عرض مشاركة واحدة
قديم 09-26-2019, 08:56 PM
المشاركة 102
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
الصبر والإقدام في الحرب
جمعت الله تبارك وتعالى تدبير الحرب كلها في آيتين من كتابه فقال: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون. وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " .
وتقول العرب: إن الشجاعة وقاية، والجبن مقتلة. واعتبر من ذلك، أن من يقتل مدبراً أكثر ممن يقتل مقبلاً؟ ولذلك قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه لخالد بن الوليد: احرص على الموت توهب لك الحياة.
والعرب تقول: الشجاع موقى، والجبان ملقى.
وقال أعرابي: الله نخلف ما أتلف الناس، والدهر متلف ما جمعوا؛ وكم من منية علتها طلب الحياة، وحياة سببها التعرض للموت.
وكان خالد بن الوليد يسير في الصفوف يذمر الناس ويقول: يا أهل الإسلام، إن الصبر عز، وإن الفشل عجز، وإن مع الصبر النصر.
وكتب أنو شروان إلى مرازبته، عليكم بأهل الشجاعة والسخاء، فإنهم أهل حسن الظن بالله.
وقالت الحكماء: استقبال الموت خير من استدباره.
وقال حسان بن ثابت:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
وقال العلوي في هذا المعنى:
محرمة أكفال خيلى على القنا ... ودامية لباتها ونحورها
حرام على أرماحنا طعن مدبر ... وتغرق منها في الصدور صدورها
وكانوا يتمادحون بالموت قعصا، ويتهاجون بالموت على الفراش، ويقولون فيه: مات فلان حتف أنفه وأول من قال ذلك النبي عليه الصلاة والسلام.
وخطب عبد الله بن الزبير الناس لما بلغه قتل مصعب أخيه فقال: إن يقتل فقد قتل أبوه وأخوه وعمه. إنا والله لا نموت حتفاً، ولكن نموت قعصاً بأطراف الرماح، وموتاً تحت ظلال السيوف. وإن يقتل مصعب فإن في آل الزبير خلفاً منه.
وقال السموأل بن عادياء:
ما مات منا سيد حتف أنفه ... ولا طل منا حيث كان قتيل
تسيل على حد الظبات نفوسنا ... وليس على غير السيوف تسيل
وقال آخر:
وإنا لتستحلي المنايا نفوسنا ... ونترك أخرى مرة ما نذوقها
وقال الشنفرى:
فلا تدفنوني إن دفني محرم ... عليكم ولكن خامري أم عامر
إذا حملت رأسي وفي الرأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثم سائري
هنالك لا أبغي حياة تسرني ... سجيس الليالي مبسلاً بالجرائر
قوله: خامري أم عامر، هي الضبع. يعني بقوله: إذا قتلتموني فلا تدفنوني ولكن ألقوني إلى التي يقال لها: خامري أم عامر، وهي الضبع وهذا اللفظ بعيد من المعنى.
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - وقيل له: أتقتل أهل الشام بالغداة وتظهر بالعشي في إزار ورداء؟ - فقال: أبالموت تخوفوني! فوالله ما أبالي أسقطت على الموت أم سقط علي.
وقال لابنه الحسن عليهما السلام: لا تدعون أحداً إلى المبارزة، وإن دعيت إليها فأجب، فإن الداعي إليها باغ، والباغي مصروع.

(1/28)