عرض مشاركة واحدة
قديم 05-24-2012, 10:00 PM
المشاركة 672
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ياسين رفاعية
- لكن ما إن تصدمنا فاجعة حتّى يتحوّل كل شيء إلى نقيضه، وتصبح العاطفة غامضة ومبهمة، ويصبح الحزن جامحاً ملتهباً بالألم، يأخذ كل شيء في طريقه كالعاصفة التي تأخذ كل شيء في طريقها: البشر والحجر والرمال والغابات...
- إننا نتسلّق في الحزن درجات من الحدّة والعذاب، فتتغيّر الصورة، إنها تتحوّل جذرياً حتّى ليتغيّر نوعها، وتبدو الحياة في رمادها الأسود كما لو أنها كيانٌ آخر.
- وعندما يبلغ الحزن حدّه الأقصى نقترب من الجنون، أو في أبسط الأحوال من الهلوسة وضباب الرؤية. والحزن على عكس الفرح، هو إرغام جميع حواسنا وأحاسيسنا على الانحناء والقبول بما أراده الله لنا، لا نستطيع أن نناقش العدالة السماوية، وعقلنا أعجز من أن يحيط بستر الأقدار ومفارقات الحياة التي رسمها الله للبشر.
= يقول عنه رشاد ابو شاور : شخصيّاً لم أقرأ في السنوات الأخيرة رواية فيها كّل هذا الموت، والحب، ولوعة الفراق، كما في رواية (الحياة عندما تصبح وهماً). بطل الرواية يغسّل زوجته، يقلّب جسدها، يتأملها، يحوّل لحظة الفراق إلى حالة تأمّل محموم في سؤال الموت ولغزه.
- كان أول كتاب نشر له صدر في العام ( 1960 ) بعنوان «الحزن في كل مكان» عبَّر فيه عن قسوة الحياة التي عاشها منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره حين ترك الدراسة، والتحق بالعمل الشاق في ( فرن والده ).
- ياسين رفاعية الذي لم يكمل دراسته في المدرسة أكملها في مكانين اثنين شديدي الخصوصية والطقسية،
* الأول: فرن أبيه، حيث كان يستمع لقصص عمال الفرن، ينصت بشغف لقصص عشقهم، ويتألم لألمهم، ويحزن لحزنهم، كانت معايشته لهم إبداع من نوع خاص، عرف من خلاله أبرز مقومات القص، وهما: الحياة والناس.
* أما المكان الثاني: فهو المقبرة، فقد كان يتردد عليها باستمرار، ويلتقي فيها بالقاص زكريا تامر، والروائي الفلسطيني يوسف شرورو، يتحاورون في الأدب، ويستمعون لقصة كتبها أحدهم. كان ياسين رفاعية يفرغ ضجيج الفرن في المقبرة حيث الهدوء والإنصات والوحدة المطبقة. ومنها تعلّم فن الصفاء والإصغاء.
- عاش ياسين رفاعية زمن الحرب الأهلية اللبنانية بظروف صعبة، تعرض فيها للخطف.
- بالإضافة إلى الترحال الدائم، وشظف العيش الذي عانى منه، مرت بحياة رفاعية أربع فواجع متتالية وهي: وفاة والدته، ووفاة والده، ووفاة زوجته، ووفاة ابنته.
- الحرب اللبنانية أثرت الحرب اللبنانية التي استمرت سنوات طوالاً في تكوين ياسين رفاعية الأدبي فكانت مادة خصبة للكتابة، ويعتبررفاعية الكاتب الوحيد الذي كتب عن الحرب اللبنانية الأهلية أربع روايات، وكل رواية تناولها من زاوية مختلفة عن الأخرى، وإن كانت في الحقيقة تكمل بعضها بعضاً. من «رأس بيروت» إلى «الممر» و «امرأة غامضة» وصولاً إلى «دماء بالألوان».
- الحارة الشامية غادر ياسين رفاعية دمشق وحاراتها العتيقة، إلا أنها ظلت تسكن بداخله يستعيد في كتاباته عنها طفولته ووقع شبابه، فكتب «مصرع الماس» التي تناول فيها مرحلة من طفولته المبكرة، حيث اكتنزت ذاكرته بالأحداث المتشابكة في دمشق الأربعينيات، تحدث فيها عن ( قبضايات الشام ) أبو عبدو الطويل، وأبو علي الماس. هؤلاء الرجال بلباسهم العربي الشعبي الكامل، وأخلاق أولاد البلد الذين يؤمنون بالشرف، شرف الوطن الذي لا يكون إلا بتطهيره من الاستعمار، لكنهم كانوا بنظر السلطة الاستعمارية مجرمين وقطاع طرق، هؤلاء هم أبطال روايته. «فالماس» كان مجرماً بنظر السلطة، لأنه قتل يهودياً يتجسس على رجالات الثورة، وأبو عبدو الطويل قتل ابنته لأنها أقامت علاقة مع ضابط فرنسي، وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.
- أما في روايته ( أسرار النرجس ) نراه يجوب عالم «المحرم المكرّس» في دمشق، مخترقاً فيها الثوابت المتحجرة، واصفاً أزقتها وبيوتها المتلاصقة، وما تخفيه من أسرار خلف جدرانها العالية، من علاقات اجتماعية بين أفراد الأسرة الممتدة، بأسلوب شفاف لا يخلو من القساوة، قساوة المدينة ومناعتها في دمشق الستينيات.
- الحبيب العاشق أحب ياسين رفاعية نساء كثيرات، إلا أن حبه الكبير هو الشاعرة أمل جراح زوجته التي فقدها باكراً، وبرحيلها يعترف أنه فقد الإحساس بالوجود، الإحساس بأي طعم للحياة، لأنه فقد الحبيبة، والزوجة، والأم. وهو يرى حياته بعدها وقد تحولت إلى فوضى وعزلة وخوف مستمر، ورعب من كل شيء.
- وفي روايته «الحياة عندما تصبح وهماً» يصور علاقته بزوجته راصداً لحظات الفرح والحزن والألم التي جمعتهما، مسترجعاً ذكرياته بدءاً من اللحظات الأولى لعشقه لها إلى أن ارتبط بها، ليروي تفاصيل فرحها، وعلاجها، وعطرها المفضل، وثيابها، وحتى اللقاء الجسدي بينهما. إنها ذكريات رجل عن امرأته التي غادرته بتفاصيل تفاصيلها، والتي لا يمكن نسيانها حتى بعد أن رحلت وتحولت حياته بعدها إلى جمود ورماد.
- الجسد وميض برق وفي روايته «وميض برق» يقدم بطل روايته في شيخوخته، وهو أرمل وحيد، لا أحد معه، حتى ابنه وابنته تزوجا وغادرا بعيداً، فيشعر وكأن شيخوخته ( عاهة ) لذا نراه يحتجب عن الناس، ولا يغادر شقته، يدور داخلها مسترجعاً ذكرياته بكل ما فيها، لديه وقت طويل ليتذكر، وهذا ما يستطيع فعله.
- يتمنى الموت ويراه قريباً وبعيداً في الوقت نفسه، وكأنه يمارس معه عمليات شد وجذب. إن الفرح نادر في هذه الرواية، كأنها منسوجة من الحزن وله. ورغم التنوع الإشكالي الذي نلمحه في أعماله الأدبية إلا أنه يعترف بأن مشروعه الروائي لم يكتمل بعد، فبذاكرته رواية لم تكتمل موجهة للمجتمع الإنساني الذي أصابه الجشع وتضارب المصالح والمال الذي يسود على كل شيء.
-العالم برأيه عالمان، عالم الأغنياء الذين يموتون من التخمة، وعالم الفقراء الذين يموتون من الجوع.
- البعض يعتبر ان قصصه مغرقة في تراجيديا الموت.


واضح انه عاش حياة بؤش وشقاء والم وعذاب.

مأزوم