عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2019, 10:06 AM
المشاركة 5
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي رد: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
3- شلومو
مر بعض الوقت منذ روت لى فيرروز قصة سارة وموشيه وحلم اليهود فى الاندلس بوطن خاص بهم
..بدأت انسى فيروز وكتابها المزعوم وهذه الاحلام الغريبة التى تتراءى لى حتى اتتنى هذه الخبطات
الرقيقة على نافذة غرفتى ..هى فيروز تفاجئنى ..مازالت على حالها ..لا ارى منها سوى جسد تغطية
عبائتها لكنها لاتخفى جسدا لصبية..والفضول يأكلنى وكتابها الذى تحمله يحملنى لارض اخرى وزمنا اخر واحلامى باتت واقع..اتناول منها الكتاب واضعه جانبا
ًفيروز .. حدثينى عنك
تقول فى نبرة حزينة منكسرة لنكمل القصة...القصة عنهم وليست عنى ..لم اقاطعها فهى فى النهاية
قصتها ..يأتينى صوتها من زمن بعيد ..ستكون أخر مرة اقرأ لك فأسترك لك الكتاب ..تقرأ بصوتاً قديم:-
بعدما نجح موشية فى تعيين شلومو جابياً للاموال فى دار المال..عازماً على خطة ما فموشيه لايفعل شئ
دون هدف ..زاره موشيه فى الديوان الذى يقع فى قلب اكبر اسواق غرناطة المكتظة بالحواتنيت المتراصة
تبيع كل ما تتخيله من سلع وطعام وغلال ودواب وملابس واوعية وجوارى وعبيد ووجده منهمكاً فى
مراجعة بعض الدفاتر التى اصطفت على طاولة عملة بينما مالت قلنوسته الصفراء المميزة التى يفخر اليهود
بارتدائها فى ذلك الوقت من زمن الاندلس غمم موشيه فى حنق (احمق) وهو يشاهد شلوموا يحك رأسه فى
سرعة ويعدل قلنوسته ثم يعاود مطالعة الدفتر امامه ثم تدلى فكه فى بلاهة واتسعت عينيه فى دهشة وصوت
اخر يردد برصانة:-
-الطبيب موسى اللاوى بشخصه عندنا ..اى ريحاً طيبة .
جاء الصوت من خلف موشيه فرسم ابتسامة مداهنة على وجهه وهو يرد التحية لأسامة بن الخطيب كبير
خزنة بيت المال. بقامته الفارعة ووجهه الصخرى الأسمر .يعرف ان تعيين شلومو لم يجئ على هوى
الخازن الا ان صوت اسامة ضرب رأسه بمطرقة حادة وهو يقول فى مكر اهديتنا بنابغة يا موسى فلولاه
ماعرفنا الطريق الصحيح لجمع الجباية من حى اليهود ..قهق اسامة بخبث وهو يربت على كتف شلومو
نظر له موشيه بنظرة باردة دون ان تختلج ملامحه بشئ وهو يقول بصوت اكثر برودة:-
وانا جئت لزيارة هذا النابغة
هز ابن الخطيب رأسه فى تفهم وهو يعرف ان سهمه اصاب اليهودى المغتر بنفسه:-
بامكانك الانصراف يا سليمان ..فقد غربت الشمس كان سليمان النطق العربى لاسم شلومو
نهض شلومو يتبع موشيه الذى اومأ برأسه للتحية مرة اخرى لاسامة وهو يطفأ المشاعل ليغلق ديوان بيت
المال وحينما هم شلومو بمساعدته اخذه موشيه من ذراعه وهو يجره جراً خارج الديوان غير ابه لنظرات ابن الخطيب
بنظرات الحراس المتوجسة .اكملا سيرهما وسط صوت الحوانيت التى تهم بالغلق فى اخر نهارات السوق
بغرناطة وقد اختلط المكان برائحة العطور والتوابل والفواكه وسلاسل الخضار التى لم تباع فى هذا اليوم
كاسفة البال لتباع بنصف ثمنها لبعض الفقراء الذى ملئ صخبهم وجدالهم مع الباعة انحاء السوق وانشغل
البعض فى رش المياه والتنظيف امام الحوانيت غير عابئين يهذين اليهودين ولا لاين يتجهان
صك كل هذا مسامع موشيه واضجره ..خاصة وهو يشعر بعيون ابن الخطيب مسلطه على ظهره وهو
يشدد يده بقسوة على يد شلومو ويرسل ضحكة هازئة متشفيه حينما ابتعد به عن مرأى اسامة بن الخطيب
فى شارع جانبى نزع قلنوسة شلومو الصفراء والقاها بطول ذراعه..صرخ شلومو وهو ينحنى لجلب
القلنسوة..شده موشية بقسوة من ناصية شعره :-
..انهض يا احمق
وقد بدأ الفضول بالمارة . اخيرا وصوت موشيه الغاضب .انسى امر القلنسوة
نظر اليها شلومو بحسرة من خلف ظهره وهو يمضى مجبرا تشده ذراع موشيه بقسوة
لكنها هى ما تميز اليهود وغمم بحسرة اكثر وهى غالية الثمن..

لوح موشيه بسبابته فى وجه شلومو ثم يجذبه وهو يسرع الخطي بعيداً عن الاعين الفضولية للتجار التى
تبحث عن مادة للثرثرة فى اخر النهار المرهق طلب من شلومو الا يتوقف وهو يسير

لا اريد شيئاً يميزك كيهودى.لا نريد نفوراً من المسلمين والمسيحين منك

هز شلومو راسه بحيرة اكثر وهو ينظر من بعيد لقلنوسته المرمية:-


ولماذا ينفرون ..انى انفذ ما يطلب منى فقط

حينما اطمأن موشيه انه ابتعد به لمكان لا يوجد به كثير من المارة تفرس فيه ملياً..حقاً تنفذ الاوامر ..لهذا
اشتكى الى حى اليهود باكمله..بعد تدقيقك مع كل بيت واعطاء قوائم باسم كل يهودى يستحق عليه الاموال
..لم تترك احد يالا براعتك يا شلومو رد شلومو فى غباء:-
ولكنى انفذ الاوامر

اغمض موشيه عينيه فى نفاذ صبر ..ثم جذبه مرة اخرى من ذراعه وهو يسرع به عبر الطرقات الملتوية ا
لمرهقة السير رغم رصفها بالقرميد ليقترب من بوابىة القاهل المطلة على السوق ..كان لشلومو تقريبا نفس
هامة موشيه الا انه يحمل جسد نحيلاً لا صحة فيه وقد ارهقه المسير وقبضة موشيه القوية تشتد عليه وقد
علم بعد طول عناء انهما يتجهان لحى اليهود الذى تقع احد ابوابه قرب السوق الممتلئ بالحوانيت والتجار و
الباعة توقف بغتة وهو يتملص من يد موشية وقد تفصد جبينه بالعرق الغزيز واتسعت عينيه بهلع وموشيه
يلصقه بجدار الحى الخالى من المارة فى عتمة الغروب

تساءل فى تردد ورجاء:-
ماذا تنتوى ..لم انفذ سوى الاوامر
خبط موشيه يده فى الحائط فازداد توتر شلومو وصوت موشية يردد:-

اية اوامر ايها الاحمق..انا من اعطاك هذا المنصب ..تنفذ اوامرى انا وليست اوامر هذا المأفون ابن
الخطيب.. ابعثك لمنصب قد يفيد بنى يهود كلهم..فاجدهم يشكون قلة مالهم بدلاً من زيادته..لطمه بقسوة

تضع يدك فى جيوب بنى قومك يا اخرق.. تستحق عقاباً ثمن فعلتك .. تلقى شلومو اللطمة وقد احمر وجهه
من شدتها ودق قلبه من الهلع ..لم تكن اللطمة ما تؤلمه بل خوفه مما قد يصنع موشيه به هل يفقد عمله هل
يأخذ المال من راتبه هل وهل ترددت الالاف الاحتمالات فى عقله..وقد وقف صامتأوموشيه يقطع الطريق
امامه مرارا وتكرارا وقد انهمك فى تفكير طويل توقف وقد اختفى اى اثر للغضب من وجهه وتبدلت
اساريره فجأة.. وضع يده برفق على كتف شلومو الذى بوغت بتغيره فهدأ لبرهة وهو يقول بتؤدة
-اقترب عيد الفطير شلومو الحبيب
افترت نواجز شلومو بغباء عن ابتسامة خبيثة وهو يتذكر عيد الفطير العام الماضى قابلتها نفس الضحكة
الشريرة من موشيه كان طعم الفطير رائعا وهم مخبوز بدم ذلك الشحاذ المسيحى الذى اقتنصناه..

ضحك شلومو وهو يتذكر والعام الذى قبله بدم ذلك التاجر المسلم المغربى ..كان شلومو يضحك ثم قجأة
توقف وهو يقترب من موشيه بهمس ..
اشياء كهذه لا تذكر هكذا موشيه

هز موشيه رأسه بتفهم مصطنع بالطبع اذا ماعرفوا اننا نخلط دم الغرباء بدقيق الفطير المقدس سيكون
الامر وبالاً على حى اليهود باكمله..اتسعت عينيا شلومو من الرعب وهو يقول:-
نعم نعم ..على ان اترك الان ..زوجتى حدفا تنتظر ..كان بودى ..ان تشرفنا على طعام العشاء..لكن اليوم
سبت لا طبخ اليوم موشيه الحبيب جذبه موشيه بعنف اكثر من ذراعه:-

هل تتذكر البرميل الابرى يا شلومو ..الذى كنا نعصر فيه الغرباء حتى نحصل على اكبر دم للفطير
المقدس..اقسم بالتوراة ان اضعك فيه يا شلومو اذا خالفت اوامرى ..هم شلومو بالكلام وقد سمره الرعب الا صوت موشيه كتم صوته :-
لا تغرك كلمة غرباء فقط للفطير فمن يضع يده فى جيوب بنى اسرائيل ويفلسهم يعتبرونه اغرب الغرباء
الصقه مرة اخرى بالحائط انصت الى جيدا يا شلومو:-

حينما تنادينى خارج حى اليهود فاسمى موس ..اياك ثم اياك ان تذكر اسم موشية ..هل فهمت يا سليمان
هز شلومو رأسه عدة مرات وقد تملك الرعب منه.
الامر الثانى يبدو انك ايها الاخرق اكتسبت ثقة بن الخطيب اريدك ان تجد فى كتابة الصكوك لجباية الاموال
من التجاراجابه فى خوف/-
لكنك تعرف انهم لا ييثقلون على التجار بالضرائب مخافة ان تخرب الاسواق وترتقع الاسعار-

شدد موشيه قبضته اطع اوامرى دون نقاش واذا ما اعترض بن الخطيب سيكون عليك ان تشكوه-

اشكوه!!

نعم تشكوه للامير مباشرة
اطلق موشيه سراحه برفق وهو يقول انتظر منك اخبارا جيده ثم رفع اصبعه محذرا
هرع شلومو فرحاً بالخلاص ليطرق بوابة حى اليهود تتبعه نظرات موشيه ..بينما خرجت فتاة تغطيت
بالكامل برداء اسود هم موشية بالانصراف الا ان قدمية لم تطاوعة فقد عرف فيها سارة .هل يغفو قلبه عن
سارته الحبيبة..التى مضت لا تلوى على شئ ولم تنتبه لوجوده توقف بحيرة ثم قرر ان يتبعها..مضت
بخطوات ضعيفة تستند على الجداران ..كادت تقع عدة مرات فيدق قلب موشيه لهفة عليها..لم ينسى تلك
المشاعر العنيفة التى تحركها سارة بداخله..طالما يشعر انها صنعت له شيئاً من السحر مزجته بدمائه .سحر
اختلط بدمائه لو قابل الف امرأة تظل سارة لهيب قلبه ..كان يعرف اين تتجه ففى نهاية هذا الطريق تقع
بحيرة صغيرة تحفها الاشجار كان يلتقيها فيها سابقاً
..كان الظلام بدأ يحل على المدينة وقد خفف انتصاف الشهر القمرى منه الا حينما تمر سحابة فتحجبه
وتحجب سارة عنه ولم يأخذ موشيه جواده اليوم اراد التنزه على قدميه فى يوم عطلته ..لعن حظه الغائر
وهو يتبعها قلقاً..توقف وقد وصلت لحافة احدى جدوال غرناطة التى يملؤها ماء المطر المنهمر فى الشتاء
..رمت الرداء الذى يحجبها عنه ارضا ثم نزلت للمياه..صرخ بعنف وهو يعلم انها لاتجيد السباحة:-
سارة ماذا تفعلين
التفت له سارة بلوعة ولم تصدق عينيها وهو ينتزعها انتزاعاً من الماء ويلفها بالرداء
لاحظ تكور بطنها وهو يحملها..وضعها برفق..وهو يشبع بصره من وجهها وقد بلله الدمع ..مسح
وجنتيها برفق وهى تشهق:-
انت عدت..انت موشيه..لما تركتنى موشيه ..انا احتاجك كثيرا موشيه..بكيت كثيرا كى تأتى ولم تأتى
ها نسيت سارة ..حبيبتك سارة ..هل نسيت موشيه
اخذها موشيه فى حضنه وعيونه تترقرق بالدمع وهو يمسح دموعها السخية:-
ابدأ يا سارة وضع يدها على قلبه..هذا النبض لا يقول سوى سارة هل تسمعين..هذا القلب لا ينبض سوى من
اجلك سارة..اذا لم توجد سارة لم يوجد موشيه..لا معنى لحياتى دونك يا سارة
لبثت فى حضنه حتى خيل له ان الزمن قد توقف وقد اضاء نور القمر بغته المكان فتلألأت كشلال فضه
عارمه تتماوج ببطء شديد فى ليلتهما تلك..سحرته ساره والمكان ولم يفق الا على صرخة طائر مستغيث
امسك بوجهها الشاحب وهاله عيونها الداكنة
ما بك سارتى ..ما بك حبيبتى ..اننا نمر بوقت عسير ..انا فقط مشغول ..لكنى لن اتخلى عنك ابداً سارة
تجيبه بصوت مشتنج باكى:-
هو عوفديا وحزفيال يشيران لبطنى ولا يطلقان عنى سوى جالبة العار
تنهد موشيه بحسرة سارة حبيبته تحمل طفله ولن يطلق عليه سوى طفل زنا..ضمها الى صدره وهو
و يختنق ..اه يا سارة..هو يعرف انه يكذب عليها ولن يفى بأى شئ..هى تضحيته العظيمة والمه اكبر من المها..هى ستسامحه يوماً ولكن لن يسامح نفسه ابدأ ..اخرجه صوتها من عذابه:-
سمعت ان لك عشيقة جميلة جميلات قصر االامير
ضحك بخفة و يتنهد بعمق ويأخذها لاحضانه اكثر ويقبل ثغرها:-
لا احد يضاهى سارتى
مسد بحنان شعرها ..لن اسمح لعفوديا وحزقيال بمسك بسوء فقط ذكريهم انك قابلتنى اليوم واطلبى اليهم
زيارتى غدا فى ديوان الكمياء..غصت سارة الن تأتى للحى
سأتى حبيبتى فى عيد الفطير
ضحكت سارة انه الاسبوع القادم
ود لو ان الزمن توقف وهى تستند على صدره وتغفو ..كان قد مضى ساعات على الغروب ايقظها موشيه
بحنو ..ابتسمت لرؤيته وكانت تظن انها تحلم:-
اننى فى السادس ..يجئ طفلنا اوائل الخريف..ربت على بطنها المتكور ..قال بحب:-
سيكون جميلاً كأمه
قامت من جلستها وهو تزهو بجسدها..وتضحك :-
هل انا حقاً جميلة.اجمل من جاريتك القشتالية
وقف بدوره وهو يضحك بل اجمل نساء العالم وعلينا ان نرحل يا جميلتى ..غصت الابتسامة من وجهها
فربت على وجنتها حينما وصلت لباب حى اليهود ودعته تظرة اخيرة ..نظرة حملت المها وضياعها نظرة
بقيت فى ذاكرة موشيه حتى النهاية ولم ينسها ابدأ وتركت السم بدمائه وجلبت له فيما بعد تعاسة ما بعدها
تعاسة
.حدجها الحارس بسخرية وتشفى لبطنها المتكور رفعت اصبعها فى وجهه ساخبر موشيه فحلت محل
السخرية نظرة خوف ما كاد موشيه يتخذه طريقاً عبر السوق ومنه للطريق المؤدى لقصر الامير حتى
احاطت به عدة جياد..نظر بتوجس وهو رئيس الحراس المسمى طارق يترجل:-
موسى اللاوى ..حدجه بنظرة مزدرية
لقد كسرت يد صفوان ابن الامير ..اين جوادك..علينا الرحيل الان