس ليف فى مكتب الممرضه, و تطببه الممرضه كما لو أنه مصاب بالحمى,:“لا تقلق” تقول له,” مهما الذى حدث لك, فقد انتهى الآن”
من مكانه هنا فى مكتب الممرضه, ليس بإمكانه أن يعرف ما إن قبضو على كونر و ريسا .. هو يأمل , أنهم لو فعلو, ألا يحضروهم هنا. فكره أن يضطر لمواجهتهم تجعله يشعر بالخزى, فعل الشئ الصحيح لا يجب أن يُشعرك بالخزى.

“تم استدعاء الشرطه, كل شئ يتم الاهتمام به.” تقول له الممرضه,” ستذهب الى منزلك قريبا.”
“لن أذهب للمنزل” يقول لها ليف, تنظر الممرضه له بغرابه, و يقرر ألا يخوض فى الأمر,” لا يهمك, هل بإمكانى الاتصال بوالداى؟”
تنظر له نظره مليئه بالشك, “أتعنى أن لا أحد فعل لك هذا؟” و تنظر لهاتف المدرسه فى الزاويه, ثم تبحث عن هاتفها المحمول فى جيبها,” اتصل بهم و أعلمهم أنك بخير.. و تكلم للمده التى تريدها.” تنظر له للحظه و تقرر أن تعطيه بعض الخصوصيه, و تخرج من الغرفه,” سأكون هنا إن احتجتنى”

يبدأ ليف فى الاتصال, لكن يوقف نفسه, انه ليس والديه من يريد أن يتصل بهم, يمسح الأرقام و يضغط على أرقام مختلفه, مترددا للحظه, ثم يضغط اتصال.
فُتح الخط بعد الرنه الثانيه,
“مرحبا”
“القس دان؟”
يوجد فقط ثانيه من الصمت , ثم جاء التعرف,” يا إلهى, ليف؟, ليف أهذا أنت؟ أين أنت؟”
“لا أعرف, مدرسه ما, اسمع, يجب أن تخبر والداى أن يوقفا الشرطه, لا
أريدهم قتلى.”
“ليف, ببطء, هل أنت بخير؟”
“لقد اختطفانى, لكنهم لم يؤذونى, لذا لا أريد لهم الأذيه, أخبر والدى أن يبعد
الشرطه”
“لا أعلم عماذا تتحدث؟, نحن لم نبلغ الشرطه أبدا !”
لم يتوقع ليف هذا الرد,” انتم لم .. ماذا ؟”
“كان والداك على وشك ذلك, كانا سيصنعا جلبه كبيره بسبب الأمر, لكنى أقنعتهم ألا يفعلو,أقنعتهم أن اختطافك هو بطريقه ما.. مشيئه الرب.”

يبدأ ليف بتحريك رأسه كما لو أنه سيدفع الفكره بعيدا,” لكن ,لكن لماذا فعلت ذلك؟”
الآن, يبدو القس دان بائسا,:”ليف, اسمعنى, اسمعنى بعنايه, لا أحد آخر يعلم أنك اختفيت, بقدر ما يعلم أى شخص, فأنت قد تم تقديمك كعشر, و الناس لا تسأل أسئله عن الأطفال الذين تم تقديمهم كعشر.. أتفهم ما أقوله لك؟”
“لكن... أنا أريد أن أكون عُشر... على أن أكون.. عليك أن تتصل بوالداى و تخبرهم.. عليك أن توصلنى لمخيم الحصاد.”
الأن يصبح القس دان غاضبا, :”لا تجبرنى على فعل ذلك, أرجوك, لا تجبرنى على فعل ذلك !” ,كما لو أنه يحارب فى معركه ... لكن بشكل ما, ليس ليف من يحاربه !
هذا بعيد كل البعد عن صوره ليف للقس دان ,لا يستطيع أن يصدق أنه نفس الشخص الذى عرفه كل تلك السنين, كما لو أن محتال سرق صوت القس.. لكن دون أيا من قناعاته.
“ ألا ترى يا ليف؟, يمكنك إنقاذ نفسك, الآن يمكنك أن تكون أى شخص تريده.”
و فجأه, تحضر الحقيقه على ليف, القس دان لم يكن يحثه على الهرب من خاطفيه ذاك اليوم, كان يخبره أن يهرب منه, من والديه,
من حصاده..

بعد كل خطبه و مواعظه, بعد كل أحاديثه سنه تلو الأخرى عن واجب ليف المقدس, كلها كانت زيف.
ليف وُلد ليكون عُشر, و الرجل الذى أقنعه بمجد و شرف هذا المصير, لا يصدق ذلك...!

“ليف, ليف, هل مازلت هناك؟”
هو هناك, لكنه لا يريد أن يكون .. لا يريد أن يجيب الرجل الذى قاده لمنحدر,فقط ليعود أدراجه فى الدقيقه الأخيره.

الآن, مشاعر ليف تدور كعجله الحظ, فى لحظه هو غاضب, و التى تليها, مرتاح, لحظه يمتلئ برعب غارم.. حتى يستطيع شمه كالحمض فى أنفه, و اللحظه التى تليها, يوجد شعله من السعاده, شعور كالذى كان يراوده حينما يحرك مضربه و يسمع طوت طرق المضرب للكره.. الآن, هو تلك الكره, يطير مبتعدا, حياته كانت مثل ملعب البايسبول, أليس كذلك؟, كل الخطوط, التكوين, و القواعد.. لا تتغير أبدا, لكن الآن تم ضربه عرض الحائط فى منطقه مجهوله.
“ليف,” يقول القس,” أنت تخيفنى ,كلمنى”.
ليف يأخذ نفس عميق, ببطء.. ثم يقول:” وداعا, سيدى”, ثم يُغلق الخط دون كلمه أخرى.

يرى ليف سيارات الشرطه تصل بالخارج, كونر و ريسا قريبا سيتم إمساكهم ,إن لم يكن تم إمساكهم بالفعل!, الممرضه لا تقف على الباب بعد الآن, هى تؤنب الناظر على كيفيه معاملته للموقف,: “لماذا لم تتصل بوالدى الفتى المسكين؟, لماذا لم تحاصر المدرسه تماما؟”

ليف يعلم ما عليه فعله, إنه شئ خاطئ, إنه شئ سئ, لكن فجأه لم يعد يهتم !, يتسلل من المكتب من وراء ظهور الممرضه و الناظر, و يتجه للممر, يتطلبه
ثانيه ليجد ما يبحث عنه, يمد يده للصندوق الصغير فى الحائط.

أنا تائه فى كل الاحتمالات الممكنه..
ثم, شاعرا ببروده الصلب على أنامله, يسحب جرس إنذار الحريق.

16- مُعلمة

ينطلق جهاز الإنذار خلال فتره تحضير المعلمه, و فى صمت,تلعن من فى السُلطه أيا من كانو لتوقيتهم البشع. ربما, تُفكر.. لو بإمكانها فقط المكوث فى فصلها الفارغ حتى يتم التعامل مع الإنذار الخاطئ, هو دائما إنذار خاطئ!, لكن حينها, أى الأمثله ستضرب لو رآها الطلاب جالسه هكذا ؟.

بينما تغادر الغرفه, الممر ممتلئ بالفعل بالطلاب, يصنع المعلمون ما بوسعهم لإبقائهم منظمين, لكن هذا مدرسه ثانويه !, تلك الخطوات المنظمه المتبعه فى المدارس الابتدائيه لمواجهه الحرائق, اختفت منذ أمد.. و تم استبدالها بوقاحه تعرجات التغيرات الهومونيه للأطفال, الذين أجسادهم أكبر مما فى مصلحتهم .

ثم ترى شيئا غريبا, شيئا مُقلق.
يوجد شرطيان فى المكتب الأمامى, يبدوان فى الحقيقه مرتاعان من جمهور الأطفال المار بجوارهم خارج من الباب الرئيسى للمدرسه.. لكن, لماذا شرطه؟ لماذا ليس إطفائيون؟, و كيف وصلو هنا بتلك السرعه؟, لا يمكن أن يكونوا!,
لابد أنه تم الاتصال بهم قبل انطلاق الجرس, لكن... لماذا؟

أخر مره وُجدت بها الشرطه فى المدرسه, أحدهم اتصل و حذر من تهديد وجود مُصفِق, تم إخلاء المدرسه, و لم يعلم أحد لماذا حتى انتهاء الواقعه. اتضح, لم يكن هناك مصفقون, لم تكن المدرسه أبدا فى خطر الانفجار, فقد كان أحد الأطفال يصنع مزحه.

مع ذلك, فتهديدات المصفقون دائما ما تؤخذ بجديه, لأنك لا تعلم أبدا متى يمكن أن يكون التهديد حقيقى !

“أرجوكم, بدون تدافع,”, تقول للطالب الذى اصطدم بمرفقها,”أنا متأكده أننا جميعا سنخرج”, من الجيد أنها لم تُحضر قهوتها !.
“آسف, سيده ستينبرج”

بينما تمر بأحد مختبرات العلوم, تلاحظ أن الباب مفتوح جزئيا, فقط كاجتهاد, تنظر نظره خاطفه للداخل للتأكد من عدم وجود أى شاردون, أو أى طلبه تحاول تجنب الإخلاء العام.
الطاولات المعدنيه عاريه, و كل الكراسى فى مكانها, لم يكن أحد فى هذا المعمل فى تلك الحصه, تمد يدها لتغلق الباب, فقط كعاده أكثر من كونها أى شئ آخر.. حينها تسمع صوت , لا ينتمى البته لهذا المكان.
طفل يبكى..
فى أول الأمر تعتقد أن الصوت قادم من الحضانه, لكن, الحضانه فى آخر الممر. هذا البكاء بالتأكيد أتى من هذا المعمل, تسمع البكاء مجددا, لكن تلك المره يبدو مكتوما و أكثر غضبا !, هى تعرف هذا الصوت, أحدهم يحاول تغطيه فم الطفل ليمنعه من البكاء, الأمهات المراهقات دائما يفعلن ذلك حينما يكون أطفالهم فى مكان لا ينتمون له, لا يدركو أبدا أن ذلك يجعل الطفل يبكى أقوى.
“لقد انتهت الحفله,” تنادى,” هيا, أنتِ و طفلك عليكما الخروج مع البقيه”

لكنهم لا يخرجو, و يوجد ذاك البكاء المكتوم مجددا, متبوع بهمس شخص, لا تستطيع أن تحدد ما يقول !, تدخل المعمل منزعجه و تهرع للمنتصف, تنظر يمينا و يسارا حتى تجدهم, جاثمين وراء أحد طاولات المعمل.ليس فقط فتاه و طفل, يوجد فتى هناك أيضا, يوجد نظره يأس بهم..يبدو الفتى كما لو أنه سيهرب, لكن الفتاه تمسكه بشده بيدها الحره, تثبته فى مكانه.

الطفل ينتحب.
المعلمه ربما لا تعلم كل اسم فى المدرسه, لكنها شبه متأكده أنها تعرف كل وجه, و بالتأكيد تعرف كل الطلبه الأمهات. و تلك ليست منهن, و الفتى غير مألوف أيضا !.
تنظر لها الفتاه, بعيون متضرعه ... مرتعبه حتى لتتكلم, فقط تهز رأسها.. انه الفتى من يتكلم ,:“ لو سلمتنا, سنموت”
لمجرد قول الفكره, تمسك الفتاه الطفل أقرب إليها, يقل بكاؤه, لكن لا ينتهى كليا.
من الواضح أن هؤلاء من تبحث عنهم الشرطه لأسباب يمكنها فقط افتراضها !
“أرجوكى....” يقول الفتى,

(أرجوكى ماذا؟,) تُفكر المعلمه,( أرجوكى اخرقى القانون؟, أرجوكى ضعى نفسك و المدرسه فى خطر؟.. لكن لا, هذا ليس ما فى الأمر. ما يقوله فعلا هو : “أرجوكى كونى إنسانه.”, فى حياه مليئه بالقوانين و الأنظمه الصارمه, من السهل جدا أن ننسى أن هذا ماهم عليه, قوانين و أنظمه...)
هى تعلم, هى ترى, فى كثير من الأحيان يكون الالتزام بالقانون فى المقدمه بدلا من التعاطف.ثم صوت من خلفها:”هانا؟”
تلتفت لترى معلم آخر ينظر عبر الباب, أشعث إلى حد ما, بعد محاربه سيل الأطفال الثائر, اللذين مازالو يتدفقو خارج المدرسه, هو بوضوح يسمع صوت بكاء الطفل, كيف له ألا يفعل.؟
“هل كل شئ بخير؟” يسأل.
“أجل” ,تقول هانا, بهدوء فى صوتها أكبر مما تشعر فى الحقيقه !”أنا أهتم بالموضوع”, يومئ المعلم و يرحل, ربما سعيدا لعدم مشاركته عبء أيا ما كان موقف ذاك الطفل الباكى.

الآن هانا تعلم أى المواقف تلك, لكن مع ذلك, أو على الأقل تشك, أن الأطفال يكون فى عيونهم ذاك اليأس عندما سيتم تفكيكهم.
تمد يدها للأطفال المرعوبين,” تعالو معى”, الأطفال مترددون, لذا تقول:” لو كانوا يبحثون عنكم, سيجدوكم ما أن يُخلى المبنى. لا يمكنكم الاختباء هنا, لو تريدون الخروج, عليكم الخروج مع كل الأخرين, هيا, سأساعدكم”
أخيرا ينهضا من خلف الطاوله, و تتنفس تنهيده الراحه , يمكنها معرفه أنهم لازالوا لا يثقو بها, لكن حقيقه, لماذا عليهم ؟, المتفككون موجودون فى ظل الخيانه الدائم..
حسنا, ليس عليهم أن يثقو بها الآن, عليهم فقط أن يذهبو معها, فى تلك الحاله, الحاجه أم الطاعه.. و هذا لا بأس به.“لا تخبرونى بأساميكم,” تقول لهم, “ لا تخبرونى أى شئ, حتى إن حققوا معى لاحقا, لن أكون كاذبه حين أقول أنى لا أعلم”.


مازال يوجد حشود من الطلبه تندفع عبر الممر, متجهه لأقرب مخرج, تخرج من المعمل, متأكده أن الطفلان و الرضيع ورائها تماما, ستساعدهم, أيا من كانوا, ستفعل أفضل ما بإمكانها لإيصالهم للأمان..
فأى الأمثله ستضرب لو لم تفعل؟!

17- ريسا

شرطه فى نهايه الممر, شرطه عند المخارج, ريسا تعلم أن تلك فعله ليف, هو لم يهرب فقط, بل سلمهم أيضا, تلك المعلمه تقول أنها ستساعدهم ,لكن ماذا لو كانت لن تفعل؟, ماذا لو كانت فقط تقودهم للشرطه؟
(لا تفكرى فى هذا الآن, ابقى عينك على الرضيعه.)
فرجال الشرطه يعرفون الهلع حين يروه, لكن لو كانت عيناها على الرضيعه, فربما يُقرأ كقلق على الرضيعه.
“لو رأيت ليف مجددا” يقول كونر,” سأمزقه لقطع”
“ششش” تقول المعلمه, بينما تقودهم عبر الحشد نحو المخرج.ريسا لا يمكنها لوم كونر على غضبه, هى تلوم نفسها لعدم رؤيتها زيف ليف.كيف لها أن تكون بتلك السذاجه و تعتقد حقا أنه كان فى صفهم؟!

“ كان علينا ترك ذاك النذل ليتفكك,” يتمم كونر..
“اخرس”, تقول ريسا,”فقط لنخرج من هذا الموقف”.
بينما يقتربا من الباب,رجل شرطه آخر يظهر فى الصوره, واقفا بالخارج.
“اعطنى الرضيع”, تأمر المعلمه, و تفعل ريسا كما تؤمر, لازالت لا تدرك لماذا طلبت المرأه ذلك, لكن هذا لا يهم. من الرائع أن يوجد شخص لقياده الطريق, و يبدو أنه يعرف ماذا يفعل. ربما تلك المرأه ليست العدو فى النهايه!, ربما حقا ستساعدهم فى هذا الموقف.
“دعونى أمر أولا,” تقول المعلمه,” و كلاكما انفصلا, و امشو فقط مع بقيه الطلبه.”

بدون الطفل لتنظر إليه, ريسا لا يمكنها إخفاء الهلع فى عينيها, لكن تُدرك حين غره أن هذا قد لا يهم.. و الآن تفهم لماذا أخذت المرأه الطفله. صحيح, ليف سلمهم , لكن لو كانو محظوظين, فهؤلاء الشرطه المحليين قد يكون لديهم فقط وصف ليعتمدو عليه: فتى مهلهل الشعر, و فتاه ذات شعر داكن, و رضيع.. خذ الرضيع من المعادله,و سينطبق الوصف على نصف الطلاب فى المدرسه !

المُعلمه, هانا, تجاوز الشرطى, على بعد عده ياردات منهم, و يعطيها فقط نظره مؤقته, ثم ينظر لريسا, و يثبت نظره عليها. ريسا تعلم أنها فضحت نفسها, هل عليها أن تلتفت و تسرع نحو المعلمه؟ أين كونر الآن؟ هل هو خلفها, أمامها؟ لا تملك أى فكره... هى وحدها, تماما... ثم يأتى الخلاص فى أغرب الأشكال..
“مرحبا, ديدى !”

انها أليكسس, الفتاه الثرثاره من حافله المدرسه!, تأتى بجوارها, و تشايس يقضم فى كتفها,” الناس يضربو الإنذار طوال الوقت,” تقول,” حسنا, على الأقل تخلصت من الرياضيات”, و فجأه يتحول نظر الشرطى لأليكسس,” توقفى مكانك يا آنسه”
تبدو أليكسس مصعوقه,” من ,أنا؟”
“تنحى جانبا, نود أن نسألك بضع أسئله”

تسير ريسا متجاوزتهم, كاتمه أنفاسها خوفا من أن تنهيدتها قد تلفت لها نظر الشرطى مجددا, ريسا لا تطابق الوصف الذى يبحثو عنه بعد الآن.. لكن أليكسس تطابقه !, لا تنظر ريسا للخلف,فقط تتابع أسفل السلالم نحو الشارع.

بعد بضع لحظات, يلحق بها كونر,” لقد رأيت ما حدث فى السابق, صديقتك قد أنقذت حياتك للتو”.
“سيتوجب على شكرها لاحقا.”
أمامهم, هانا تضع يدها فى جيبها بيدها التى لا تحمل الرضيعه, و تُخرج مفاتيح سيارتها, ثم تتجه يسارا نحو موقف السيارات, كل شئ سيكون بخير, تُفكر ريسا.. ستخرجنا من هنا.
ريسا ربما تبدأ فى التصديق بالمعجزات, و الملائكه.... ثم تسمع صوت مألوف ورائها....

“انتظرا, توقفا!”
تلتفت لترى ليف, لقد لمحهم, و بالرغم من كونه بعيدا عنهم, إلا أنه يعبر بسرعه طريقه عبر الحشد .. نحوهم.
“ريسا, كونر ! انتظرا!”

لم يكن كافى أن يسلمهم. الآن, هو يقود الشرطه مباشره لهم, و هو ليس الوحيد !. أليكسس مازالت واقفه مع الشرطى فى المدخل الجانبى, و من مكان وقوفها يمكنها رؤيه ريسا بسهوله, و تشير للشرطى عليها. فورا, يسحب الشرطى جهاز الراديو لإعلام بقيه الشرطيين.

“كونر, نحن فى ورطه..”
“أعلم, أراها أيضا”
“انتظرا!” يصرخ ليف, مازال بعيدا عنهم, لكن يقترب...
ريسا تبحث عن هانا, لكنها اختفت فى حشد الأطفال فى موقف السيارات.
ينظر كونر إلى ريسا, و الخوف يغمر الغضب فى عينيه..” اجرى.”

تلك المره لا تتردد ريسا, تجرى معه, متجهه نحو الطريق, فى الوقت الذى دخلت فيه شاحنة إطفاء المشهد, السارينه تدوى. الشاحنه توقفت تماما فى طريقهم, لا يوجد مكان للهرب. إنذار الحريق انطلق بأعجوبه فى الوقت المثالى, و لقد أوصلهم لهذا البُعد, لكن الفوضى تتلاشى.. الطلاب بدلا من التحرك يبدأوا فى التوقف, و الشرطه تتجه نحوهم من كل إتجاه.

ما يحتاجونه هو هرج جديد, شيئا أسوأ من إنذار الحريق.
تأتى الإجابه حتى قبل أن تتمكن ريسا من تجميع الفكره كامله فى عقلها, تتكلم دون أن تعلم ما هى على وشك قوله.
“ابدأ بالتصفيق !”
“ماذا؟”
“ابدأ بالتصفيق, ثق بى!”
إيماءه واحده من كونر تجعله واضحا أنه يفهم, ثم يبدأ بجلب يديه معا, ببطء أولا, ثم أسرع فأسرع.. هى تفعل المثل, كلاهما يصفقا كما لو أنهم فى حفله يهتفون لفرقتهم المفضله.
و بجوارهم, طالب يلقى بحقيبه ظهره, و يحدق بهم برعب خالص.
“مصفقون !” يصرخ..
فى لحظه, الكلمه انتشرت.
(مصفقون,مصفقون,مصفقون...) تصدى فى الطلاب حولهم, فى لحظه يصل الأمر للكتله الحرجه*, و الحشد بأكمله كأنه فى رعب راكد و انفجر.
“مصفقون,!” الجميع يصرخ, و الحشد يبدأ فى الفرار الجماعى. الأولاد يهرعون, لكن لا أحد منهم متأكد أين سيذهب!, كل ما يعرفونه هو أن عليهم الابتعاد من المدرسه بأسرع ما يمكن.

ريسا و كونر يستمرا فى التصفيق, يداهم حمراء من قوه تصفيقهم الثنائى. و الجماهير تتسارع فى خوف أعمى, لا تستطيع الشرطه الوصول لهم..
ليف اختفى !, متعثرا بالجماعات المرتعبه . و كل شئ ازداد سوءا بسارينه الإطفاء, التى تدوى كما لو أنها تعلن عن نهايه العالم.

يتوقفا عن التصفيق و ينضما للجموع الفاره, و يصبحا جزءا من الحشد الجارى.
حينها يأتى شخص بجوارهم, إنها هانا, خططها لقيادتهم خارج المدرسه اختفت, لذا بسرعه تناول ريسا الرضيعه ,:“يوجد محل للتحف القديمه فى شارع فليمنج”, تقول لهم,” أسألو عن سونيا, ستقدر على مساعدتكم.”
“نحن لسنا مصفقون,” هذا كل ما استطاعت ريسا أن تفكر بقوله.
“أنا أعلم هذا, حظا طيبا”

_____________________________________________
Sneakers مشتقه من sneak بمعنى يتسلل
كتله حرجه: أقل جزء من الماده كافى لإحداث تفاعل