عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
5

المشاهدات
5554
 
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6


عبد السلام بركات زريق is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
9,393

+التقييم
1.85

تاريخ التسجيل
May 2010

الاقامة
سوريا - حماة

رقم العضوية
9229
01-19-2011, 12:27 PM
المشاركة 1
01-19-2011, 12:27 PM
المشاركة 1
افتراضي في وداع بوش - الشاعر فاروق جويدة (قصيدة تفعيلة)

فى وداع بوش




اِرحل وعارك في يديك
كل الذي أخفيته يبدو عليك
فاخلع ثيابك وارتحل
اعتدت أن تمضي أمام الناس
دوماً عاريا
فارحل وعارك في يديك
لا تنتظر طفلا يتيماً بابتسامته البريئة
أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر عصفورة بيضاء
تغفو في ثيابك
ربما سكنت إليك
لا تنتظر أما تطاردها دموع الراحلين
لعلها تبكي عليك
لا تنتظر صفحاً جميلا
فالدماء السود ما زالت تلوث راحتيك
وعلي يديك دماء شعبٍ آمنٍ
مهما توارت لن يفارق مقلتيك
كل الصغار الضائعين
علي بحار الدم في بغداد صاروا‏..‏
وشم عارٍ في جبينك
كلما أخفيته يبدو عليك
كل الشواهد فوق غزة والجليل
الآن تحمل سخطها الدامي
وتلعن والديك
ماذا تبقي من حشود الموت
في بغداد‏..‏ قل لي
لم يعد شيء لديك
هذي نهايتك الحزينة
بين أطلال الخرائب
والدمار يلف غزة
والليالي السود‏..‏ شاهدةٌ عليك
فارحل وعارك في يديك
الآن ترحل غير مأسوف عليك‏..‏
‏***‏
ارحل وعارك في يديك
انظر إلي صمت المساجد والمنابر تشتكي
ويصيح في أرجائها شبح الدمار
انظر إلى بغداد تنعى أهلها
ويطوف فيها الموت من دارٍ لدار
الآن ترحل عن ثرى بغداد
خلف جنودك القتلى
وعارك أي عار
مهما اعتذرت أمام شعبك
لن يفيد الاعتذار
ولمن يكون الاعتذار ؟
للأرض‏..‏ للطرقات‏..‏ للأحياء‏..‏ للموتى‏..‏
وللمدن العتيقة‏..‏ للصغار ؟‏!‏
لمواكب التاريخ‏..‏ للأرض الحزينة
للشواطىء‏..‏ للقفار ؟‏!‏
لعيون طفلٍ مات في عينيه ضوء الصبح
واختنق النهار ؟‏!‏
لدموع أمٍّ
لم تزل تبكي وحيداً
صار طيفاً ساكناً فوق الجدار ؟‏!‏
لمواكبٍ غابت
وأضناها مع الأيام طول الانتظار ؟‏!‏
لمن يكون الاعتذار ؟
لأماكنٍ تبكي على أطلالها
ومدائنٍ صارت بقايا من غبار ؟‏!‏
لله حين تنام
في قبر وحيداً‏..‏ والجحيم تلال نار ؟‏!!‏
‏***‏
ارحل وعارك في يديك
لاشيء يبكي في رحيلك‏..‏
رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيل
لاشيء يبدو في وداعك
لا غناء‏..‏ ولادموع‏..‏ ولاصهيل
ما لي أرى الأشجار صامتةً
وأضواء الشوارع أغلقت أحداقها
واستسلمت لليل‏..‏ والصمت الطويل
ما لي أرى الأنفاس خافتةً
ووجه الصبح مكتئباً
وأحلاماً بلون الموت
تركض خلف وهمٍ مستحيل
اسمع جنودك
في ثرى بغداد ينتحبون في هلعٍ
فهذا قاتل‏..‏ ينعي القتيل‏..‏
جثث الجنود علي المفارق
بين مأجورٍ يعربد
أو مصابٍ يدفن العلم الذليل
ماذا تركت الآن في بغداد من ذكرى
علي وجه الجداول‏..‏
غير دمعٍ كلما اختنقت يسيل
صمت الشواطئ‏..‏ وحشة المدن الحزينة‏..‏
بؤس أطفال صغار
أمهات في الثرى الدامي
صراخ‏..‏ أو عويل‏..‏
طفل يفتش في ظلام الليل
عن بيت توارى
يسأل الأطلال في فزعٍ
ولا يجد الدليل
سرب النخيل على ضفاف النهر يصرخ
هل ترى شاهدت يوما‏..‏
غضبة الشطآن من قهر النخيل ؟‏!‏
الآن ترحل عن ثرى بغداد
تحمل عارك المسكون
بالنصر المزيف
حلمك الواهي الهزيل‏..‏
‏***‏
ارحل وعارك في يديك
هذي سفينتك الكئيبة
في سواد الليل ترحل
لا أمان‏..‏ ولا شراع
تمضي وحيداً في خريف العمر‏..‏
لا عرشٌ لديك‏..‏ ولا متاع
لا أهل‏..‏ لا أحباب‏..‏ لا أصحاب
لا سنداً‏..‏ ولا أتباع
كل العصابة فارقتك إلى الجحيم
وأنت تنتظر النهاية‏..‏
بعد أن سقط القناع
الكون في عينيك كان مواكبا للشر‏..‏
والدنيا قطيعٌ من رعاع
الأفق يهرب والسفينة تختفي
بين العواصف‏..‏ والقلاع
هذا ضمير الكون يصرخ
والشموع السود تلهث
خلف قافلة الوداع
والدهر يروي قصة السلطان
يكذب‏..‏ ثم يكذب‏..‏ ثم يكذب
ثم يحترف التنطع‏..‏ والبلادة والخداع
هذا مصير الحاكم الكذاب
موت‏..‏ أو سقوط‏..‏ أو ضياع
‏***‏
ما عاد يجدي‏..‏
أن تعيد عقارب الساعات‏..‏ يوماً للوراء
أو تطلب الصفح الجميل‏..‏
وأنت تخفي من حياتك صفحة سوداء
هذا كتابك في يديك فكيف تحلم أن ترى‏..‏
عند النهاية صفحة بيضاء
الأمس مات‏..‏
ولن تعيدك للهداية توبةٌ عرجاء
وإذا اغتسلت من الذنوب
فكيف تنجو من دماء الأبرياء
وإذا برئت من الدماء‏..‏ فلن تبرئك السماء
لو سال دمعك ألف عام لن يطهرك البكاء
كل الذي في الأرض
يلعن وجهك المرسوم
من فزع الصغار وصرخة الشهداء
أخطأت حين ظننت يوماً
أن في التاريخ أمجاداً لبعض الأغبياء‏..‏
‏***‏
ارحل وعارك في يديك
وجهٌ كئيبٌ
وجهك المنقوش فوق شواهد الموتى
وسكان القبور
أشلاء غزة والدمار سفينة سوداء
تقتحم المفارق والجسور
انظر إلى الأطفال يرتعدون
في صخب الليالي السود‏..‏
والحقد الدفين على الوجوه
زئير بركانٍ يثور
وجهٌ قبيحٌ وجهك المرصود
من عبث الضلال‏..‏ وأوصياء الزور
لم يبق في بغداد شيء‏..‏
فالرصاص يطل من جثث الشوارع
والردى شبحٌ يدور
حزن المساجد والمنابر تشتكي
صلواتها الخرساء‏..‏
من زمن الضلالة والفجور
‏***‏
ارحل وعارك في يديك
ما عاد يجدي أن يفيق ضميرك المهزوم
أن تبدي أمام الناس شيئاً من ندم
فيداك غارقتان في أنهار دم
شبح الشظايا والمدى قتلي
ووجه الكون أطلالٌٌ‏ٌٌ..‏ وطفلٌ جائعٌ
من ألف عام لم ينمْ
جثث النخيل على الضفاف
وقد تبدَّل حالها
واستسلمت للموت حزناً‏ًًًًًًًًًًًًًًًًًًً ..‏ والعدمْ
شطآن غزة كيف شرَّدها الخراب
ومات في أحشائها أحلى نغمْ
وطنٌ عريقٌ كان أرضاً للبطولة‏..‏
صار مأوى للرِّممْ ‏!‏
الآن يروي الهاربون من الجحيم
حكاية الذئب الذي أكل الغنم
‏:‏ كان القطيع ينام سكراناً
من النفط المعتق
والعطايا‏..‏ والهدايا‏..‏ والنعم
منذ الأزل
كانوا يسمون العرب
عبدوا العجول‏..‏ وتوجوا الأصنام‏..‏
واسترخت قوافلهم‏..‏ وناموا كالقطيع
وكل قافلةٍ يزينها صنم
يقضون نصف الليل في وكر البغايا‏..‏
يشربون الوهم في سفح الهرم
الذئب طاف علي الشواطئ
أسكرته روائح الزمن اللقيط
لأمةٍ عرجاء قالوا إنها كانت ـ ورب الناس ـ من خير الأمم‏..‏

يحكون كيف تفرعن الذئب القبيح
فغاص في دم الفرات‏..‏
وهام في نفط الخليج‏..‏
وعاث فيهم وانتقم
سجن الصغار مع الكبار‏..‏
وطارد الأحياء والموتي
وأفتى الناس زوراً في الحرم
قد أفسد الذئب اللئيم
طبائع الأيام فينا‏..‏ والذمم
الأمة الخرساء تركع دائماً
للغاصبين‏..‏ لكل أفاق حكم
لم يبق شيء للقطيع
سوي الضلالة‏..‏ والكآبة‏..‏ والسأم
أطفال غزة يرسمون على
ثراها ألف وجهٍ للرحيل‏..‏
وألف وجهٍ للألم
الموت حاصرهم فناموا في القبور
وعانقوا أشلاءهم
لكن صوت الحق فيهم لم ينم
يحكون عن ذئبٍ حقيرٍ
أطلق الفئران ليلاً في المدينة
ثم أسكره الدمار
مضى سعيداً‏..‏ وابتسم‏..‏
في صمتها تنعي المدينة
أمةً غرقت مع الطوفان
واسترخت سنينـاً في العدم
يحكون عن زمن النطاعة
عن خيول خانها الفرسان
عن وطن تآكل وانهزم
والراكعون على الكراسي
يضحكون مع النهاية‏..‏
لا ضمير‏..‏ ولا حياء‏..‏ ولا ندمْ
الذئب يجلس خلف قلعته المهيبة
يجمع الحراس فيها‏..‏ والخدم
ويطلُّ من عينيه ضوءٌ شاحبٌ
ويرى الفضاء مشانقاً
سوداء تصفع كل جلادٍ ظلم
والأمة الخرساء
تروي قصة الذئب الذي خدع القطيع‏..‏
ومارس الفحشاء‏..‏ واغتصب الغنم
‏***‏
ارحل وعارك في يديك
ما زلت تنتظر الجنود العائدين‏..‏
بلا وجوهٍ..‏ أو ملامح
صاروا على وجه الزمان
خريطة صمَّاء تروي‏..‏
ما ارتكبت من المآسي‏..‏ والمذابح
قد كنت تحلم أن تصافحهم
ولكن الشواهد والمقابر لا تصافح
إن كنت ترجو العفو منهم
كيف للأشلاء يوما أن تسامح
بين القبور تطل أسماءٌ‏..‏
وتسري صرخةٌ خرساء
نامت في الجوانح
فرقٌ كبيرٌ‏..‏
بين سلطان يتوجه الجلال
وبين سفاح تطارده الفضائح
‏***‏
الآن ترحل غير مأسوفٍ عليك
في موكب التاريخ سوف يطلُّ وجهك
بين تجار الدمار وعصبة الطغيان
ارحل وسافر‏..‏
في كهوف الصمت والنسيان
فالأرض تنزع من ثراها
كلَّ سلطانٍ تجبَّر‏..‏ كل وغد خان
الآن تسكر‏..‏ والنبيذ الأسود الملعون
من دمع الضحايا‏..‏ من دم الأكفان
سيطل وجهك دائماً
في ساحة الموت الجبان
وترى النهاية رحلةً سوداء
سطَّرها جنون الحقد‏..‏ والعدوان
في كل عصرٍ سوف تبدو قصةً
مجهولة العنوان
في كل عهد سوف تبدو صورة
للزيف‏..‏ والتضليل‏..‏ والبهتان
في كل عصر سوف يبدو
وجهك الموصوم بالكذب الرخيص
فكيف ترجو العفو والغفران
قل لي بربك‏..‏
كيف تنجو الآن من هذا الهوان ؟‏!‏
ما أسوأ الإنسان حين يبيع سر الله للشيطان
‏***‏
في قصرك الريفي‏..‏
سوف يزورك القتلى بلا استئذان
وترى الجنود الراحلين
شريط أحزان على الجدران
يتدفقون من النوافذ‏..‏ من حقول الموت
أفواجاً على الميدان
يتسللون من الحدائق‏..‏ والفنادق
من جحور الأرض كالطوفان
وترى بقاياهم بكل مكان
ستدور وحدك في جنون
تسأل الناس الأمان
أين المفر وكل ما في الأرض حولك
يعلن العصيان ؟‏!‏
الناس‏..‏ والطرقات‏..‏ والشهداء والقتلي
عويل البحر والشطآن
والآن لا جيشٌ‏..‏ ولا بطشٌ‏..‏ ولا سلطان
وتعود تسأل عن رجالك‏:‏ أين راحوا ؟
كيف فر الأهل‏..‏ والأصحاب‏..‏ والجيران ؟
يرتدُّ صوت الموت يجتاح المدينة
لم يعد أحدٌ من الأعوان
هربوا جميعا‏..‏
بعد أن سرقوا المزاد‏..‏ وكان ما قد كان
ستطلُّ خلف الأفق قافلة من الأحزان
حشد الجنود العائدين على جناح الموت
أسماءً بلا عنوان
صور الضحايا والدماء السود‏..‏
تنزف من مآقيهم بكل مكان
أطلال بغداد الحزينة
صرخةُ امرأةٍ تقاوم خسَّةَ السجان
صوت الشهيد على روابي القدس‏..‏
يقرأ سورة الرحمن
وعلى امتداد الأفق مئذنةٌ بلون الفجر
في شوقٍ تعانق مريم العذراء
يرتفع الأذان
الوافدون أمام بيتك يرفعون رؤوسهم
وتطل أيديهم من الأكفان
ما زلت تسأل عن ديانتهم
وأين الشيخ‏..‏ والقديس‏..‏ والرهبان ؟
هذي أياديهم تصافح بعضها
وتعود ترفع راية العصيان
يتظاهر العربي‏..‏ والغربي
والقبطي والبوذي
ضد مجازر الشيطان
حين استوى في الأرض خلق الله
كان العدل صوت الله في الأديان
فتوحدت في كل شيء صورة الإيمان
وأضاءت الدنيا بنور الحق
في التوراة‏..‏ والإنجيل‏..‏ والقرآن
الله جل جلاله‏..‏ في كل شيءٍ
كرم الإنسان
لا فرق في لونٍ‏..‏ ولا دينٍ
ولا لغةٍ‏..‏ ولا أوطان
‏’‏خلق الإنسان علمه البيان‏’‏
الشمس والقمر البديع
على سماء الحب يلتقيان
العدل والحق المثابر
والضمير‏..‏ هُدىً لكل زمان
كل الذي في الكون يقرأ
سورة الإنسان‏..‏
يرسم صورة الإنسان‏..‏
فالله وحدنا‏..‏ وفرق بيننا الطغيان
‏***‏
فاخلع ثيابك وارتحل
وارحل وعارك في يديك
فالأرض كلُّ الأرض ساخطةٌ عليك